أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - هابي فالنتين














المزيد.....

هابي فالنتين


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 7164 - 2022 / 2 / 16 - 11:42
المحور: الادب والفن
    


يوم 14 فبراير، تمتلئ الدنيا بصور كيوبيد، حاملا قوسَه وسهامَه. كيوبيد هو أكبرُ طفلٍ في الوجود. عمره 3000 عام. طفل أبديّ الذي لا يكبر ولا يشيخ، شأن الحب، عابرٌ للزمن؛ شأنَ الحبِّ، معصوبُ العينين؛ شأنَ الحبِّ، ويصيبُ القلوبَ من دون إنذارٍ ولا مَنطقٍ، شأنَ الحبِّ أيضًا. هو، في الميثولوجيا الرومانية، ابنُ فينوس، إلهةِ الجمال، ومارْس، إلهِ الحرب. تقول الأسطورةُ إن الغيرةَ ضربتْ قلبَ فينوس من الأميرة سايكي Psyche، لأن جمالَها الفائقَ شغلَ الناسَ عن عبادة فينوس، فأمرتْ ابنَها كيوبيد أن يصيبَها بسهمٍ لتحبَّ أكثر رجال الأرض فقرًا ودمامةً. لكن كيوبيد ينبهرَ بجمال سايكي ويقعُ في هواها ويرمي قدمَه بسهم وظلَّ يزورُها كلَّ ليلة. ولأنه إلهٌ وهي إنسانٌ، فكان ممنوعًا عليها أن تراه، حتى أوعزت لها شقيقتاها أن تنظرَ إليه. ولما فعلتْ غضب كيوبيد واختفى. واختفت أيضا قلعتُهما الجميلةُ بحدائقها، فضربها الحزنُ وهامتْ على وجهها شاردةً حتى صادفت هيكلَ فينوس. فأمرتها أن تحملَ صندوقًا صغيرًا وتذهبَ إلى العالم السُّفلي لتعبئه من جمال زوجة بلوتو، على ألا تفتحَ الصندوق. لكن فضولَها جعلَها تفتحه فلم تجد جمالا، بل نومًا يشبه الموات. ولمّا وجدها كيوبيد ملقاةً في الصحراء كالموتى، رقَّ قلبُه لها، فانتزعَ منها النومَ ووضعه في الصندوق، ثم تزوجها. فمَنَّ عليها جوبيتر بالألوهية لتصيرَ ربّةَ الروح. ومنها اِشْتُقَّ علمُ النفس Psychology.
اليومَ، هو بداية فصل الربيع عند قدامى الرومان. حيث مهرجانُ الخصب والنقاء. كانوا يكنسون البيوتَ وينثرون القمحَ والمِلحَ. في أركانها ثم يذهبُ الكهنةُ إلى الكهف المقدس، حيث كان الطفلان الإلهان: روميلوس وريميس؛ مؤسِسا الدولة الرومانية، يعيشان تحت رعاية أنثى ذئب. يذبحون القرابين: عنزةً، رمزًا للخصوبة، وكلبًا، رمزًا للنقاء والوفاء. ثم يُقطّعون جلدَ العنزة شرائحَ صغيرةً يغمسونها في الدم، يجوبُ بها الأولادُ الطرقاتِ ليمسحوا وجوهَ النساء، والحقول؛ فيعمُّ الخصبُ: إنجابًا، ومحاصيلَ. وعند المساء، تُلقي الفتياتُ أسماءهن في جَرّة، ويأتي شبابُ الرومان يلتقطُ كلٌّ ورقةً، فيتزوجُ صاحبتَها. هذه قصة عيد الحب 14 فبراير، كما روتها لنا أساطير ما قبل الميلاد. أما الحكايا الأحدث فتقول إن قدّيسًا اسمه فالنتين عاش في عهد الإمبراطور كلاوديس، الذي جَرّم الزواجَ على الشباب؛ لاعتقاده أن الزواجَ يُضعفُ لياقة الجنود القتالية. لكن القديسَ الطيبَ رأى ذلك القانونَ مُجحفًا وغيرَ شرعيّ، فراح، متحدّيًّا الإمبراطور، يزوّجُ العاشقين في كنيسته سِرًّا. ولما اِكتُشفَ أمرُه أُعدم. فصارَ أيقونةً للمحبّين.
وما بين الأسطورة الفينوسية وعديد الحكايا، نجد هذا اليوم (14 فبراير) هو بداية موسم تزاوج الطيور في إنجلترا وفرنسا. لهذا أصبح سِمةً للرومانسية، يتبادلُ فيه العشاقُ، والأصدقاء أيضًا، بطاقاتِ تهنئة وهدايا. وترقدُ لليوم، في مكتبة لندن، أقدمُ تهنئة في التاريخ، من عاشق لحبيبته في عيد الحب. وكانت من تشارلز، دوق أورليانز، لزوجته حين كان سجينا في برج لندن في القرن الخامس عشر.
ما تلك العاطفة التي منحتنا كلَّ هذا الميراث الضخم من الأغنيات والأوبرات، والمسرحيات، والروايات، والقصائد الماسّة للمشاعر والمقطوعات الموسيقية الآسرة؟ ما القوة العجيبة التي دفعت الإنسان ليبدع القطع النحتية واللوحات التشكيلية والأساطير، والحكايات الخرافية. ما تلك الكيمياء؟ ما ذلك الشعور الذي يخطف العقل، فيجلب السعادة القصوى في لحظة، وفي اللحظة التالية يجلب اليأسَ والحَزَن؟ إنه الحب. الحبُّ الذي جَمَّلَ العالمَ وغمر البشرَ بالبهجة والفرح. إنه الحبَّ الذي حين يُستخَفُّ به، قد يسبب أشدَّ ألوان العذاب النفسيّ والجسدي والعقلي كذلك.
هو لغزٌ اسمه الحبُّ. يقول رالف إميرسون في كتابه "الجمالُ مُفعِّلُ الحياة": "الحبُّ يُعلي من طاقة الموهبة، وبه نتغلبُ على العثرات." أحبِّوا، تَصِحّوا.

***
اليوم في عيد فلانتين، أهدي قرّائي هذه القصيدة:


يحدثُ
أن يدقَّ القلبَ
عصفورٌ مُهاجرٌ
جاءَ
من أقصى الأ رض يسعى.

هجيرٌ مسَّه
وهجرٌ فادحُ الوقعِ
أحرق شيئًا من جناحيه
فانزوَى
في حُضنِ الشَّجرْ
وصمَتَ عن الغناءِ،
والشدوُ
في صدرِه
خبيءٌ
ثائرٌ
يتقاطرُ
فوق أوراقِ الشجرِ
وجَعًا محزونًا
خافتًا
كان في سالفِ الدهرِ
صدْحًا.

أنبأته الشجرةُ الأمُّ
بحكمتِها:
يا شادي الشُّداة
هل يصمتُ عصفورٌ؟!

لا يسكنُ أيكتي صموتٌ
ولا كسيرُ جناحٍ،
إن خِفتَ على حبالِ حنجرتِكِ
اِرحلْ عند الفجرْ
إلى حيثُ الوطنِ البعيدْ
فثمة فتاةٌ يتيمة
تجلسُ
في ركنِ الدارِ
وحيدةً
لا يسامرُها سميرٌ
ولا يربتُ على ظهرِها
حانٍ
ولا يقطعُ صمتَ بيتِها
إلا دفقُ الأغاني
التي تركَها الموتى
لنتعزَّى.

حُطّ بجناحيك المصدوعين
على شرفةِ دارِها
وغنّ
ما تيسّرَ من قصارِ الأغاني
تفتحُ لكَ القلبَ
وتمدُّ كفّيها بالحَبَّ
من شعيرِ الحقولْ
فكُلْ
واسترِحْ
ونمْ ليلتَكَ فوق صدرِها
فإن شبِعتَ
وصحَّ جناحاك عند العصرْ
أَشبِعْ قلبَها عشقًا
ورَِيًّا
فهي مثلُكَ ظمأى
منذ دهرٍ
وانزعْ بمنقارِك شوكةً
مغروسةً في قلبِها
لتبرأَ
مثلما أنتَ برأتَ
ثم طيرا معًا
جناحًا
بجناحٍ
إلى حيثُ الهوى
والبراء.
***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ياسر رزق … وسنوات الخماسين
- إصبعُك والثعبان … أصحاب ولا أعز
- العالمُ المخبَأ في ورقةٍ صفراءَ صغيرة
- معرضُ الكتاب … والشتاء وآلزهايمر
- عيدُ الغطاس … والقلقاسُ الأخضر
- رسالةُ سلام للعالم … من أرض السلام
- منتدى شباب العالم … ميلاده الرابع
- تهاني الجبالي … الماعت … وداعًا!
- مِحرابٌ ومَذبح … في الجمهورية الجديدة
- جرسُ الجامعة يُودِّعُ عصفورَ الأدب
- رحلة العائلة المقدسة… وجائزة فخرُ العرب
- السِّحرُ الذي ... معقودٌ بناصيتها
- شجراتُ الصنوبر تُضيءُ جنباتِ مصر
- ميري كريسماس بالمصري... أيها العالم!
- شحاذون
- “إحنا- … ضدّ التحرّش!
- كيف تنمو الموهبة؟
- -النظارةُ البيضاء- … تفضحُ دنيا النفاق
- هل أنت عُكازٌ … أم مِرآة؟
- ڤان ليو … قنّاصُ الجميلات


المزيد.....




- “مش هتقدر تغمض عينيك” .. تردد قناة روتانا سينما الجديد 1445 ...
- قناة أطفال مضمونة.. تردد قناة نيمو كيدز الجديد Nemo kids 202 ...
- تضارب الروايات حول إعادة فتح معبر كرم أبو سالم أمام دخول الش ...
- فرح الأولاد وثبتها.. تردد قناة توم وجيري 2024 أفضل أفلام الك ...
- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...
- المؤسس عثمان 159 مترجمة.. قيامة عثمان الحلقة 159 الموسم الخا ...
- آل الشيخ يكشف عن اتفاقية بين -موسم الرياض- واتحاد -UFC- للفن ...
- -طقوس شيطانية وسحر وتعري- في مسابقة -يوروفيجن- تثير غضب المت ...
- الحرب على غزة تلقي بظلالها على انطلاق مسابقة يوروفجين للأغني ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - هابي فالنتين