أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أحماد - من أوراق معلم بدكالة | 1991- 1995














المزيد.....

من أوراق معلم بدكالة | 1991- 1995


علي أحماد

الحوار المتمدن-العدد: 7194 - 2022 / 3 / 18 - 21:08
المحور: الادب والفن
    


الـمعلمان / الفقيهان علي ( ولد الشيخ ) و علي ( الشلح )

جمعت بينهما الأقدار بمدرسة قروية واحدة بأرض دكالة ، تشابه اسمهما الشخصي واختلف انتماؤهما الاثني . الأول ( عربي ) والثاني ( امازيغي ) . يطلق عليهما الأهالي ( الفقيه ) . حمل الـمعلم - بمدن المغرب وبواديه - أسماء تمتح من حمولات ثقافـية متعددة الـهـويات ومنها ( الخوجة.. الـميط.. الفقيه والـمعلم ) ، وهذه الأسماء على تباينها الواضح إلا أنها فـي دلالتها اللغوية تحيل على ( الـمتعلم ) أو الذي ( يعلم ) ، ولا غرو فالـمتعلم فـي ذلك الزمان خصوصا بالقرية هو فقيه الجامع / الـمسجد / الكُتاب و فقيه المدرسة / السكويلة . بوأهما الأهالي والمجتمع مكانة رفـيعة وحظيا باحترام الكبير قبل الصغير . الأول يحارب البدع والضلال ويهدي الى أقوم السبل ، والثاني يخرج الأطفال رجال المستقبل من ديجور الجهل الى نور العلم . يحظى كلا المعلمين بالقرية بالإحترام والتقدير ، ولكن الآخر ينعم بتعامل خاص وهيبة نالـهــما من اعتبار وضعه الإجتماعي فهو ابن القرية ، وأبوه من الأعيان ورث مشيخة القبيلة أبا عن جد . ليفرق الأهالي والتلاميذ بين الفقيهين أطلقوا على الأول لقب ( علي ولد الشيخ ) وعلى الثاني ( علي الشلح ) ، وأظن أن اللقب الأول التصق بزميلي قبل أن أعين بالـمنطقة منتقلا إليها من زناكة / تازناخت . لم يكن لقب الشلح الذي ألصق بي يجعلني أحس من القرويين أبدا بعنصرية أو تمييز بيني وبين باقي الزملاء ، ولم أخجل منه بل صدعت بهويتي فقد عشت بين السكان معززا مكرما ولم أسمع قط أحدا يناديني به وظل متداولا بينهم فـي أحاديثهم الخاصة . كنت فخورا بأمازيغيتي ، لـهذا وفـي الأيام الباردة ، لزمت ارتداء الجلباب الصوفـي البني اللون والمزين بأشكال هندسية ( مضلعات ) بلون أبيض تميز شكل جلباب الأطلس المتوسط والكبير . كنت كلما نزلت من الدار عبر منحدر - تكسوه نبتة الخزاما وزهرة البابونج – فـي فصل الربيع وجدت معلما من الرباط يتخذ سكنا وظيفـيا منزلا له خاطبني : ( ها هو ذا عبد الكريم الخطابي ! ) وهو يشير ضمنا الى الجلباب . لا يخفـي البعض عجبه عندما أفتح الجلباب شقين كالجاكيت وقد جعل له الخياط ( سلسلة ) على مقاس طوله ومن لونه . ولد الشيخ سبقني الى مهنة التعليم بعشر سنوات ، وعين لأول مرة بإحدى قرى عبدة بدون باكالوريا . رجل ربع القامة، فاحم الشعر، دمغ التدخين شفتيه ونخر السوس أسنانه. يهابه التلاميذ لأنه سريع الغضب، متقلب المزاج، نادرا ما يضحك فـي وجوههم ويعنفهم بشدة لطما باليد على الخدود، أو رفسا بالأرجل. لا يشتكي من سلوكه أحد من التلاميذ أو الآباء. تبقى نيته فـي تعليم وتعلم الأطفال صادقة فهو مواظب على العمل متفان فـيه. عندما يهم بضرب أحد التلاميذ يعض على شفته السفلى حتى ترسم عليها الأسنان الأمامية وهو يشتم الماثل أمامه فهو يعرف كل صغيرة وكبيرة عن أبائهم وأجدادهم. يحمل إسما عائليا ( الدريوش ) يشتق من إسم القرية ( الدراوشة ) ، ولا أدري أيهما أخذ الإسم عن الآخر القرية أم هو ؟
أسر الي فـي حالة صفو أنه يعاني من ضائقة مالية يعيش بسبها شظف العيش لأنه استثمر كل ما يملك فـي شراء أبقار لتربيتها وبيع عجولها وحليبها ، ولكن توالي سنوات الجفاف فـي ثمانينيات القرن الماضي كبدته خسارة فادحة وجلس ينذب حظه العاثر...سنوات عجاف أكلت البقرات !
أشفق على ولد الشيخ مما آل إليه حاله ، ويعتر الحزن أمعائي عندما أراه وقد جمع إليه ولديه ( طفل وطفلة ) حول صينية شاي يحضرها الأهالي كل صباح الى المدرسة ومعها صحن من مسمن مدهون . رغم ما يبدو على ولد الشيخ من غلظة وفظاظة إلا أنه طيب المعشر، كريم رغم قلة ذات اليد ، وله قلب ينبض فقد وقع فـي حب معلمة دكالية الأصل والـمولد ، مكتنزة الأرداف ، بيضاء البشرة وطويلة القامة . لم تجاريه فـي حبه ولم تعنفه، لذلك تشبث بالأمل فـي نيل رضاها. ولـما خطبها معلم من الدار البيضاء يصغرها بخمس سنوات خاب أمله ، تفطر قلبه ودفن مشاعره بين ضلوع صدره...وانزوى يلملم جراحه الـمثخنة.. سأظل أذكر له وقوفي الى جانبي مخففا علي وطأة الغربة....



#علي_أحماد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من أوراق معلم أمي ( حبيبة ) الهيفاء وضرب النساء
- أمي رقية ...رقة عفراء معطاء
- | أمي ( حبيبة ) الهيفاء وضرب النساء
- ريان من إغران بشفشاون وملحمة تضامن عبرت حدود الأوطان والأديا ...
- قبس ضياء ومقبرة ظلماء
- الجزع من الجرعة الأولى من اللقاح ضد كوفيد سارس2
- ليلة القدر....قبل نور مصباح أديسون
- العكاز وأزيز الدراجة النارية من يوميات معلم|تازناخت | إزناكن ...
- من كراس محبس الفيروس
- نعيمة - زهرية - ... قربان فقهاء الكنوز بأكدز
- أستاذ الإنجليزية ...وقميص يوسف
- من يوميات كورونا
- اسمي كورونا
- أبي...الميت الحي
- كورونا ... الحتف المنيف
- كورونا ...حتى لا تتحجر قلوبنا
- كوفيد ...سواد تتلبد منه البلاد ويرتعد منه العباد
- اليهودية الحسناء
- الأرجوحة
- المعلم العسكري


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أحماد - من أوراق معلم بدكالة | 1991- 1995