أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي أحماد - المعلم العسكري














المزيد.....

المعلم العسكري


علي أحماد

الحوار المتمدن-العدد: 6457 - 2020 / 1 / 6 - 14:44
المحور: كتابات ساخرة
    


لماذا يرتدي معلم السنة الثالثة للغة الفرنسية زيا عسكريا لازمه طول تواجده بالمدرسة خلاف زملائه الذين يحرصون على جمال المظهر والهندام . يدخن بشراهة سجائر من التبغ الأسود الرخيص الثمن . لا تكاد تغادر الدخينة فمه وقد نخر السوس أسنانه . يأخذ نفسا عميقا منها ، وينفث الدخان في الهواء وكأنه يخشى أن تذوب قبل أن يملأ رئتيه منها أو تنطفئ بين أصابعه . ينفث الدخان في الهواء سحابة بيضاء يظل يراقبها منتشيا . يمص شفتيه الغليظتين اللتين دمغهما التبغ ويمرر لسانه على لثته وأسنانه . يقتعد كرسيا خشبيا بعيدا عن المكتب . كان قصير القامة ممتلىء الجسم أشعث الشعر غريب الأطوار ، في عقده الرابع . شاردا أغلب الأوقات . يقضي جل زمن حضوره بالقسم مع التلاميذ في ترديد أناشيد مبتذلة لا فائدة منها سوى تجزية الوقت ( آمشيشتي كلتي الطاوة وهربتي...) نرددها وراءه في جلبة وضوضاء و بلادة وإسفاف الى أن يزف موعد الخروج . لم نكتب أو نقرأ حرفا واحدا وانسابت الأيام هدرا .
عاد التلاميذ ذات صباح وقد توارى عن أنظارهم المعلم العسكري . غاب الى الأبد دون أن يعلموا وجهته أو مصيره . بقيت سيرته ذكرى ولغزا وحدها الأيام كفيلة بكشف خفاياه . كثيرون لا يصدقون سيرة معلم عسكري بالمدرسة العمومية المغربية ويخالون ذلك خيالا جمح بالكاتب .
خلفه معلم شاب يرتدي جاكيطة من الجلد الأسود وسروال جينز أزرق اللون . يحمل بيد محفظة جلدية بديعة الصنع بينما اليد الأخرى علقها الى كتفه بحزام من ثوب وهي ملفوفة في ضمادة بيضاء كأن بها كسرا أو التواء . يتمتع المعلم بجسم رياضي يثير الإنتباه ....
تتسم حجرة الدرس بأرضية متربة غير مبلطة . يلجها المتعلمون في تدافع فيثير وقع أرجلهم سحابة من الغبار تجعل البعض يعطس على الفور . تحتاج الأرضية الرش بالماء بين حين وآخر من تلاميذ يتطوعون للمهمة بهمة ونشاط . يبدأ المعلم الدرس بلغة غير مألوفة تدغدغ السمع وتشد السامع . نلوي اللسان لنساير المعلم في نطق حروفها بشكل جيد يرضيه ولكن هيهات . حرف البعض نطق بعض الكلمات فجر عليهم ذلك سخرية الأتراب .
في غمرة الدرس همست في أذن زميلتها
( البول يملأ مثانتي وعلي إفراغها في الحال وهو يملأ فخداي قطرات حارة )
ردت عليها
( إنزلي أسفل الطاولة وتبولي )
نزلت وما أن بدأ البول ينساب حتى سمع له صفير يتطاير معه الغبار . افتضح أمرها . كانت لنا جارة تشتكي من بول البنات أمام منزلها . سألتها جاراتها كيف عرفت جنسهن . قالت إن بول الفتاة يحفر الأرض ويمحو الغبار من حول البول . خافت وملأ الرعب قلبها و سألت زميلتها
( ماذا أفعل ؟ )
نصحتها
( ضعي أصبعك في فتحة البول ) ..
لأمر ما تجاهل المعلم ما حدث واصطنع الغفلة . استمر في الدرس والصمت يسود الحجرة . صعدت خائفة الى أعلى وقد اعتراها وجوم وشحوب . بلل البول ثيابها .
لم تكن الأسر تهتم بتمدرس الفتاة ، لهذا كان عددهن لا يتجاوز عدد رؤوس أصابع اليد الواحدة في كل قسم . مبلغ هم الآباء ستر الفتاة بزواجها . أغلب الفتيات والفتيان من قرية تاشويت من العوائل المشهورة ( بلال ، بوتغلالين ، بدوز ، اهراي ، فوزي ، خدجي . الدرقاوي ، غالي ، غانم ، أيت إيشو ، فاسكا ، بقاس ، عزيرو ، بشتو ... )



#علي_أحماد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حسناء ورحلة البحث عن الماء بفرس دهماء .
- - مهيدو - أو رحلة البحث عن الماء ب - البيدو -
- رحلة الى مازاغان / الجديدة
- أساتذة بصموا مساري الدراسي
- ضرب على الدف في عرس بقرية ملاحة / كير الأسفل – صيف 1993
- من أوراق معلم بالأرياف المغربية
- السحور...دقات الطبل والوجل من - بغلة القبور - / فصل من ذكريا ...
- من أوراق معلم / 1987 | السلسلة والخاتم
- وداعا صديقنا ( ميمون ألهموس ) من أشاوس أيت مرغاد
- في حضرة عرافة
- طقس الشاي وقدسيته
- الحل بين عناد رحل أيت مرغاد وتأويل النادل لسداد ثمن البراد
- تسبيح وحصى ..أمداح وقرآن يتلى
- من ذكريات التتلمذة / قصعة الكسكس
- من ذكريات التتلمذة بمدرسة تاشويت / التلاميذ وقصعة الطعام
- هوامش على هامش الحكم على زعماء حراك أحراش الريف
- جرادة....أنشودة الرغيف الأسود
- من ذكرى أبي عشق الراديو/ المذياع
- يوم بقرية بالجنوب الشرقي / أريج القهوة ولواعج العذرية
- من ذكرى أبي / ديك - تاحمدجوت -


المزيد.....




- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...
- بمناسبة أربعينيّته.. “صوت الشعب” تستذكر سيرة الفنان الراحل أ ...
- خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية بالاسم فقط “هنــــ ...
- في ذكرى رحيل فلاح إبراهيم فنان وهب حياته للتمثيل
- الفنان صبيح كلش .. حوار الرسم والتاريخ
- مرتديًا بذلته الضيقة ذاتها .. بينسون بون يُصدر فيديو كليب سا ...
- -الزمن المفقود-.. الموجة الإنسانية في أدب التنين الصيني


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي أحماد - المعلم العسكري