أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أحماد - يوم بقرية بالجنوب الشرقي / أريج القهوة ولواعج العذرية














المزيد.....

يوم بقرية بالجنوب الشرقي / أريج القهوة ولواعج العذرية


علي أحماد

الحوار المتمدن-العدد: 5708 - 2017 / 11 / 24 - 02:53
المحور: الادب والفن
    


خرجت من بيت أختي ، من الرضاعة وإبنة العم ، على تلة صخرية تطل على الوادي والطريق الإسفلتية المؤدية إلى إملشيل ، ونزلت عبر أدراج طبيعية نحتتها أرجل المارة فأضحت ملساء ، فالناس اتخذوا التلة لبناء منازلهم بعدما ضاق المنبسط الذي ملأته المنازل القديمة منذ الإستعمار . الشمس حارة في مثل هذا الوقت من شهر أغسطس . ما خرجت إلا لتلبية رغبة ملحة في إحتساء قهوة سوداء لأني لست من الذين يعشقون القيلولة أو يستسلمون لها . حاولت أختي أن تحول دون خروجي في مثل هذا الطقس الحار وتطوعت لتعد لي كأس قهوة . شكرت لها عاطفتها النبيلة وحرصها الشديد على راحتي وثنيتها على عزمها . أعلم أن المقاهي، بهذه القرى في المغرب العميق ، لا تقدم سوى كؤوس قهوة من الماء المغلي والقهوة سريعة التحضير. فزبناء المقهى من الأهالي الرجال يجتمعون، مناسباتيا ، على أباريق الشاي . وكم كنت أعجب لهؤلاء الذين منعوا النساء -قديما - من شرب الشاي ، وجعلوه قسرا على الذكور، كما تحكي أمي وأكدت قولها عدة نسوة من القبيلة ذاتها وهن راضيات بقدرهن، خاضعات لسلطة المجتمع الأبيسي !
ركنت السيارة قرب المقهى وانتقيت مكانا في شرفة المقهى الظليلة والمفتوحة على الشارع العام في مواجهة باب السوق الأسبوعي . أتاني النادل ، أوصاحب المقهى ، فلا أستطيع أن أفرق بينهما في مثل هذا الموقف . ألقيت عليه طلبي باللغة العربية وكأني لست من أبناء هذه الربوع ؟ وأنا أرشف من المشروب ، الذي لا تقاوم غوايته ولذته ، جلس إلى جانبي شيخ في عقده الثامن ، وهو لا يزال يتمتع بصحة جيدة تخفي سنه الحقيقي ، دون إستئذان ولا سابق معرفة بيني وبينه . لم أنهره لكبر سنه وحدست انه جاء يلتمس لدي حاجة . سألني دون مقدمات ( هل تدمن على شرب القهوة السوداء ؟ ) أجبته ( نعم بل أعشقها ) فقال والبسمة تنير وجهه المدور والذي تزينه لحية خفيفة لم تلحقها شفرة الحلاقة منذ مدة ( أنا لم أشرب القهوة قط طول سنوات عمري المديدة ، لذا فالمحرك لدي قوي ، يستجيب بسرعة وتنتفض فيه الحياة عند كل رغبة .. ولم يخذلني أبدا ) . طأطأت رأسي ولمعت في ذهني ذكرى أبي عن مغامراته الدونجوانية بتونفيت مع نساء أيت الحساين الجميلات المفعمات بحب الحياة والإقبال عليها بجنون ونزق . سهرات الهوى ( كؤوس شاي لاذع حلو المذاق مع الجوز واللوز ودجاج بلدي محمر بالسمن البلدي..لا قهوة ولا مشروبات روحية ) . كان أبي – رحمة الله عليه – يقول دائما لصديقي الشريف ( أنتم هذا الجيل تنامون تحت أرجل المومسات ). تركني الشيخ بعدما يئس في قضاء مراده ، فقد كان يعتقد أني ذاهب إلى مدينة الريش مادمت غريبا عن القرية والسيارة مولية وجهها شطر زيز ! جلس إلي شاب من القرية تبدو عليه آثار النعمة كأحد أبناء أعيان القرية ، يميل إلى البدانة مورد الخدود منتفخ الأوداج . سألني والفضول يفتك به ( أنت لست من أبناء القرية ؟ ) . قلت ( نعم ولكن أمي تنحدر من هذه القرية ولي أخت / إبنة عم تسكن هذه القرية ) . عرف أمي وأختي واطمأن إلي وأخذ الحديث بينا مجرى آخر ، خصوصا عندما علم أني أدرس بأيت عياش ، فأسهب في الحديث دون تكلفة ( كان أبي على علاقة صداقة برجل من أيت عياش فأرادا ان يتوجا صداقتهما بالمصاهرة شأن الكثير من المغاربة بالمدن والقرى ... لكن هذا الزواج لم يكتب له الإستمرار. فالدم في تخوم جسد العروسة -كرمز لعفتها وشرفها -لم يلطخ بياض السروال المطرز بالأخضر . لم تكسر زغاريد النساء صمت الليل عربون طهارة . بل على عادة أهل البلد الجمعية والمتوارثة - جيل بعد جيل - أطفئت الأنوار وخمدت النار في المواقد ولم يقدم العشاء ، وطردت العروس من الدار ومن معها من الأهل والأحباب . إنه تقليد ممعن في السيادة ولكنه لازال متبع بهذه الربوع من الجنوب الشرقي .) سكت وبح صوته . عرفت الفتاة وأهلها ، فقد كانت تلميذة لي -ذات زمان-وكنت أطلق عليها إسم مغنية أمازيغية من سوس وهي نسخة مصغرة لها . تذكرت كيف فشلت في إقناع الأب في أن يدع إبنته تنهي دراستها فكان جوابه ( يا أستاذ إبنتي تفيض أنوثة وهي كالفاكهة المشتهاة ، أخشى عليها الغواية والتغرير..خير لها أن تتعلم أشغال المطبخ وتستعد لبيت الزوجية ) .
فقدت المسكينة عذريتها عند أول لقاء غرام مشتعل ودفعت - مفردة - ثمن صمتها وتسترها على الفاعل / هاتك عرضها...والشرف كعود ثقاب صنع ليقدح مرة واحدة.....



#علي_أحماد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من ذكرى أبي / ديك - تاحمدجوت -
- يوم بقرية بالجنوب الشرقي ( المغرب )
- الخطوة الأولى نحو المدرسة
- اللقاء الأخير
- الجمرة الخبيثة عراب موسم الخطوبة بإملشيل
- من ذكرى أبي الدراجة الهوائية
- من مذكرات معلم / وريث حمل ثقيل
- التزيين في قضية تعنيف الأساتذة المتدربين
- وشاية كاذبة تستنفر الإذاعة و نيابة التعليم بميدلت .
- مدارس بدون تدفئة في ذروة القر والصقيع
- كلمة في حق صديق
- يوميات معلم بدكالة / أكتوبر 1991 الشيخ والوليمة
- من ذكرى أبي / الجزء الرابع الكفن
- لحظة عشق
- الأستاذة وحجرة الدرس
- صلاة فوق أريكة خشبية على الرصيف
- من مذكرات معلم بالجنوب المغربي تازناخت 1987/ معلم يستحم وسط ...
- طفل خارق للعادة
- الباشا والعدوان على أستاذ -العدل والإحسان-
- ورطة العشق


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي أحماد - يوم بقرية بالجنوب الشرقي / أريج القهوة ولواعج العذرية