أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي أحماد - أستاذ الإنجليزية ...وقميص يوسف














المزيد.....

أستاذ الإنجليزية ...وقميص يوسف


علي أحماد

الحوار المتمدن-العدد: 6793 - 2021 / 1 / 20 - 18:38
المحور: كتابات ساخرة
    


من ذكريات التتلمذة بثانوية الحسن الثاني ~ ميدلت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليس على العواطف أقفال، ولا على المشاعر أغلال ، فهي لا تقيد ولا تصفد . إن غلت فهي تكسر القيود لتعانق الحرية، لأنها - ببساطة - لا تعترف أبدا بالطابوهات وحجر وقمع المجتمع بأعرافه وتقاليده..
تفضح المحب / العاشق من ملامح الوجه وتعابيره وحركات الجسد . تكمن في الصدور حيث لا يعبر المحب للمحبوب عن مكنون الخاطر خجلا أو تخوفا من الهجر والصد . إن أقسى أنواع الحب عند المبتلى ، الحب من طرف واحد أو حب غير متكافىء الأطراف . عذاب و معاناة ..ألم وسقم ..جنون أو لوثة مس .
ينحدر أستاذ الإنجليزية من إيتزر ( إيغزر ) البلدة المتاخمة للغابة . نما بين ضلوعه وملك عليه كل جوارحه حب تلميذة بضة وغضة ... مكتنزة... شديدة بياض البشرة وعيون واسعة خضراء كالمرج. تبالغ في التبرج ووضع الماكياج وطلاء الأظافر ...تلبس من الثياب أفخرها . ظل يلهج باسمها في كل قسم ويطلق اسمها العائلي على كل غريب . شغفته حبا ولكنه حب ولد مخنوقا ميتا ، وقد قطع عنه الحبل السري ، حبل الود . أغلب الأساتذة اتخذوا زوجات لهم من تلميذات القسم واعتبرن – حينها – من المحظوظات / المحظيات .
لم يستطع راتب يتقاضاه أن ينتزعه من حالة الفقر الذي يتمظهر من مظهره كأغلب أبناء الفقراء الذين يحفر البؤس ندوبا غائرة على وجوههم وملابسهم التي يقتنونها متواضعة أو غير متناسقة الألوان تشي بانتمائهم الطبقي المهان .
افتضح أمره وشاع سره بين التلاميذ ، وصار نكتة تلوكها الألسن سرا وعلانية . لم تبادله الحب ، ولم تبعث في نفسه ولو بصيص أمل وذلك مما زاد من تأجج النار في قلبه ...لأنه لا تواتيه .
تغلب عليه لكنة أهل البلد فينطق ( how ) حاو مشددة . يرفع البعض من المشاغبين عقيرته مرددا ( قولي حاو ... حاو يا عائشة فقد أكلت الأبقار النعناع ) . فتعم القسم رجة من الضحك .
جاءنا يوما يحمل مسجلة صوت متواضعة وأخبرنا أنه سيسمعنا قصيدة مغناة حول ( قميص متعدد الألوان ) / a coat of many colors بصوت المغنية الأمريكية ( دولي بارتن ) . بقدرما كانت كلمات الأغنية حزينة ، بقدرما زادها صوت المغنية الشجي وعزف الغيتار / موسيقى الكونتري حزنا مبكيا لدى مرهفي الحس . ولكن ما حيرني حينها كيف ليوسف أن يملك قميصا مرقعا من شتى الألوان وهو الذي عاش في كنف عزيز مصر ، إلا إذا كانت القصيدة تحيلنا على طفولة يوسف مع أمه راحيل قبل أن يكيد له إخوته ويلقوا به في غيابات الجب ..! لتقد زليخة قميصه من دبر وقد شغفها حبا وتمنِّع . ولكن الأكيد أن القصيدة بحمولتها العاطفية تحاكي حال الكثيرين من الذين لا يملكون قميصا وقد أتعب رتق ملابسنا أمهاتنا وهن ينحين ليقطعن خيط ( الناقوس ) بأسنانهن ...ولكن كنا أغنياء قدر ما نستطيع في ملابسنا المرقعة / المرتقة لأننا تعلمنا – في زماننا على الأقل – أن النجاح لا تصنعه قمصان LACOSTE
أعرف تلميذا نابغة يعيش يتيما مع أمه بإحدى قرى أيت ازدك على هامش مدينة أوضاض / ميدلت . رجع الى القرية بعد دوام الدراسة ليجد أمه وقد طبخت على الغذاء كسكسا بقطع دسمة وحامضة من جلد كوة اللبن ( الشكوة / تاكشولت / تاكنارت ) التي تخلى عنها القرويون بعد سنوات من مخض اللبن الرائب وقد سمنت . صدمته المفاجاة وقد كان يمني النفس بمرق من لحم وخضر. أخذ جلد خروف والغصة تكاد تخنقه وقال لها ( بالله عليك يا أماه غدا لا تنسي أن تطبخي هذا ) ....تخرج التلميذ مهندسا من المحمدية وسافر الى كوكب اليابان أما الأستاذ من إيتزر فقد غادر ميدلت ( ثانوية الحسن الثاني ) وتناسلت شائعات حول جنونه وياله من مصير مأساوي ....أما التلميذة فقد عادت الى الثانوية مدرسة للغة الفرنسية ...



#علي_أحماد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من يوميات كورونا
- اسمي كورونا
- أبي...الميت الحي
- كورونا ... الحتف المنيف
- كورونا ...حتى لا تتحجر قلوبنا
- كوفيد ...سواد تتلبد منه البلاد ويرتعد منه العباد
- اليهودية الحسناء
- الأرجوحة
- المعلم العسكري
- حسناء ورحلة البحث عن الماء بفرس دهماء .
- - مهيدو - أو رحلة البحث عن الماء ب - البيدو -
- رحلة الى مازاغان / الجديدة
- أساتذة بصموا مساري الدراسي
- ضرب على الدف في عرس بقرية ملاحة / كير الأسفل – صيف 1993
- من أوراق معلم بالأرياف المغربية
- السحور...دقات الطبل والوجل من - بغلة القبور - / فصل من ذكريا ...
- من أوراق معلم / 1987 | السلسلة والخاتم
- وداعا صديقنا ( ميمون ألهموس ) من أشاوس أيت مرغاد
- في حضرة عرافة
- طقس الشاي وقدسيته


المزيد.....




- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - علي أحماد - أستاذ الإنجليزية ...وقميص يوسف