أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - عملاق التجديد في التشكيل العربي : محمد مُهر الدين 3-4














المزيد.....

عملاق التجديد في التشكيل العربي : محمد مُهر الدين 3-4


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 7185 - 2022 / 3 / 9 - 20:05
المحور: الادب والفن
    


في هذه الحلقة ، سأعرض لأحد الجوانب المهمة لمنجزات الفنان التشكيلي الكبير الراحل محمد مُهر الدين و المتمثلة برسومه التخطيطية التي أنجز منها طوال عمره أعداداً هائلة . و الرسم التخطيطي ينفذ عبر الرسم بالقلم على الورق . و لقد تميزت كل تخطيطات محمد مُهر الدين بخطوطها الطرية المتنوعة و المتداخلة السابحة بوثوق في المكان لتظهر تميزاً مشهوداً في بناء حركة الموضوع و توجيه عين المشاهد عبر تداخل المنحنيات صوب عدة اتجاهات متقاطعة و متشاكلة و متضادة ضمنيا في آن واحد . هذه التقنية المتفردة تسمح باكتناز الموضوع عبر مداخلة صنع الأشكال الفنية الدينامية . و لهذا نجد هذا الفنان الفذ قادراً على أن يحكي لنا قصصاً تاريخية كاملة للصراع على أديم نصف ورقة رسم بيضاء . و هو لا يكتفي بذلك ، بل يحكي لنا اهدافها و نتائجها . هنا تكمن البلاغة في الإخراج العبقري للفن التشكيلي المتعدد المضامين المتلاحمة . هذا ما يكتشفه الناظر لسكتش ما أسميته أنا بلوحة "سليمان و بلقيس" التي تكرّم الأستاذ الفنان صلاح عباس بتزويدي بصورة لها – من بين صور لعشرات التخطيطات الأخرى لفقيدنا الفنان التشكيلي الكبير محمد مُهر الدين عظيم .
معلوم أن أسطورة الملك الجبار الذي يحتل أراض مملكة مجاورة تحكمها امرأة ثم يتزوجها ليجمع بين يديه السلطة على المملكتين كانت متداولة في كل حضارات الشرق القديم قبل أن ينتحلها مؤلفو العهد القديم من ليلصقونها بمن أسموه سليمان و بلقيس . و هي الانعكاس في المخيال الشرقي لتسلط و اخضاع مملكة الرجل لمملكة المرأة عبر عصور التاريخ القديم بتحويلها إلى عبد للخدمة و للفراش . و هناك العديد من الشواهد الآثارية التي توحي بأن المملكة المزعومة لسليمان لم تكن في فلسطين البتة ، بل كانت تحكم بقعة صغيرة تتمثل الآن بمنطقة عسير الحالية الواقعة بين نجد و الحجاز شمالاً و البحر الأحمر غرباً و الربع الخالي شرقا و اليمن جنوباً ؛ و من مدنها المهمة جيزان و نجران و أبها .
كيف يخطط لنا الفنان محمد مُهر الدين هذه الأسطورة على نصف ورقة بيضاء ؟
على يمين اللوحة يظهر لنا تخطيطاً متعملقاً للنصف الخلفي لحصان يمتد من أسفل اللوحة حتى ثلاثة أرباعها . لهذا الحصان ثلاثة أرجل متداخلة ، ثنتان بحدوة ، و واحدة بخمسة أصابع ديناصورية متربصة للنهش . و لهذا الحصان ذيل واحد مسبل مع ذيل ثان يشبه حرطوم الفيل المرتفع من مؤخرة الحصان من إزميل نحيف ليزدار عرضا حتى يصبح يداً للملك المتحرك جنوبا ً . جسد هذا الملك-الفيل تظهر منه رجلاه الممتدتان في وضع الوقوف المهاجم ، فيما يتعملق جذعه مخترقاً الحاشية العليا للوحة فلا يظهر رأسه . و أمامه على دفة الحصان تخطيط فاتن لهدهد ينقر على فخذ الحصان لتحفيزه على الهجوم . هذه الأشكال توضح توجه الحملة العسكرية لسليمان لغزو مملكة بلقيس بناء على قصة الهدهد ، ليس لدواع مقدسة موهومة ، و إنما لدواع اشباع النزوات الحيوانية التي تتملكه ، و التي تمثلها ذراع الملك الخرطومية الممتدة كالذيل إلى مؤخرة الحصان . وسط التخطيط – و بملاصقة شكل الملك الذاهب للحرب - يظهر لنا الشكل الكامل لنفس الملك الآيب منتصراً من الحرب عبر بروفيلة المتجه للجانب الايسر من اللوحة و ليس الأيمن . ساقاه يتماهيان مع الساقين الأماميين للحصان . رأس الملك له قرنان نافران للعلى يخترقان الحاشية العليا للوحة ، و له عين و أنف مضخمان ، و فم بتكشيرة لأنياب ذئبية ؛ فيما يمتد لسانه الطويل ليلثم فم امرأة ضخمة الشفاه العيون و حاسرة النهدين ، تعانقه و يعانقها و تتداخل أفخاذهما و جذعيهما و صدريهما في تصوير رهيب للشبق الجنسي . هذا الشبق مؤكد على نحو ذكي بإيحاء توتر قضيب الملك الضخم خلف سرواله ، و بخط منحن رفيع جداً مرسوم باللون الأحمر نازل من أسفل وسط سروال الملك حتى أسفل فخذ الملكة المعانقة له . و تمتد الساق اليمنى للملك بين فخذي الملكة لتخترق قدمها الحافية حاشية أسفل الزاوية اليسرى للوحة بإبهام مضخم ينتهي بمثلث أحمر صغير جداً للدلال على تلطخها بدماء الضحايا الساقطين أرضاً . أما الساق اليسرى للملك فتشق بكعب بسطالها الضخم وسط الحاشية السفلى من اللوحة . ويلتصق بجذع الملكة - المندمجة بفعل العناق - من الخلف جسد ثان لا يظهر منه غير الجذع و ذيل سمكي طائر لزيادة الايحاء بالتعجل و التحليق في انجاز الفعل الجنسي .
بمثل هذا التخطيط العبقري ، يسرد لنا الفنان التشكيلي الكبير قصة كاملة عن ذهاب الحملة العسكرية لسليمان و إيابها منتصرة ، مفصلا لنا أهدافها و نتائجها على نحو ملحمي مكتنز من خلال التضاد و التداخل الأريب بين الأشكال الفنية . و هو يوظف تقنية اختراق الشكل الفني للحاشية العليا للوحة للدلالة على التعملق ، و لحاشيتها السفلى للدلالة على التجبر على سواد الناس . أما اختراق الأشكال الفنية للحاشيتين اليمنى و اليسرى ، فيرمز لتواتر و استمرارية فعل الاحتلال الاستحواذي على مدار الأزمان بهذه الذرائع الكاذبة أو تلك .
يتبع، لطفاً .



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جيمس بوند وفارتمان يحتلان موسكو
- هروب زيلينسكي من كييف
- هل يحل علم الجينات مشكلة المنتحلين للنسب الهاشمي ؟
- بعل الذباب يشهد لبعل الزبل
- أسرة الحوار المتمدن : أنجم بددت الظلمة
- سمسار الجن العاوي : أجرب السرجيناوي
- يا ثوار العراق : توحدوا لإسقاط النظام الفاسد
- عملاق التجديد في التشكيل العربي : محمد مُهر الدين 2-4
- راعي الجرابيع
- عملاق التجديد في التشكيل العربي : محمد مُهر الدين 1-2
- نظريات طبيعة نظام الاتحاد السوفياتي في ضوء انهياره (نحو نفي ...
- ترجماتي لسعدي يوسف ، قصيدة : الشيوعيّ الأخير يُغادر عَمّان
- الحمار الذي انقلب كلباً
- لا شيوعية و لا ماركسية بدون الديمقراطية الحقيقية 5-5
- يا أحرار العالم : هبوا مع هبة القدس ضد الإرهاب الصهيوني
- لا شيوعية و لا ماركسية بدون الديمقراطية الحقيقة 4-5
- لا شيوعية و لا ماركسية بدون الديمقراطية الحقيقة 3-5
- لا شيوعية و لا ماركسية بدون الديمقراطية الحقيقة 2-5
- لا شيوعية و لا ماركسية بدون الديمقراطية الحقيقة 1-5
- التَكْيَة و الخيمة و الخيزرانة


المزيد.....




- مدينة الورود بالجزائر تحيي تقاليدها القديمة بتنظيم معرض الزه ...
- تداول أنباء عن زواج فنانة لبنانية من ممثل مصري (فيديو)
- طهران تحقق مع طاقم فيلم إيراني مشارك في مهرجان كان
- مع ماشا والدب والنمر الوردي استقبل تردد قناة سبيس تون الجديد ...
- قصيدة(حياة الموت)الشاعر مدحت سبيع.مصر.
- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...
- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين علوان حسين - عملاق التجديد في التشكيل العربي : محمد مُهر الدين 3-4