أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام الدين مسعد - -المدينة البلاستيكيه-مونودراما مسرحيه















المزيد.....

-المدينة البلاستيكيه-مونودراما مسرحيه


حسام الدين مسعد
كاتب وقاص ومخرج وممثل مسرحي ويري نفسه أحد صوفية المسرح

(Hossam Mossaad)


الحوار المتمدن-العدد: 7176 - 2022 / 2 / 28 - 15:42
المحور: الادب والفن
    


#المدينةالبلاستيكية
مونودراما



(الفضاء المسرحي مظلم تماما إلا من بؤرة ضوء علي "هو"الجالس علي مقعد خشبي في مقدمة المسرح )
هو :منذ ست سنوات وانا اعيش في هذه المدينة البلاستيكيه .أخرج من منزلي في الصباح وأعود إليه في المساء محمل بأثقال التعامل مع أناس لا طعم لا لون لا رائحه لهم .لاشيئ يحيون به سوي الكذب .فالكذب هو كرات الدم البيضاء التي تحميهم بيولوجيا من الخوف .انهم يخافون من كل شيء في هذا العالم .يسرقون خوفا من الفقر ويقتلون خوفا من الموت ويتضرعون خوفا من الرب وينامون خوفا من مواجهة الواقع وفوق كل هذا يرتدون اقنعة زائفة علي وجوههم تتسم بتعبير أحادي ثابت طيلة الوقت خوفا من إبراز مكنوناتهم الحقيقيه.
في الصباح وانا ذاهب الي عملي اخبرني حارس العقار الذي اقطن فيه ان القارئ الإلكتروني لإستهلاك المياه تعطل وينبغي علينا تغييره رغم أننا لم نبرح سوي يومين فقط علي التغيير السابق له والذي كلفنا مبلغ مالي طائل جدا .
ذهبت مع الحارس لتفقد القارئ الإلكتروني الذي تم تركيبه منذ يومين لا أكثر فوجدت أنه قديما جدا لا تنم حالته عن تحديثه وحين سألت الحارس عن ذلك ارتسمت علي وجهه ملامح ذلك التعبير الثابت المصحوب بالإبتسامة البلاستيكيه ليخبرني في لكنة باردة(محاكيا الحارس ) إذا لم ترد التغيير ودفع قيمته .عليك أن تتحمل قطع المياه عن منزلك. وتركني ليلبي نداء ربه ذاهبا إلي الصلاة .وانا علي علم تام أنه يكذب خوفا من افتضاح أمره بعدم تغيير القارئ الألكتروني .
خرجت الي سياراتي القابعة أمام المنزل فوجدت الزجاج الأمامي منكسر من أثر حجر ارتطم به رغم انني لم الحظه بالأمس عند عودتي في المساء .أخرجت هاتفي لأفحص الكاميرات المعلقة علي الجدران الخارجية للعقار شاهدت الحجر وهو يرتطم بالزجاج ولكني لم استطع مشاهدة الفاعل .اتصلت بالجيران لمعرفة من فعل ذلك من خلال الكاميرات الخاصة بهم لكني تلقيت إجابة واحده .إجابة بلاستيكيه كتلك الإجابات التي أتلقاها من شركات المحمول حين اتصل بهاتف خارج نطاق الخدمه .لقد اجابوني جميعهم بعبارة واحده مفادها .لقد حذفنا كل ما ألتقطته الكاميرات في الصباح .وليس لدينا ما نساعدك به .
أعلم انهم كاذبون يرسمون ذاك التعبير الأحادي علي وجوههم لكن ماذا أفعل وحدي بين هذه الدمي البلاستيكيه ؟انا مفرد وهم جماعة والكثرة تغلب الشجاعه .
أذكر اني لم أكن شجاعا يوما ما فحين صدرت كشوف الترقي والمكافأت ولم أجد اسمي مدون بها طلبت من مديري ان يفسر لي ما حدث فأخبرني وهو يرسم علي وجهه ذاك التعبير الأحادي الثابت. (مقلدا المدير )إذا لم يلقي القرار قبولا لديك يمكنك أن تتظلم.
هو :وكيف أتظلم ؟ ولمن اتظلم ؟أأتظلم لمصدر القرار نفسه ؟ كيف وهو حتما سيرفض تظلمي خوفا من أن يقال عنه انه أخطأ في قراره الأول الكاذب .
حتي القانون شرع كذبا وبهتانا من اجل حماية هولاء الأفاقون الخائفون فلا جريمة او عقوبة إلا بنص القانون والقانون لا يحمي المغفلون .هي ذات العبارة البلاستيكيه التي يرسم لافظيها علي وجوههم ملامح ذاك التعبير الأحادي الثابت .
لقد أصبحت هذه المدينة البلاستيكيه مكانا لإثارة عذابي وألمي فإذا دلفت الي أحد المقاهي لأحتسي فنجان من القهوة شاهدت ذاك التعبير الأحادي الثابت مرسوم علي وجوه كل من ألتقي بهم بدءا من النادل الذي يقدم لي فنجان القهوه ونهاية برواد المقهي الجالسين كالدمي البلاستيكيه التي لا حياة او روح فيها .حتي فنجان القهوه الذي وضع أمامي رسم علي وجهه نفس التعبير البلاستيكي الأحادي الثابت .أوه (يخرج سيجارة ويشعلها ويأخذ نفس عميق )
قديما كنت حين احتسي فنجاني المعتاد من القهوه يتنامي الي اسماعي اضحوكة من رواد المقهي تدعو الي التفاؤل وتسخر من الواقع المعاش ويضحك الجميع من قلوبهم ولم يظهر أبدا ذاك التعبير البلاستيكي الأحادي الثابت الذي يطفح علي الوجوه اليوم .فهل مات الضحك ؟ ام مات الحب ام أننا صرنا في زمن الفقد ؟ (يتذكر مذرفا دمعة من عينيه )
حين فقدت أبي في العام الماضي لم يظهر علي ملامح وجهي تعابير الحزن بل لم اصدق أنه رحل عن عالمنا فكلماته ونصائحه التي كان يسديها لي كانت تتردد علي مسامعي في كل موقف وكل قرار تمنيت أن يعينني عليه ولذا أشعر أنه مازال يحيا لكني لم أعد أراه. فقط اسمعه كما اعتدت علي سماع الأمثلة والعظات في صغري .(مؤديا بصوت الأب وهو جالس علي المقعد الخشبي ) الحب هو الحرية الوحيدة المتاحة للإنسان، والتي لا تخضع لإرادة حاكم او سلطان .لا تكره .لا تسرق .لا تقتل .بل حب الناس من اجل الحب فحين تحب. تسمو روحك وتكون مع الرب ذلك افضل .
(يقف الي جوار المقعد مخاطبا الأب )في المدينة البلاستيكيه يا أبي ؟انهم دمي عرائس مربوطة بأحبال في ذراعيها تحيا حياة نمطيه بغيضه .يا ابي احسب أننا في هذه المدينة البلاستيكيه أموات ونحاسب علي ما إقترفناه من ذنوب في السابق فكيف للحب أن يحيا بين الأموات ؟
(يجلس علي المقعد كأنه الأب)
الحب هو الكينونه القيمة الذاتية للإنسان الذي يسعي الي الخير والحق والجمال .والموتي في العالم الآخر لا يكرهون .
(يقف) الموتي ينتظرون هذا هو فعلهم الوحيد ونحن في هذه المدينة البلاستيكيه دمي تنتظر المخلص فبماذا يجدي الحب ؟ فنحن منتظرون نستيقظ في الصباح لننتظر المساء وحين يأتي المساء ننتظر الصباح ولا شيئ يتغير نسير كل يوم بفعل قوي غير مرئيه تتحكم في اقدارنا ومصائرنا ولا نستطيع أن نغير واقعنا لإننا دمي بلاستيكيه إنتزعت منها ارواحها ومازالت تنتظر مخلصها .اتري يا أبي ان المخلص سيأتي يوما ما ليخلصنا من براثن هذه المدينة البلاستيكيه؟ ام أننا واهمين في إنتظارنا له ؟
(يجلس علي المقعد الخشبي ويتحدث بصوت الأب) يا بني الخلاص في اعماقك انت .انت المخلص لروحك المعذبة .انت سيد قرارك فبيدك ان تخلق الحب والخير وبيدك ان تظل تنتظر الي مالا نهاية
الإنتظار سجن لكينونتك والفعل خلاص لك .افعل الخير والقه في اليم .
(يقف منفعلا)وكيف افعل الخير مع دمي بلاستيكيه فقدت الشعور والإحساس؟ كيف اجذر الخير في عقولهم التي تجذرت فيها بشاعة التملك والمنافسة والربح والإستهلاك ؟ كيف وكل الخيوط في يد لاعب واحد لا نعرفه وإن عرفناه لا نقوي علي مواجهته؟ لا لأننا ضعفاء ولكن لأننا صرنا دمي تم جمعها لتعيش في هذه المدينة البلاستيكيه .(ينزل الي صالة المتفرجين)
ألسنا دمي ؟ السنا نحيا حياة بلاستيكيه؟حتي انتم تجلسون علي هذه المقاعد بطريقة تقليديه تنتظرون المخلص من عناء الحياة اليوميه البلاستيكيه التي تحيونها تنتظرونه فقط من أجل الإمتاع لا من أجل التغيير .لكن في الحقيقة أنكم جئتم الي هنا من أجل الإلهاء من الإنتظار الطويل .فلماذا لا تخرجوا خارج اسوار المدينة وتقطعوا الحبال التي توثق معاصمكم ؟ لماذا تنتظرون ؟
الإنتظار سجن ابشع من الإحتجاز داخل هذه المدينة البلاستيكيه .انا خارج من أجل هؤلاء الصغار من أجل أن انشد مستقبل ينعم بالخير والحق والجمال بعيدا عن تلك المدينة البلاستيكيه .
(يخرج خارج قاعة العرض وإظلام تام للقاعه حتي يضطر الجمهور للخروج منها ليفاجأ ب "هو"يصفق لهم محييا إياهم )
-ختام



#حسام_الدين_مسعد (هاشتاغ)       Hossam_Mossaad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التلقي النقدي لعروض مسرح الشارع في غياب نظريه نقديه عربيه-ال ...
- التلقي النقدي لعروض مسرح الشارع في غياب نظريه نقديه عربيه-ال ...
- التلقي النقدي لعروض مسرح الشارع في غياب نظريه نقديه عربيه- ا ...
- التلقي النقدي لعروض مسرح الشارع في غياب نظريه نقديه عربيه-ال ...
- التلقي النقدي لعروض مسرح الشارع في غياب نظريه نقديه عربيه-ال ...
- التلقي النقدي لعروض مسرح الشارع في غياب نظريه نقديه عربيه-ال ...
- التلقي النقدي لعروض مسرح الشارع في غياب نظريه نقديه عربيه-ال ...
- -التلقي النقدي لعروض مسرح الشارع في غياب نظريه نقديه عربيه
- في طريق البحث عن قالب مسرحي عربي -الحلقه الثالثه-
- في طريق البحث عن قالب مسرحي عربي (الحلقه الثانيه)
- في طريق البحث عن قالب مسرحي عربي «الحلقة الأولي »
- (الإنتاج المسرحي العربي المشترك )بين سندان التجريب ومطرقة ال ...
- «النانو تياترو »إستنبات لقالب مسرحي عربي جديد
- «هي التي رأت» أننا سجناء أفكارنا
- «ميت مات » نذير للأصنام المنتظره الخلاص
- دور المتلقي في العمليه الإتصاليه بمسرح الشارع
- انا ماكبث فمن المهزوم
- مسيخ النقد الدجال يظهر في .....!!!!
- دور المتلقي في عروض مسرح الشارع
- «الهواء الطلق »ما بين المسرحه وقضايا المتلقي اليوميه


المزيد.....




- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسام الدين مسعد - -المدينة البلاستيكيه-مونودراما مسرحيه