الولايات المتّحدة الأمريكيّة : الرقابة على الكتب و حرّية التعبير في ما يتعلّق بالأعراق / الأجناس البشريّة والجنسانيّة - تزداد شدّة...و طموحا...و صرامة-

شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 7174 - 2022 / 2 / 26 - 11:39
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    

الولايات المتّحدة الأمريكيّة : الرقابة على الكتب و حرّية التعبير في ما يتعلّق بالأعراق / الأجناس البشريّة والجنسانيّة " تزداد شدّة...و طموحا...و صرامة"
جريدة " الثورة " عدد 736 ، 31 جانفي 2022
https://revcom.us/en/censorship-books-and-speech-about-race-and-sexuality-getting-more-severe-more-ambitious-more
( العنوان الأصلي لا يتضمّن " الولايات المتّحدة الأمريكيّة " )

تبلغ حملة تطهير المدارس من حقائق إضطهاد السود و السُمر و السكّان الأصليّين و المتحوّلين جنسيّا – أو حتّى وجودهم على كبشر بأتمّ معنى الكلمة – تبلغ أبعادا تشبّه بالتسونامي .
سنة 2021 ، وقع إقتراح 51 مشروع قانون في 33 ولاية – و على الأقلّ 10 منها وقعت المصادقة عليها – وهي " تدخل تعديلات على كيفيّة و مضمون ما يمكن للمدرّسين تدريسه بصدد الأجناس و التاريخ و الجنسانيّة في المدارس ".
و كان الوضع بعدُ في منتهى الخطورة . لكن في الأسابيع الثلاثة الأولى من 2022 وحدها ، وقع إقتراح 71 من مثل تلك القوانين و ذلك في 27 ولاية .
و وفق باحث من " بان أمريكا " (PEN América)، " تستهدف هذه القوانين غالبا حرّية التعبير في ما يتعلّق بالأجناس
و الجنس أو الجنسانيّة " ، وهي " تزداد شدّة ... و طموحا وتشتدّ العقوبات صرامة " . و قد تشمل هذه العقوبات طرد المدرّسين و إقامة دعوى قضائيّة ضد المدارس في الأقاليم .
و تمنع عديد مشاريع هذه القوانين تدريس " نظريّة نقد العنصريّة " . و تمنع بوجه خاص برنامج الدروس التي تستخدم مشروع 1619 الذى يعيد تأطير التاريخ الأمريكي على أنّه يبدأ مع و يرتبط بالعبوديّة . كما تمنع مشاريع قوانين أخرى تدريب الموظّفين على التنوّع و الحساسيّة .
و إلى جانب هذا ، كانت المنظّمات الفاشيّة ل " الأولياء المعنيّين " تسوّق في إجتماعات مجالس إدارة المدارس و المعاهد في عدّة أقاليم لشكوى هستيريّة بانّ أيّ كتاب يشجّع حتّى على التعاطف مع ضحايا الميز العنصريّ يجعل أبناءهم " ينزعجون " . و تشجّع الكثير من القوانين الجديدة الأولياء على مراقبة قاعات التدريس – مجبرين المدرّسين على نشر ما يدرّس على الأنترنت ( كما لو أنّ هذا " يفضح " بعض " المؤامرة السرّية " من قبل المدرّسين في تدريسهم العملي للأطفال ) ، و يسمح تاليا لأيّ مواطن ب مقاضاة المدارس .
و هذا الجنون بلغ حديثا أعماقا جديدة :
ففي 10 جانفى 2022، صوّت بالإجماع مجلس إدارة مدرسة ماك مين كاونتى في التنيسي لإستبعاد" ماوس"( Maus)
من مكتبات المدرسة . و " ماوس " رواية مصوّرة لآرت سبغمان حازت على جائزة بولتزار ؛ وهي قصّة تجربة أوليائه في ظلّ الحكم النازيّ في بولونيا أثناء الحرب العالميّة الثانية . ( و هذه القصّة تحمل عنوان " ماوس " لأنّ الشخصيّات اليهوديّة مرسومة على أنّها فئران يصطادها النازيّون الألمان الذين رُسموا على أنّهم قطط ). و قد تذمّر اجتماع مجلس إدارة المدرسة قائلا : " تصوّر القصّة شنق بشر و قتل أطفال ، لماذا يروّج النظام التعليمي لهذا النوع من الهراء ؟ ".
والسؤال الذى يبدو لنا أفضل من ذلك هو الآتى : من – فضلا عن نازيّي يومنا هذا – يرغب في إخفاء واقع الجرائم الفظيعة لنازيّي الأمس ؟
و ضمن الكتب المسجّلة على طاولة " الكتب الممنوعة " لبارنس و نوبل ن كتب يمنع القانون تدريسها في المدارس ، Lord of Flies ، 1984، و Catcher in the Rye.
و في ما يلى بضعة أمثلة الصادمة أكثر من غيرها عن هذا الوباء : الهجمات الجنونيّة على إعلان الحقيقة للأطفال حتّى و لو كان النزر القليل منها :
- في نوفمبر 2020 ، أقصى مجلس إدارة مدرسة يورك ببنسيلفانيا من المكتبات 68 كتابا طالبت بإستبعادهم لجنة المحافظة للتنوّع .
و علّق عضو من تلك اللجنة أنّه " بينما قد تكون البعض من مقاطع هذه الأعمال موضوع جدال ، فإنّ الغالبيّة العظمى منها لم تكن سوى كتب شخصيّاتها من السود – و لم تكن بالضرورة تتطرّق إلى العنصريّة ".
- و في ماي 2021 ، مجلس إدارة مدرسة كنتى ببالم بيتش ( فلوريدا ) إستبعد الإحالة على " إمتيازات البيض " من " بيانه حول العدالة " ، بعدما زعم بعض الأولياء أنّها ذلك كان محاولة لتسريب " نظريّة نقد العنصريّة " و تسييسها .
و هكذا صارت " العدالة " تعنى أنّه لم يعد بوسعنا الإشارة إلى اللامساواة !
- و في جوان 2021 ، إشتكت " مجموعة أولياء " من التنيسي من أنّ مطالعة قصّة روبي بردجس ( The story of Ruby Bridges ) – كتاب صور – تنتهك قانون الولاية بتقديم جميع البيض على أنّهم من الأشخاص السيّئين . و الحقيقة هي أنّ روبى بردجس كانت في السادسة من عمرها حينما إلتحقت بمدرسة يؤمّها فقط بيض في نيوأورليانس . و في يوم الأوّل بالمدرسة ، سحب عديد الأولياء البيض أبناءهم من المدرسة و رفض المدرّسون البيض بإستثناء واحد تدريس طفلة سوداء .
للأسف أيّها " الأولياء " هذه ليست صورة جميلة . لكن ربّما لو تعلّم أبناءكم شيئا بهذا المضمار و ساءهم ذلك ، قد يدفعهم ذلك إلى فعل شيء من أجل تغيير الوضع .
- في 10 جوان 2021 ، تبنّت إدارة التعليم بفلوريدا قوانينا جديدة موجّهة إلى منع " نظريّة نقد العنصريّة " و من ذلك أنّه ليس بوسع المدرّسين تحديد التاريخ الأمريكي كشيء آخر غير إنشاء أمّة جديدة تقوم بدرجة كبيرة على المبادئ العالميّة المنصوص عليها في " إعلان الإستقلال ".
بما أنّه أمر واقع أنّ الولايات المتّحدة الأمريكيّة قد تأسّست على العبودية و لم تلغها طوال 90 سنة ، فإنّ سلطات فلوريدا تقول إمّا أنّه على المدرّسين الكذب بهذا الصدد و إمّا أن يعتبروا أنّ إستعباد السود مبدأ من " المبادئ العالميّة " . و في كلتا الحالتين يصبحون من الكاذبين الفاشيّين .
- في 15 جوان 2021 ، أمضى حاكم التكساس آبوت قانونا يمنع إستخدام مشروع 1619 في الدراسة بالأقسام و يقيّد شديد التقييد الطريقة التي يمكن بها للمدرّسين أن يناقشوا دور العبوديّة و الميز العنصريّ في تاريخ التكساس . و ثمّة قانون تجرى دراسته يهدف إلى تركيز لجنة " لتشجيع التعليم الوطني " حول " إنفصال التكساس " .
و قد حاجج ستيف توث وهو قاضي فاشيّ بالتكساس من أجل الحاجة إلى مثل هذه القوانين على النحو التالى : " هل تودّون أن يقع تدريس أطفال التكساس بأنّ نظام الحكم في الولايات المتّحدة و التكساس ليس سوى غطاء لتفوّق البيض ؟ ".
حسنا ستيف ، الواقع هو أنّ التكساس سنة 1836 كانت جزء من المكسيك لكنّها إنفصلت عنها بفعل تمرّد قاده مالك عبيد أمريكي و لقي الدعم من حكومة الولايات المتّحدة لأنّ العبوديّة كانت غير قانونيّة في المكسيك . و تاليا إلتحقت التكساس بالولايات المتّحدة و و قفت إلى جانب الكنفدراليّة أثناء الحرب الأهليّة .
بكلمات أخرى ، تمّت سرقة التكساس من المكسيك من أجل حماية " حقّ " إستعباد السود ! لذا المسألة هي : هل ينبغي أن يدرس الأطفال الحقائق أم جملة من الأكاذيب و التشويهات التي تحجب الحقائق ؟
- في غرّة جويلية 2021 ، صد قانون جديد في إيوا يمنع المدرّسين من تدريس " نظريّة نقد العنصريّة " و من وصف إيوا أو الولايات المتّحدة بأنّها " بشكل ممنهج عنصريّة و معادية للنساء " أو قول شيء ما يجعل تلميذا يشعر " بالإنزعاج و الذنب و الفزع أو أي شكل آخر من القلق النفسيّ " بسبب عنصره أو جنسه .
و لذا إمّا أنّه لا ينبغي أن يتعلّم التلامذة البيض أشياء عن العبوديّة و الإضطهاد العنيف للسود و إمّا ... لا ينبغي جعل ذلك يشعرهم ب " الإنزعاج " ؟
- في جويلية 2021 ، ألغت مدرسة إقليم من ولاية بنسلفانيا التبرّع بكتب لمكتبات مدارس إبتدائيّة لأنّ الأولياء إشتكوا من أنّ الكتب المعنيّة كانت تدرّس نظريّة نقد العنصريّة . و من ضمن تلك الكتب Fry Bread : A native American Family Story و Hidden Figures : The True Story of Four Black Women and the Space Race
فراي براد – Fry Bread - هو صنف من الأكلات لدي بعض السكّان الأصليّين لأمريكا [ الهنود الحمر ] . و قد حازت قصّة فراي براد على أكثر من عشرة جوائز و قد وصفتها جريدة " النيويورك تايمز " على أنّها " مذهلة و حُلوة " و إليكم مقتطف من هذه القصّة التي يعتبرها الفاشيّون خطيرة على الأطفال :
فراي براد هو الغذاء
ساخن و لذيذ و قد وُضع مرصّف في صحن
فراي براد هو الزمن
يجمع الأسر لتناول الطعام و إنشاء ذكريات جديدة
فراي براد هو الأمّة
يتقاسمه الكثيرون ، من الساحل إلى الساحل و أبعد من ذلك
فراي براد هو نحن
إحتفاء بالقديم و الجديد ، بالتقليدي و المعاصر ، بالتشابه و الإختلاف .

ومثلما قال أستاذ تعليم بجامعة ميشيغان: " حضور أطفال متنوّعين ليس سياسة ليبراليّة - يوجد أطفال متنوّعون في العالم". و كذلك هو الحال بالنسبة للثقافات المتنوّعة والشعوب المختلفة و إضطهادهم الوحشيّ و مقاومتهم و نضالاتهم الملهمين في سبيل أن يعاملوا كبشر بأتمّ معنى الكلمة .
لكنّ هؤلاء غير موجودين في العالم الذى يقاتل الفاشيّون أيّما قتال من أجل إنشائه . / .
أنظروا أيضا المقالات التالية :
See also:
Black History Month in a Divided and Polarized White Supremacist Society

What Is Most Needed—a Real Reckoning, and Going Deeper into the Real Problem and the Real Solution, to Getting Out of This Horror
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++

#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات