أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - الثورة و كرة مضرب [ تنّس ] روجر فدرار : ما العلاقة بينهما ؟ عمليّا علاقة كبيرة















المزيد.....


الثورة و كرة مضرب [ تنّس ] روجر فدرار : ما العلاقة بينهما ؟ عمليّا علاقة كبيرة


شادي الشماوي

الحوار المتمدن-العدد: 7100 - 2021 / 12 / 8 - 21:57
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


بوب أفاكيان ، جريدة " الثورة " عدد 650 ، 1 جوان 2020
https://revcom.us/a/650/bob-avakian-revolution-roger-federers-tennis-en.html

على الأرجح سيمثّل عنوان هذا المقال مفاجأة بالنسبة للكثيرين – و لن تكون المفاجأة أقلّ بالنسبة إلى روجر فدرار ذاته بما أنّه من الواضح كونه ليس مناصرا لنوع الثورة التي أتحدّث عنها ، ثورة تفرز الإشتراكيّة و في نهاية المطاف الشيوعيّة عبر العالم بدلا عن النظام الرأسمالي – الإمبريالي الراهن المهيمن حاليّا على العالم . ففدرار عينه ليس مجرّد لاعب كرة المضرب [ التنّس ] له قدرات درجة عالميّة- و كما سأتناول ذلك بالحديث له قدرات لا نظير لها - ؛ إنّه كذلك مليونيرا يكاد يغدو مليارديرا نتيجة الصفقات و الإستثمارات التجاريّة التي مكّنته منها مكاسبه في كرة المضرب . ( و في الوقت نفسه ، كرّس فدرار مواردا و جهودا لها دلالتها خاصة للأعمال الخيريّة التي يستفيد منها الأطفال في جنوب أفريقيا على وجه الخصوص ، وهو محترم و مبجّل على نطاق واسع لكونه ، مع المجازفة بأن يبدو هذا سخيفا ، " شخص طيّب حقّا " على المستوى اشخصيّ . و فدرار المنحدر من بلدة صغيرة في سويسرا من الرياضيّين الأكثر إعترافا بهم و الأكثر شعبيّة في العالم ، ليس في صفوف محبّى كرة المضرب فقط بل بشكل عام ،و لا يعزى هذا إلى مجرّد إنجازاته على أرضيّة الملعب أو ببساطة ل " تسويقه لعلامته التجاريّة " بنجاح ؛ و إنّما يعزى أيضا لما يرتئيه الناس في شخصيّته ).
ما يُقدّم في عنوان المقال – أنّ كرة مضرب فدرار لها علاقة كبيرة بالثورة – يمكن فهمه على أنّه حقيقة عميقة حالما يوجد تقدير ضروريّ لكلّ من فذاذة فدرار و مقاربته و أدائه الفريدين في كرة المضرب و ما هي و ما نحتاج أن تكون الثورة التي أتكلّم عنها . هنا ، لن أتوغّل مباشرة في نقاش ما إذا كان فدرار أو كان أحد أهمّ منافسيه راهنا ، نوفاك دجوكوفيتش أو رفائيل نادال ، هو الأعظم في كلّ الأزمنة ضمن اللاعبين الرجال لكرة المضرب . ( و مع ذلك ، بحثت أمر لماذا يجب أن تعود تلك الصفة شرعيّا لفدرار في ملحق وثّق بنهاية هذا المقال ). ما يحدّد كرة مضرب فدرار و ما يضعه أكثر من أيّ شخص بعيدا حتّى عن أكبر منافسيه – أكثر من جميع منجزاته العظيمة و لعبه في أعلى مستويات كرة المضرب للرجال لما يناهز العقدين ، منذ كانت سنّه تناهز العشرين عاما إلى يومنا هذا حيث يقترب من سنّ الأربعين – هو الجانب الفنّي و الجماليّ في لعبه . و الثورة التي أتحدّث عنها – ثورة تقودها الشيوعيّة ، و قد تطوّرت أكثر مع الشيوعيّة الجديدة كثمرة لعقود من العمل الذى أنجزته – و هذه الثورة ، و المجتمع و العالم المغايرين راديكاليّا الذين تهدف إلى إنشائهما ، لا يمكن أن يتحقّقوا بأهدافهم و متطلّباتهم الأساسيّة دون تحديدا تثمين و إزدهار أجانب الجمالي و الفنّي في عديد أبعادهما في النشاطات الإنسانيّة .
و مثلما شدّدت على ذلك ، أحد المميّزات الأساسيّة التي تحدّد البشر هي " الحاجة إلى ما يدهش " (1) . و بالتأكيد ، في كرة المضرب لدى روجر فدرار ثمّة مصدر مستمرّ للدهشة . ليس ببساطة أنّه قادر – و في مسار مبارياته ، يفعل ذلك بصفة متكرّرة – أن ينجز كلّ ضربة متصوّرة ( و الكثير من الضربات التي لا نتصوّرها ) . ليس فقط واقع أنّه إذا إنتبهنا جيّدا ، بالإمكان ملاحظة عرض مذهل للمؤهّلات و الجانب الفنّي حتّى في ضربات فدرار للكرة حتّى وهو يوجّهها إلى الصبيّ أو الصبيّة المكلّف أو المكلّفة بإلتقاط الكرة ( المسؤولون عن جمع كرات اللاعبين و توزيعها ) ، بين تسجيل النقاط في المباراة . و أهمّ الميزات حركة الرجلين ، الحركة الإنسيابيّة – و فدرار يتنقّل في أرضيّة الملعب ليضع نفسه في موقع يسمح له بضرب الكرة كأفضل ما يكون . و في حين يوجد تقريبا مع جميع الآخرين ضمن لاعبى كرة المضرب من المضرب من الرجال في القمّة العالميّة – بمن فيهم دجوكوفيتش و خاصة نادال – الذين تتسبّب حركتهم في أنواع من الضجيج و تترافق ضرباتهم للكرة عادة بصرخات مسموعة و عادة صرخات عالية ، يتحرّك فدرار بصمت و يبدو أنّه لا يبذل جهدا يذكر و الصوت الوحيد المرافق لضرباته هو صوت المضرب وهو يلاقى و يضرب الكرة بثبات مذهل ليعدّل المكان الذى يحاول توجيهها إليه . و يمكن أن نعتبر أنّ الإستعارات التي يمكن إستحضارها لوصف هذه الحركة مثل تلك التي تشبّهها بالباليه أو برقصات أخرى ، ليست في هذه الحال قوالب جاهزة و إنّما هي عمليّا أقرب إلى القبض على سلاسة حركة فدرار و جمالها .
بجلاء ، دجوكوفتش و نادال من أعظم لاعبى كرة المضرب – و هما يعدّان بصفة عادلة ضمن أعظم اللاعبين لكلّ الأزمان – لكن ما يختصّ به فدرار و ما يميّزه عنهما ( وقد يظهر للوهلة الأولى أنّ هذا من سخريّة الأقدار أو حتّى لامنطقيّ ) هو واقع أنّ أعظم قوّة لديهما هي الثبات في الضربات بينما في مسار المباراة أو في منعرج من منعرجاتها ، يرجّح أن يعرف فدرار " تقلّبات " أكثر. يلعب نادال كلّ نقطة و حتّى كلّ ضربة بلا هوادة و بشدّة كما لو أنّ المباراة برمّتها ترتهن بذلك ، و فضلا عن ذلك - أو بمعنى حقيقي ، حتّى أكثر من صناعته للضربة بإقتدار ، فإنّ إنهاك منافسيه أمام مثابرته هو الذى يحقّق له النجاح الباهر . و المفتاح في لعب دجوكوفيتش هو قدراته الدفاعيّة التي تعتمد بدرجة كبيرة على مرونته الجسديّة المعتبرة : فمقدوره أن يُرجع إرساليّات قويّة ( و / أو جيّدة التوجيه ) و ضربات أرضيّة هامة لمنافسيه المرّة تلو المرّة ، و على نحو يجعله على الأقلّ في " موقع محايد " و غالبا في موقع ممتاز في علاقة بمنافسيه بما يخوّل لدجوكوفيتش في نهاية المطاف تحويل الدفاع إلى هجوم و كسب النقطة . هنا أيضا و إن كان بطريقة ما مختلفة عن ما لدى نادال ، إستمراريّة و ثبات دجوكوفيتش هما أكبر منبع لقوّته .
و يختلف الأمر مع فدرار . فمثلما علّ أكثر من متابع لمبارياته ، فدرار فنّان ، و عند الفنّان سنعثر على لحظات تألّق أبعد ممّا يقدر على بلوغه الآخرون كما سنعثر أقلّ تألّقا . و لسخرية الأقدار مرّة أخرى ، إلى درجة معيّنة أخطاء فدرار ( و خاصة تلك المعتبرة في لعبة كرة المضرب " أخطاء غير مفروضة " ) تنبع من مؤهّلاته الهائلة لا سيما حركته و حركة رجليه اللذان يخوّلان له تنفيذ عدّة ضربات متباينة . هناك لحظات يضع فيها فدرار نفسه في موقع يمكّنه من الحصول على خيارات متعدّدة بمعنى توجيه الضربة و في بعض المناسبات تكون لديه خيارات متعدّ>ة -عوضا عن أن يكون مقيّدا أكثر و مضطرّا إلى مجرّد اللعب بسرعة و " غريزيّا " – ما يفضى عمليّا إلى جعل فدرار " يتغلّب على نفسه " بما في ذلك أحيانا لمّا " يُغيّر رأيه في اللحظة الأخيرة " حول المكان الذى يوجّه إليه الضربة و كيفيّة توجيه الضربة بما يمكّنه من إمّا تحقيق ضربة غير فعّالة أو تفويت ضربة سهلة نسبيّا فيخسر النقطة . و ممّا يجعل فدرار عظيما بشكل فريد من نوعه و مدهشا للمشاهدة هو أنّا نتمعّن في الفنّان وهو يعمل ، يحاول القيام بأشياء لا يتجرّأ الآخرون على محاولة القيام بها . وهو على إستعداد للسقوط أحيانا و فورا من أجل أن يعثر على طريق بلوغ أعظم القمم .
و يبرز هذا في كلّ مظاهر أداء فدرار . و ربّما وجد هذا تعبيراته المكثّفة أكثر في إرسال ضربة إرسال فدرار ( بداية النقطة ) وهو أحد أفضل و أكبر تـأثير بكثير في لعبة مضرب الرجال . و في حال فدرار مردّ هذا ليس سرعة و قوّة صرفة – هناك الكثيرون في لعبة الرجال الذين يفوقونه بصفة هامة في هذه الأصناف – بل بالأحرى نظرا إلى القناع ( إنّه من العسير جدّا التمكّن من تخمين إلى أين سيوجّه فدرار ضربة إرساله ) و موقع سقوط الكرة ( ينجح بصفة منتظمة في وضع الكرة بالضبط حيث أو قريبا جدّا من المكان الذى يحاول وضعها فيه بفضل ضربة إرساله ). بضرباته الأرضيّة حينما تكون النقطة موضع رهان ( سواء كانت ضربة إرساله أم ضربة إرسال منافسه ) ، يحصل الشيء نفسه – الخدعة عينها و الدقّة عينها ، ممزوجين بقوّة فعّالة أو ب" لمسة " رقيقة . مشاهدة فدرار وهو " يرسم الخطوط " ( يضرب الكرة لتسقط بالضبط على أو قريبا جدّا من خطّ جانبيّ أو خطّ جهة المنافس من الملعب ) يشبه فعلا مشاهدة القيام برسم مدهش . و لا أحد يضاهيه في أي مكان في لعبة كرة المضرب ، في التوازن و قدرات التحكّم في المضرب عند الشبكة ( مرجعا ضربة المنافس من موقع قريب من الشبكة ) و هنا أيضا ، عادة ما يجعل من أصعب الضربات تبدو ضربة سهلة .
و مجدّدا ، الحركة هي التي تكمن وراء كلّ هذا و تجعله ممكنا . و مثلما وضع ذلك كاتب و صحفي مختصّ في كرة المضرب ، مارك هوكنغسن ، في كتاب يشرح ليس المهارات العالية لفدرار و إنجازاته فحسب بل أيضا حضوره الفريد من نوعه على ساحة الملعب : فدرار " يتحرّك مثل الهمس " (2) .
و بالنسبة إلى البعض ، بالأخصّ الذين لم يكونوا يوما مهتمّين بمسائل من هذا الصنف ، قد يبدو هذا " مبالغة " إلاّ أنّ الطريقة التي يتمكّن بفضلها فدرار من إستخدام حركته و مؤهّلاته الممتازة الأخرى لتحييد و تجاوز القوّة الصرفة ل" أصحاب الضربات الشديدة القوّة " في كرة المضرب للرجال ، هناك أوجه مقارنة مع كيف أنّ القبضة القويّة للقوى الإضطهاديّة الأعتى يمكن عمليّا كسرها و إنشاء مجتمع و عالم خاليين من الإضطهاد . غير أنّ المقارنة و فعاليّة كرة المضرب لدى فدرار نسبة إلى الثورة لا يمكن و لا يجب أن تقلّص إلى ذلك . و أبعد من ذلك ، إنّ تلبية الحاجيات العميقة للإنسانيّة – " الحاجة إلى الدهشة " و تثمين الجانب الفنّيّ و الجماليّ – هي الرابط بين كرة مضرب روجر فدرار و الثورة التي تحتاج إليها الإنسانيّة .
ليست كرة مضرب فدرار مجرّد إنتاج لرياضة من مستوى عال و مركّزة – جينيّا ، و إنّما هي كذلك إنتاج لتثمين ما هو إبداعيّ و تجديديّ و أبعد حتّى من أكثر معاصريه و منافسيه قدرات عالية ضمن مستوى درجة عالميّة . في صفوف أعلى مستويات أبطال كرة المضرب ، وحده روجر فدرار هو الذى كثيرا ما يجرّب ضربات جديدة معرّضا نفسه إلى خطر خسارة نقطة أو حتّى لعبة ، في سيرورة مقابلة دورة أو بطولة رهاناتها عالية . و وحده فدرار هو الذى يشعر ، و أحيانا يصرّح علنا ، بأنّه إن لم يقم بذلك ، كان سيجد المباراة مملّة للغاية و ذلك حتّى بينما يكون بصدد كسبها . و هذا ليس " نقصا في الإنضباط " عند فدرار و إنّما مرّة أخرى تقييما حقيقيّا و بعث حياة في جانب فنّي و جمالي يمكن و ينبغي أن يميّز رياضة كرة المضرب – و هو يميّز بأرقى أشكاله لعب روجر فدرار . و قليلون هم الآخرون القريبون من الصفوف العليا لكرة المضرب الذين يرون أو يشعرون بالحاجة إلى محاولة " ضربات مخادعة " و غيرها من العروض للجانب الفنّيّ مخاطرين بخسارة نقطة أو لعبة أو حتّآ مباراة . و نيك كرجيوس لاعب شاب رياضيّ و ذو مهارات عالية من أستراليا هو المثال الأكثر إمتيازا لهذا لكن لا كرجيوس و لا غيره عدا فدرار قد بلغ مزيجا بين الجانب الفنّي اللامع و التركيز الضروري و أجل الإنضباط – موجّها هذا و مترجما إيّاه إلى مستوى درجة عالميّة في منافسات كرة المضرب ، بالثبات المطلوب للكسب المتكرّر للمباريات و الدورات و البطولات و منها تلك ذات السمعة الكبرى و ذات الجوائز الكبرى ( و التي يشترك فيها كلّ أو تقريبا كلّ أرقى لاعبى كرة المضرب في العالم وهي تتطلّب كسب مباريات سبع متتابعة في فترة أسبوعين من الدورة للتتويج باللقب ).
و طالما هناك " ميزة سحريّة " في كرة مضرب فدرار ، فهي في الوقت نفسه نتاج عمل بجهد جهيد و بصفة مستمرّة – في كلّ من خارج ساحة الملعب ، في مجالات التدريب البدني لبلوغ أوج الجاهزيّة البدنيّة ن و كذلك على ساحة الملعب ، لساعات طول تكاد لا تنتهى من الممارسة . و هناك الجهد المستمر المبذول للتحكّم المتصاعد في اللعبة ذهنيّا . فدرار متعلّم كبير لكرة المضرب . وقد تمّت ملاحظة و تمّ في الواقع تبيان أنّه غالبا جدّا ما يستطيع تخمين (عند مشاهدته حركة الرجلين و موقع و معرفة " النزعات المفضّلة " لدى منافسه ) أين سيوجّه منافسه الضربة حتّى قبل أن يشرع ذلك المنافس في تنفيذ ضربته . و يملك فدرار أكبر قدرة على أقلمة لعبه بما في ذلك وسط المباراة – شيء من غير الملاحظ إلاّ لدى المتعلّمين الجيّدين للعبة و حتّى لدى عدد أكبر من الملاحظين في مناسبات عند الإنتباه إلى التغييرات التي يدخلها في مقاربته و من ذلك نوع الضربات التي يختار تنفيذها سواء " ظلّ " على الخطّ الأساسي أو " تقدّم إلى الشباك " بصفة متصاعدة و نحو ذلك .
كلّ إستعداده الذهنيّ و البدنيّ و " التحسين المستمرّ للعبه يكمن وراء وهو أساس قدرة فدرار على كلّ من النجاح الهائل تنافسيّا و القيام بذلك بلمسات فنّية لا تضاهى . هدجكنسن كتب يقول إنّ فدرار بصفة مبكّرة كان ينزع نحو موقف أنّ القيام بالأشياء بلمسات فنّية كان حتّى أهمّ من الكسب و ذلك حتّى حينما كان في منافسة قويّة جدّا . و قد إنعكس هذا بشكل بعيد جدّا حتّى في نجاح فدرار في بلوغ القمّة في لعبة كرة مضرب الرجال، وفي الواقع قاوم فدرار إستخدام " الضربة المخادعة" ( ضربة الكرة فقط بطرق تمرّ وفقها فوق الشباك بقليل لا سيما حين يكون المنافس بعيدا جدّا في خلفيّة ساحة الملعب) معتقدا أنّ هذه الضربة تدوس نوعا ما الإستتيقا ( و ربّما الأخلاق ) في كرة المضرب . لكن فدرار لم يُغيّر فكرته فحسب حول هذا و إنّما طوّر إحدى العبات الأكثر فعاليّة و أجل الفنّية في الضربات المخادعة و بصفى -ة أعمّ و لحسن الحظّ بالنسبة لفدرار – و بالنسبة لكلّ من يقدّر الجمال الذى يمكن أن يتمّ به لعب كرة المضرب – قد بلغ فدرار مزيجا لا يضاهى ( أو خلاصة لا تضاهى ) من المكاسب الفنّية و التنافسيّة بشكل عام .
و قد واصل رفع التحدّيات التنافسيّة والتغيّرات التكنولوجيّة التي أثّرت في التحدّيات التنافسيّة . و على سبيل المثال ، قبل أقلّ من عقد ، كان فدرار لا يزال يلعب بمضرب أصغر من مضارب تقريبا جميع منافسيه شاعرا بأنّه يملك المؤهّلات الضروريّة لتوجيه الضربات اتى يحتاجها أو يرغب فيها وتجنّب كثرة الأخطاء وهو يعتمد هذا المضرب الصغير . غيرأنّ ارتفاع مستوى المنافسة أقنع فدرار بتغيير حجم مضربه و هذا ما لعب دورا هاما في كسبه في النهاية لليد العليا على منافسه الهام لوقت طويل ، رفائيل نادال . و إثر العودة إلى الملاعب عقب جرح و عمليّة جراحيّة أجريت على ركبته ، في القسم الأخير من سنة 2016 و متابعته اللعب في منافسات بدايات 2017 ، و بمساعدة تنميته حجم مضربه ، عمل فدرار بإنتظام على تحسين ضربة يده الخلفيّة ما شكّل مفتاحا في تجاوزه تكتيكات نادال ضدّه و في إرغامه على إتّخاذ موقع دفاعي و خارج المكان الذى يجعله عرضة لخسارة الضربات التي يسدّدها نادال .( بالنسبة للمهتمّين ببعض المظاهر التقنيّة المتصلة أكثر بكيف تمكّن فدرار من إحباط تكتيكات نادال و تحقيق كسب حاسم لليد العليا في المباريات مع نادال – أو كما وضع ذلك فدرار نفسه ، " تفكيك شفرة نادال " – في هامش أدناه يجدون نقاشا للتفاصيل المعنيّة.*).
و إسترسل فدرار في لعب كرة المضرب التنافسيّة على مستوى درجة عالميّة طامحا بعدُ إلى أن يكون في أعلى قمّة كرة المضرب للرجال، إلى أواخر ثلاثينات سنّه ( وهذا شيء خارق للعادة بما أنّه في هذا الإطار يعدّ ذلك العمر نهائيّا " متقدّما" بمعنى " شيخا " ). و من البارز أن فدرار إستطاع أن يحافظ على روح تنافسيّة عالية و في الوقت نفسه على " برودة دم " غير معهودة ، ليس زمن كان " رقم واحد " بلا نقاش في كرة المضرب للرجال ( و غالبا ما يحال عليه حينها على أنّه أعظم كلّ الأزمان ) لكن أيضا لسنوات بعد ذلك . أن يكون المرء " متعطّشا " و " مركّزا " حين يكون شابا و " صاعدا " ،مجتهدا لبلوغ صفوف أعلى القمم أمر – أو في وضع دجوكوفيتش الذى لم يبلغ بعدُ تلك القمم إلاّ أنّه صرّح علنا بنيّته التحوّل إلى أكبر المتحصّلين على ألقاب الأعظم و إفترض لنفسه شرف الحصول على لقب أعظم لاعب كرة المضرب في كلّ الأزمان – لكنّه أمر آخر تماما أن نواصل الإجتهاد من أجل العظمة في أعلى المراتب بعد مدّة طويلة من بلوغ على ما يبدو كلّ ما يمكن بلوغه كما هو الحال مع فدرار لبعض الوقت الآن .
لكن حتّى وهو يخطّط ، عقب جراح آخرو عمليّة أخرى في مستوى الركبة ، للعودة مجدّدا إلى الملاعب في صائفة هذه السنة ( 2020) ليخوض منافسات ونبلدن ، أكبر البطولات شهرة و هالة – البطولة التي حصد خلالها فدرار أكبر النجاحات محقّقا الفوز في ثماني مناسبات – بالقيود التي يفرضها فيروس كرونا و منها منع دورة ونبلدن لهذه السنة ، من غير الواضح متى سيعود فدرار إلى لعبة كرة المضرب ( و من المهمّ أن نشير إلى نّ دورة فرنسا المفتوحة التي تنتظم عادة في أواخر اربيع وقع تأجيلها إلى نهاية السنة ، و إلى حدّ الآن لم يقع إعلان إلغائها – أنظروا أدناه ، في الملحق ، من أجل نقاش مسألة من هو أعظم لاعب لكلّ الأزمان ) و على أيّ حال ، قبل مرور وقت طويل ، سيقبض تقدّم السنّ على فدرار و سيضطرّه إلى الانسحاب من المشاركة في منافسات مستوى الدرجة العالميّة . و عندما يحصل ذلك ، من المرجّح أنّ دوجوكوفيتش و / أو نادال ( سنّهما يقلّ بخمس سنوات عن سنّ فدرار ) سيواصلان اللعب لبضعة سنوات أخرى ؛ و إذا لم يفعلا ذلك بعدُ، من الممكن أن يتجاوز أحدهما أو كلاهما سجلّ الألقاب التي حقّقها فدرار في المنافسات الكبرى و سجلّه الآن يعدّ 20 فوزا ( و مرّة أخرى ، المزيد عن هذا و كيف يرتبط بمسألة أعظم كلّ الأزمان ، في الملحق ).
لكن حقّا مهما كانت عظمة دجوكوفيتش و نادال و مهما كان عدد الألقاب الخاصة التي يحرزونها في المناسبات الكبرى ، حينما سيغادران لعبة كرة المضرب سيوجد آخرون من الشبّان المتعطّشين اذين سيعرفون أو يقتربون من مستوى اللعب الذى ميّز أفضل ما لدى دجوكوفيتش و نادال . و مع ذلك ، مع فدرار ليست المسألة مسألة كمّية و ليست مسألة شيء يمكن إدراكه ببساطة إنطلاقا من الإحصائيّات – عدد الألقاب التي فاز بها في مناسبات دورات أو بطولات كبرى و المدّة الزمنيّة التي أمضاها اللاعب وهو في أعلى القمّة و ما إلى ذلك .و إنّما بالأحرى هي مسألة نوعيّة : الجانب الفنّيّ و الإبداعي لدى فدرار الذى لا يوجد ما يضاهيه في لعبة كرة المضرب في أي عهد من العهود بما في ذلك العهد الراهن . و مهما كان ظاهرا أنّ المؤسّسات التي تتحكّم في الرياضة – و شبكات التلفزة و المؤسّسات الماليّة الأخرى التي تستفيد منها – تشعر بالحاجة اماسة إلى أشياء تسوذقها بمعنى " المنافسات " و هذا الحال نهائيّا ينسحب على كرة المضرب ، لا وجود حقّا ل " منازع " لفدرار ، لا أحد يملك مثله مقاربة للعبة و مردود على ساحة الملعب يقارن بمقاربته و بمردوده أو يعبّر عن ذات الخلاصة في الجانب الفنّي و جانب الإنجازات . حينما يغادر فدرار ، ستمرّ مدّة طويلة قبل أن يأتي ، إن أتى أبدا ، من سيعطى كرة المضرب الجمال و أجل الدهشة و الذهول الذين جسّدهما و ألهمهما فدرار .
و بالعودة إلى موضوع هذا المقال ، كما جرى التعبير عنه في العنوان ، في المستقبل الذى تستهدفه الثورة المعتمدة على الشيوعيّة الجديدة ، لن تنهض كرة المضرب بذات الدور الذى تنهض به في العالم الآن ، إذ تهيمن عليها ديناميكيّات و إملاءات النظام الرأسمالي- الإمبريالي و بالتالى هي مقيّدة أكثر من اللازم و مرتبطة ب ( أو تجد الدعم من قبل ) مستوى معيّن من التمويل و الموارد . لكن ، مثلما وقع الحديث عن ذلك في " دستور الجمهوريّة الإشتراكية الجديدة في شمال أمريكا " - و فيه نظرة شاملة و مخطّط ملموس لإقامة مجتمع و عالم مختلفين راديكاليّا و أفضل بكثير – سيتواصل وجود الحاجة إلى و ستتواصل أهمّية الرياضة مع التأكيد على النشاطات الرياضيّة القاعديّة التي تشارك فيها الجماهير الشعبيّة قصد العناية بالصحّة و الترفيه عن النفس و أيضا ستتوفّر رياضات لوقت كامل ( رياضيات محترفين ) تقام ضمن الإطار العام لعلاقات و قيم هذا المجتمع الجديد راديكاليا ، و ستخدم تشجيع الصداقة و العلاقات الرفاقيّة و التعبير عن المتعة و الجمال و الدهشة الذين يمكن أن تلهمهم الرياضات فى أفضل أحوالها . (3)
من هذا الأفق ، و نحن ننظر إلى الأمام و نتطلّع إلى المستقبل و نعمل بنشاط و همّة في سبيل إنجاز هذه الثورة و كلّ ما ستجعله في نهاية المطاف ممكنا ، إذا لم ننو تقليص رؤيتنا و الهدف الذى يجب على هذه الثورة أن تطمح له و نوع المجتمع و العالم الذين يجب أن تنشئهما ، لن نستطيع الإخفاق في تقدير الجمال و الدهشة في العالم الطبيعي و في إبداعات ابشر ،حتّى ألان في معمعان الظروف الفظيعة التي يفرضها النظام الرأسمالي- الإمبريالي المتحكّم حاليّا في جماهير الإنسانيّة . و من وجهة النظر هذه ، لكرة مضرب فدرار صلة هامة بالثورة التي نحتاج إليها ، و هذه الثورة ستنشأ حتّى جمالا و تطلق العنان للتعبير عن الحاجة إلى الدهشة بطرق تتجاوز ما يمكن أن نتصوّره اليوم.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------
* ملاحظة حول كسب فدرار السيطرة الحيويّة على نادال :...
- ملحق: أعظم كلّ الأزمنة : ...
** ملاحظة حول خسارة فدرار القريبة في النتيجة أمام دجوكو فيتش في نهائيّات ونبلد سنة 2019 : ...


هوامش المقال :
1. See "Materialism and Romanticism: Can We Do Without Myth?" This is an excerpt from Getting Over the Two Great Humps: Further Thoughts on Conquering the World, which is available in BA’s Collected Works at revcom.us.
2. Mark Hodgkinson, Fedegraphica, A Graphic Biography of the Genius of Roger Federer, Updated edition, Aurum Press Revised edition, 2018. “Moves Like A Whisper” is the title of the fourth chapter of this book.
3. The Constitution for the New Socialist Republic in North America, authored by Bob Avakian, is also available at revcom.us.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++



#شادي_الشماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحد المحاربين القدماء في الفيتنام : كنّا قتلة أطفال لمصلحة ا ...
- لماذا نحتاج قطعا إلى حزب طليعي للقيام بالثورة
- تحمّل مسؤوليّة خطّ الحزب على أعلى مستوى
- لنجعل اليوم العالمي للتحرّك – 24 نوفمبر لمناهضة - حملة براها ...
- الماركسيّة الحيّة مقابل الماركسيّة المبتذلة – ثورة تحريريّة ...
- - التحكّم الديمقراطي للعمّال - وهمٌ ضارٌ : من غير الممكن تحق ...
- لماذا يؤمن الناس بالهراء الأكثر سخافة و شناعة ؟ التشويهات ال ...
- أمّة الإسلام ليست قوّة من أجل التحرير بل قوّة ضده – نحتاج ثو ...
- ماذا وراء واجهة -الإختراق - في إتّفاقيّات قمّة المناخ 26 – ا ...
- لماذا العالم مضطرب جدّا و ما الذى يمكن فعله لتغييره تغييرا ر ...
- حركة الشمس البازغة و سياسات الضغط على النظام لإنقاذ البيئة ذ ...
- مجون كلاسغو ... كيف يجرؤون على زعم - قيادة البيئة -
- ندوة غلاسغو للمناخ في الحسبان – الحكومات و الناس و الكوكب .. ...
- إلغاء العبوديّة – الحقيقيّ و الخياليّ
- تشجيع الناس على عدم التطعيم بالتلاحيق يبقى على جائحة الكوفيد ...
- لا حقّ لقتل البشر باسم الدين – - الإستثناءات الدينيّة - ليست ...
- نضال و نداء و تعبئة في مدينة المكسيك ضد تغيّر المناخ العالمي
- حول وفاة أبيماييل غوزمان ، - الرئيس غنزالو - [ رئيس الحزب ال ...
- اليعاقبة ( Jacobins ) الأمس ، اليعاقبة اليوم : ملخّص مقتضب
- الشوفينيّة – الإمبرياليّة ليعاقبة - jacobins - اليوم


المزيد.....




- إعادة افتتاح متحف كانط في الذكرى الـ300 لميلاد الفيلسوف في ك ...
- محكمة بجاية (الجزائر): النيابة العامة تطالب بخمسة عشر شهرا ح ...
- تركيا تعلن تحييد 19 عنصرا من حزب العمال الكردستاني ووحدات حم ...
- طقوس العالم بالاحتفال بيوم الأرض.. رقص وحملات شعبية وعروض أز ...
- اعتقال عشرات المتظاهرين المؤيدين لفلسطين في عدة جامعات أمريك ...
- كلمة الأمين العام الرفيق جمال براجع في المهرجان التضامني مع ...
- ال FNE في سياق استمرار توقيف عدد من نساء ورجال التعليم من طر ...
- في يوم الأرض.. بايدن يعلن استثمار 7 مليارات دولار في الطاقة ...
- تنظيم وتوحيد نضال العمال الطبقي هو المهمة العاجلة
- -الكوكب مقابل البلاستيك-.. العالم يحتفل بـ-يوم الأرض-


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - شادي الشماوي - الثورة و كرة مضرب [ تنّس ] روجر فدرار : ما العلاقة بينهما ؟ عمليّا علاقة كبيرة