أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جعفر كمال - البراعة الصوفية في المعيون اللغوي العربي / عند الشاعرة أمينة المريني















المزيد.....



البراعة الصوفية في المعيون اللغوي العربي / عند الشاعرة أمينة المريني


جعفر كمال
شاعر وقاص وناقد

(تôôèô‏ ؤôéôم)


الحوار المتمدن-العدد: 7172 - 2022 / 2 / 24 - 16:58
المحور: الادب والفن
    


ابتداء:
اتجه البعض من الشعراء والشاعرات في المنطقة العربية إلى الخلوة فيما تتصوره الأذهان من إرثها الإيماني بوصفه إيراد التوشيع على أنه ايعاز تتجلى فيه عفوية الذات الرضواني، بالقدر الذي يحاكي حكمة العرفان، ويقرب إنزال المعاني بالمألوف منها، أو مفارقة خوف الإنسان من اللامادي، على شكل اضطراب في كيانه من خلال ضبابية إقصائية، تهشم الرؤيا، فيلجأ الشاعر / الشاعرة إلى تنسيق الشاعرية المتخيلة بنحو الاتجاه إلى اللغة الدالة على الإخصاب الإيماني التوليدي، وهو أن يحصل الفعل بتوسط الشعور أن يلازمه الإدراك الصوفي بالتوجه نحو توليد لغة تناجي الائتمار بالنهج الرحماني، فنجد اللغة الشعرية تنحاز إلى الولاء في تحقيق المثالية الناعمة، بتوقيع يوافق تثوير التورية من مغزاها، بتوجيه يكلف الذات أن تعمل على تحريض المتخيل النوعي بالتزود الايحائي من وازع إرهاصات الاستسقاء الشعري، ومن خلال هذا المنظور الذي أتصفَت به قلة من الشاعرات اللاتي أخذن في تعيين النمط الفني بتوجهات الوضوح في الرؤيا الخيالية المُعَرَفَة بالموهبة عندما تتفاعل وتجانس الذات الشاعرة أن يرهص متخيلها بإعانة تصوراتها، بدال إحياء البُنيَّة الباطنية في جناسها العمودي، وفي قصيدة التفعيلة الكلاسيكية، منذ نشأتها على يد السياب وليومنا الحاضر، تلك القصيدة التي حصنت الشخصية الشعرية العربية بتَيَّمم البلاغة على جهة الإبداع النوعي.
وعلى ضوء هذا التبني في عصرنة قصيدة التفعيلة الرومانسية، اتجهت بعض الشاعرات يرصدن سمات جديدة نحو تبني التصور بين التضمين المزدوج في تضايف قرائن النثر، والنظم محدود العرفان المنصبة أسجاعه بالقوافي التي هي ذات أثر شعري يتناسب مع قصيدة التفعيلة الإيقاعية في بنيتها ولغتها. بعد التوجه نحو الإنابة عن التوأم بالجنس الشعري الثالث "قصيدة النثر"، التي قال عنها الناقد الثقافي المميز أستاذ يوسف سامي اليوسف بأن: "الشعر تنثر" وبواسطة هذا التوليف النظمي المضطرم الجديد حصلنا على أسلوبية هشة عند الأغلبية، وربما أمكن القول أن من بين مائة شاعر عربي بينهم شاعر واحد، وهذا ينطبق على الشعر النسوي في انحدار أكثر، وبالتالي فإنَّ العلاقة العميقة بين الشاعر وتجانس الشعر "العمودي والتفعيلة" أصبح يلازمها التوتر والنسيان، وفي زعمي أن هذين الجنسين الشعريين تعاشرا بالمحسنات البديعية فهما التاريخ الحقيقي للشاعرية العربية، وههنا تقتضي العدالة أن في شاعرية قصيدة النثر خصص النقد العربي الحديث الكثير من الاهتمام بهذا الجناس حتى أخذ سياق التداول العام أن يكون واقعاً.
ومن خلال سياق نجاح قصيدة النثر جاء البيان الستيني من مجموعة شعراء من أهل العراق ومنهم الشاعر والناقد طراد الكبيسي، والشاعر سامي مهدي، والشاعر فوزي كريم وآخرين، تنادوا لوضع تعريف دقيق ودعم لقصيدة النثر بأسلوبية مُحدثة ومحكمة وذات تأثير واضح على الكثير من الشعراء / الشاعرات العرب الذين كانوا يبحثون عن مصداقية تسوَّغ لهم قبول تلك القصيدة فراحوا يستقصونها. ويكثرون منها ويزجون في بنيتها النظريات والأفكار والتعاليم المُشَبَّهَة بأحوال يستعصي فَهمُها، فالنصوص الناجحة أقلها، وأمَّا الرث منها فهو أكثرها، حتى أصبحَ الجذب في هذا الجناس ينتشر باتجاه هذه الأسلوبية الفنية الجديدة بين صفوف الحركة الأدبية العربية عامة، وأكثرها عند أدباء العراق على اختلاف مصارعها واستطرادها، ومن بين هؤلاء برزت شاعرات تحاكي الإيمان بالبقاء على وزن قصيدة التفعيلة ومنهن شاعرات من العراق ناهضة ستار، وعاتكة الخزرجي، وآمال الزهاوي، ومن المغرب الشاعرة أمينة المريني التي نحن بصدد تناولها في كتابنا "التباين في الشعر النسوي العربي المعاصر" وقد يكون التحليل دقيقاً إذا توصلنا إلى أن تلك الشاعرات تأثرن من قريب أو من بعيد بالشاعرة العراقية البصرية رابعة العدوية من بطون التاريخ، وخاصة في صوفتها، حينها كانت تلك القطعيات الايمانية شكلت بداية جديدة، بتأثير مجموعة من شعراء العصر العباسي حيث كانوا هم الأفضل، حتى بعد أن أصبحت القصيدة الصوفية المعاصرة تتمم تجسيد صفوة العرفان بالمبدأ الذي يحكم دلالة المعاني النفسانية في متون القصيدة الحيوية، ومن معيون هذه الصفة نؤكد أن شعر النبوءة، أو شعر المرثيات، أو شعر الحكمة، هو بمصاف جمانة البلاغة الصوفية، وهذا يوقد تميز الشاعرية عند الشاعر أو الشاعرة ووضعهما أمام بنية نوعية تماثل وتتفق مع الحداثة في موصوفها وتجسيدها أمام المتلقي مهما أختلف في وعييه أو مستوى ثقافته وخاصة الأدبية.
فسرت الشاعرة نازك الملائكة الاختلاف في النص الذي تكتبه أنه يقوم على وجهين: "الوجه الأول منهما أن يقترن به ما يقربه إلى الإحكام بين القصيدة العاطفية، وبين القصيدة المجتمعية على اختلافها،1" وكلا القصيدتين يتفق فعلهما عند المتلقي بسياق موسوعة اطلاعه، لأن تلك القصيدة تكون مقرونة باسمها، فهي تارة تصور السعادة التامة بما تراه يكمل معاني القصيدة، وفي أحايين أخرى تصور المجتمع على أنه مقيد بالعادات والتقاليد القاهرة، التي لم يبق لها تأثير تطوري في حياة الإنسان العلمية من وحي منظور الزمن التكنولوجي، فالناظر إلى شاعرية نازك الملائكة يجدها مؤثرة وواضحة عند الكثير من الشاعرات العربيات ومنهن الشاعرة المريني، ولكن يبقى هذ التناص غير واضح في نظم تلك الشاعرات، وللأهمية بمكان وجدنا أن اختيارنا للشاعرات العربيات أخذ صداه يؤثر على ثقافة القراء، فقد وجدتُ الترحيب الواسع بمشروعي الجديد على المستوى العالمي، الذي قررت أن أجعله يتبوأ الأفضل بأسلوبيته الناجعة مقابل الكثير من النقدات العربية الناجحة.
لو تمعنا النظر في الشعر النسوي العربي لوجدنا ثمة فارقاً واسعاً بين شاعرات الجيل الخمسيني الذي ولدت فيه الانتقالية من الشعر العمودي إلى شعر التفعيلة، حين برزت حركة شعرية ذات شأن أصبحت مؤثرةً على المتلقي الذي اعتاد أن يقرأ الشعر الكلاسيكي عند الرصافي والزهاوي والجواهري، ومصطفى جمال الدين وآخرين على نفس المستوى، ومن ثم الانتقال إلى زمنية السياب ونازك، وبلند الحيدري، وصلاح عبدالصبور، الذين عملوا بكل جهد من خلال موهبة سيقت في تحديث الأسلوبية البلاغية من حيث متون اللغة إلى مباراة في مظاهر الأدب الرمزي، بتأثير مفهوم التنوع بين قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر، التي تقارب فيها لغة الكشف البعيد في الترابط المنطقي في وحدة القصيدة خاصة في شعر الحداثة، وبوازع هذا الخصوص يدلنا الشاعر والناقد طراد الكبيسي إلى أن:
"كان يكفي هذا الجيل من الناحية الذاتية شعوره بأنه جيل آخر، ووعيه بأسباب هذا الشعور، وتعبيره عن هذا الوعي، لكي يكون جيلاً جديداً مختلفاً فعلاً، ويبدأ حركة جديدة، ثم أن هذا الجيل هو الذي رافق ظهور حركة الشعر الحر "شعر التفعيلة 2." هذا بعد أن أتسع مفهوم قصيدة الشعر الحر، وفي المقابل اتجه الأغلبية من الشعراء تبني قصيدة النثر، لسهولة بنيتها، فكان الاستتباع عند هؤلاء سهل التسفيط، وبذا لا ينطبق عليهم أسم الشاعر / الشاعرة، حتى أصبحت دور النشر التجارية في لبنان وسوريا والأردن تلبي هذا النوع النصي الهابط البائس الهزيل الذي يثير السخرية والاشمئزاز عند البعض وهم الأغلبية، ومن خلال منظور هذا الباب قل نصيب الشاعرية الأكثر جدية وخصوصية في اللغة والسياق النوعي، إلى جانب هذا نجد ممن يُسَموَّن أنفسهم بالشعراء، أخذوا يتصورون الشعر على أنه شهرة في مواجهة ما يحيط بهم، وخاصة في مفهوم الشعر النسوي العربي.
أصبح لدينا العيان ينسحب على تاريخ بعض الاتجاهات النسوية بالمقدار الواضح في شاعريتهن بوازع متخيل يسمو وقوعه الصحيح على التلقي حيث البلاغة في الصورة الشعرية المحكمة بالفصاحة والمعنى، وهو ما يحرره العقل في حساسية البنية الصوتية الواضح تميزها على مستوى الحركة الأدبية العربية وخاصة في العراق والمغرب، 1- الملائكة، نازك: ديوان نازك الملائكة، المجلد الثاني، دار العودة، بيروت، الطبعة الأولى 1986، ص27.
ومن شاعرات المغرب كان لنا نصيب ناجح مع الشاعرة الفيحاء مالكة العاصمي في الجزء الأول من كتابنا النقدي، أما في خصوص ما اخترناه في الجزء الثاني الشاعرة المجددة في القصيدة الصوفية أمينة المريني، وقد بذلتُ جهداً فيما أتفق عليه النقاد والصحافة الورقية واللقاءات في أفضل الأندية الأدبية والاعلام المرئي، بعد أن حصلت تلك الشاعرة على ما لها وما عليها من الإتحاف والإلطاف في تجديد النص الشعري العربي المعاصر، من حيث ما يُسر الأدب الفني عندها، كما لو أن قصيدتها يخفق فيها النسيم بين الحقول على زيادتين:
1-الزيادة الأولى: إلحاق القصيدة الصوفية بتاريخها العباسي بالإحسان في إيقاعها الذاتي الذي هو سمة من سماتها.
1- الزيادة الثانية: حصر التجديد في الأسلوبية المقبولة الحاصلة على التفسير المنظور في رشاقة النص بمصراع الألفاظ المركب سياقها في وحدة البناء ، وتمام وضوح الصورة الصوتية فيها، لما يكسبها ملقحة تكمل توازنها ببعضها البعض، ومن شاعرية المريني نستدل في دراستنا هذه على مجموعتها الشعرية: "المُكَابَدات" حتى نضع قصيدتها تجري بين أعيننا في ميزان التحليل النقدي بأرفع موضع، ولأني أجد أن المريني أخذت فرصة الحصول على الجلوس في وحدة كتابي، من خلال رؤيتها وتجليها في الصورة النوعية، وفي البدء نأخذ قصيدة المكابدات التي تحمل عنوان مجموعتها الشعرية:
2- الكبيسي، طراد: مجلة الآداب اللبنانية، العدد الحادي عشر والثاني عشر، بيروت، 1994، ص39.
قصيدة المكابدات:
يُبللكَ الجمرُ
ما أرعك
تُرى هل تَرى
في عُباب اللظى
مرتعكْ
***
تَنافر فيك اتحاد الضحى والدجى
على أيها في السُّرى
تشتهي مصرعك
وأنتَ على قيد هذا الهوى
خانعُ تُعانق في رقصة الموت
من شَيَّعكْ
***
بأي الخطاف السَّنا أوجعك
وأيِّ انسكاب الشَّذا متَّعكْ
وكيف بحوره تزهو حُبوراً
وتسكب من وهْجها مَدْمَعكْ
***
تحبُ حبيبكَ في صَفوهِ
شفيف الكؤوس إذا اترعك
وتعبدهُ في احتراق الدوالي
إذا أظمأ القلبُ أو جَرَّعك
***
ترى في حبيبك ما لا ترى
على وصفه ساطعاً رصعك
فقلَّب عُيونك في ذاته
ومزق بشوق الرؤى برقعك
***
يُهيئك الوجد
ليل الشهود
لعل الحبيب اشتهى أدمعك
فألق اشتياقكَ
خلف المعاني
وداو يماء الرضى موجعك
***
حَبيبك في نوره غائبٌ
فأدرك مقامهُ
إنْ أطلعك
ولا تكشف السر
بعد المثول
فيحرقَ فضح الهوى أضلعك
***
حبيبك في ستره شاهد
سَريٌ الظهور
بما استودعك
***
نلاحظ فصاحة العنوان "مكابدات" بما يظهره لنا من ملامح توضح تأملات الشاعرة وهي تخاطب بلاغة اللغة قبل أن تكابد الحبيب وإن اختلف في المعنى، وبين سطور تلك اللغة تتوضح مرتبة فنية دقيقة الوزن والحبكة، وكأنها تشق الطريق الوعر للوصول إلى طوالع حيث قواعد النظر الخاص لما وضع له من تفرد في نظمها، الذي يستلهم صواب الصورة الجِسْمِيَّة المحكمة بخصائص النظام الصوتي في الشعر النسوي المغربي المختلف بلغته المبنية في خبرها الملزم على ما يرد على تشذيب التباين الطَيَّعْ من محيّا اتجاهها الصوفي الباعث على تنظيم الخواطر، خاصة في توزيع المهوى الرومانسي الهادئ الذي يفضي إلى الترقي المستقر في المقبول من وازع خصوصيتها بالجديد، بصفته قيمة رئيسية للحداثة، وفي هذا المعيون يدلنا كامبانيون إلى أن: "الكتاب الذين يتناولون الحداثة بدراية وكفاءة تصعب قراءتهم، والحالة هذه بتأثير رسم خارطة الحداثة 3". تلك القراءة نجدها مصانة لغتها بميول القارئ المثقف الذي يمتاز بالتفوق اللغوي في لغات مسندة بدليل علمها، الذي يفاضل حقيقتها ونجواها وشدوها متجسد في موهبة تجلي المعاني التي تقوم بالنفس على وجه يفضي إلى طباق يسترسل ويتواصل في تأثير سلالة تنوع المفاهيم بمعنى ميزة وسمة التجديد.
وفي هذا مدار التجنيس تبقى لغتنا العربية في معيون المطلع المجلى يستحسن ظواهر قوانين النحو والبيان، ومدلول الحبكة المقررة في فيض الجمل المركبة، وكأني أجد قصيدة "مكابدات" قد استلهمت الإحكام من لغة البلغاء الأولين كالجاحظ، وابن دريد، وابن مضاء، وقدامة بن جعفر، وابن رشد، فأصابت المريني لغتها مراء يتسم بالمهارة في فصيحها وقوة أسرِها، حتى أصبحت تنافس بلاغة الشعر عند ولادة بنت المستكفي، أو الخنساء.
تنصرف الشاعرة إلى المغزى الذي تحدده الاستعارة التبعية في تصريف السبك الناعم ومناحيه على سبيل التشبيه، من حيث نجد طبقات قصائدها تعتنى بالمشتق اختياره المتفرد بالألفاظ المركبة، التي يتسامى بها المعنى في قولها: "يبللك الجمر / ما أروعك / تُرَى هل تَرَى في عُباب اللَّظى مرتعك؟" وفي لغة أخرى تميل عليه وتشتد عندما تكثر من النصائح الأيديولوجية لذلك الحبيب في سياق وضعه في قولها: " تنافر فيك اتحاد الضحى والدجى / على أيها في السُّرى تشتهي مصرعك"، ومن خلال هذه الموازنة نجد فيها لغة القاموس تحتل حيزا واسعا من التجويد في سياق شاعريتها، إلا أنها تعود إلى السهولة في تقريب الألفاظ بين سداد المعاني التي تشير وكأنه مكشوف للعدو وعليه أن يسد الثغر، بينها وبينه في قولها الشفاف: "وأيِّ انسكاب الشذى متعك؟"، تعود وتقرب في سؤالها تذكره أنها انسكاب الشذى، وفي اللزوم تنصحه بالتأني الحاصل في الصورة المركبة، حيث نجدها تضع أمامه التعليمات التي يفترض أن يسلكها في نصيحة تستدرجه إل مقبول حاجته منها في رأيها: "ترى في حبيبك ما لا ترى / على وصفه ساطعاً رصَّعك"، وفي طبيعة الحال القاسية تمثلت في مكابدات تجاوز المديات الحبية، كما هو الحال في معنى العنوان الرمزي، فهي لا تحسم العقل، ولا
3- كامبانيون، انطوان: مقاربات الحداثة الخمس، دار الموقف للنشر والتوزيع، سوريا، اللاذقية، الطبعة الأولى 1993، ص12.
تحسم الصبر، كما قال أبو تمام:
"الصبر كأس وبطنُ الكفِّ عاريةٌ _ والعقلُ عارٍ إذا لم يُكْسَ بالنشب" 4
وبين هاتين الحالتين المتواترة في سبك المشاعرية تستمر الشاعرة مرة بعد مرة تنصح، وفي الوقت ذاته تهدد في قولها: " ولا تكشف السر بعد المثول / فيحرق فضح الهوى أضلعك"، في هذا التخصيص نأخذ رأي الشاعرة بالقياس لأنها أثقلت عليه فقطعت دونه نظرة الشفق التي كانت تراوده على نفسها وتواصله إعجاباً بجسدها قولها: "وأي انسكاب الشذى متعك؟"، وهنا ينبغي علينا أن نتلمس استخراج الحد في صورة التناقض الحاد بين المقاطع التي تعددت في معانيها، وبين ما هو ممكن أن يكون للحد والماهية قياساً يصطحب تحديد القول الدال على ماهية الأمر، حتى يكون محصلاً نحوياً يجذب التلقي، بينما نجد في الحد بين نصائحها أن الأسلوب بنيت أفكاره على قاموس التيمة، واهملت التركيز على المعني في وحدة المشاعر، لأنه على الشاعرة أن تنظر إلى المتقابلات قبل أن تحاكي المتضادات، على قياس المتن بسياقاته الخاصة بما تحكمه الدلالة التي تراعي الإحكام المبان في دقة المجرى في فوائده، لكي لا يكون بعيداً عن الاعتراض الذي يقدمه الناقد المحايد، كما هو الحال المتقدم في الجانب الفلسفي عندما يتم تقابل الوصف للمقابل بالموصوف من حيث تجانس المعاني، ومع هذا الطراد وجدنا من حيث المبدأ أن الظرف اللغوي يستحسن أن يكون مستقراً بصفة أعيان الاستتباع في الضمير الراجح، فلو كان حكم القناعة متقناً بين اللغة المعقدة والعلاقة على اختلافها، لوجب جعل المستقريَّن كلٍ منهما يعبر عن مخرج ذاتي يتمثل بإيراد الماهية في ابانة المقصود في وضوحه، فلو بينا طبيعة الاستطراد في هكذا خطاب نجده يتلاءم ويتسق في معادلات تقر اشتقاقها المتصادم بقولها:
حبيبكَ في سرهِ شاهد
سَريُّ الظهور
بما استودعك
تحسس سبيلك في ناره
تجد نوره قد سقى أرْبُعَكْ
4-الآمدي، الحسن بن بشر: كتاب الموازنة بين شعر أبي تمام، والبحتري، "شعر ابو تمام" دار المعارف، مصر، القاهرة، 1982، ص251.
منذ أن بدأت الشاعرة تنصح الحبيب وبدون تهديد يقسو، تبين لنا أنها تأخذ الواقع المتشدد في اجتماعياته بنظر الاعتبار على أن الحب ممنوع بيانه بين الناس في جوار محيطها، فالعلاقات الغرامية كما يراها المجتمع في حدودها وظلها وجب اخفائها، ومع هذا فالعوامل الحبية تحدد كنهها، ولذلك نجد الشاعرة تتمعن في ارشاده بواسطة ودعها أن يدع السر بينهما، بقولها أن الغرام استودعه، وكأنها تطاوعه على الرؤيا الجاذبة للحل، حيث نجد المريني تثقف العلاقة الحبية في المجتمعات العربية وإنْ تمثلت بظاهر الممكنات بفرديتها المقنعة، فذاك كونه فضيلة للنفس، ولا تفضح فتلك رذيلة للنفس، وأجعل الأمر تستودعه السرية وهذا حق، بدلا من أن يحاكمنا الجور، وفي هذا يدلنا الأستاذ حسن المصري في دراسته المحكمة: "بسبب التطور العلمي الذي وصلت إليه الإنسانية أصبحت الظروف الاجتماعية لكل مجتمع هي التي تحدد أبعاد وحجم المعرفة المتاحة لأفراده،"6 وللتخلص من بيان العاقبة على المحب أن يتحسس سبيله نحو نوره، فإن ظاهر الوجود لا يُحْتَمَلْ الظرف غير المستقر في المجتمعات المعقدة، فمن الحكمة في نظائر العدالة أن تتبع الأجناس للأجناس والحدود بينهما المثالية في التصرف، لأن المحلل الفطن ما إذا نظر في تحقيق العدل، وحرية الفرد أينما وجدت، يكون كفيلاً في إحياء تطورات العلوم، وذلك إن كان الحليم يحتمي بعلمه يكون في الوقت ذاته فاعلاً إيجابيا
في إجمال الخصب العلمي النافع للبشرية، لأن كل واحد منا له خصوصياته الحبية أن تمثل غاياته في حالة تخصه بالتشابه بينه وبين من يحب، في حال أن تكون النفس مستقرة في إبداعاتها البينة في العلوم التي تنويها الشاعرة، فإن التحديد الشخصي المؤله في حريته يكون مثالاً أمام جهات تعددت في خلقها المعرفي، ومن خلال رؤية هذا التحديد لم أجد في شاعرية المريني خطب يقلل من مكانتها الأدبية بين الشاعرات العربيات، بقدر ما سعيتُ إلى أن أجد في الصرف ما يحدد فرديتها الجارية على سعيها المتسامي في وحدتها الشعرية بالبلاغة المعتمدة في عموم سياقها المُحدث في تجديد التَّأمُّ التنويري كما هو الحال في هذا:
حبيبكَ في كفه روضةُ
فمُدَّ إلى نخلها أذرعكْ
وهُزّ شهيَّ الجَنَى وامقاً
ولا تسأل الحلو من معك
5- المصري، حسن: مجلة الناقد الشهرية، رئيس تحريرها نجيب الريس، العدد العشرون، 199.، صص54.
مع أنني أجدها وقد تأثرت بالتنويرين الأوروبيين بأسلوبية الوضوح الرشيق في الجانب التجديدي في "الشعر المحض" عند كافكا، وبروست، وجوته، وشيلر، ورامبو، وبرنار دوشارتر، وإزرا باوند، وديكارت، وهذا ليس بعيب على الشاعر / الشاعرة التأثر بشعراء آخرين عاشوا في عصور سبقت هذه الشاعرة أو تلك، خاصة في تجديد مسالك تقلبات التجديد الأسلوبي بالاستجابة، مع أن الأدب العربي أخذ مكانة عالمية في نهجه وتاريخه بوصفه انعكاسا مادياً للأفكار التي أخذت سياقاتها العامة تعاصر الأجيال المختلفة، من وارد الثقافة النمطية إلى الكلاسيكية المتنوعة في حريتها الموسوعة، من منظور بنيوية المجتمع المتمدن، وعلى الرغم من ذلك نجد الكثير من الشاعرات العربيات استطعن من خلال مداخل القواعد اللغوية، والحرية الفردية أن يرسين أسس صلبة سارت عليها الكثير من المبدعات العربيات، ففي حوزة كل شاعرة أسلوبية تحصنها النوعية الجادة بأحوال الكلم، من خلال المنظور الكلي في بنية القصيدة، استناد إلى مكانتها في المنطق المثالي المعيون في باطنه وظاهره، وقد تنوع الاسْتِغْرَاق الشعري باختلاف السبك في البنية الفنية بين شاعرة وأخرى، ولكن يبقى الشعر النسوي العراقي هو الأجدى قيمة، وتركيزا على البلاغة في عموم النص، وشمولية الفصاحة في المعاني بالتركيز على وحدة القصيدة، وفي حقيقة الأمر أن ما لفت اهتمامي بالنسبة للشاعرة أمينة المريني الإنعاش المباشر بتصوير الواقع من سيرة تناقضاته وإشكالياته من خلال واقعها العام، بدءا بالسياق التقني حتى ينتهي إلى الجزء الخاص المعبر بوازع الذات الشاعرة، إلى رافد جمالي ما يتعلق بين اللغة وتيَّمها الحبية.
بحورُ الجوَى
قعرها فاتنٌ
فألق المراكب ما أفزعك؟
وسر في عنان الحبيب
إلى المشتهى
فكل المنى...
أن ترى عندهُ موضعك
نجد في الجملة المعترضة عندها معنى يثبت رغبتها الجامحة في ندائها أن يكون بقائه بين يديها في البيان الكلي، الذي تدعو له في هذا المقطع، حيث تنساق البينة الحبيَّة توضح الشوق بتصرف حدود النصيحة وصلة العرض بالنص، لأن في هذه النوايا غير المجردة توضيح من لدن النفس الرحوم في منظور الغرام، لأن قولها الموفي هو شعور صادق في الفصل بدعوتها له أن داخلها فاتن، وهي إشارة إلى أن كل ما فيها سواء أكان الجسد أم الروح هو فصل واحد لسر في عنان الحبيب، وتأويلها يقول خذ ما تشتهي من نعمتها الجسدية التي أقرتها له من مصبات المشتهى، خاصة وأن الشعر الصوفي يتحد اتحاداً معنويا بالإثارة الملازمة للذات، فيما اشتق من أمر يتصل بلزوم معيون رحاب العرفان، بكونه يحتمل الأمر عن طريق ما هو عليه، أي الإشارة إلى الموصوف بالتحديد، فلا غامض في شعرها الدال على ماهية الشيء بوضوحه، لأنها ترشد الحبيب للمشتهى، لأن كل ما فيها فاتن وكل التمني عندها هو ما توده أن يكون في موضعها، لأن الذي يريد أن يثبت كلامه ينبغي له أن يلزم النفس بصحبة كلية في نجوى الرغبة، نقرأ البيريس يقول: "فالحديث الإنساني حب لا يكون مفسراً بشكل مسبق، يحتفظ آنذاك بكل سره، كما تفعل ذلك الرواية، 7". وذلك أن يحمل النية الغرامية على كل ما يحتمل عليه الفعل، فإن كان من شأن الحبيب أن يكون متحداً فيما يرتبط بالشهية التي تجدها الشاعرة " وسر في عنان الحبيب / إلى المشتهى / فكل المنى"، لكي يتسامى روحياً مع ضروريات الحياة، وذا ما يؤشر على فعلية الحد بينهما، وهو ما يعني لهما وحدهما، فإن في كليهما التصحيح الحبي والإثبات للواقع كما لو أنهما في مقالة واحدة. وفي ختام المكابدات تقول في صَواب رغبتها الضامنة أنها تجيز الحب له:
ستسرعُ نحو الرُّبى خاضعاً
أبيت الرجوع فما أسرعك
فناد حبيبك في زهوه
مليح الثنايا
صبوح السَّجايا
الذي أرجعك
وفي وحشة
من فتون الليالي
6-البيريس، ر- م: تاريخ الرواية العربية، ترجمة جورج سالم، منشورات عوديات، بيروت، الطبعة الثانية، 1982، ص142.
تقرب
تحبب
تعرف إليه
لكي يسمعك
تحاول الشاعرة بوازع رؤيتها أن تستوفي أبعاد الموازنة بين ذاتيتها، وبين الخلفية الحبية أن لا تكون ضدَّاً معه بل متقابلاً له، ولكي ننظر في المساق الذي حددته الشاعرة بالمتهيئات تارة ناصحة، وأخرى ملبية، وثالثة تعرض ما فيها من مفاتن ومعرفة، لأنها في أحايين تنوعت حيث نجدها تشتهي وتلبي الرضا، ألا تخفي المؤثرات الحسيّة العاطفية وما يلتحق بها من ثورة جنسانية تتدرج من الحالة الجزئية إلى المباشرة الكلية، ولأن التصريح بالحب المعروف بينهما إلى غير المعروف جعلها بين "النعم.. والا"، وربما هو المدرك الآخر للمشتهى، فالذي تريده منه أن يتواصل خاضعاً لها على طريق الإجمال، وفي آخر الأمر أن يكون معها مقنعاً وهذا ما تريده، لأن المأخذ مشبهٌ بالاستقراء الغرامي بعينه، كما لو أن الشبيه بالمشبه بهِ فاعل، من
تَجَشُّم المطالب بحساب رأيها الذي تعتبره مصيباً، بأثر الجزئيات الخاصة التي تتحد في النظرة العامة، المُصَيَّرة في قرارها أن تتولى حياته الكلية، على اعتبار ما ظهر لها من أمرها في الخاتمة أنها تحررت من العادات الضاغطة على حبها، إلى بلوغ الإنصاف في ايمانها الذي أصبح مختلفاً في قولها: "تقرب، تحبب، تعرف إليه، لكي يسمعك" أن يؤتي هو بالانتفاع في ما تأتي هي بالمسلمات وضمان المحبة التي تذخرها له فيما تصونه العلاقة، ومن أجل ما سعت هي اتجاهه وجب عليه أن يكون واضحا، فإنك إذا وددت ما تشتهي تصبحُ أشد رغبة في ما تحاول أخذه، وقد يكون هذا لازماً في المشيئة بالمحدثات التي تجدها نافعة، لأن المضمر في نفسها هو غير منفصل عن العلن اللازم باعتقادها إثبات الحجة على حبها له.
وفي قصيدة أخرى من المجموعة الشعرية ذاتها نأخذ نص في مواجه الحبيب على أنه الذات، بأشكال وحيوية تتبدل ميزاتها مثنى وثلاث حيث نجد الحب الذي: "هو، هو، هو" أن يكون في أماكن عدة يتحول كشخصية لها أبعاد ذات ايماءات تحرر الغرائز كرحيق في دائرة المشتهى، فتكون الذات محط الجاذبية وهو يملأ الكيان بكل ما تبقى من الرغبة والنشوة عندما تشتد حالتها في حصول المفاجئة، لأن الذات تجد العواطف أسيرة الحلم الأريوسية عندما يمتلئ المحبان بالتبادل المخمور باللذة، والميول المتوحش بين "الذات" و "المكان" لهما مغزاهما حين يشتهيان المكابدة الجنسانية، حتى تمتلأ الكناية بالشبق الحدسي، وإن كان ما فتئت مجرداً من ميولها، ومن خلال هذا الحلم الوافي تأخذنا الشاعرة بوازع طاقتها الفكرية في قصيدة: "ذات" إلى التحولات الفنية في جوهر النص شكلاً وقيمة اعتبارية، تحقق للذات مفهومها الصوفي المجسد في عذرية التجليات الجاذبة، وما تصطحب الميول النفسية من احتساب يحتوي على القدر الكافي من إرضاء رغبات النفس بما تشتهي، وكأننا أما لعبة تُعَللُ معطيات نسميها تطورات الأيروتيك بمفهومه الجدلي، القائل أن الحب يولد من لمسة طرف لطرف وينتهي إلى اللذة في الفضاء المعنوي لحظة قيام العلاقة المقدسة بينهما.
القصيدة:
ذَات..
الذات تدخلُ في حَديقَتها
وتنحتُ ظلها
ضوءاً على جسر الخرافة
باذخاً زبدا على زبدٍ
يُفتق في السراب الأرجواني المُعتق فُلَّهَا
أوْصِدْ مَدائنَ لًوْحِكَ السُّفليِّ
في وجه الوصايا
لا تَدعْ للحُبّ وقتا
كي يُفَجّرُ بالحلاوة نحلها
أو نخلها
قالت
ودارت في المرايا..
واجمات حولها
وجهّاً يُراود أو يراوغُ وجهها
ذاتا تشهت في الشظايا
ألف ذات مثلها
***
وهنا فالعبور العاطفي يتماسك في التعبير الظاهري لانصراف الذات إلى العرض، بتأثير الواقعية الغامضة، وهي تماثل غرابة اللازمة في ربط الحبكات الفنية ببعضها البعض، بينما تشتد في الاشتقاق بما ثبت بنظم الكلام لغة بنقلات تصويرية في سياق توليدي عالي المتن، عندما تكون الشاعرة تسدل فيضها المنثور على ماهية وحدة النحو الثابت بين الألفاظ، والتسريب اللازم في تدفق التصور المكثر من تناصب الفكر المتصل بالمعاصرة، وبين العبور إلى المحاباة الجدلية، حيث يبدو لنا أنه أصبح دليلَ الغريزة التي تنثني تحت أجنحة مفهوم التوافق العاطفي بدليله، عندما تزيد من إقحام الرموز في السياق الشعري، حتى يحقق لها الإيحاء كنسخة من حداثة مسبقة، وهذا اللون من التأويل في ورود صوت الصورة الشعرية، يكون عادةً عند البعضِ يقع في التكرار والمخالفة، حتى يصبح الشعر مكثراً في الوصف والعرض بواسطة المستثنى المتصل بالصورة المفعلة، كذلك يكون من ناحية المنظور اللغوي في ماهية الاستطراد العنيف يصبح السياق مبهما، وكأن القول تمثل بمفهوم شرح المسند المتواتر في قولها: "الذات تدخلُ في حَديقَتها / وتنحت ظلها / ضوءا على جسر الخرافة / باذخا زبدا على زبدٍ" يتصيَّر التضاد العنيف في الصورة الشعرية مولداً للمهوى، حتى يكون خبره حُجَّةً في واقعيته من جهة المادة، بين المجاز الذي لابد منه، وبين اتحاد الصوت بالصورة الحسيّة، وحتى لا يكون الإنجاز على هيئة شرط بحسب الكيفية المعنوية، وجب على الشاعرة أن تحقق الاختلاف إما من حيث الصورة الصوتية، أو من حيث المعنى المتجانس بظاهر السر والعلانية، وهذا لأننا وجدنا منذ البدء أن هوية الشاعرة تحكم أدواتها التي تمثلها كمتصلة، وتضعها في موقعها الحقيقي، وتستمر حريصة على الضروريات النافعة دون أن تلتفت إلى التأثر والمجانسة مع عصور الشعر المختلفة، فيكون التناصف واضحاً بذاتيته في الصرف الفني.
عندما يصبح النص هدفا للشاعر أو الشاعرة وكأنه وسيلة لاستكثار العموميات المخصوصة التي يلتقي فيها المبهم، أو إكثار التعبيرات في وجود أي نص من معيون العواطف والانفعالات الشعرية المفرطة، ومن خلال هذا التوجس وجب تعميق الحالة الشعرية إلى إدخال الأدوات النافعة والمحكمة في البنية الفنية واللغوية في سياق الشاعرية حتى ترضي قراءه ومستمعيه وتاريخه، وخاصة ما يتعين على التمثيل بين سطور النقد الأدبي عند الناقد الثقافي المحايد، وحتى لا تستخدم الشاعرة الوصف كوسيلة للاستمرارية في التأليف وجب على كل شاعرة مراجعة علمها الثقافي في معين السبك الشعري على أنه أفْعَلُ التَّفْضِيْل بواسطة العناصر اللغوية والفنية الناجعة في البنية الداخلية للمعاني التي هي بوابة القصيدة، وهنا نقرأ فيما نحاول أن نبين حقيقة رأينا في قول الشاعرة: "أوصِدْ مَدائنَ لَوْحِكَ السُّفليِّ / في وجه الوصايا" ومن النصائح المكثرة المثبتة بين المواجهة والانذارات والتهديد تقول الشاعرة المريني: "لا تدع للحب وقتا / كي يفجر بالحلاوة نحلها" السيرة التي نقرأها هنا عند المريني وكأننا نقرأ نصائح الآمدي، أنها ترمي إلى أن الاستمرار في الكتابة الشعرية أشبه بالاقتضاء، وقولها قد لا يعني الشعر إذا كان مربط الكلام بقصد التسلية المباشرة غير المتسمة بالوهج الملموس في صوت الصورة الشعرية المتخيلة التي تحكمها المشاعر والأحاسيس بالبنية التي يشاع نظمها بوحدة النص والمعاني.
الذاتُ تعبرُ في الجهاتِ السّتّ
ذاتاً غيرها
وتقاطعت
وتوحدت فيها
ترمم في سَنا وهم التَّفرّدِ
ضدّها
لا وقت للموت الذي قد يشتهي
رقص الفراشة وحدها
لا وقت للدمع المُضَرّج بالحرائق
بعدها
كل الفصول تبعثرت
ورقاً يؤرخ للغواية عندها
كل الحمائم هادنت
في ثورة السفر المشاغب نهدها
هي من تهاجر صبوة الصفصاف
في دمها لترسم في التموج قدّها
كل المحطات التي حدبت على ألق الزنابق
عانقت عند التوهج خدها
والاَّغبُونَ على اليقين تذوقوا
في أكؤُس الغيب المضمخ بردها
أو وقدها
***
تعود المناجاة ثانية في جنون الشوق المطلق المثير للمكاشفة، والزمن بينهما هو الكفيل بيد أن الأجوبة التي تأخذها الشاعرة من اسئلتها، وفي الوقت ذاته تجيب عليها، ربما تتكرر النصائح وتكتم المقولات الضارة، مع إضافة وجه يتأمل العرفان أن يبدو أقل غموضاً، وكأننا أمام مأساة قرأناها عند أرسطو في مواجهة الآلهة الكبرى، ولكن الشاعرة المريني هي القوة المحصنة بالأدلة ومخارج الأحداث المتمثلة بالنسق العائلي، فهي التي تستحضر المكابرة، وفي الوقت ذاته هي من تنير الشمعة وهي من تطفأها، وهكذا تستعبر الحب لأنه جرت عليه حكمة المقتضى، وعلى أساس هذا الموروث الاجتماعي المقر له بالنَّسّبِ، نجد الذات تحمل بدلاً من الجهات الأربعة، أصبحت الجهات عندها "ست" بمقتضى النص المعبر عن الشخصية البديلة، وبالتالي فالذات الواقعية أجازت للحب بديلاً، بالعامل الأهم الذي تقدمه له متى شاء في قولها: "كل الفصول تبعثرت / ورقا يؤرخ للغواية عندها / كل الحمائم هادنت / في ثورة السفر المشاغب نهدها" وبما أنها هكذا تستحسن التغزل في أن تستعرض جسدها لإلزام الحبيب، فبوسعه أن يستحسن النتيجة، لأنها تستحضر الجزء "النهد" باعتباره نشوة الحياة الأولى للشعور، بالميل إلى تمامه في "الجسد النسوي" فهو الحياة بأكملها، والصورة تعتبر جسدها مضرج بالحرائق، وفي الوقت نفسه تعرض مفاتنها على أن الودع يُفَجَّرُ بالحلاوة، وتوصف على أنه جناح النحل ودبس النخيل، ومن أجل هذا استعارت المرايا رمزاً يكثف الانعكاس بأنها امرأة أو نخلة في المعنى مرغوبة أينما اتجهت تجد من يراوغها في قولها: "قالت.. ودارت في المرايا حولها / وجهاً يراود أو يراوغ وجهها / ذاتا تشهت في الشظايا / الف ذاتٍ مثلها". لم يبق إلاَّ ما هو جاد أن يجعلها سجادة صلاته حسب ما تسمو إليه الشهية. وفي هذا يقول البيريس: "ترى أيهما أقرب إلى الحقيقة؟ التمثيل المعقول الذي يشكل حياتنا العامة، أم انطباعاتنا الأولى قبل أن تتحول الحالة إلى التمام. 7"
ونحن نحاور سياق القصيدة الصفصافة أو القصيدة الفراشة صورة فصاحتها حيث تراقص اللغة في الملازمة المعبرة عن امتناع انفكاك المَلَكَة عن المعنى، باعتبار اللزوم الذي ترموه الشاعرة هو تجديد في نضوج اللغة التي تحاورها اصطلاحاً بالحلة النفسانية، كون الحكم أصبح مقتضياً بين قصيدة وأخرى في مجموعة شعرية وكأنها قصيدة واحدة في قولها:
الذاتُ في ملحِ الحديقةِ هَدَّهَا
أن تقتفي البعد الذي قد لاح
يوما بعدها
بُعدا يلابس..
في الإشارة والعبارة وجدها
بُعدا يعنف الوشم
ويحكم في الرتابة قيدها
الذات لم تعرف لدى الصرح
الممرد وجهها
أو قدها
لم تدخل الذات التي حلمت بها
عند التقاطع ندَّهَا
تصبح الفريضة أو التقدير عند الشاعرة ما ثبت بالدليل القاطع، وهو على نوعين من الشرع كما يقوله بلغاء الفقه: "فرض عين. وفرض كفاية" يبدو لي أن فرض الكفاية هو النجع إلى ما يلزم كل واحد منهما أن يتبع الإيمان الذي يجده معبراً عن مشاعره في الإبانة والظهور، لأن الصورة الشعرية في تقديرها الأول مقوم لإنسانيتها دون مخالفة في القياس، 7- البيريس، ر- م: تاريخ الرواية العربية، ترجمة جورج سالم، منشورات عويدات، لبنان / بيروت، الطبعة الثانية، 1982، ص207.
الذي تتمناه وخاصة في المباشرة، إذا كان هذا الجانب يميل بنظمه على صفة راسخة في السبك الصوفي، فتجعل من خلوص التغزل ستراً لرغباتها باعتباره مطعماً بالتوجس الروحي، أو في استحضار الهيئة النفسانية، حتى إذا بان بذلك الفعل ما يجانب المغامرة، فلسوف تؤدي ما تأتمر به من لدن رغباتها، إن كان لابد للذات أن تحتفي بطريقتها بعد عودته من البعد في قولها: "الذات في ملح الحديقة هدها / أن تقتفي البعد الذي / قد لاح" بهذا الإصرار رسخت المريني الكيفية في شاعريتها فأصبحت المَلَكَة الشعرية تجعلها مقتدرة على التعبير عن المقصود بلفظ يقتضي بلوغ المرام، بصحة ما تناوله النص، فيصبح الإلزام طيعاً في مجرى الألفاظ الأيروتيكية، والتراكيب، والخيال، والصورة الصوتية، بما يلقي في الروع فيض التفصيل والابانة.
تستمر الشاعرة في سبر وعرض ما ودته بالعلاقة الرحمانية أن تتجلى واضحة، وهي تنشد الرغبة التي بلغت التخوم القصوى لحالتها النفسية، ولم يبق ثمة شيء لديها إلاَّ هو، مع أن الانتظار أصبح اعتباراً في الماهية النفسية، لذا فهي تدعوه لأنها لائقة له، فهو قصدها ومرادها، ففي الإشارة والعبارة تحاكي وَجْدَهَا، لأن البعد عنه أصبح يحيطها بالرتابة الملازمة لها كما القيد، ومن خلال الممتنع في هذه الحالة يتمثل بما يقتضي لذاتها بحكم الملازمة الذهنية، فالمريني شاعرة تبوأت اللغة ولاقحتها بالسبك الصوفي السالك والساكن، وفي الوقت ذاته فقد استمدت المعاني من واقعها المقرون بالحبيب الذي تطبع بالانقسام الوهمي في خاطرها، لكنه بقي يشابه الملازمة العقلية عندها، وما "الذات" إلاّ هي استعارة تستعيض بها شخصها، خاصة إذا كان المشبه به معرفة حيث تقول: "لم تدخل الذات التي حلمت بها / عند التقاطع نهدها" وهنا جعلت من الفسيولوجي ما تجئ به الغواية في المنقول من الأمر اللازم للمعنى، بوازع تجلي المتخيل النوعي في خصوصية السياق أن يكسو النص وضوحاً يرفعه إلى تضاعف ضرورته الإيجابية المخالفة للرتابة والإبهام، فيكون القارئ مقتضيا لتلقي هذه الحالة الشعرية بوقعها الأشد مقبولية، وأنفع تأثيرا للعاطفة وميولها الإنساني في شأوها.
وفي قصيدة أخرى نتابع الشاعرة المريني أحيناً نصطفي، وفي أحايين أخرى نعتلي:
القصيدة: لقاء...
يبوح له الصمت في طرفها
متى سهرا تحت ضوء القمر
"جُننت بوجهك بين الستور
أطارده حُلماً في ذهول السحر
جُننتُ جننتُ بهذا الحضور البهي
إذا لاح لي ومضة في المدى
واستتر
وهذا النداء الذي يشتهيني
يؤججني موجة من جنون
فأنساب بين مراقي يقيني
ويخرسني في أقاصي الهوى
ظماً عند شط النهر
***
لهمسك هذا اللقاء العصيُّ
يُجردني
نغمة من حنين الوتر
فأدخلُ سراً فصول الفتون
مقامات عطر
وشوق الشجر
وأبحثُ عني لديك
فألقي ذُبالاً
تَشَظَّى جوى
وانتثر
***
تغلب على شاعرية المريني قياس التفاوت بين النظام البشري المطلق، وبين المواقف القسرية عندما تكون الحرية الفردية معتقلة، حينها يصبح الإنسان ضحية أفكار العالم الثالث المتخلف وخاصة العربي، ولأن قادة وقوانين هذا المجتمع تمثلوا بالاحتيال على الإنسان، حتى أصبحت المأساة نظام يمارسه الشرطي على ابن جلدته، وبين هذا الحاكم والمحكوم مساحة واسعة يفصلها فارق المنصب "الكرسي"، ومن خلال هذا التقسيم المجتمعي الظالم وجدنا الشاعرة المريني من معيون نظرتها المثقفة تقرأ التصنيفات البشرية على أنها حالة مموهة، ومنها الحالة الغرامية أو ما يسمى عند العرب "الحب العذري" أو الحالة الجنسانية المباشرة، وبالتالي فالنتيجة واحدة، تبدأ الشاعرة بسرد الأفكار وتضعها في قالب يحتمل السبك اللغوي الخاص، حيث تكثر فيه الألفاظ الطرية ذات المحسوس الرومانسي الجاذب بسبكه للعاشق، عندما تشير الشاعرة بالذات إلى نهديَّها وشفتيها وما تحت خصرها، بمجازات تستر المباشرة في قولها: "يبوح له الصمتُ في طرفها / متى سهرا تحت عين القمر / جننتُ بوجهك بين الستور / أطارده حلماً في ذهول السَّحر.."
نجد التقابل في هذا الترتيب المطلق حيث يكون الحبيب الوهمي يشابه الجناس المتخيل بوازع واقعيته العفوية، لأنه إذا كان الإنسان طبيعياُ فهذا يعني أن نعمة الحب هي الرضوان، فقولها يصمت الحبيب وهو ينظر إلى "طرفها" ففي هذه الحالة يكون الرجل أمام اهتزازات تثير الرغبة فتسيطر عليه حالة من الذهول، إذن فالطرف هو الخصر وما تحته، أمَّ قولها في المجاز فقد استعارت القمر وهو مطلق، أما عندما شرحت حالتها العقلية وهي تشير إليه بالقصد في مفردتها: "جَننتُ" وفي هذه المرة من معيون الخطاب الأنثوي نجد أنَل الشاعرة هي التي جُنتْ، وهنا فالتيمة ثابته في معناها، لأن الجنون ليس له علاج مهما كان، و"الجنون و الذهول"، حالتان بتشخيص يقترب من بعضه، مع أن ظني في هذا الجانب لا يكون خلف الباب حالة مطلقة، خاصة في تراجعها عن المطلق والدخول إلى الحالة النسبية ربما من دون وعي في ضخ الفلسفة في قصيدتها حيث تقول: " لِهمسكَ هذا اللقاء العصيُّ / يُجردني / نغمة من حنين الوتر / فأدخل سرا فصول الفتون / مقامات عطر" ولعل سبب التراجع بعد الجنون والذهول الذي أصابها أصبح اللقاء من قبله عصياً عليها، لكونها لم تلق ناصية في صعوبة اللقاء بسببها، فتلك لائمة، لكن ليس لها أسباب نهائية، إنما كل ما في الأمر أنها ثمة ضروب من التأثيرات التشخيصية لربما إثارة حلت بينه وبينها، وفي هذه الحالة قولها البليغ بجماليته، فتلك صورة فصيحة في بيانها وإيقاعها الصوتي قولها: "وأبحثُ عني لَدَيْكَ / فألقى ذُبالاً / تشظى جوى وانتشر". نتواصل حتى يفيض علمنا التحليلي بقصيدتها:
لوجهك
أشعلت كأسي وشمسي
وهيأتُ للوجد شعري وعطري
اشتياقي
واحتراقي
وباقات ورد
وثوباً ندياً
تعود الشاعرة للشوق بعد المستحيل الذي كان في اللقاء، لأنه كما بدى عصياً عليها، ولكن في هذه المرة هي التي تبسط وصف انوثتها على أن كل شيء في جسدها فوق ما يتصوره المحب، ولذلك اللقاء فقد أشعلت الشمس والكأس، فالشمس مجاز، والكأس استعارة باعتبار أنها جعلت من الرمز "الشمس" بيدها، كما هو الحال في الكأس، وتزيد في تحضير حالة جسدها للقاء المرتجى أن تكون فيه قد وصلت إلى غايتها وهي تزينها "باقات الزهور" ولا أدري لم باقات وليس باقة، فإذا كانت الصورة مجازية فهذا ضعف في التوليف حساسية الخلية الأيروتيكية في التشذيب والتهذيب المنطوق، وبما أن الشاعرة لعبت دورا نشيطاً تشادت به الواقعية التي يفترض أن تلامس حقيقة الزينة عند المرأة، عندما تهيأ جسدها لمثل هكذا لقاء، من الصعب بمكان كيف نتصور الموقف المعهود بين المرأة والرجل حين يلتقيان تحت الشمس، وفي الوقت نفسه خلف الباب، حالتان مقابل حالة واحدة وهي الجسد أمام الشروع في المشَّاء العرفي، في مطالبة المُعَيَّن الروتيني الملح والموجب في لقاء الجسدين، وأما موقف الشعر في بلوغ الدوافع غايته، فهو تهييج العاطفة للقاء لابد منه بخيار أو بدونه. يفرض موقفاً اجتماعيا لا مكان فيه للحل الوسط، لكنني لست مع البيان المطلق لأنه جشع ويطالب بكل شيء.
هامش:
1- الملائكة، نازك: ديوان نازك الملائكة، الجزء الثاني، دار العودة، لبنان / بيروت، الطبعة الأولى، 1986، ص27.
2- الكبيسي، طراد: مجلة الآداب اللبنانية، العددد الحادي عشر والثاني عشر، منشورات دار الآداب، لبنان / بيروت، 1994، ص39.
3- كامبانيون، انطوان: مفارقات الحداثة الخمس، دار الموقف للنشر والتوزيع، سوريا / اللاذقية، الطبعة اأولى، 1993، ص12.
4- الآمدي، حسن بن بشر: كتاب الموازنة، بين شعر أبي تمام والبحتري، دار المعارف، مصر / القاهرة، الطبعة الرابعة، 1982، ص251.
5- المصري، حسن: مجلة الناقد الشهرية، رئيس تحريرها رياض نجيب الريس، العدد العشرون، 1990، ص54.
6- البيريس، ر- م: تاريخ الرواية الحديثة، ترجمة جورج سالم، منشورات عويدات، لبنان / بيروت، الطبعة الثانية، 1982، ص142.
7- البيريس، ر – م: تاريخ الرواية الحديثة، ترجمة جورج سالم، منشورات عويدات، لبنان / بيروت، الطبعة الثانية، 1982، ص257.



#جعفر_كمال (هاشتاغ)       تôôèô‏_ؤôéôم#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعاني المقررة في شاعرية يسرا الخطيب
- تدوير المسار الروائي عند أ. د. قصي الشيخ عسكر
- الإحكام والعرفان في إرادة التصوف عند الشاعرة عاتكة وهبي الخز ...
- الروابط المقدسة بين الشاعرة والوطن / عند الشاعرة آمال عبدالق ...
- الصدفة المُيّسَرَة
- وقار - هايكو -
- سوريا الجريحة
- شكثر صعبه
- الذات، والمدن الصامتةجعف
- الذات، والمدن الصامتة
- كورونا إلى متى؟
- ابنة الحدائق
- أمي المساء
- نلتقي
- خَلِيَّةْ الانتقال في: شاعرية كاتيا راسم.
- الوطن والناس
- تجليات الصورة.. المحاكية للأشكال
- عبدالفتاح المطلبي.. في.. تخصيب مبنيات الدلالة
- الجارة
- المثقاب


المزيد.....




- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جعفر كمال - البراعة الصوفية في المعيون اللغوي العربي / عند الشاعرة أمينة المريني