أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم استانبولي - وحدة اليسار الفلسطيني بين الرغبة والواقع والامكانية















المزيد.....



وحدة اليسار الفلسطيني بين الرغبة والواقع والامكانية


حاتم استانبولي

الحوار المتمدن-العدد: 7168 - 2022 / 2 / 20 - 12:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا شك في أن وحدة اليسار الفلسطيني كانت محض رغبة دائمة لدى العديد من اليساريين الفلسطينيين في مختلف أماكن شتاتهم وتنقلهم وتصاعدت هذه الرغبة في مراحل تاريخية وحققت بعض الخطوات لكنها إنتكست ولم يكتب لها النجاح لعدة عوامل فردية وذاتية فصائلية وسياسية وفكرية.
دائما ما كانت هذه الرغبة حاضرة عند بعض القادة والكوادر في إطار ما اصطلح عليها فصائل اليسار الفلسطيني.
هذه الفصائل هي أطلقت على نفسها صفة اليسارية ولكنها لم تحدد معيار وناظم اليسار وتَمَوضُعِهِ من حيث الموقف من المنظومة الفكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية وقيم العدالة الاجتماعية والمساواة والمشاركة السائدة.
الرغبة والنوايا الحسنة هي كانت دائما المدخل لمحاولات وحدة اليسار ولكن هذه الرغبة كانت تصطدم بالواقع الملموس الذي كان يحطم الرغبات الفردية ومحاولاتها.
لكي نستطيع أن نفهم واقع اليسار الفلسطيني و(فصائله) علينا ان نذهب الى المنشأ الفكري لها وكيف تطورت وفي هذا الصدد فاننا نستطيع ان نحدد اتجاهان رئيسيان لنشأة اليسار الفصائلي الفلسطيني.
الاول:
كان امتدادا للحركة الشيوعية في فلسطين وحملت معها رصيد هذه الحركة وأزماتها والتطورات التي واكبتها فكريا وسياسيا واجتماعيا.
والثاني:
كان امتدادا للحركة القومية العربية وحملت معها رصيد هذه الحركة وأزماتها والتطورات التي واكبتها فكريا وسياسيا واجتماعيا.
الاتجاه الأول حكمه عقلية التبعية والتكيف مع الواقع الذي نشأ عن جريمة النكبة .
أما الاتجاه الثاني فقد حَكَمَهُ التجريبية الارادية وإسقاط الرغبة الذاتية على الواقع الملموس وضروراته.
الاتجاه الأول :
غَلَبَ الموقف الأممي للحركة الشيوعية من جريمة النكبة التي تعاطت ايجابيا (الاعتراف) مع اعلان دولة اسرائيل والجرائم التي رافقتها وأعلن التزامه بالموقف الأممي.
بالرغم من أن عصبة التحرر الوطني اتخذت موقفا صائبا قبيل اعلان دولة اسرائيل إلا أنها تراجعت عن هذا الموقف وغلبت موقف الحركة الشيوعية التي اعترف معظمها بإعلان دولة إسرائيل. هذا التغير إنعكس في الهوية السياسية والتنظيمية الجديدة للحزب الشيوعي الذي غير من اسمه ومهماته بحيث تواءمت مع عملية الالغاء والإلحاق للشعب الفلسطيني التي نتجت عن جريمة النكبة ١٩٤٨.
أما عن شعار تحرير فلسطين فلم توليه أهمية أولوية في برنامجها وسببه الجوهري موافقتها على قرار التقسيم.
قرار التقسيم وما نتج عنه من إلغاء وإلحاق تعاملت معه دول مجلس الأمن على أنه عكس الى حد ما جوهر قرار تقسيم فلسطين بقيام دولتين يهودية وعربية وكان مقصودا أن لا تطلق تسمية دولة فلسطينية لأنها تحمل معاني دولة وطنية تمثل كافة مواطنيها بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية والعرقية والقومية.
إلغاء الخصوصية الفلسطينية التي أُلحِقَت بالهوية الأردنية الجديدة التي حملت أزمتها بين الانتماء والولاء تعامل معه هذا الاتجاه بحكم الأمر الواقع استجابة للموقف السوفييتي.
الاتجاه الثاني :
رأى أن جريمة النكبة وما نتج عنها من تشريد وإلحاق وإلغاء يمكن مواجهتها من خلال شعار القومية العربية ولكنه لم يوضح أو يعطي قراءة حول مفهوم القومية العربية.
الحركة القومية العربية بكافة اتجاهاتها حكمتها الرغبة العارمة للجماهير العربية من أجل الوحدة العربية التي كانت تحمل في ثناياها عمقا دينيا.
هذا العمق الذي لم توليه الفصائل القومية اهتماما من حيث دوره كقوة محركة مما ادى لأن يستثمر من قبل قوى الدين السياسي.
هذه القوى التي مارست سياسة رجعية واضحة وأوقفت أي تطور للنص الديني لِمواكبته مع التطورات العلمية والاجتماعية.
هذا الجمود جعلها اطارا خصبا للتطرف الديني. الصراع داخل القوى الدينية كان صراعا مركبا في فيما بين اتجاهاته من جهة وبينها وبين محيطها الاجتماعي.
عنوان الصراع الداخلي في إطار الظاهرة الدينية يقوم على أساس الخلاف حول تطبيقات النص الديني.
السمة العامة لكافة التيارات الدينية هي إخراج النص من سياقه التاريخي وتفسيره وإسقاطه على الواقع دون الأخذ بالتطورات العلمية والاقتصادية والاجتماعية واعطت لنفسها احقية الحساب الدنيوي في تعارض مع النص الديني الذي سَيُخضِع الجميع بما فيهم قادة ومرجعيات تنظيمات الدين السياسي لحساب الآخرة.
شعار الوحدة القومية كان ردة فعل على سايكس بيكو ونتائجه السياسية من جهة وعلى اعلان دولة اسرائيل من جهة أخرى أما نُظم سايكس بيكو فقد كانت ترى الوحدة بمنظور قبلي يحمي مصالح تشريعها واستمرارها فهي نظم بما فيها إسرائيل بالجوهر هي نتاج لسايكس بيكو.
الحركة القومية العربية لم تحدد معيار وناظم مفهومها للوحدة العربية و متطلباته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ولكنها اتفقت على شعار الوحدة واختلفت على شعار الاشتراكية والحرية و تعاطت بضبابية مع مفهوم العدالة بكافة أوجهها هذا ادخلها في ازمة بين الرغبة والواقع.
أما عن شعار تحرير فلسطين فقد أوكَلَتهُ إلى منظومة النظام الرسمي العربي الذي حمل تعارضات واختلافات بين قواه التابعة والوطنية الصاعدة التي استثمرت في تعبئة الجماهير العربية بتبنيها شعار تحرير فلسطين ولكنها أغفلت أن هذا الشعار لا يمكن تحقيقه بمعزل عن تحقيق العدالة بكافة أوجهها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وبالرغم من تحقيق القوى القومية نجاحات في كل من مصر وسورية والعراق والى حد ما في اليمن لكن هذا النجاح كان منقوصا ويهدده الفشل لعدم ربط تعميق هذا النجاح بسيادة العدالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والحقوقية والحرية لكافة القوى الاجتماعية بتنوعها القومي والسياسي والديني بكافة مذاهبه للتعبير عن ذاتها وخصوصيتها والعمل لإطلاق حريتها في المشاركة بالنظام السياسي الذي يجب أن يراعي توازن القوى الاجتماعية والاعتراف باختلافها وحقوقها.
أما عن مفهوم القومية كَضَرورة رأسمالية للبرجوازية من أجل وحدة السوق القومية فلم تتطرق له أيا من هذه الاتجاهات بل إن بعضها تقوقع في الاطار الاقليمي وأصبح الشعار القومي حاجة للسلطة السياسية من أجل الاستخدام السياسي.
أما عن مفهوم الاشتراكية فلم تجيب الثنائية(الشيوعية والقومية) عن السؤال الأساسي. كيف يمكن تحقيق هذا الشعار في مجتمعات ما زالت تحكمها العلاقات القبلية والعشائرية والعائلية في إطار المفاهيم الدينية السائدة؟
هذه المفاهيم الدينية السائدة الموروثة التي استثمرت فيها الدول الاستعمارية عبر رعاية تأسيس التنظيمات التي تستخدم الدين لأهداف سياسية.
هذه القوى السياسية الدينية التي تحالفت مع القوى الرجعية في النظام السياسي العربي وكانت أداة لها في التصدي للتوجهات الوطنية والتقدمية.
الثنائية الشيوعية والقومية اشتركت في تغييب الخصوصية الفلسطينية لعشرين عاما بالرغم من وضوح مشروع الدولة اليهودية كجزء رئيسي من مشروع سايكس بيكو لكنها لم تعطي أهمية إلى أن مشروع سايكس بيكو غايته كانت إيجاد مبررات لِقيام دولة إسرائيل كناظم للمَنظومة الاستعمارية الغربية لمنطقة الشرق الأوسط.
ما بين ١٩٤٨ وهزيمة حزيران ١٩٦٧ ساهمت الثنائية بشكل أو بآخر بالمساهمة في تغييب الخصوصية الفلسطينية التي نشأت عن جريمة النكبة.
هذا التغييب كان ناتجا عن عدم وعي لأهمية إبراز الخصوصية الفلسطينية وطرح رؤية لحل تحقيق العدالة للفلسطينيين من خلال شعار الدولة الفلسطينية الديمقراطية التي تحقق الإطار للتعايش بين كل مكوناتها في الرد على قرار التقسيم .
تأخر طرح هذا الشعار لمدة تسعة عشر عاما حتى ورد في وثائق إعلان منظمة التحرير الفلسطينية .
هذا الخلل كان ناتجا عن نزعات عدم وعي وسيادة الرغبَوِية والتبعية والتعامل مع نتائج جريمة النكبة بعفوية دون التعمق في تحليل قرار التقسيم و نتائجه الملموسة.
قرار التقسيم رقم ١٨١ الصادر عن الأمم المتحدة أضفى شرعية قانونية لقيام دولة إسرائيل التي ساندتها الدول العظمى مكافأة لدور المنظمة الصهيونية في حشد وتوظيف نفوذ رأس المال اليهودي لدعم الحلفاء في الحرب العالمية الثانية.
قرار التقسيم ١٨١ لعام ١٩٤٧ كان مدخلا لكسر مفهوم العدالة الإنسانية للشعب الفلسطيني وإهداراً لِحَقِهِ في تقرير مصيره.
قرار التقسيم كان نتاجا لِميزان القوى الدولي الذي نتج عن الحرب العالمية الثانية ولكنه لم يعكس ميزان القوى الاجتماعي في المنطقة الذي كان محسوما بالمطلق لصالح العدالة الفلسطينية.
النظم التي نتجت عن اتفاقية سايكس بيكو بما فيها دولة اسرائيل كانت وما زالت مصلحتها هي في تعاونها الذي أخذ أشكالا متعددة في بداية تشكيلها كان تعاونها يمر عبر الوسيط الاستعماري ومؤسساته الدولية في سياسة كانت تهدف إلى رفع الضغط الجماهيري عن هذه الأنظمة بهدف استراتيجي يعمل على تَطويعِ الجماهير لتَتَقبل حقيقة نتائج اتفاقية سايكس بيكو ودمج إسرائيل في المنظومة السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية للمنطقة.
كان لا بد من هذه المقدمة لتحديد ناظم ومعيار اليسار الذي يقوم على أساس تحقيق العدالة التي مدخلها الحرية والمشاركة في تحديد مصير الشعب الفلسطيني.
هذه العدالة التي غُيِبَت بل كُسِرَت في العنوان الفلسطيني عبر جرائم شواهدها ملموسة وآثارها ما زالت قائمة حتى يومنا هذا.
ناظم اليسار الفلسطيني كان وما زال هو عنوان تحقيق العدالة والحرية السياسية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية ومعياره هو مدى توافق برامجه وقراراته ومواقفه مع مهمة تحقيق العدالة والحرية والمشاركة للشعب الفلسطيني وإلغاء نتائج جريمة النكبة لعام ١٩٤٨.
بالرغم من أن جميع من اختار اليسار كإطار فكري وسياسي واجتماعي كبوصلة لتحقيق العدالة للمخيم الفلسطيني الذي يرمز ويعبر ويختصر مفهوم العدالة والحرية والمساواة والمشاركة، لكنهم لم يعيروا اهتماما للحفاظ على هذا المعيار في حركتهم السياسية وتوجهاتهم , دخل البعض في سجالات حول أحقية تمثيل هوية اليسار بدون تعريفاً لمعايير اليسار هذه السجالات تفرعت وأخذت في بعض الاحيان طابعا شخصيا انعكس على مجمل حركة اليسار الفلسطيني الفصائلي ووضع حواجز امام اية امكانية لوحدتها.
وفي جانب آخر من السجال السياسي والإيديولوجي اختلف على بعض المصطلحات ومدلولاتها السياسية والنظرية على سبيل المثال : اليسار واليمين ودور البرجوازية الوطنية بدون التطرق إلى إلى الإجابة عن سؤال جوهري يخص تطور نشأتها التاريخية, من حيث الموقع ومن حيث الدور. وأين تتجلى وطنيتها ؟
وإلى أي حد من الممكن ان تحافظ على دورها الوطني قبل الانتقال من المصلحة الوطنية إلى المصلحة الخاصة بها كفئة وليس كطبقة لان خاصية الشتات الفلسطيني جعلها تنمو في حواضن رأس المال الخليجي بشكل خاص وحملت سمة الشتات بكل ما يحمله من تداخل مع رأس المال الغربي الداعم لإسرائيل.
في بعض المراحل لعبت هذه الفئة البرجوازية دور الوسيط و الكمبرادور لرأس المال المالي والصناعي والتجاري في عدوانه .
في سجال آخر كان يدور حول مفهوم اليمين ما بين السلوك السياسي له ومفهوم المنهج اليَميني وعدم الادراك ان هناك خلافا جوهريا بينهما.
عدم إدراك هذا الخلاف أدى الى طرح شعارات غير واقعية.
اليمين واليسار كمفهوم نظري هم في وحدة وصراع دائم داخل ظاهرة المقاومة الفلسطينية مثل جميع الظواهر الأخرى.
نتائج صراع القوى داخل الظاهرة ما بين اليمين واليسار هو الذي يحدد المظهر الخارجي العام للظاهرة ولكن في ذات الوقت لا يعني أن أحد الاتجاهين قد أطلق سيادته في إطار الظاهرة أو انتهاء احدهما.
بالمختصر المفيد إن مفهوم كل من اليسار واليمين كأحد تجليات قانون وحدة وصراع الأضداد هما عابرين لكافة الاتجاهات الفلسطينية ولا يوجد أي إطار وحيد يمثل أياً من الاتجاهين بل هم في حالة تداخل من الممكن أن يبرز بشكل واضح في السياسي ولكن الفوارق تقل وتضعف في الجانب الاجتماعي والثقافي السائد.

اذا ما اخذنا المعيار السياسي كمؤشر للاتجاهين فهذا يجب أن يقاس بمدى تلائمه مع الناظم والمعيار الذي يتجلى بتحقيق الحرية والعدالة والمساواة والمشاركة وتجلياتها في السلوك السياسي والثقافي والاقتصادي والاجتماعي وتأكيدها في الجانب القانوني لكي تكتسب شرعية وحماية قانونية.
مراعاةً لخصوصية الحالة الفلسطينية المركبة والمتداخلة مع حَواضنها الإجتماعية في الشتات.
عنوان ممارسة الديمقراطية داخل الظاهرة الفلسطينية في الحالات المنظمة الفصائلية المكونة لها تكتسب اهمية قصوى لتعزيز مصداقية المطالبة بتحقيق العدالة للمخيم الفلسطيني.
في الخصوصية التحررية الفلسطينية انجاز مهمة التحرر الوطني تتجلى بتحقيق العدالة للمخيم الفلسطيني كرمزية لها.
هذه الرمزية هي المعيار لليسار الفلسطيني كون المخيم تتلخص فيه كل أشكال الاضطهاد الإنساني وتعبيراته الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية والسياسية والقانونية والتاريخية.
بهذا الصدد فإن أي مساومة على انجاز عدالة المخيم تحت أي مسمى تسقط الصفة اليسارية عن هذا التنظيم او التجمع او الفرد.
العلاقة بين الرغبة والواقع والامكانية علاقة جدلية مترابطة بحيث لا إمكانية لتحقيق الرغبة إذا لم تكن واقعية وإذا فقدت واقعيتها تسقط إمكانية تحقيقها.
هذا يعني أن شروط تحقيق الرغبة يجب أن تنطلق من دراسة الواقع بكل جوانبه ومعيقاته والامكانيات التي يحملها والدور الواعي القيادي له اهمية قصوى في توظيف هذه الإمكانيات بطرق ووسائل واقعية تتلائم مع متغيرات اللحظة وشرط نجاحها هو احترامها للناظم والمعيار .
إذا توسعنا في رؤية الصراع فإنه يتجلى بين رؤية اليمين واليسار الفلسطيني حول كيفية إدارة الصراع مع المستعمر الإحلالي الإسرائيلي.
الاتجاه اليميني بحكم تداخله مع اليمين الرسمي للنظام العربي التابع لمنظومة رأس المال التي تتحكم في سلوكه السياسي والاقتصادي هذا التداخل المَصلَحي كان له اثرا رئيسيا في السلوك السياسي لليَمين الذي استثمر في موقف بعض اتجاهات (اليسار الفصائلي) التي طرحت رؤيتها السياسية المرحلية بدون مراعاة شرط ميزان القوى للمساومة مع الاحتلال الإحلالي الإسرائيلي.
هذه الرؤية حملت إعادة تموضع لِموقفهم من شرعية إسرائيل الإحلالية مما دفعهم للمساومة على تحقيق عدالة المخيم .
الإتجاه الآخر في اليسار الذي ما زال المظهر العام لموقفه يستند الى ناظم ومعيار تحقيق عدالة المخيم يعاني من تخبط وعدم حسم لِصراع اتجاهاته الداخلية التي تأثر بعضها برؤية الحل المرحلي وهو يقف على الخط الفاصل بين تحقيق عدالة المخيم أو كسرها.
معيقات وحدة اليسار الفلسطيني:
١ السياسي : تتلخص بالموقف من اتفاق أوسلو وملحقاته وآثاره السياسية والأمنية والاقتصادية والقانونية والحقوقية.
فما زالت بعض اتجاهات (اليسار ) ترى أن المشكلة ليست في جوهر الاتفاقات بل هي في التزام إسرائيل في تطبيق بنودها.
وما زال هذا الاتجاه متمسك بجوهر فكرة المرحلية. هذه الفكرة التي جاء الواقع لِيسقِطها لأنها لم تستند لميزان قوى يحققها.
المعيق السياسي الآخر أن هذه الفكرة شرعت كسر تحقيق عدالة المخيم ونقلتها من مهمة رئيسية إلى مهمة ثانوية وحولتها من عنوان للصراع مع إسرائيل الإحلالية إلى عنوان للصراع الداخلي الفلسطيني حول حل مشكلة اسرائيل وشرعيتها وليس حل مشكلة وأزمة المخيم الفلسطيني وشتاته.
المعيق الذاتي:
تتداخل العوامل بين الرغبة الذاتية التجريبية وبين النرجسية.
اتجاه النرجسية الذي كان يرى أنه المفتاح لتطور الظاهرة وربط تطور الحالة اليسارية الفصائلية بتطور الشخصيات القيادية.
اتجاه إسقاط الرغبة الذاتية التجريبية لم يراعي واقع المجتمعات واختلاف مستويات تطورها وضرورة إبراز الخاصية الفريدة لبنية المجتمع الفلسطيني في مواجهة عملية الالغاء والالحاق.
لعب تغول النظم العربية لمحاربة اليسار بشكل عام كفكرة وتنظيمات والدفع بعناصر لإختراق الظاهرة الفلسطينية والتلاعب بمكوناتها الداخلية وتطويعها بما يتلاءم مع سياساته المتوافقة مع الشروط الامبريالية الراعية للمحتل الإحلالي الإسرائيلي.
ناهيك عن الأمراض التي تسللت إلى بنيته التنظيمية الفصائلية التي اتجهت إلى أساليب لا تتوافق مع مهمة التحرر الوطني وخصوصية الشتات الفلسطيني وتغييب دراسة عميقة لإمكانيات العدو الذي يواجهه الشعب الفلسطيني. هذه الامكانيات التي كانت وما زالت تعكس العلاقة المصلحية المتداخلة بين قوى رأس المال وبين دور إسرائيل في تحقيق مصالحه. حيث غالبا ما كانت تستخدم إسرائيل إمكانيات وعلاقات الدول الغربية في التسلل إلى المجتمعات العربية لتحقيق اهدافها السياسية والاقتصادية والامنية.
بعض هذه الأساليب غلب عليها العلنية المفرطة وسيادة البيروقراطية التنظيمية التي عززت بامتيازات في اللوائح المالية التي أعطت ميزات مالية للمرتبة الحزبية في خطوة دفعت للتنافس الداخلي الغير مشروع وأعطت مبررات لدور المسؤول لكي يعمل على الحفاظ على موقعه من أجل الاحتفاظ بالميزات فلم تكن تتوائم كل هذه المظاهر من بذخ وبدل سفر مع مهمات التحرر الوطني وشروط متطلباته وتعاملت بعلانية مفرطة وكأنها على أرضها المحررة،وارتكبت أخطاء قاتلة معظمها ناتج عن عدم وعي وسيادة التجريبية والرغبة الغير واقعية.
مع مرور الزمن أصبحت وحدة اليسار الفصائلي عنوانا لخسارة البعض الكثير من الامتيازات الشخصية والمالية والاعتبارية.
حيث لعب المال السياسي دورا سلبيا في إجهاض دور اليسار الفصائلي وتسللت له بعض ممارسات اليمين التَنفيعِية والإهدار وسوء الاستثمار المالي من حيث نوعية المشاريع ومكانها والامكانيات التخصصية العلمية للقائمين عليها. بالرغم من التدفقات المالية التي امتلكتها فصائل اليسار إلا أن سوء أوجه إدارتها ادى إلى استنزافها وتجفيفها. السبب الرئيسي كان عدم إدراك القائمين عليها لِقوانين وأساليب الاستثمار والإدارة الرأسمالية وغياب المحاسبة الدقيقة الشفافة لأَسباب الإخفاق المتواصل.
اليسار يمكن أن يعمل على توحيد رؤيته من خلال العناوين التالية:
١ الايديولوجي: الموقف من الرؤية الصهيونية حول الحق الإلهي لِليهودية في فلسطين هذا الموقف الذي لم يحظى بالاهتمام من القوى وضرورة تفنيده من حيث تغذيته للتطرف الديني الذي يضفي شكلا الصراع يقوم حول الرواية الدينية وامتلاك تحقيق مغلوط للعدالة الإلهية لتشريع كسر وإلغاء العدالة الإنسانية.
وبهذا الصدد فإن القوى اليسارية عليها مهمة ملحة لمواجهة هذه الأفكار المتطرفة اينما وجدت وتاكيد ان العدالة الالهية لا يمكن ان تتحقق الا كما وردت في النصوص الدينية التي توضح ان لا احد يملك حق تحقيق العدالة الالهية إلا كما ورد في النص الديني الذي وضح انها في يوم الآخرة.
أما العدالة الانسانية فان معيار تحقيقها هي القوانين الإنسانية التي تسعى لتحقيق العدالة والحرية والمساواة والمشاركة وفي خصوصية الحالة الفلسطينية معيارها تحقيق عدالة المخيم الفلسطيني.
٢الثقافي والاجتماعي : اليسار الفلسطيني بكافة اتجاهاته لم يقدم برنامج ثقافي اجتماعي يظهر فيه أهمية البعد التاريخي الإنساني لفلسطين وما مرت به من تطورات تاريخية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية لعب فيه التنوع الديني والثقافي دورا مهما في مكانتها في كافة مراحلها التاريخية.
اليسار الفلسطيني يجب أن يخرج فلسطين من ملكيتها المكانية لأي من الاتجاهات الدينية.
اليسار الفلسطيني عليه أن يؤكد أن فلسطين الديمقراطية هي مكانا للإنسانية وتجسيدا لِثقافتها عبر التاريخ.
الرؤية الثقافية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار وحدة الشعب الفلسطيني وقواه في كافة أماكن تواجده وانتشاره.وفي هذا الصدد يجب أن تولي اهمية قصوى للجماهير الفلسطينية داخل فلسطين ١٩٤٨.
هذه الجماهير التي لم تحظى باهتمام القوى الفلسطينية وغيبت عن برامجها وحركتها واتصالاتها وتواصلها معهم تحت عناوين ومسميات فارغة المضمون وكانت الانظمة تغذي هذا التغييب لاسباب سياسية والتذكير بصمودهم يكشف خذلان وتآمر هذه الأنظمة واتباعها مع نتائج جريمة النكبة. حتى جاء يوم الأرض الفلسطيني الذي فرضت فيه الجماهير الفلسطينية في ال١٩٤٨ نفسها وأعلنت انتفاضتها وفرضت إيقاعها على اليمين واليسار .
٣القانوني:
إسرائيل الإحلالية شُرِعَت قانونا من خلال قرار دولي لتحالف قوى خارجية. جاء هذا القرار متعارضاً مع ميزان القوى الاجتماعي ان كان في فلسطين والمنطقة.
نفذ هذا القرار بصورة عدوانية وارتكبت جرائم انسانية موثقة بحق الشعب الفلسطيني من قبل قوة الانتداب البريطاني والمنظمات الصهيونية وما زالت تُرتَكَب هذه الجرائم تحت أعين المؤسسات الدولية .
هذه الجرائم التي ترفضها القوانين الدولية وتحاسب عليها.
في هذا الصدد فإن مهمة اليسار الفلسطيني تكمن في تظهير هذه الجرائم والمحاسبة عليها بما فيها الجرائم المُقَونَنَة التي ما زال يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري الإحلالي يوميا بحق الشعب الفلسطيني عبر السياسة العنصرية التي تشرع الابادة والقتل الممنهج خارج إطار القانون وسرقة الأراضي وهدم الأملاك الخاصة وتعميم سياسة العقاب الجماعي الذي ما زال مستمرا منذ جريمة النكبة.
وتحت هذا العنوان تندرج إعطاء اولوية وأهمية لِعنوان تحرير الاسرى والمعتقلين و دعم عائلات الشهداء والتصدي لِعمليات الاغتيال الميداني.
هذا العنوان الذي تسعى إسرائيل لتقويضهِ وتجريمهِ مستندة إلى قوانينها الاحتلالية الاحلالية الباطلة لتعميمها على المنظمات الدولية التي ما زالت ترى أن الشعب الفلسطيني يرزح تحت الاحتلال.
وكالة الأونروا: يكتسب الحفاظ على منظمة الأونروا أهمية قانونية كونها الشاهد الدولي الحي على جريمة النكبة وما رافقها وَنَتَجَ عنها من جرائم إنسانية متسلسلة مندوب اسرائيل وبمساعدة الولايات المتحدة يسعى بشكل حثيث لإنهاء عمل الوكالة كشاهد أممي على جريمة النكبة وضرورة حق العودة.
السياسي:
الكل مجمع على أن اتفاقات أوسلو كانت مدخلا لِتشريع الاحتلال وإسقاط وكسر مفهوم تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني التي تتمثل في تحقيق عدالة المخيم الفلسطيني كرمز شاهد على جريمة النكبة وملحقاتها ونتائجها المباشرة والبعيدة التي لحقت بالشخصية الفلسطينية وحقوقها المدنية والإنسانية وأسقطت الحق الإنساني الفردي والجَمعي للفلسطينيين.
إعادة الاعتبار لشعار الدولة الديمقراطية هو المدخل للحل الذي يتعارض مع ما يروج له حول الدولة الموحدة لأن شعار الدولة الموحدة يعتبر مدخلا لِلإعتراف بالهوية الدينية لتحديد الهوية الوطنية.
بالاساس التاريخي فلسطين موحدة واختلاف اديان مواطنيها لا يمكن أن يكون سببا لتقسيمها بل المطلوب هو إعادة الاعتبار للحرية والعدالة الانسانية والمساواة والمشاركة، غياب هذه الأسس هو جوهر الأزمة.
وحدة الرؤية حول هذه العناوين يعتبر مدخلا لامكانية وحدة اليسار التي ما زالت مهمة ملحة لاتجاهات اليسار الفصائلي .
تصبح مهمة وحدة اليسار واقعية وممكنة إذا أعادت توحيد ناظمها ومعيارها لإعادة الاعتبار لشعار تحقيق عدالة المخيم واعتباره الناظم والمعيار لتحقيق الوحدة والتخلي عن النزعات التجريبية الرغبَوِية والشخصنة والمكاسب الفئوية والشخصية.
اعطاء اهمية ادراك ان الصراع مع اسرائيل العدوانية الاحلالية لا يمكن أن يحل إلا بتحقيق الحرية والعدالة والمساواة للفلسطينيين في إطار دولة ديمقراطية تُعَزز أسس الديمقراطية بين مواطنيها بكافة ألوانهم وعقائدهم.
المعطيات السياسية الراهنة تظهر ان التحالف بين إسرائيل الاحلالية وبين النظم الرجعية يقوم على أساس المشاركة في تغييب الحرية والعدالة الاجتماعية والمشاركة وتتشارك في نزعاتها العنصرية وتكشف زيف ديمقراطية اسرائيل الاحلالية التي كانت تروج على مدى عشرات السنين أنها ديمقراطية في غابة وحوش ديكتاتورية لتظهر اتفاقياتها السياسية والامنية انها كانت وما زالت هي الحامي لهذه النظم التي تشترك معها في تاريخ تأسيسها وتكشف عمق تَداخُل مصالحها وأنهم يشتركون في العداء للحرية والعدالة والقتل والتمييز.
اليسار الفلسطيني يجب أن يدرك أن مواجهته اصبحت اكثر وضوحا فهي مواجهة بين المفهوم الحقيقي لقوى الحرية والعدالة الاجتماعية والمشاركة الذي يجمعها مع الجماهير الممتدة ما بين المحيط والخليج ضد التحالف المعلن بين النظم التابعة التي كشفت عن تحالفها الموجه ضد مصالح وتطلعات جَماهيرِها وشُعوبِها.
معركة اليسار تستهدف الجوهر العدواني العدائي الذي يجمع هذه النظم بما فيها دولة إسرائيل الإحلالية. فلا يمكن أن يقبل بصمة البُسطار لِكون مُنتَعِلِهِ عربيا ويرفض لكون مُنتَعِلِهِ صهيونيا. البُسطار يبقى يحمل ذات الصفة بغض النظر عن مُنتَعِلِهِ.



#حاتم_استانبولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في قرار المحكمة الجنائية الدولية ج2
- قراءة في قرار المحكمة الجنائية الدولية
- تداعيات الترامبية على البايدينية
- دولة مواطنة ام دولة عشائر وقبائل وعائلات
- الخلاف مع المكرونية
- فلسطين بين العدالة الالهية والعدالة الانسانية
- ما هي سمات المرحلة الوطنية التحررية ؟
- بعض المجتمعات مشكلتها في تكون شخصيتها
- ازمة الحكومة الاسرائيلية ازمة فعلية ام مفتعلة؟
- فنزويلا واستحقاق 23 شباط
- النائب بين ثلاثية الشعب والوطن والسلطة
- العدالة
- الخيارات الفلسطينية الممكنة
- الصراع بين مراكز راس المال الى اين ؟
- اعادة تموضع للنظام الراسمالي العالمي
- ما بين الوطني والديني
- حول فصل الدين عن السياسة او الدولة.
- فوبيا البوتينية الروسية اسبابها الفعلية!
- خطوة للوراء من اجل اثنتين للأمام
- الأرهاب


المزيد.....




- شاهد..قرية تبتلعها الرمال بعد أن -تخلى- عنها سكانها في سلطنة ...
- الأمن الروسي يعتقل 143 متورطا في تصنيع الأسلحة والاتجار بها ...
- وزارة الخارجية الروسية تصر على تحميل أوكرانيا مسؤولية هجوم م ...
- الحرب على غزة| وضع صحي كارثي في غزة وأيرلندا تنظم إلى دعوى ا ...
- ضغوط برلمانية على الحكومة البريطانية لحظر بيع الأسلحة لإسرائ ...
- استمرار الغارات على غزة وتبادل للقصف على الحدود بين لبنان وإ ...
- تسونامي سياسي يجتاح السنغال!!
- سيمونيان لمراسل غربي: ببساطة.. نحن لسنا أنتم ولا نكن لكم قدر ...
- قائد الجيش اللبناني يعزّي السفير الروسي بضحايا هجوم -كروكوس- ...
- مصر تعلن موعد تشغيل المفاعلات النووية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حاتم استانبولي - وحدة اليسار الفلسطيني بين الرغبة والواقع والامكانية