أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم ناصر - الدين والديمقراطية














المزيد.....

الدين والديمقراطية


كاظم ناصر
(Kazem Naser)


الحوار المتمدن-العدد: 7166 - 2022 / 2 / 18 - 08:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المعرفة الإنسانية هي نتيجة تراكمية للتجربة الإنسانية، أي إنها حصيلة تجارب الإنسان وجهوده التي أحدثت تغييرات عقلية وعلمية وتقنية واجتماعية وثقافية وفنية هائلة، ومكنته من التقدم والارتقاء التدريجي وبناء عالم حديث لا مثيل له في التاريخ الانساني.
عالمنا الحديث، وخاصة في هذا القرن، قائم على العلم والثقافة واحترام الإنسان وحقوقه. ولهذا فإن الأمم التي شجعت الإبداع المعرفي في كل مجالاته، وأقامت أنظمة ديمقراطية علمانية فصلت الدين عن الدولة، وتبنت دساتير دائمة تحدد الحقوق والواجبات السياسية للشعب والدولة، وحمت الحريات، واعترفت بالتعددية الدينية والعرقية، وفصلت السلطات الثلاثة: التنفيذية لتقود الدولة، والتشريعية لتضع القوانين وتراقب أداء الدولة، والقضائية لتحكم بين الناس بالعدل وتحل مشاكلهم طبقا لقوانين الدولة، وأقامت العدل وساوت بين الناس، وحمت المواطنين ووفرت لهم فرص التقدم والابداع، تمكنت من بناء مجتمعات حديثة مستقرة سعيدة، وأصبحت من أكثر دول العالم تقدما وازدهارا، والأمثلة على هذه الأنظمة التي غيرت مجرى تاريخ البشرية بإنجازاتها تشمل جميع الدول الديمقراطية الصناعية ومنها على سبيل المثال لا الحصر دول غرب أوروبا، اليابان، الولايات المتحدة الأمريكية، وأستراليا، وكندا، وسنغافورة، وكوريا الجنوبية.
تاريخ أوروبا حتى العصور الوسطى يثبت بأن الدولة الدينية الأوروبية كانت فاشلة لأنها قامت على عبادة الفرد والإقطاع والظلم، وعلى تحكم الكنيسة في شؤون الناس وابتزازهم والسيطرة عليهم باسم الدين، وبدأت تنهار بظهور الحركات الفكرية التي نشطت في عصر النهضة، وكان من أهمها الحركة الإصلاحية الدينية التي بدأها الراهب" مارتن لوثر " بتعليق الرسائل الخمس والتسعين المنتقدة للهيمنة الدينية على باب كنيسة " ويتنبورغ " عام 1517 ميلادية، والتي أشعلت الثورة على تدخل قداسة بابا الفاتيكان في السياسة وسيطرة الكنيسة على الفكر والفن والإبداع، وكانت أساس إرساء النظام الديموقراطي في القارة الأوروبية وانتقاله إلى الكثير من دول العالم.
لكن هذه الثورة قادت الى حروب دينية أوروبية في القرنين السادس عشر والسابع عشر بين الكاثوليك والبروتستانت استمرت لمدة مئة وواحد وثلاثين سنة وتحديدا بين عامي" 1517 – 1648 " شاركت فيها سويسرا، فرنسا، ألمانيا، النمسا، هولندا، إنكلترا، اسكوتلندا، إيرلندا، والدنمارك ووصل عدد ضحاياها حسب التقديرات المختلفة بين 3 إلى 11.5 مليون قتيل؛ لكنها أدت الى إقامة أنظمة ديموقراطية فصلت الدين عن الدولة وأنهت التحالف القائم بين الكنيسة وملوك أوروبا.
لا يمكن إنكار الدور الإيجابي للدين في تنظيم الحياة البشرية والعلاقات الإنسانية؛ فالأديان جميعا نصت على الحق والصدق والرحمة وعمل الخير واحترام الآخر الخ. لكنها ميّزت أتباعها عن الآخرين من حيث المصداقية والقيم الأخلاقية، وانتقد كل دين الأديان الأخرى وعمل على التقليل من مصداقيتها. هذا التناقض والاختلاف في الفكر الديني شجع الصراعات والخلافات والحروب والكراهية بين الأديان وبين أتباعها واستمر ذلك بشكل أو بآخر حتى يومنا هذا، وأثبت ان الدين والديموقراطية الحقيقية لا يتعايشان معا، لآن الدين يرفض قبول الآخر المختلف دينا وفكرا، ولا يقبل وجود أحزاب سياسية ومؤسسات مجتمع مدني علمانية، أو لا دينية فاعلة معارضة.
الدول الديكتاتورية التي فشلت في التحول إلى دول قانون ديموقراطية حتى الآن كثيرة ومن ضمنها الدول العربية التي ما زالت متخلفة علميا وثقافيا وفنيا واقتصاديا وتعاني من مشاكل اجتماعية، وتواجه حروبا وانشقاقات قد تؤدي إلى تفككها وربما اندثار بعضها. أي إن ازدياد التدين وربطه بالسياسة، ومحاولات إقامة دول دينية في أكثر من قطر عربي خلال الخمسين سنة الماضية فشلت، وأدت إلى تنامي العصبيات والنعرات والانقسامات الدينية والطائفية، وإلى حروب دموية مدمرة، وإلى تفاقم الظلم والجهل والتخلف والفقر والذل والمزيد من التفكك والانحطاط الاجتماعي.
الأديان جزء من تاريخ الأمم وبنيتها الاجتماعية وثقافاتها ولها احترامها، والأوطان ملك للمواطنين جميعا بالتساوي وليست ملكا للأديان. ولهذا فإن الوطن العربي لا يمكن أن يزدهر ويتقدم إلا بإقامة ديمقراطيات حقيقيه تحترم التعددية الدينية، وتترك الباب مفتوحا للفكر الحر وحرية التعبير والإبداع في العلوم والفنون والآداب، وتفصل الدين عن السياسة لأن السياسة بتعقيداتها ومناوراتها وأخلاقياتها المصلحية النفعية تلوث قيم الدين وتبعده عن القيام بدوره الروحاني والاجتماعي النبيل؛ عندئذ من الممكن أن يتغير عالمنا العربي وتزداد فرصنا في الوحدة وحل مشاكلنا والتفاعل مع العالم والتأثير والتأثر بعلومه وثقافاته وقيمه.



#كاظم_ناصر (هاشتاغ)       Kazem_Naser#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل سينجح بوتين في استغلال الأزمة الأوكرانية لاستعادة دور وهي ...
- هل ستظلل قرارات المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني وتعليق ال ...
- فشل إسرائيل في اختراق الاتحاد الإفريقي
- إسرائيل نشرت شبكات تجسسها في كل قطر عربي! فأين شبكات تجسّسنا ...
- بهاء الحريري يدخل المعترك السياسي اللبناني ويطالب بنزع سلاح ...
- مصر السيسي ومصر عبد الناصر .. - شتان بين الثرى والثريا -
- السلطة الدينيّة وأزمة العقل العربي المعاصر
- هجوم صنعاء على أبو ظبي .. عرب يتصدون لظلم ذوي القربى
- علاقات حزب الله مع حكام السعودية... صراع واضح بين الحق والبا ...
- كل الإجلال والإكبار لشهداء عقربا وفلسطين
- العمالة الأجنبية وتهديد الهوية العربية الخليجية .. لماذا؟ وم ...
- العالم العربي سنة 2022 ... المزيد من التدهور وخيبة الأمل!
- فشل جامعاتنا في بناء الانسان وتطوير الثقافة العربية
- الاعتداء الإسرائيلي الأمريكي المتوقع على إيران .. من سيربح؟ ...
- البيان المشترك لمحادثات أمير قطر وولي عهد السعودية وكابوس حز ...
- زيارة محمد بن سلمان لدول مجلس التعاون الخليجي .. الأهداف وال ...
- اقتحام الرئيس الإسرائيلي للحرم الإبراهيمي إهانة للسلطة الفلس ...
- الاتفاقية الأمنية المغربية الإسرائيلية خيانة أخرى تضاف إلى س ...
- العدالة البريطانية المتصهينة...حماس - إرهابية - وإسرائيل - د ...
- محاولات المصالحة تراوح مكانها والشعب الفلسطيني يدفع الثمن غا ...


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم ناصر - الدين والديمقراطية