عبدالله عطية شناوة
كاتب صحفي وإذاعي
الحوار المتمدن-العدد: 7157 - 2022 / 2 / 9 - 03:47
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
في مثل هذا اليوم قبل 59 عاما عرض تلفزيون بغداد الذي سيطر عليه تحالف أنقلابي من البعثيين والقوميين العرب، صورا لرئيس الوزراء عبد الكريم قاسم قتيلا، مضرجا بالدماء. وبعرض تلك الصور، بدأت المقاومة الشرسة التي جابهت الأنقلابيين بالخفوت، وعلى وقع أغنية مصرية تقول كلماتها ((ياو ويل عدو الدار من ثورة الأحرار)) بدأت زمر من ميليشيا ((الحرس القومي)) المسلحة بالبنادق الآلية من طراز بورسعيد تداهم المنازل وتقتاد الافا ممن صنفهم الأنقلابيون كأعداء للأمة، وتسوقهم الى مسالخ بشرية أشتهر منها القصر الملكي السابق قصر الرحاب، الذي حول الى مقر لما يدعى بلجنة التحقيقات الخاصة التي ساهم في عملها أمين سر حزب البعث آنذاك علي صالح السعدي، وأعضاء من قيادته منهم حازم جواد ومحسن الشيخ راضي.
في ذلك القصر المرعب جرى تقطيع أوصال سكرتير الحزب الشيوعي حسين الرضي الشهير باسم ((سلام عادل)). في ذلك القصر وغيره من أماكن الإعتقال التي استحدثت بعد أمتلاء السجون عذبت نرجس الصفار، زوجة أحد قادة الحزب أمام طفلها الأصغر نظمي وقتل أبنها الأكبر ناظم، وسالت الدماء وأنتهكت الأعراض، وامتهنت الكرامة الأنسانية.
المأساة وهمجية الإنقلابيين وحدت الضحايا، وجعلتهم لا يذكرون من عهد ما قبل الأنقلاب إلا ما هو جميل، وتحول الضحية الأولى عبد الكريم قاسم الى أيقونة يتعبد في محرابها ضحايا الأنقلاب، وجرى على نحو، ربما غير متعمد، التعتيم عل جوانب سوداء في سياساته وطبيعة نظامه، حتى من الأوساط التي محضته الصداقة الحقة، وكانت ضحية لنهجة المتفرد، وقمعه وملاحقته. مما جعل من الصعب رسم صورة حقيقية عن قاسم وطبيعة نظامه.
فليس بين أجيال اليوم من يعرف أن قاسم أول من عمل على تشويه الحياة السياسية، وأنه عندما أصدر قانون الجمعيات في مطلع عام 1960 إختلق حزبا شيوعيا مزيفا، أوكل قيادته الى شيوعي سابق منشق يدعى داوود الصائغ، ورفض منح ترخيص بالعمل للحزب الشيوعي الحقيقي بزعامة حسين الرضي ((سلام عادل)). وساعد على إصدار جريدة ((المبدأ)) لتنطق باسم الحزب المنتحل، فيما لاحق بالإغلاق جريدة الحزب الشيوعي ((أتحاد الشعب)) التي أضطر الحزب الى معاودة إصدارها سرا تحت أسم ((طريق الشعب)).
ولا تعرف الأجيال الجديدة من الشيوعيين العراقيين، أن قاسم سهل على قتلته الأنقلابيين تصفية الكثير من رفاق حزبهم، ممن كانوا يقبعون في سجونه فكانوا لقمة سائغة للبعثيين لعل أبرزهم عضو اللجنة المركزية حمزة سلمان، وقائد المقاومة الشعبية مهدي حميد وغيرهم.
ولسبب ما امتنعت القيادات الشيوعية المتعاقبة عن نشر تقييم سلام عادل لنظام قاسم وكشفه في خطابه أمام المؤنمر الثاني والعشرين للحزب الشيوعي السوفييتي عن طبيعة الحكم الفردي الدكتاتوري لقاسم، وأعداد أعضاء الحزب وأصدقائه الذين أغتيلوا على يد أعدائهم الذين أطلقت لهم سلطات قاسم حرية قتل الشيوعين، وعن أعداد الشيوعيين الذين تعرضوا للأعتقال والتنكيل على يد تلك السلطات.
#عبدالله_عطية_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟