أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنان علي - البناء الدرامي في القصة القصيرة جدًا قصة (حسوني) للقاص حسن البطران إنموذجًا















المزيد.....

البناء الدرامي في القصة القصيرة جدًا قصة (حسوني) للقاص حسن البطران إنموذجًا


حنان علي

الحوار المتمدن-العدد: 7155 - 2022 / 2 / 7 - 22:27
المحور: الادب والفن
    


قال حسن البطران :
" تناديه حسوني ..!
يصعد الجبل , يلوح بيديه ؛ خذوني إلى حيث تستقر جسدًا, يصل إليها بقلبه حاملًا معه جسده, يتعانقان, تسقط الملاءة البيضاء وتهرب مع الريح, كل منهما يواري سوأة الآخر ..! "
تعددت مشارب الأدب وتنوعت صنوفهِ, ومن ثم تطورت مناهج دراسته ولاسيما البناء الفني الذي يشكل انطلاقة النصّ, واظهار الأفكار من ذهن المؤلف إلى التكوين على شكل نصّ أدبي يحمل كل الصفات الفنية والموضوعية في بنيتهِ.
وكشفت الدراسات عن عمق العلاقة بين الأجناس الأدبية على مستويات عدّة, أتاح لها فرصة التداخل فيما بينها لمزيد من ترابط الرؤية ومضاعفة قيمة التشكيل الأدبي في كل جنس أدبي.
إنّ القارئ للنصوص القصصية القصيرة جدًا يحتاج منه, التدرب والقراءة المتأنية حتى يتسنى له مراجعة الأفكار وبيان أهدافها حتى يصل إلى المقصدية الخاصة بخطاب هذه القصة أو تلك, وحسن البطران تخصص بكتابة هذا الفن الأدبي الذي عالج به قضايا عدّة وفي عالمه التخييل, نقف عند أحدى قصصه القصيرة جدًا حتى نستقرأ الخطاب وآلية تشكيل القصة فنيًا ولاسيما البناء الدرامي دخل متن القصة القصيرة جدًا.
شكلت فكرة الرغبة عمادًا للقصة القصيرة جدًا, والمبنية على لحظة درامية رومانسية بين أثنين يحبان بعض, اخذت ببعض عندما بلغت ذروتها, والبنية الفنية لهذه القصة القصيرة جدًا جاءت ملائمة مع سلسلة الحدث المكون لها, على حسب السمات التي نماز بها هذا الجنس الأدبي.
والعناصر الدرامية ابتداء من الديكور ثم الصراع والحوار من عناصر التشكيل تتردد في القصة القصيرة جدًا بطرق وسبل مختلفة, فمنها ما يتمظهر على نحو بارز وأصيل في تشكيل رؤية واضحة المعالم, ومنها ما يظهر على شكل ملامح وإضاءات تثير الفاعلية في النصوص السردية.
حاول السرد الافادة من فضاءات الدراما على الرغم من الاختلاف بينهما حيث إنّ الدراما تتسع في مساحة خشبة المسرح بينما النصّ الأدبي السردي أم الشعري من الأسلوبية عن طريق تنوع الزوايا التي تظهر فيها المادة الديكورية, وبث شبكة من الدوال في مساحة العمل السردي تبد وكأنها موضوعة بشكل جانبي أو ثانوي, لكنها تقوم بهذه الوظيفة التي تحيط بعناصر السرد وبإشارات وعلامات تغني المشهد السردي.
الحدث داخل متن هذه الحكاية كان الأهم وهو الذي ما أنفك عنها, والمتبادلة بين الشخصيتين, فالفكرة هي بحسب تعبير فرويد (الليبيدو) التي تساوي (الرغبة) عند الإنسان, وبالحديث عن هذه الفكرة لابُد لنا من الوقوف عندها قليلًا والمقصود بها الطاقة تصل بالإنسان إلى قمة اللذة والعيش بالمظاهر الايجابية من حياة جنسية وأعمال فنية إلى جميع أشكال الخلق والابداع, وآمن فرويد بأن هذه الطاقة تتعلق بمظاهر الحياة الجنسية حصرًا , وهذه المظاهر إذا ما كُبتت ولدت حالات انحراف واضطرابات في الشخصية, هذا الذي دعا فرويد للانطلاق في تفسيره للأحلام, وكل أشكال التعبير عن اللاوعي.
ومن هذه الفكرة نطلّ على النصّ السردي, ونذهب صوب عناصر الدراما التي نسجت منها هذه اللوحة القصصية, الحدث وهو منطلق القصة القصيرة جدًا والمقصود به التتابع والتسلسل في البناء السردي داخل المتن الحكائي على أساس سرد أكثر من حدث في القصة من بدايتها إلى نهايتها بصورة تعاقبية من غير انقطاعات في سيرها, ونلحظ شدة التعلق الذي ولد الصراع بين الشخصية نفسها, ويمثل عنصر الصراع العمود الأساسي في البناء الدرامي, فمن دونه لا قيمة للحدث أو لا وجود للحدث, وقد حاول السرد توظيف إمكانيات الصراع عن طريق فكرة ساكنة أو غير ساكنة, أو من خلال الشخصية وبيئته, أو بين الشخصية الواحدة ونفسها, فرغبات الشخصية والمفارقة الحادة بين واقعيتها وفعالياتها الأخرى من العناصر الرئيسة في خلق الموقف الذي ينطوي على الصراع, فمنذ العنوان الذي شكل الباب الأول لدخول إلى عالم النصّ الرحب, فضلا عن جاء بصيغة التصغير لاسم ( حسن ) وجاء بغرض التحبب, فطالما شهدنا استعمال لغة الوّد والتلطف في القصة القصيرة جدًا حيث أورد العنوان بهذه الصيغة حتى يمنح الخطاب تأويلات كثيرة.
وهيمنة الحوار على حدث بين الشخصيتين ( الحبيبين ) مفعمًا بروح الدراما الرومانسية, وهو الدليل على عمق الحب والمشاعر بينهما, فالحركة الدرامية متصاعدة ومتنامية ومتفاعلة بين الطرفين, فضلا عن الانسجام, ساعد ذلك في نقل الحدث السردي من الركود إلى الحركة والنشاط من أجل الوصول إلى فضاء الرغبة بوصفه الانطلاقة النصّ, ومن أجل إشاعة الحياة في البنية القصصية, وتصعيد الحدث والفعل والمساهمة في نمو الفعل الدرامي على عموم النصّ الأدبي وتجسد لمسرح النصّ .
أما الشخصية وهي عنصر آخر من عناصر الدراما, وهذا العنصر يمنح العمل السرد حياته وفعاليته؛ لأنها كائن موهوب بصفات بشرية وملتزم بأحداث بشرية, وتبنى على سجايا عدّة وأبعاد مختلفة، وتتطور بتطور حوادث العمل السردي واحتكاكها بغيرها، وتنمو شيئًا فشيء بصراعها مع الأحداث أو المجتمع، فتتكشف للقارئ كلما تقدم بالقصة، حيث تفاجئه بعواطفها الإنسانية المعقدة بين الحين والحين على نحو مقنع فنياً، وتتحفه بجديد في السلوك والتفكير.
نلحظ التلاؤم بين الشخصيتين داخل القصة فهما كانا في لحظة تمثل التقارب الروحي والجسدي, وتجسد الرغبة بكل عنفوانها التي يشيدت الحدث وشهدت اللحظة, فالحوارية التي دارت بينهما مثلت تلك الرغبة واللحظة, ومن ثم ديناميكية المشهدية داخل البنية الخيالية التي اصطنعها حسن البطران في نصّه .
وإنّ النزعة الحوارية متوافرة في النصّ منذ ولادته, وقد تطورت في الأعمال السردية, وتوحي هذه النزعة عنصر التجاذب بين الشخصيتين داخل المتن الحكائي, ومتخذة منها مساحةً يبوح به القاص ويدلو بما في مخيلته حتى يصدر للمتلقّي أفق مفتوح من القراءات التأويلية, أما عنصريّ الزمان والمكان حيث جسد الواقعية للحدث داخل العمل السردي.
فالمكان والزمان عنصران متلازمان لا يفترقان, فإن المكان ثابت على عكس الزمان المتحرك, وهو في ثبوته واحتوائه للأشياء الحسية المستقرة فيه يدرك بالحواس إدراكا مباشرا؛ ذلك أن المكان صورة أولية ترجع إلى قوة الحساسية الظاهرة التي تشمل حواسنا الخمس, على عكس الزمان الذي يدركه الإنسان إدراكا غير مباشر من خلال فعله فيه, والعلاقة الجامعة بين المكان والإنسان أدت إلى تعضيد العلاقة بينهما, تلك العلاقة التي أخذت في التنامي حتى أصبح المكان واحدًا من القضايا التي يخترقها الإنسان بالبحث بغية التعمق في هذا المحسوس وتمام إدراكه.
حدد القاص المكان في القصة القصيرة جدًا محددها في الجبل والجسد الذين شكلا منطلق الشخصية فضلا عن الفضاء لتخييل الذي سمح به القاص للقارئ بالتأويل والبحث عن حيثيات هذا العنصر في النصّ.
بينما يأتي الزمان الذي يعيد صياغة النصّ ويمنحه بعدًا آخرًا حيث يجسد فيه السرد فتحيله من مجرد زمان عادي إلى زمان ذي طابع ونكهة خصوصية.
وعن طريق الجمل الفعلية التي عكست عنصري الحركة والدهشة داخل القصة نرى القاص يعتمد على زمن الحال والاستقبال, وانتقل بنا عبر هذا العنصر إلى الرغبة العارمة بينهما الشخصية, حينما جاءت المفارقة لتعلن عن بلوغ القمة في العنصر الدهشة .
وبهذا عيشنا القاص حسن البطران في عالمه المتخيل الذي أفرد لنا مساحة واسعة للقراءة والتأويل, وبقصصه المنتمية لجنس القصة قصيرة جدًا .



#حنان_علي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومضيتَ كسرب طير
- أحلام تكسرت
- أيها الحب ... ترنم
- سرّ فراشة
- قراءة نقدية في كتاب حياة الشعر في الكوفة
- موسيقى تضيء نجومها (مشاعروكلمات)
- هاتف المغيب
- غديّ
- خلف الكلمات
- ملامح الاشياء تغيرت
- على مرّ الأيام 4
- على مرّ الأيام 5
- حنايا الروح ( قصة لم تنضج بعد)
- غرام على الورق
- الضفيرة وفتاة
- سلمى أنثى الثلاثين
- إن لم تقبلني
- تراتيل صمت
- سل الفؤاد
- حلوتي


المزيد.....




- إطلاق جائزة فلسطين العالمية للشعر في ختام مهرجان ميديين الدو ...
- رئيس الممثلية الألمانية لدى السلطة في مقابلة مع -القدس- قبل ...
- جدل في أوروبا بعد دعوة -فنان بوتين- إلى مهرجان موسيقي في الج ...
- -المدينة ذات الأسوار الغامضة- رحلة موراكامي إلى الحدود الضبا ...
- مسرحية ترامب المذهلة
- مسرحية كوميدية عن العراق تعرض على مسارح شيكاغو
- بغداد تمنح 30 مليون دينار لـ 6 أفلام صنعها الشباب
- كيف عمّق فيلم -الحراس الخالدون 2- أزمة أبطاله بدلا من إنقاذه ...
- فشل محاولة إقصاء أيمن عودة ومخاوف استهداف التمثيل العربي بال ...
- “أخيراً جميع الحلقات” موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عث ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حنان علي - البناء الدرامي في القصة القصيرة جدًا قصة (حسوني) للقاص حسن البطران إنموذجًا