أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي مقلد - لا تسألوا محبَطاً عن الثورة














المزيد.....

لا تسألوا محبَطاً عن الثورة


محمد علي مقلد
(Mokaled Mohamad Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7153 - 2022 / 2 / 5 - 12:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خطأ شائع
لا تسألوا محبَطاً عن الثورة

لا تصغ إلى محبط يحدثك عن الثورة. اشفق عليه. امسك بيده. قد يكون صادقاً، لكنه مستعجل. قل له العجلة من الشيطان وفي العجلة ندامة. وقل له إن أعمار الثورات لا تقاس بأعمار الرغبات الشخصية. الثورة الفرنسية تناسلت أكثر من ثلاث مرات خلال قرن، ثورة على الثورة وثورة مضادة وثورة داخل الثورة؛ والديمقراطية لم تعثر بعد على تجسيد نهائي لحلم الحرية رغم مرور قرنين ونصف على ولادتها.
يستكثر المحبط إسم الثورة على 17 تشرين ، ولا يرى فيها سوى انتفاضة أو تحرك، ويتساءل أين هي الثورة اللبنانية؟ أين هي الجماهير التي ملأت الساحات والشوارع من الناقورة حتى النهر الكبير منذ عامين ونيف؟
يستغرب المحبط كيف لا يخرج الناس على الحاكم بسيوفهم - رحم الله أبا ذر الغفاري- بعد هذا الانهيار النقدي الكبير وكانت زيادة سنتات قليلة على ضريبة التواصل قد أخرجتهم ذات يوم غاضبين.
قد يكون المحبط من النخبة، صحافياً، كاتباً، شاعراً، مثقفاً، ويفاجئك ببكائيات ونعي لتضحيات المناضلين من مثل، لبنان القديم مات، يا ضيعانك يا لبنان، انهارت الصيغة والكيان، وكلام كثير عن مخاوف من تحضيرات لحرب أهلية ومؤتمر تأسيسي وكل الصور القاتمة عن موت محتم للثورة ومستقبل مظلم للوطن.
قيل للصحافي الصديق نصري الصايغ إن مقالاته "جنازة كلامية". فرد بقوله، "أعتذر من كلِّ يائسٍ، لُبنانك الجميل قد توارى والأفق مغلق، ولا إرهاصات تفصح عن بصيص أمل".
كثيرون على صفحات التواصل يشبهونه بالتشاؤم والاحباط وبصدق انتمائهم إلى حلم بوطن خال من الطائفية ومن مفاسد السياسيين.
ينجم الاحباط عن مفاهيم مغلوطة عن الثورة والإصلاح أو عن صور عنهما نمطية متعددة ومتنوعة، من الثورة الفرنسية إلى السوفياتية إلى ما سمي ثورات من حولنا في بلدان الانقلابات التي قادها ضباط أو معمّمون.
المهمة الأولى لدى كل ثورة هي الاستيلاء على السلطة، وهي مهمة االانقلابات أيضاً. لكن الثورة، خلافاً للانقلاب، تستكمل عملية التغيير في كل ما يتعلق بإدارة الشأن العام، في الاقتصاد والثقافة والتربية والقوانين والقضاء. هي المهمة الأسهل. الأصعب هو إعادة بناء الدولة وترسيخ الأسس والقيم المتعلقة بالسيادة والقانون والديمقراطية.
هنا بالضبط يكمن جوهر المآثر التي تنسب إلى الثورة اللبنانية وحدها دون ثورات الربيع العربي. فهي قررت استبدال اسقاط النظام بتطبيق النظام، واستبدال السلطة بالديمقراطية لا بالانقلاب، ومواجهتها بالنضال السلمي لا بالعنف المسلح. بهذه المعايير يمكن تعداد إنجازات كثيرة العدد وكبيرة الحجم بفعلها ومآلاتها.
أولها أنها رفعت القناع عن صراع كاذب بين سلطة ومعارضة من الطينة ذاتها، وعن تعايش فاضح بينهما في البرلمان وفي الحكومات، وعن دور ميليشيات مسلحة وأخرى غير مسلحة اغتصبت تنظيم حياة اللبنانيين في السلم وفي الحرب وفي مرحلة الوصاية.
وثانيها أنها أثبتت حرص اللبنانيين على الوحدة الوطنية وفضحت كيف يستخدم الحاكم الطائفية سلاحاً للتفرقة وقناعاً للفساد وغطاء للمحاصصة.
لأول مرة في تاريخ الجمهورية تنشأ معارضة من غير طينة السلطة، قوامها أهل الثورة وعدد من نواب الأمة بعد استقالتهم من البرلمان ووقوفهم إلى جانب المطالب الشعبية. ولأول مرة تستقيل حكومتان تحت ضغط الثوار وينحاز رئيس أحداهما للثورة، وتمتنع أحزاب عن تجديد مشاركتها في الحكومة، ولأول مرة يشكل المسؤولون عن الفساد والانهيار وحدهم الحكومة معزولين في العراء من غير غطاء.
ولأول مرة لم يعد البت بالقضايا المتعلقة بالشأن المالي والاقتصادي والسياسي أو ببرنامج الحكومة وميزانيتها أمراً يقرره المتحاصصون في الكواليس والغرف السوداء، بل صارت بقوة الثورة مادة للنقاش على أوسع نطاق في وسائل الإعلام وبين أهل الاختصاص.
ولأول مرة يهتز كيان المنظومة الحاكمة ويتزعزع تماسكها وترتعد فرائصها فتلجأ، وهذا دليل على ضعفها لا على قوتها، إلى استخدام العنف والسلاح الناري وإنزال الميليشيات الحزبية لقمع الثوار،بهدف استدراجهم إلى عنف مضاد، لكن مستوى رفيعاً من الوعي والحكمة لدى جمهور الثوار أجهض خطط النافخين في أبواق التحريض الطائفي والمذهبي وفي نار الحرب الأهلية.
ظاهرياً، لم تنجز الثورة تغييراً ملموساً. والمسؤولون عن الأزمة ما زالوا يعملون على دفع الأوضاع نحو الانهيار. لكن الثورة وضعت قطار التغيير على سكته الصحيحة لأول مرة حين طرحت على بساط البحث قضية إعادة تشكيل السلطة السياسية وقضية السيادة الوطنية وقضية الديمقراطية كأولويات بديلاً من استبدال الطاقم السياسي بآخر يشبهه.
لم يبلغ ثمر الثورة مرحلة العنب. هو حصرم لكنه ليس في حلب. المسار طويل وصعب ومعقد. الانتخابات النقابية والطلابية تمرين مفيد ينبغي أن نستفيد من دروسه في الانتخابات النيابية القادمة، وأهم هذه الدروس تجميع قوى المعارضة وقوى الثورة لإحداث خرق في جدار الأزمة السميك.
الثورة لم تحرز انتصارها بعد على قوى السلطة، لكنها أرست أساساً متيناً يبنى عليه. أما الاعتقاد بأن الثورة ماتت فهو من الأخطاء الشائعة.



#محمد_علي_مقلد (هاشتاغ)       Mokaled_Mohamad_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صراع الغرب مع الشرق والمسيحي مع المسلم
- ما هكذا يا سعد تورد الإبل
- التحرر الوطني خطأ شاسع
- النقد المحرّم في الأحزاب
- تشييع الشيوعي
- النظام ليس طائفياً أهل النظام طائفيون
- الاستعمار خطأ شائع
- حين يصير القاضي وزيراً
- لبنان الكبيرخطأ شائع ؟
- خطأ شائع كميل شمعون وعبد الناصر
- -خطأ شائع- حروب الآخرين
- صاحب الغبطة: يمثلني، لا يمثلني؟
- الرميلة بين المناضل والميليشيوي
- الثورة والانتخابات
- علاقات حزبية أم مخابراتية أم إنسانية؟
- من مآثر موسى الصدر
- دروس انتخابية من تجربتي مع الحزب الشيوعي (3من4)
- ضرائب نضالية: حين يكون القرار بيد القاعدة الحزبية
- الشيعية السياسية: تعلموا من أخطائكم
- نبيه بري الخاسر الأكبر


المزيد.....




- ثوران بركان في إندونيسيا يتسبب بإلغاء عشرات الرحلات إلى بالي ...
- -كل اللي فات إشاعات-.. محمد رمضان يعلن عن الصلح بين نجله وزم ...
- وفاة الطاهية والشخصية التلفزيونية الشهيرة آن بوريل عن عمر 55 ...
- السعودية.. حرب بين قرود أبها والطائف!
- ناطق باسم الجيش الإسرائيلي يرد على أنباء مقتله بفيديو: -لست ...
- بسبب ترامب.. -الغارديان-: زيلينسكي قد يغيب عن قمة -الناتو- ا ...
- دول الترويكا الأوروبية تعرب عن استعدادها لمواصلة المفاوضات م ...
- غروسي: تلوث إشعاعي في منشأة -نطنز- النووية
- كنايسل: التصعيد بين واشنطن وطهران لم يصل إلى مواجهة شاملة وا ...
- ما هي مخاطر الإشعاع النووي على إيران ومنطقة الخليج؟


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي مقلد - لا تسألوا محبَطاً عن الثورة