أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي مقلد - الاستعمار خطأ شائع















المزيد.....

الاستعمار خطأ شائع


محمد علي مقلد
(Mokaled Mohamad Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7119 - 2021 / 12 / 27 - 12:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


خطأ شائع
الاستعمار خطأ شائع

يؤرخ إريك هوبزباوم في أربع مجلدات تاريخ الرأسمالية، فيقول إن الاستعمار، في الفترة بين عامي 1876 و1915 كان قد وزع أو أعاد توزيع ربع مساحة المعمورة كمستعمرات بين ست دول كبرى، بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبليجيكا وإيطاليا وإسبانيا. أما المؤرخ فرناند بروديل فيحدد، في كتابه الضخم، عن المتوسط ومحيطه، تاريخ النزوع الاستعماري للرأسمالية بسقوط غرناطة واكتشاف أميركا، أي في العام 1492.
طيلة أربعة قرون ممتدة من التاريخ الأقدم، بداية القرن السادس عشر، حتى الأقرب، بداية القرن العشرين، لم يخضع المشرق العربي للسيطرة الاستعمارية، بل كان جزءاً من السلطنة العثمانية. ومن صدف التاريخ أن المرحلة الاستعمارية، وهي وليدة الحضارة الرأسمالية، تزامنت بولادتها وموتها مع حكم السلطنة، فلم يترك التاريخ لبلدان المشرق العربي فسحة للوقوع تحت سيطرة الاستعمار، بل إن هذه المنطقة انتقلت من السيطرة العثمانية إلى الاستقلال مباشرة بمساعدة الانتداب الفرنسي الذي أسس الدولتين السورية واللبنانية، والأنكليزي الذي أشرف على تأسيس الكيان الصهيوني. ففي لبنان تم الإعلان عن لبنان الكبير عام 1920، وعن الدستور اللبناني عام 1926، وعن الاستقلال عام 1943.
الحرب العالمية الثانية أعلنت نهاية الصيغة القديمة من الاستعمار بالاحتلال المباشر، باستثناءات قليلة على الكرة الأرضية من بينها في العالم العربي تونس التي استقلت في الخمسينات والجزائر في الستينات من القرن العشرين. إذن ما هي العناصر التي استندت إليها بعض التحليلات لتتخذ موقفاً سلبياً من اتفاقية سايكس بيكو ثم من لبنان الكبير في ما بعد؟ لا شك في أن ذلك ناجم عن تفسير مغلوط للظاهرة الرأسمالية وعلاقتها بالاستعمار، وعن فهم مغلوط لما حصل من تطورات هامة وخطيرة في تطور الرأسمالية وفي التنافس التجاري والعسكري بين الدول الاستعمارية، الذي بلغ ذروته في الحربين العالميتين.
من بين الحجج التي استخدمها المعترضون على لبنان الكبير اعتقادهم أن لبنان هو صنيعة استعمارية. مئوية كاملة والمشرق العربي، ومنه لبنان، يعيش التباساً مزدوجاً، فهو، من جهة، يطالب بالتحرر من الاستعمار، مع أن نهاية الاستعمار في العالم تزامنت مع استقلال الدول العربية، ومن جهة أخرى، يظن أنه أنجز استقلاله بجلاء القوات الأجنبية الغربية، مع أن فترة الانتداب القصيرة ساعدت الولايات في المشرق العربي على التحرر من سيطرة السلطنة العثمانية، واستحدثت فيها ثلاثة أوطان وثلاث دول، لبنان وسوريا والعراق، على غرار ما حصل في أوروبا بعد الثورة الفرنسية.
هذه الحقائق عن تاريخ الاستعمار لا تلغيها جريمة الانتداب الإنكليزي الذي تولى حل المشكلة اليهودية في أوروبا على حساب الشعب الفلسطيني. ذلك أن بناء الأوطان الثلاثة في المشرق العربي، مضافاً إليها تمويل الاستيطان في فلسطين وتنظيمه وحمايته وإقامة دولة في شرق الأردن، كل ذلك هو صنيعة الانتداب. فما الذي صنعته اتفاقية سايكس بيكو، وهل هي مؤامرة على الأمة، وهل كان لبنان خطأ تاريخاً أو جغرافياً؟
صحيح أن الانتداب استحدث أوطاناً لم تكن موجودة من ذي قبل، ورسم لها حدوداً. لكن الجديد فيها لم يكن تعديلاً على حدود قديمة ولا كان تجزئة لكيانات كبرى موحدة، بل هو تعامل مع هذه المنطقة مثلما سبق للحضارة الرأسمالية أن تعاملت مع الكيانات والأوطان والحدود المستحدثة بين الدول في أوروبا غداة الثورة الفرنسية. فما الذي فعلته الرأسمالية في أوروبا ثم تعاملت معنا به بالسوية ذاتها؟
يقول هوبزباوم في ثلاثيته الضخمة عن تاريخ الرأسمالية إن الحروب داخل القارة، بعد الثورة الفرنسسية، أفضت إلى نتائج حاسمة، فأعيد رسم خارطة الكيانات القائمة، وانتقلت السيطرة على النرويج من الدانمراك إلى السويد، وتوحدت هولندا وبلجيكا، بعد أن كانت خاضعة لمملكة النمسا، ودخلت تحت السيطرة الروسية فنلندا وجزء كبير من بولندا وعدد من المقاطعات الإيطالية، ونالت اليونان استقلالها بدعم روسي بريطاني وتحولت إلى مملكة يحكمها أحد الأمراء الألمان. وتمكن نموذج الثورة الفرنسية من القضاء على الكثير من الكيانات التي كانت معروفة في ظل الحضارة الإقطاعية، وتوحدت المدن|الدول الإيطالية كما توحدت المقاطعات الجرمانية واستقلت المجر عن مملكة هابسبورغ وتشيكيا عن النمسا واستقلت اليونان وبلغاريا عن السلطنة العثمانية وتحولت بعض المقاطعات إلى دول، مثل رومانيا التي تشكلت من مقاطعتين كانتا تحت السيطرة العثمانية، أو بولندا التي كانت السيطرة عليها محل تنازع بين بروسيا وروسيا، أو سويسرا وبلجيكا اللتين تضم كل منهما أكثر من قومية. ويختم هوبزباوم عرضه بالقول، إن "الدول" الأوروبية كلها، ماعدا بريطانيا، تغيرت تغيراً جوهرياً وتغيرت رقعتها وأراضيها أحياناً بين عامي 1856 و1871
صحيح أن اتفاقية سايكس بيكو رسمت حدوداً لدول وأوطان لم تكن موجودة من ذي قبل. لكنها نقلت التجربة الأوروبية بشكل شبه حرفي، فتعاملت مع هذه المساحة الجغرافية الممتدة بين المتوسط والخليج العربي بالطريقة ذاتها التي صورها هابزباوم. فقد كانت أوروبا كلها في عصر الأنوار تشبه، إلى حد ما، بلاد الشام التي تضم سوريا ولبنان بعضاً من فلسطين والعراق. كانت أوروبا ما قبل الثورة الفرنسية موزعة على إمارات ومحكومة من ثلاث ممالك كبرى، إسبانيا وهابسبرغ وفرنسا، فضلاً عن بريطانيا خارج القارة والقيصرية الروسية في الشرق.
بتعبير آخر، كانت علاقة هذه الممالك بالإمارات أو المقاطعات تشبه علاقة السلطنة بالولايات الخاضعة لها في العالم العربي. وحين قررت أوروبا الانتقال من عصر الممالك والإمارات إلى عصر الدولة الحديثة، أعادت رسم الحدود لتبني كيانات جديدة حمل كل منها إسم الوطن، أخذاً بعين الاعتبار، إضافة إلى اللغة والعادات والتقاليد والبنية الاقتصادية، الإمكانات البشرية المتوفرة لإدارة شؤون هذه الأوطان، بما يخدم عملية الانتقال من حضارة الزراعة إلى الحضارة الرأسمالية، وبما يؤمّن استقرار التوازنات بين مراكز القوى في أوروبا. وقد أدى اختلالها إلى دخول تلك القوى في حربين عالميتين.
في لبنان، تحديداً في لبنان، الدعوة إلى النضال ضد الاستعمار تضليل ثقافي مقصود قومي وأممي ضد الرأسمالية. في لبنان تحديداً وفي سائر المشرق العربي، الكلام عن الاستعمار خطأ شائع.



#محمد_علي_مقلد (هاشتاغ)       Mokaled_Mohamad_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حين يصير القاضي وزيراً
- لبنان الكبيرخطأ شائع ؟
- خطأ شائع كميل شمعون وعبد الناصر
- -خطأ شائع- حروب الآخرين
- صاحب الغبطة: يمثلني، لا يمثلني؟
- الرميلة بين المناضل والميليشيوي
- الثورة والانتخابات
- علاقات حزبية أم مخابراتية أم إنسانية؟
- من مآثر موسى الصدر
- دروس انتخابية من تجربتي مع الحزب الشيوعي (3من4)
- ضرائب نضالية: حين يكون القرار بيد القاعدة الحزبية
- الشيعية السياسية: تعلموا من أخطائكم
- نبيه بري الخاسر الأكبر
- الشيعية السياسية وليس الشيعة
- حبيب صادق: مفرد بصيغة الجمع
- دروس انتخابية من تجربتي مع الحزب الشيوعي(2من4)
- الخروج المبكر من الجامعة
- دروس انتخابية من تجربتي مع الحزب الشيوعي(1من 4)
- الجامعة اللبنانية دخلتها متأخرا وخرجت منها مبكراً
- الثورة وبرلمان 2022


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي مقلد - الاستعمار خطأ شائع