أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حميد كشكولي - ملوك الطوائف في أرض الرافدين














المزيد.....

ملوك الطوائف في أرض الرافدين


حميد كشكولي
(Hamid Kashkoli)


الحوار المتمدن-العدد: 1662 - 2006 / 9 / 3 - 09:55
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ما أشبة اليوم بالبارحة !
لقد بدأ عصر ملوك الطوائف ، وفق ما أورده المؤرخون ، بالدولة الأموية بالأندلس ليتجه كل واحد منهم إلى بناء دويلة صغيرة على أملاكه ومقاطعاته، ويؤسس أسرة حاكمة من أهله وذويه. ولكن ّ مظاهره كانت سائدة في الشرق في أكثر الفترات ، متمثلة برؤساء القبائل والعشائر الذين يمتلكون من القوة والنفوذ بحيث يفرضون شروطهم على الحكومة التي تمارس عليهم سلطات شكلية. تتجسد ظاهرة ملوك الطوائف في كُردستان بالأحزاب القومية ، و في بقية العراق بالأحزاب والقوى المذهبية ، أو خبطة من المذهبية والعصبية القومية.
ولعل من أهم مظاهر عصر ملوك الطوائف أنه عصر الاضطراب والفوضى والفتن، وكانت فرصة سانحة لكى يقوى شأن القوى والدول الخارجية، ويزداد نفوذها في ممالك الطوائف، وخاصة عندما يستعين بها ملوك الطوائف فى صراعاتهم مع بعضهم البعض ، أو لتقوية نفوذهم وسلطاتهم. ومن سمات ممالك الطوائف التي تميز بها ملوك طوائف الندلس وبلدان الشرق في الماضي ، ولا تزال تميز ملوك الطوائف المتمصلين برؤساء العشائر اليوم:

1- حالة الترف الشديد والتنعم المفسد ، وما يستتبع ذلك من انهيار مقومات الدولة العصرية ، وانعدام الأمن والأمان في البلاد .
2- اقتتال هذه الدويلات فيما بينها، وقيام المعارك الطاحنة بين الكيانات المختلفة السياسية والعشائرية والمذهبية ، من أجل أطماع شخصية ومكاسب مادية على حساب الأكثرية المحرومة من العمال والفلاحين والكادحين .
3- شيوع المنكرات والفساد من انتشار المخدرات وغيرها.
4- التوسع في مسألة الاستعانة بالقوى الخارجية ، بسبب كثرة الاقتتال الداخلي ، وكل فريق من المتنافسين يستعين بدولة خارجية ، بعد أن يتنازل لها عما تشترط عليه من مقدرات الشعب وأملاكهم ، وكلّ ذلك من أجل أن يهزم مواطنيه ، أو الفرق الأخرى المتزاحمة معه.
حقا ، ماأشبه اليوم بالبارحة!
فمنذ سقوط النظام البعثي برزت قوى وعشائر وأطراف عديدة ذات نفوذ تتميز بتلك السمات أعلاه. و حين يتقدم رؤساء العشائر العراقية ، بحلولهم لمأساة العراقيين ، بعد أن استدعتهم حكومة المالكي لما يسمى بمشروع المصالحة ، بعد تفاقم الوضع ووخامته بسبب الاحتلال الإمبريالي ، و تزايد سلطات المليشيات الشيعية والسنية والبعثية والعشائرية ، و تراجع الأمان الإجتماعي و الإقتصادي و ضعف المستوى الفكري و الثقافي ، فأصبحت العشيرة هي المؤسسة التي تتطلع إليها حكومة المالكي لتوفر الامان الاجتماعي والسياسي والشخصي وحتى جزء من الأمان الاقتصادي للمواطنين. وكل عشيرة أمست مملكة ، رئيس العشيرة هو الملك ، و مجلسه عبارة عن وزرائه ومستشاريه ، و أن أكثر العشائر لها أعلامها الخاصة وراياتها وشعاراتها ، واقتصادها ومصادر تمويلها.
لقد لجأت الحكومة العراقية إلى العشائر لتساهم في حل مشكلة الفساد والإرهاب وانعدام الأمن والخدمات ، في وقت يدرك أي مواطن بسيط أن العشائر لا تقوم لها قائمة بدون تفشي الفساد ، وانعدام الأمن ، وانهيار بنى المجتمع الإقتصادية والإجتماعية والثقافية.

فالعشائرية حالة من التجميع العصبوي والدموي، حالة تقوم على تراتبية طبقية في الأساس ، وإن كانت مخفية ومموهة، وبالتالي تقوم على مصالح أنانية ليست بمصالح الجماهير المحرومة ، بل متناقضة معها . وهي حالة سلبية ورجعية ومغرقة في ما هو قبل القروسطية أيضا، أي أنها خارج روح العصر وبالتالي فهي معيقة لتطوير مجتمع معافى. وهذا ما يجعل التسليم بوجودها أمراً محرجاً حضاريا ومدعاة للقلق وليس مدعاة للتحالف معها، أو اشراكها في العملية السياسية في بلد جريح.
وعليه، فإن استدعاء الحكومة للعشائر لحل مسألة المأساة العراقية ، يكشف لنا عن ضعف قوى اليسار والإشتراكية ، وهشاشة الحركة الوطنية العراقية و تفسخها ، وعن اختلال الانتماء ، او عن براجماتية من المستوى الادنى. وهذا يكشف ايضا عن مسألة هامة، وهي لا تنحصر في ان الأطراف التي تحكم رسميا بعد سقوط النظام البعثي ، عاجزة عن التحول الى قوى سياسية مؤهلة لحكم العراق ، بل ايضا ان القوى السياسية والنخب الثقافية تقوم عن قصد بانعاش العشائرية بإخراجها من كمونها للاستفادة منها لتلبية مصلحة ضيقة ومحصورة في مرحلة معينة، وهذا ليس سلوكا حضاريا و عصريا . بسلوك كهذا يتم في الحقيقة او في النهاية توظيف السياسي لخدمة العشائري، وليس العكس لأن ارتكاز السياسي على العشائري هو ردة الى الوراء في مجتمع تعبان و جريح ، يستلطف ويستعذب الارتداد مما يجعل إعادة إنهاضه عالي الكلفة.
والعشيرة هي مغتصب المرأة وعدوها الذي يعلن عن نفسه جهارا نهارا بفجاجة وصلف، مهما ادّعت بأن المرأة مقدّسة ، و أنّ الجنّة تحت أقدام الأمّهات ، كما أنها ضد العامل والفلاح والكادح ، لأنها ضد المعمل والبناء والحداثة و الثقافة والمدنية ، كما بينت عاليه، وإذا كانت هي ضد كل هؤلاء، فمن هو حليفها ومعسكرها؟ إنه النخبة السياسية الحاكمة والنخبة الثقافية المنافقة المحيطة بها، و المهربون وقطاع الطرق .

وقد أمست اليوم العشائرية المتطفلة على خرائب البلد وأشلاء الناس المظلومين و الظلمات التي تخيم ّ على الحياة في العراق، أمست الوجهّ الآخر للبرجوازية الوطنية التي أمست قوة رجعية متخلفة وفاسدة و أكثر شوفينية ، عاجزة عن تحقيق أي خطوة تقدمية وإنسانية شريفة في سبيل مجتمع مدني وعصري ودولة القانون ، فليس اليوم أمام اليسار الإشتراكي التقدمي والماركسيين باعتبارهم القوة التقدمية الوحيدة في عصر العولمة ، سوى تنظيم قوتهم في جبهة تقدمية إشتراكية غير قومية في سبيل مواجهة هذه الأوضاع الوخيمة والمأساوية ، والعمل على تنظيف العراق من القوى الرجعية والعميلة و سلطاتهم المافيوية.

السبت‏، 02‏ أيلول‏، 2006



#حميد_كشكولي (هاشتاغ)       Hamid_Kashkoli#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نجيب محفوظ الحاضر أبدا في بيوتنا
- الخيبة الأخلاقية للسلطات الكُردية
- خبز في -طاسلوجة- مغموس بدم الفجر
- جماهير لبنان ليست وحدها في مواجهة العدوان الإمبريالي الآثم
- جبهة البشرية المتمدنة و الإنسانية كفيل بإيقاف العدوان الإسرا ...
- الكابيتلاسيون في صيغته العولمية
- آن لعينك أن تستريح
- رؤوس لضحايا معلومي الهوية الفدرالية والديمقراطية
- لتوصد بوابات الجحيم
- كأس العالم وتسليع مشاعر الجماهير
- الهوية الإنسانية بديل الشيوعيين عن الهويات القومية والطائفية ...
- !جعلت ِ من رفرفة الموتِ ترنيمة الأبدية ، يا أماه
- Good Kurds , Bad Kurds
- حرب أمريكا على إيران نعمة إلهية أخرى للنظام الإيراني
- بابلو نيرودا: سأوضح لكم بعض الأشياء
- السلاح السويدي وانتهاك حقوق الإنسان
- لماذا قمع حرية الفكاهة والأدب الساخر؟
- ولادة المسافات
- ذهول الشقائق في حنجرة الماء
- جراح حلبجة تلتهب


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حميد كشكولي - ملوك الطوائف في أرض الرافدين