أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نهاد ابو غوش - هبّة النقب














المزيد.....

هبّة النقب


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 7137 - 2022 / 1 / 16 - 11:35
المحور: القضية الفلسطينية
    


نهاد أبو غوش
أعادت المواجهات الأخيرة التي وقعت الأسبوع الماضي في منطقة النقب المحتلة عام 1948، إبراز جملة من الحقائق التي كان بعضها مُغيّبا أو خافيا على كثير من المتابعين والمهتمين حتى في أوساط شعبنا الفلسطيني وقواه السياسية، وبشكل أوسع على متابعي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي من الخارج بما في ذلك وسائل الإعلام العربية ومنظمات حقوق الإنسان والجهات الدولية المحايدة.
فالمواجهات التي تركزت في قرية سعوة الأطرش يمكن تلخيصها بجملة واحدة مفادها "استمرار مخطط التطهير العرقي"، وهو المخطط عينه الذي يواجهه الفلسطينيون في القدس كما في مسافر يطا والتواني جنوب الخليل أو في الأغوار وسائر الأراضي المحتلة في الضفة والمناطق المحتلة عام 1948. قد تختلف التفاصيل بين موقع وآخر، لكن الجوهر واحد حيث تواجه إسرائيل بكل أدواتها العسكرية والأمنية والقمعية، ومعززة بقوانينها العنصرية، جماهير فلسطينية عزلاء تواجه هذه المخططات بأيديها وصدورها وإيمانها المطلق بحقها في البقاء على أرضها.
لم تكن أحداث قرية الأطرش هي الأولى في مسلسل صراع البقاء للفلسطينيين البدو في النقب، فقد سبقها هدم قرية العراقيب (وهي ليست أكثر من بيوت مؤقتة بسيطة من الخشب والصفيح والبلاستيك ) لنحو مئتي مرة منذ العام 2010 وحتى الآن. واستشهاد المعلم يعقوب أبو القيعان في قرية ام الحيران قبل أربع سنوات، والذي لجأت أجهزة الأمن والقضاء الإسرائيلي للفلفة قضيته وإخفاء الأدلة حول ظروف استشهاده. والأخطر من كل ذلك هو مخطط "برافر" العنصري الذي تبنته الحكومة الإسرائيلية قبل نحو أحد عشر عاما، ثم تراجعت عنه ظاهريا بعد المقاومة الباسلة التي أبداها فلسطينيو الداخل في كل أماكن تواجدهم، إلا أن السلطات الإسرائيلية واصلت تنفيذ المخطط من الناحية العملية على الرغم من تراجعها الرسمي، وهذا هو شأن إسرائيل في العديد من المخططات والمشاريع الإشكالية: تتراجع عنها ظاهريا وتنفذها بشكل عملي كما يحصل الآن مع مخطط ضم المناطق المصنفة (ج) في الضفة، أو مخطط القدس الكبرى بضم منطقة E1 لمنطقة نفوذ بلدية القدس الكبرى.
وإذا كان جميع أبناء وبنات الشعب الفلسطيني يكتوون بشكل يومي من آثار سياسة الاحتلال سواء من خلال عمليات التهجير والاقتلاع التي تعرض لها آباؤهم وأجدادهم فحرمتهم من أبسط حقوق الإنسان الطبيعية وهي الانتماء ل"وطن" ما على وجه هذه الأرض الفسيحة، أو من خلال سياسات الاحتلال والبطش والتمييز العنصري، إلا أن الأحداث الأخيرة في النقب كشفت عن أن فلسطينيي النقب هم أشد فئات الشعب الفلسطيني معاناة من سياسات الاحتلال وممارساته وجرائمه، وأكثرها تعرضا لمخططات التطهير العرقي على الرغم من امتلاكهم للجنسية الإسرائيلية وحق الانتخاب للبرلمان الإسرائيلي (الكنيست) ، واضطرار بعض شبابهم للعمل في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي وأجهزته الأمنية، وهذا موضوع شائك ومتشعب كما هو موضوع الخدمة الإجبارية التي فرضت على أبناء شعبنا من طائفة الموحدين الدروز، لكن الثابت أن الجنود البدو يخدمون في المراتب الدنيا ضمن الوحدات التي يكون أفرادها هم الأكثر عرضة للخطر، أو التي يأنف اليهود العاديون من العمل فيها. رغم كل ما سبق فإن أكثر من اربعين قرية بدوية في النقب غير معترف بها، ويحرم أهلها من جميع الخدمات الأساسية مثل المياه الصالحة للشرب، والكهرباء والطرق والمدارس والعيادات، ما يضطر أطفالها للسير عدة كيلومترات يوميا في أقسى الظروف من أجل الوصول إلى أقرب مدرسة، وهي الحالة التي يواجهها المرضى والمسنّون وعموم المواطنين.
تدّعي دولة إسرائيل بأنها تريد توطين البدو وتمدينهم بنقلهم إلى قرى وبلدات مدنية حديثة تتوفر فيها الخدمات الأساسية، ويسمّون هذه الاماكن المقترحة ب" بلدات التركيز" ، لكن هذه الخطة لم تنطل على الفلسطينيين البدو لأن ثمنها هو التنازل عن ثمانمائة ألف دونم من ارض آبائهم وأجدادهم، كما أن هذا الشكل من التجميع والتركيز في أحياء مزدحمة ومكعبات اسمنتية لا ينسجم بتاتا مع نمط الحياة الذي اعتاد عليه البدو عبر تاريخهم ولا مع تقاليدهم وظروف معيشتهم الاقتصادية والاجتماعية، وهو ما باتوا يعرفونه حق المعرفة من خلال النماذج البلدية التي أقاموها لتوطين البدو مثل مدينتي راهط وتل السبع، فمع تدهور مؤسسات التعليم وانعدام الخدمات، يُراد لفلسطينيي النقب أن يهجروا أراضيهم ونمط حياتهم الذي نشأوا عليه ليتحولوا إلى عمالة رخيصة في المزارع والمنشآت التي أقامتها إسرائيل على أرضهم، وحيث يجري تخصيص مساحات واسعة جدا من هذه الأراضي للمستوطنات والمزارع الإسرائيلية الحديثة التي تسحب إليها مياه نهر الأردن.
يواجه أهلنا في النقب هذه المخططات العنصرية بكل بسالة وشجاعة، وأظهرت الأحداث الأخيرة ( إلى جانب ما كشفته عن قسوة المحتلين) تطورات مهمة في أشكال المجابهة ابرزها مشاركة مزيد من الفتيات والنساء والفئات الواعية المتعلمة في المواجهات، وتطور أشكال التنظيم الذاتي، وقدرة المحتجين على إيضال رسالتهم إلى كل انحاء العالم من خلال وسائل الاتصالات والتواصل الحديثة. اما ابرز ما كشفته هذه المواجهات أو الهبة الأخيرة، فهو عقم مراهنة بعض القوى السياسية في الداخل على إمكانية الاندماج في المشروع الإسرائيلي الصهيوني من خلال مقايضة الحقوق الوطنية والتخلي عن الانتماء للشعب الفلسطيني وقضيته ببعض المكاسب والتنفيعات، كما فعلت القائمة العربية الموحدة التي انضمت لحكومة بينيت- لابيد، لأن جميع العرب والفلسطينيين هم عرب وفلسطينيون وفق المنطق العنصري، فالعربي الجيد هو العربي الميت كما قال آباء الحركة الصهيونية، وترجمة ذلك في هذه المرحلة أن العربي الجيد هو من يتخلى عن أرضه وجميع حقوقه والأفضل أن يتركها نهائيا.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ميول وتوجهات الشباب العربي والبيئة ( 3 من 3)
- ميول وتوجهات الشباب العربي والبيئة ( 2 من 3)
- ميول وتوجهات الشباب العربي والبيئة (1)
- التعايش مع الأخطاء والتجاوزات وتوريث الأبناء للمواقع والمسؤو ...
- أطفالنا وجحيم العمل في المستوطنات
- فلسطين وفرص اندلاع الانتفاضة الثالثة
- عاشت الذكرى .. فهل تدوم الثورة؟
- اليسار الفلسطيني وتحديات المرحلة المقبلة ( 2 من 2)
- اليسار الفلسطيني وتحديات المرحلة المقبلة ( 1 من 2)
- إسرائيل تتصرف بمنطق العصابة لا الدولة
- أضرار اللقاء أكثر من فوائده
- عام جديد مفتوح على تطورات مهمة للقضية الفلسطينية
- الأزمات الذاتية تمنع الاستفادة من التضحيات الفلسطينية الهائل ...
- ما الذي تخشاه إسرائيل من الاتفاق النووي مع إيران
- لمن تقدم اوراق اعتمادك يا منصور؟
- برقة ليست وحدها!
- السيد المسيح ولد في فلسطين
- دور المستوطنين يتكامل مع مشاريع حكومتهم للضم والتهويد
- إسرائيل والقدرة على تنفيذ عدوان منفرد ضد إيران (2)
- قدرة إسرائيل على شنّ عدوان منفرد على إيران (1)


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نهاد ابو غوش - هبّة النقب