فتش عن الاستعمار

عدلي عبد القوي العبسي

الحوار المتمدن-العدد: 7125 - 2022 / 1 / 3 - 23:14
المحور: الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني
    

اذا جعلت من الاستعمار قديمه وجديده شماعه تعلق عليها الاخطاء والمصائب والكوارث
فيما حل بشعوب امتنا العربيه والاسلاميه بل وشعوب الجنوب ككل
فانك تكون على صواب

ولو قلت في مستهل كل حكايه خراب وحكايه جمود وحكايه صراع جانبي عبثي
وحكايه ثوره مضاده وحكايه سقوط او انتكاسه
وحكايه رده ثوريه وحكايه سقوط نظام سياسي وطني
وحكايه فشل مسار تنموي
لوقلت في مستهل كل حكايه من هذه الحكايات
"في البدء كان الاستعمار " وفي المنتهى ايضا
تكون على صواب
نعم وبنسبه عاليه جدا

فاصرخ بملء فيك هي التبعيه يا صديقي لعنه هذا الزمان
وهو النظام البنيوي الكولونيالي
البغيض الاساس في كل هذا الواقع المرير
واستحضر حين التفكير في هذا ابرز افكار الاستاذ الشهيد مهدي عامل في هذا الخصوص

اصرخ ايضا بملء فيك وقل هو الغزو المتجدد و الاساليب المتجدده للهيمنه وهي كل العناوين والمفردات المخادعه التي تسمعها
اعاده الانتشار واعاده التموضع واعاده الامل ومكافحه الارهاب والاغاثه والمعونات و اعاده بناء التحالفات
وتقديم الدعم والمشوره وووووالخ من تلك المفردات الخبيثه في باطنها المريحه في ظاهرها

ولو انك تعمدت اغفال جوانب اخرى وعوامل اخرى في السياق وفي المشهد وفي الصوره
وركزت فقط على التدخل والتأثير الاستعماري بل والارتباط البنيوي بالاستعمار
فانك لم تجافي الحقيقه ولم تتعسف الواقع والتاريخ كثيرا

حتى لو وجدت بعض معشر البورجوازيين وبعض المطاوعه يسخرون منك
فلا تبتئس او تكترث لقولهم ومد رجليك ماامكن ولا تبالي

نعم ياصديقي ف عوامل الثقافه و الذهنيه والايديولوجيا و التركيبه القبليه و الخصائص الانثروبولوجيه
والبيئه والمناخ و الجينوم و السيكولوجيا كلها على اهميتها في الوصول الى مانحن عليه من تأخر وتفكك وانهيار وضياع
فان تأثيرها ودورها يكاد يتضاءل امام ما نراه من تعاظم الدوافع الاستعماريه والغزو والاستغلال والهيمنه والتبعيه البنيويه الكولونياليه وبناها و افرازاتها والسياسات الاستراتيجيه الاستعماريه المتجدده على الدوام والتدخلات الكارثيه للمستعمر بكل انواعها
والمصممه لاحقا لتحقيق هيمنتها واعاده انتاج ديمومتها على اساس من تلك المعطيات والمتغيرات المتعلقه بها و المتكونه اولا منذ النشوء بالدرجه الاولى على اساس المصالح والبحث عن الثروه
بمعنى المصممه على اساس من دوافع الجغرافيا واطماعها
وخصائصها من موقع وموارد طبيعيه وبشريه ومكامن ثروات
فالاستعمار يا صديقي مغروس في بنيه الداخل مذ وطأت قدماه النجسه ارض بلادنا الطاهره قبل مائتي عام ويكاد يكون متجذر في كل شئ : في الثقافه و الذهنيه والفكر والاجتماع والاقتصاد والسياسه الخ

وهو ينتج ويعيد انتاج كل شئ ويدخل في التكوين البنيوي لكل البنى الماديه والروحيه لهذه المجتمعات المتأخره و المنكوبه بلعنه تاريخيه اسمها الاستعمار
الذي اعاد انتاج ولا زال كل البنى الماديه والروحيه تقريبا واعاد تصميمها وصياغتها وفق مصالحه وحاجاته الغير مشروعه حتى الافكار الدينيه عبث بها وشوهها واعاد انتاجها بشكل خبيث على مقاس اجنداته ومصالحه ورؤاه الشريره

اذا الاستعمار هو الداء منذ البدايه وفك الارتباط هو الدواء

والاستعمار لا زال باقيا ما بقي النظام الراسمالي العالمي و مستشرسا ما بقيت الازمه
وبقي تغولها وتعاظم حدتها

نعم لم تنتهي الظاهره الاستعماريه بعد

وهي في لحظتها الراهنه وان تكشف افق اضمحلالها القريب لا تزال تنتج كوارثها بشكل عنيف
لكنه عنف ما قبل السقوط المرتبط باستفحال الازمه الى عتبه الانهيار الكبير
حيث العنف لحظه ما قبل السقوط واثناء السقوط لا يضاهيه اي عنف اخر في التاريخ

ولا مناص او افتكاك لهذه المجتمعات من الاستعمار الا بالمقاومه والثوره
ثوره التحرير الوطني والتحرير الاجتماعي معا
والتي على هذا الجيل من البشريه ان يبحث عن خصائصها وعوامل نشوءها و التحضير والاستعداد لها

اخيرا نقول لعنه التاريخ على كل مثقف ومواطن وحاكم او جهه او مؤسسه او نظام سياسي خائن قد جعل من نفسه مطيه او اداه من ادوات الاستعمار وحقق مصالحه الذاتيه على حساب سياده وكرامه وحريه وطنه وتحرر مجتمعه الذي ينتمي اليه

والمجد كل المجد لابطال المقاومه الشرفاء من زمن عمر مكرم الى زمن مادورو
و احمد سعدات ومروان البرغوثي
ولكل الشهداء والجرحى والاسرى كل المجد

#عدلي_عبد_القوي_العبسي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل