أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عدلي عبد القوي العبسي - الثوره الخضراء الثانيه















المزيد.....


الثوره الخضراء الثانيه


عدلي عبد القوي العبسي

الحوار المتمدن-العدد: 7009 - 2021 / 9 / 4 - 16:14
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


الثوره الخضراء الثانيه هي ثوره القرن الواحد والعشرين الزراعيه
و هي اسلوب الزراعه السائد في المستقبل
حيث نشهد ظهور سلسله من الابتكارات المدهشه لزراعه جديده تختلف بشكل كبير عن اسلوب الزراعه التقليديه الذي ساد في عقود الثوره الخضراء الاولى الخمسينات الى السبعينات
وقد جذبت اساليب الثوره الخضراء الثانيه كبار المبدعين في العالم واولهم بيل جيتس
الذي تبرع بما يقارب المليار ونصف المليار دولار من اجل تطوير اساليب الثوره الخضراء الثانيه
وذلك لقناعته الشديده حسب قوله بكون هذه الابتكارات والتقنيات تمثل حلا عبقريا لمشكله فجوه الغذاء و تهديد الجوع في البلدان الفقيره و استنزاف الموارد وتزايد السكان وزياده الطلب على الغذاء

ولكن ماهي هذه الاساليب الثوريه الجديده ولماذا قد نضطر الى اللجوء اليها ؟

نحن سكان اقليم المناطق الجافه وشبه الجافه والذي تقع فيه جميع الدول العربيه تقريبا وبعض دول الجيران
نعاني من مشكلات محدوديه الارض الصالحه للزراعه واغلب اراضينا عباره عن صحاري و دولنا فقيره بالموارد المائيه حيث نصيب الفرد الواحد من المياه يقع في الغالب ضمن حدود الفقر المائي حيث لا يتجاوز الالف متر مكعب سنويا اي اقل بسبعه مرات من المتوسط العالمي
وهناك دول عربيه تعد من افقر الدول في العالم في المياه كاليمن والاردن ونصيب الفرد فيها اقل من ذلك بكثير
وخزاناتنا الجوفيه تتعرض للاستنزاف المستمر وكثير من الاحواص المائيه في بلداننا هبطت مناسيب المياه الجوفيه فيها عده امتار بسبب من ان الضخ من الابار من هذه الخزانات اكبر من المياه التي تغذيها سنويا من الامطار
وبسبب من تفشي اساليب الري الزراعي التقليديه المهدره للمياه كالري بالغمر على سبيل المثال % نسبه كبيره من الاراضي المزروعه بالحبوب والخضار والفاكهه نلاحظ فيها تدني كفاءه استخدام المياه الى ما يقارب نسبه
40%
وبرغم من بدء تبني وانتشار اساليب الري الحديثه كالتنقيط والرش والتحت السطحي حيث ترتفع نسبه الكفاءه الى 80%
الا ان معدل انتشار الاستخدام العقلاني للمياه لا يساوي شيئا امام معدل التدهور والتصحر للاراضي و الانفجار السكاني والتزايد العمراني وازدياد معدلات الهجره الداخليه من الريف الى المدينه وما يشكله ذلك من اعباء اضافيه وضغوط على الموارد الشحيحه
هذا بالاضافه الى تزايد الطلب على الغذاء في ظل استمرار تناقص المساحات المزروعه وفي ظل الواقع الكئيب واقع تفاقم تداعيات التغير المناخي وارتفاع الحراره الذي سياتي على انتاجيه ما يقارب ( الثلث - النصف ) من الهكتار الواحد لاهم الحبوب كالقمح والذره التي تشكل الغذاء الرئيس للاسر .
الثوره الخضراء الثانيه - استجابه اكثر ابداعا

تاتي الثوره الخضراء الثانيه كاستجابه اكثر ابداعا لمجابهه التداعيات الكارثيه التي يخلقها تغير المناخ والانفجار السكاني وكذلك من اجل تلافي تلك الاثار السلبيه لبعض التقنيات المستخدمه في الثوره الخضراء الاولى مثل تدهور التربه جراء الافراط في استعمال الاسمده والمخصبات وتلويث البيئه بالمبيدات بما يسببه من تلويث للتربه والمياه وتهديد صحه الانسان بالامراض الخطيره كالسرطان والفشل الكلوي والكبدي
او جراء الاعتماد على نمط الحراثه الزراعيه باستخدام شتى انواع الالات الزراعيه الذي ساد ابان الثوره الخضراء الاولى وهو الاسلوب الذي للاسف لا يزال شائعا و يتسبب في تدهور التربه وافقادها الخصوبه اي محتواها من الماده العضويه و فقدان قدرتها على الاحتفاظ بالمياه و كذلك يتسبب في اطلاق غاز ثاني اوكسيد الكربون في الجو وبالتالي زياده الاحتباس الحراري

بالاضافه الى تعاظم مشكلات اخرى استمرت في التزايد طوال سني الثوره الخضراء الاولى

مثل مشكله محدوديه الارض وتناقصها المستمر جراء التدهور و
وما تسببه ظواهر تغير المناخ من تزايد مشاكل الجفاف والفيضانات
وتناقص الهطول المطري بنسبه
20%
جراء ارتفاع درجه الحراره عالميا

مما يزيد من عمليه تصحر اراضي معظم الدول العربيه واتساع الاراضي المتصحره فيها
و هناك الحاجه الى انتاج مليار طن اضافي من الحبوب سنويا بحلول منتصف هذا القرن
بحسب تصريح الدكتور جاك ضيوف
2006 عام مدير منظمه الاغذيه والزراعه (الفاو )

الثوره الخضراء الثانيه

وامام كل هذه المشكلات و ازدياد ردود الافعال العقلانيه الناقده لاساليب الثوره الخضراء الاولى
ولدت الثوره الخضراء الثانيه في مطلع التسعينات من خلال ظهور حزمه من الاساليب الجديده والنظم الجديده في الانتاج الزراعي
و اهم هذه الاساليب والتقنيات الثوريه الجديده هي التكنولوجيا الوراثيه والزراعه العضويه والهيدروبونيك او الزراعه المائيه )
والزراعه بدون حراثه وانماط من الزراعه التجديديه المستدامه
وتقنيات مهمه اخرى كالمطر الصناعي وزراعه الانسجه و تقنيات الثوره الرقميه في الزراعه

التكنولوجيا الحيويه الزراعيه

في مطلع التسعينات بدأ ظهور الاستخدام الواسع النطاق لتقنيات الهندسه الوراثيه

من خلال التعديل الوراثي للتركيب الجيني لتلك النباتات التي يطلق عليها بعد ذلك
Geniticaly modified organisms
تتم هذه العمليه معمليا في مختبرات التكنولوجيا الحيويه
باستبعاد الجينات ذات الصفات الغير مرغوبه واضافه جينات مسئوله عن الصفات الافضل كالمقاومه للجفاف والافات والملوحه والحراره الزائده
يتم الحصول عليها من نباتات وحيوانات اخرى
حيث تم انتاج اول محصول طماطم معدله وراثيا في العام
1994
بصفات افضل من حيث الحجم و المظهر وانتاجيه اكثر وصفات مقاومه افضل للافات و الشروط المناخيه الصعبه
و تم زراعه انواع جديده تكون اكثر غنى بالفيتامينات و تحوي صفات مهجنه مثل التفاح العنبي وهي خليط في الطعم بين التفاح والعنب والمشمش البرقوقي وغيرها من الانواع الجديده الغريبه والغير مألوفه الشكل
اصبحت المساحات المزروعه بالنباتات الهجينه في العالم تتجاوز مساحه عده دول مجتمعه
وقد نجحت الكثير من هذه التجارب مع المحاصيل الاخرى لتنتقل الى الاستخدام التجاري واسع النطاق عبر انشاء الشركات الراسماليه الكبرى
تركز هذا الانتاج واسع النطاق للمحاصيل المعدله وراثيا في دول كبرى كاميركا والصين والارجنتين والبرازيل والهند
على سبيل المثال معظم انتاج محاصيل الحبوب الرئيسه في الولايات المتحده الاميركيه يعتمد حاليا على التقنيات الحيويه ومعظمها الان معدله وراثيا
عارضت دول الاتحاد الاوروبي باستثناء اسبانيا دخول المنتجات المعدله وراثيا التي تاتي من محاصيل معدله وراثيا وشاركها الموقف مجموعه من الدول
وظهرت لدى الكثير من الدول تشريعات صارمه حول استخدام المنتجات المعدله وراثيا
واشترطت على هذه المنتجات ظهور البيانات على عبواتها والتي تؤكد طبيعتها ومنشأها
ودخلت هذه المنتجات الى عالمنا العربي الذي اصبح سوقا لها
ويقال ان نسبه تقارب النصف تقريبا من الاغذيه المستورده في الخليج هي اغذيه معدله وراثيا

الزراعه التجديديه او الزراعه المستدامه

تضم حزمه من الاساليب والنظم الانتاجيه الزراعيه تقوم على مبادئ حفظ التربه وخصوبتها وحفظ المياه فيها والحفاظ ايضا على التنوع الحيوي فيها وحدوث التناغم مع البيئه الزراعيه الاوسع
وتقليل الحراثه الى الحد الادنى او عدم الحراثه واستخدام محاصيل التغطيه والدورات الزراعيه
وتركز بالدرجه الاولى على منع استخدام الكيماويات الزراعيه بانواعها واستخدام الاسمده العضويه بدلا منها وغالبا تكون من مصدر محلي اي من نفس المزرعه
وهناك المبدأ الاكثر اهميه وهو مبدأ تقليل انبعاث الكربون وبالتالي تقليل المساهمه في حدوث الاحتباس الحراري العالمي وتغير المناخ
حيث يقول الخبراء ان الزراعه التقليديه تساهم بنسبه
25% من انبعاث الغازات الدفيئه بسبب من ازاله الغابات و هذه الممارسات الزراعيه الضاره

واهم هذه ال تقنيات الزراعيه التجديديه
الزراعه العضويه
وتعني (الخاليه من استخدام الكيماويات الزراعيه ) Organic farming
وهي تعني الزراعه بدون استخدام الكيماويات الزراعيه والاعتماد بدلا منها على استخدام الاسمده العضويه النباتيه والحيوانيه و ينتج هذا النمط من الزراعه اغذيه سليمه صحيه خاليه من سموم المبيدات صديقه للبيئه وصحه الانسان
وتعمل الزراعه العضويه على تحسين النظم البيئيه الزراعيه ( التربه والمياه والتنوع البيولوجي
وظهر لها مشجعون وانصار في كثير من انحاء اوروبا واميركا اخذوا يتكتلون في منظمات خاصه ويديرون مشاريعهم الخاصه و يتصدون سياسيا واعلاميا للاساليب المعاديه للبيئه والغير مستدامه
وينادون بضروره واخلاقيه انتاج الغذاء الامن وجعل عمليه الانتاج الغذائي غير معاديه للبيئه او ضاره بصحه الانسان
تحضى الزراعه العضويه الان باهتمام العديد من الدول المتقدمه ابرزها المانيا التي تسعى لجعل الزراعه العضويه تشغل ما نسبته
من الارض الزراعيه في المانيا في غضون عشره اعوام 25%


الزراعه بدون حراثه
No tillage agri culture


وهي زراعه يتم فيها الاستغناء عن عمليه حراثه الارض نظرا لما تسببه هذه العمليه من اضرار كبيره على التربه والمياه والبيئه والتنوع البيولوجي على المدى التراكمي
بينما الزراعه بدون حراثه تحتفظ بخصوبه التربه وتقلل من فواقد المياه وتقلل من تآكل التربه وتقلل من انبعاث الكربون وتقلل من مدخلات الانتاج مثل العمل والوقود وتكاليف الالات الزراعيه
وقد انتشر هذا النوع من النظم على نطاق واسع في الولايات المتحده الاميركيه
واخذ يضم مساحات زراعيه واسعه للعديد من المحاصيل

الزراعه النسيجيه او الزراعه بدون بذور
Tissue plant culture
وهي تقنيه يتم فيها اخذ جزء صغير من جذع او ورقه نبات واستنباتها بعد تعقيمها في بيئه محلوليه فيها المغذيات والهرمونات اللازمه للنمو
لتنمو معطيه نباتات لها نفس شكل ومواصفات النباتات الام
وتفيد هذه العمليه في انتاج اصناف مطابقه وفي اكثار الشتلات معمليا لاغراض تجاريه
والنباتات الناتجه بهذه الطريقه تكون ذات صفات افضل
تمثل زراعه النسج حلا عبقريا لمواجهه مشكلات الافات والفيروسات ومشكلات الزراعه في ظروف التربه الحقليه مع توفير للكثير من التكاليف الانتاجيه
حيث يتم تجهيز الشتلات بانتاج وفير وظروف شبه مثاليه قبل وضعها في البيوت البلاستيكيه
او الظروف الحقليه
وهذه الطريقه تم استخدامها على نطاق واسع في انتاج شتلات النباتات الطبيه التي يتم استخلاص المواد الطبيه منها مما وفر الكثير من الضغوطات على موارد النباتات الطبيه الطبيعيه التي تتعرض للاستنفاد جراء استغلالها التجاري الكثيف
ولكي نعطي فكره بسيطه عن اهميه هذا النوع المتقدم من الزراعه نضرب مثالا بسيطا
فقد قام بعض المزارعين الفلسطينيين في غزه المحاصره بانتاج نباتاتهم بهذه الطريقه المبدعه للتخلص من تحكم السلطات الصهيونيه في عمليه استيراد البذور والشتلات ومايصاحبها من تاخير يؤدي الى تلف المواد المستورده
تظهر الحاجه الى تعميم هذه الاساليب في البلدان التي تتعرض للعدوان الامبريالي الاطلسي
وتتعرض للحصار الشامل ولشتى اساليب الحرب الاقتصاديه القذره الراميه الى تركيع الشعب و دفعه للتفريط بالحقوق والتفريط بالارض والثروه والمكتسبات الاجتماعيه والوطنيه

ولا شك ان تقنيه زراعه الانسجه ستلعب دورا مهما في المستقبل في تحقيق الامن الغذائي اذا ما تم تعميمها وتوفير كل مستلزمات انتشارها ونجاحها بين المزارعين والمستثمرين و المواطنين ككل
وهي مفيده جدا في ظروفنا البيئيه والاجتماعيه وتقدم حلا بديلا معقولا لكثير من الصعوبات
الانتاجيه التي تخلقها هذه الظروف الصعبه



ثوره الهيدروبونيك
هي اهم ملمح من ملامح الثوره الخضراء الثانيه

المقصود بها الزراعه المائيه
بانواعها المختلفه حيث يتم زراعه بذور او شتلاتHydroponics
الخضار والفواكه على محاليل مائيه غذائيه بدون تربه داخل ( بيوت بلاستيكيه)
والفكره الثوريه المدهشه هنا هي الخروج تماما من مشهد تحكم الظروف الخارجيه بمزروعاتنا
فلن نصبح منذ الان في حاجه الى التربه وظروفها او الى المناخ وظروفه الغير مواتيه
حيث سيتم خلق عمليه تحكم امثل بالظروف والشروط اللازمه كتوفر العناصر المغذيه والعوامل المناخيه الملائمه مثل الحراره والضوء والرطوبه من اجل انتاج افضل
وتهيئه افضل وسط ملائم لنمو النبات
ومن دون كثره من مدخلات الانتاج مياه واسمده ومبيدات وعمليات خدمه وعماله اكثر
كل هذا يتم تقليصه الى حدود دنيا

والنتيجه هي توفير اكثر & انتاجيه اكثر &ارباح اكثر ومنتوجات صديقه للبيئه و صديقه لصحه الانسان !!
والفكره هنا ببساطه هي استخدام النباتات للعناصر الغذائيه التي يحتاجها من محلول غذائي حيث توضع اصص النباتات في انابيب المحلول وتغمس الجذور في المحاليل
في دوره مائيه مغلقه حيث يتم تجميع المياه في حوض واعاده ضخها ثانيه الى الانابيب
يتم توفير المياه بنسبه تفوق
95%
وانتاجيه الفدان هنا تعادل انتاجيه سبعه افدنه على الارض المكشوفه كما هو الحال مع الخضار الورقيه
وقد بدأ في السنوات الماضيه انتشار هذا النوع من الزراعه في دول الشام ومصر والخليج
وهناك انواع اخرى منها استخدام مواد صلبه خامله مثل البرليت او الصوف المعدني في الاصص
و نظام يسمى اكوابونيك للزراعه المائيه الاحيائيه يضاف اليه احواض السمك وهو نظام متكامل لتربيه الاسماك مع زراعه الخضر
حيث يعتمد النبات على مخلفات الاسماك وتعتمد الاسماك على المغذيات من النبات والنظام عباره عن دوره مائيه مغلقه حيث يتم تحويل الامونيا السامه والخطره على السمك الى نترات مغذيه للنبات ثم تعود المياه مره اخرة الى حوض السمك بتراكيز اقل سميه
انتشرت الزراعه المائيه في العالم المتقدم شرق اسيا واوروبا واميركا

بدأت في السنوات الماضيه عمليه تشجيع الافراد و المراكز والمؤسسات الحكوميه والخاصه على الزراعه المائيه في البيوت البلاستيكيه بل وامتد الحال ايضا الى الزراعه المنزليه في اسطح المباني لغرض استثمار كل مساحه ممكنه

ظهور الاراء الناقده وتعارض الاساليب والجدل حول جدوى بعضها

تتشابه جميع هذه الاساليب الثوريه الجديده في فكره تعظيم الانتاج الزراعي في وحده المساحه وتقليل كلفه المدخلات الانتاجيه كالمبيدات والاسمده والالات التي تؤثر على سلامه الموارد المائيه والارضيه و الحيويه
و الحاجه الى تغيير النظم الزراعيه السابقه التي معها يستعصي توفير المزيد من الاموال والوقود والالات لمجابهه مشكلات التزايد السكاني وتدهور الموارد بفعل تغير المناخ
وكان التخوف الاكبر هو من قرب الوصول الى قمه النفط او قمه هوبرت وهي ذروه انتاج النفط الذي يبدأ بعدها منحنى الانتاج بالهبوط
وهو ما يحفز الكثير من الدول النفطيه والعالم اجمع على تقليل الاعتماد على الوقود الاحفوري في الانتاج الزراعي والبحث عن اساليب مبتكره جديده تخلصنا من مشكله الاعتماد على طاقه تقليديه شارفت على النضوب

وتختلف هذه الاساليب اختلافا كبيرا فيما بينها من حيث المنظور البيئي والصحي ومنظور الاستدامه
كما هو حال التعارض بين انصار الزراعه العضويه و الزراعه التجديديه ككل وانصار استخدام الهندسه الوراثيه لانتاج المحاصيل المعدله جينيا
واحتدام الجدل بين انصار هذين التيارين وانتقال ساحه المواجهه الى الميدان السياسي واصطباغه بصبغه ايديولوجيه بمعنى ان المصالح المتعارضه تلعب دورا في تحديد المواقف
وعموما مال الاشتراكيون والخضر انصار البيئه الى اساليب الزراعه التجديديه
ومنها العضويه للحفاظ على نظم البيئه الزراعيه وسلامه الموارد
من التدهور والتلوث والهدر و اكدوا على ضروره واخلاقيه الحفاظ على البيئه وصحه الانسان
وراحوا يهاجمون جشع الشركات الراسماليه الزراعيه الكبرى و معها الحكومات الراسماليه التي تتحكم فيها لوبيهات الاغذيه والاسمده والمبيدات على حساب سلامه البيئه وصحه البشر
واعتبروا ان المحاصيل المعدله وراثيا ستلحق ضررا كبيرا بالبيئه والافراد ان لم يكن حاليا فعلى المدى البعيد
وقد ساعدهم في تقويه حجتهم ظهور العديد من الحالات المرضيه لمواطنين جراء تناول هذه الاغذيه كالحساسيه والامراض الهضميه على سبيل المثال
بينما مال الراسماليون اصحاب الشركات الزراعيه الكبرى ومعهم السياسيون من احزاب اليمين البورجوازي
الى مؤازره نظم زياده الانتاج الزراعي والغذائي باستخدام التكنولوجيا الوراثيه من اجل الحصول على الانتاج المحصولي الوفير بالمواصفات الجديده والصالح لبيئات متعدده بما فيها تلك البيئات القاسيه
دافعوا هم ايضا عن صوابيه خياراتهم مؤكدين ان ساليب الزراعه التجديديه التي يروج لها اليساريون اشتراكيون وخضر لا يمكنها مواجهه اثار تغير المناخ الكارثيه او مجابهه الانفجار السكاني وتزايد الطلب
على الغذاء ولا يمكن معها مواجهه شبح المجاعه الذي يهدد العديد من المجتمعات الهشه الفقيره
في ما يسمى بالعالم الثالث والرابع

ابرز الشركات العملاقه المنتجه للاغذيه المعدله وراثيا هي شركه مونسانتو والتي تحتكر انتاج حصص كبيره من هذه الاغذيه وقد تعرضت هذه الشركه لانتقادات شديده ورفعت ضدها العديد من القضايا المتصله بالبيئه والصحه
لكنها استطاعت هي وغيرها من الشركات ان تستميل الى جانبها العديد من المنظمات الدوليه والمراكز البحثيه والدوائر الحكوميه التي اعتبرت انه لا يوجد دليل علمي يعتمد عليه يثبت خطوره استعمال هذه الاغذيه بما فيها المنظمه الامميه الاكبر الفاو
وراحت تظهر مخاوف انصار الزراعه العضويه والبيئه كما لو انها ضرب من الهذيانات التي تؤازر ما يفعله المسيحيون الاصوليون و النازيون من انصار نظريه المؤامره الذين اخذوا يشيطنون كل افعال داعمي المنتجات المعدله وراثيا والتي اسماها البعض باغذيه الدمار الشامل





خياراتنا المناسبه لظروفنا

نحن في العالم العربي والاسلامي معنيون بالاخذ بالاساليب الثوريه للزراعه التجديديه باساليبها المختلفه
وتلائمنا تماما مبتكرات الزراعه المائيه فهي حقا تلائم ظروفنا البيئيه الارضيه والمائيه والمناخيه
وتلائم ظروفنا الاجتماعيه والاقتصاديه
ونحتاج الى تبنيها باسلوب تدريجي ودعمها والمساعده على توعيه المزارعين والمواطنين كافه بها
ومعنيون ايضا بتشجيع الزراعه المنزليه على نطاق واسع والاعتماد على الموارد البسيطه المتوفره
مع اعطاء الاولويه اكثر لما هو عضوي
كل هذا جنبا الى جنب مع تعميم الزراعه المحميه داخل البيوت البلاستيكيه
وتشجيع لافضل تقانات الري الموفره للمياه وادماج مكتسبات الثوره الرقميه في المزارع الكبيره
وقبل كل ذلك العوده الى حكمه الاجداد في استخدام نظم حصاد مياه الامطار والعوده الى كنوز الفلاحه في التراث المشترك لهذه الشعوب
ولكن لن يتحقق النجاح المأمول الا بعوده وظائف الدوله الاساسيه في دعم وتشجيع الانتاج الزراعي من خلال توفير المستلزمات وتشجيع العمل التعاوني على نطاق واسع و دعم انشاء البنيه التحتيه اللازمه للانتاج الزراعي و تشجيع البحث والارشاد الزراعي والاهتمام اكثر بالتعليم الزراعي الحديث و الاعلام البيئي الزراعي وتشجيع المشاركه المجتمعيه في اداره الموارد البيئيه الزراعيه ككل
والحاجه الى اعاده صياغه استراتيجياتنا في مجال المياه والبيئه والزراعه وتحقيق التناغم والارتباط التكاملي بينها ضمن رؤيه علميه موحده تقوم على فلسفه الاداره المتكامله للموارد
وتواكب المتغيرات الحديثه و تنطلق بشكل فعال من حقائق الواقع البيئى المائي الزراعي الراهن في ظل الظروف الاجتماعيه الاقتصاديه العصيبه ابرزها تأخر الوعي وتأخر البنى الاجتماعيه ومخاطر الديموغرافيا و سوء الاداره ومحدوديه الموارد في ظل تحديات تغير المناخ و التحديات الرهيبه لمخاطر العدوان الامبريالي المستمر منذ عقود على مجتمعاتنا والذي يشكل الحلقه الاكبر في سلسله القيود المعيقه للتقدم الاجتماعي والتنموي بالمستدام شكل خاص



#عدلي_عبد_القوي_العبسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثوره الخضراء
- هزيمه نكراء
- نداء خبراء المناخ : اخفضوا الحراره
- حول الانذار الاخير الذي تبعثه الينا كوارث تغير المناخ 1-2
- حول الستالينيه
- التجسس سلاح فعال لخدمه العدو وتحطيم المقاومه
- الارض المتجوله
- السيف اصدق ان صدق
- المهافيف السبعه
- عجبت لمن يرجو العون من عبد المعين
- جبل شامخ في لبنان اسمه فيلمون
- هكذا ستسقط دوله الكيان الصهيوني ( اسرائيل )
- المكاسب المتحققه في انتفاضه مايو ايار الفلسطينيه
- انتفاضه فلسطينيه ثالثه
- الوجه الحقيقي للكيان الصهيوني المسمى باسرائيل
- قلت استحاله ان تضيع القدس
- المثقف الملتزم
- الزعيم الجنرال ابو حرب
- اواخر ايام النظام
- حان وقت التدوير الوظيفي


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - عدلي عبد القوي العبسي - الثوره الخضراء الثانيه