أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبو قمر - كورونا














المزيد.....

كورونا


محمد أبو قمر

الحوار المتمدن-العدد: 7109 - 2021 / 12 / 17 - 22:20
المحور: الادب والفن
    


فوجيء الفتي بأبيه يطرده من الدار ويقول له : لم يعد لك عيش في بيتي ، في البداية ظن أن أبيه يمازحه فهو لم يرتكب أي خطأ ، يساعد أمه في أعمال البيت ، يكنس ، يمسح ، يعفيها دائما من غسيل المواعين في المطبخ ، يعتني بشقيقته الوحيدة ، ويشرح لها الدروس ، ويعاونها في كل ما تحتاجه ، ثم إنه يعطي لأبيه راتبه الشهري ليعينه علي مصاريف البيت ولا يتقاضي سوي مصروف يومي يكفي بالكاد أجرة المواصلات جيئة وذهابا للعمل ، قال لأبيه : ليس لك ولد غيري يا أبي ، والجيران يعرفون أنك أبو سامح فبأي إسم ينادونك إذا لم أكن أنا موجودا في حياتك؟.
لكن الرجل كان جادا ، قال له : أنا لا أمزح أيها الغريب ، أُغرب عن وحهي وإلا قتلتك ، كان الرجل يزعق ويصرخ وهو يدفعه إلي خارج الدار ويقول له : أخرج من حياتي قبل أن تجلب لي العار ويكون إيوائي لك سببا في عذابي يوم القيامة.
كان سامح يحاول تهدئة الرجل وهو لا يعرف سر هياجه بهذه الطريقة المرعبة ، بينما كانت شقيقته تصرخ وهي تتشبث بأخيها وتقول لأبيها : لماذا تطرد شقيقي الطيّب الذي لا أخرج من الدار إلا في حمايته من الأوغاد في الطريق؟.
كانت زوجة الرجل هي الأخري تولول وتقول للرجل : لماذا تريد تدمير حياة أُم أفنت عمرها في تربيته حتي صار رجلا نفخر به ونعتز؟ ، لكن الرجل صفعها ودفع بالفتي إلي خارج الدار وأغلق الباب.
صار سامح في الشارع يدور حول نفسه لا يعرف لماذا تصرف أبوه بكل هذه القسوة ، جلس بجوار باب الدار يبكي ليس علي ما فعله أبوه به ، وإنما كان قلبه يتمزق خوفا من أن يكون عقل أبيه قد أُصيب بلوثة مفاجئة ، طرق الباب راجيا أمه وشقيقته أن تكفّا عن النحيب حتي لا تزيدا من معاناة أبيه ، لكن الرجل زعق من الداخل قائلا له : لم أكن في كامل عقلي قبل اليوم أيها المخبول النجس.
لم يجد الفتي سبيلا للخلاص من هذه المصيبة المفاجئة سوي الذهاب إلي والد خطيبته لعلّه يأويه إلي أن يهدأ أبوه ، لكن والد خطيبته طرده هو الآخر ، وقال له : أنا لا أعرفك ولا أريدك أن تعرفنا بعد اليوم ، وحين اعترضت ابنته علي طرده لخطيبها وهي تقول له إنها تحبّه ولن تكون لأحد غيره ، وقالت له وهي تبكي : أحبّه يا أبي حتي لو كان شيطانا ، لطمها أبوها وهو يقول لها : البنت تتزوج ممن يختاره أبوها أيها الكلبة.
اتجه الولد إلي المسجد ليشكو مصيبته الذي لا يعرف لها سببا إلي شيخ القرية ، لكن الشيخ أبلغه أن من يظنّه أبوه ليس أباه ، وأن الرجل قد وجده وهو ما يزال رضيعا لم يتعد عمره بضعة أيام ملفوفا في ملاءة بجوار كوم القمامة ، وقال له يكفي أنه رباك حتي صرت شابا يافعا ، وليس من الجائز أن تظل في داره منفردا بامرأة غريبة عنك ليست أمك وبفتاة ناضجة حرام أن تختلط بها والشيطان ثالثكما ، كانت روح الولد تكاد تخرج من حلقه حين أبلغه الشيخ أنه هو الذي نصح الرجل بطرده من الدار تجنبا لحدوث كارثة تجلب له العار والفضيحة وتتسب له في مأساة تدمر حياته ثم لا يكون بعد ذلك مصيره يوم القيامة إلا أن يقذف به الله إلي الجحيم لأنه أوي بسذاجته وجهله إبن فعلة الشيطان في بيته.
راح الفتي يستعطف الشيخ وهو يخبره أنه لم يكن يشعر تجاه أسرته سوي بشعور الإبن الذي يحب أمّه ويشفق عليها وينفطر قلبه إذا رأي في عينيها سحابة عابرة من الحزن أو الأسي ، ويحب شقيقته حبّ الشقيق الذي يخاف علي أخته ويرعاها ويحميها ويصون كرامتها وينشرح قلبه حين تضحك ببراءة كالعصفور ، وقال للشيخ وهو ينتحب من هول المفاجأة : وما ذنبي أنا ياشيخي حتي يكون مصيري مصير كلب ضال؟ ، ردّ الشيخ قائلا: وما ذنب هذا الرجل المسكين حتي يأوي في بيته إبن حرام ياولدي؟.
أيقن الفتي أن مصيره كله مرتبط بكلمة من هذا الشيخ فراح يسترحمه ويحاوره لعلّه يلين ويعيده إلي عائلته التي شبّ تحت رعايتها ويمتليء قلبه بعشقها :
الشاب : لست أنا من ارتكب الفعل الحرام ياشيخي.
الشيخ : لكنك أنت إبن الفعل الحرام يا فتي.
الشاب: لكنني جئت إلي الحياة بإرادة الله.
الشيخ: الله لا يفعل سوي الخير يافتي ، أما أنت فالشيطان هو الذي أتي بك.
الشاب:لكن العثور عليّ في كوم الزبالة وتنشئتي كي أصير رجلا صالحا يمتليء قلبه بعشق الأسرة التي تربي في كنفها ويرعاها ويبذل كل الجهد لإسعادها ولا يقول لأبويه اللذين اعتنيا به أُف عمل من أعمال الخير فهو إذن مشيئة الله وإرادته ياسيدي.
الشيخ : لا تحاول إقناعي بما يخالف شرع الله أيها الفتي ، عليك أن تخرج الآن من المسجد ومن هذه القرية الطاهرة ، وابحث عن هذه الآثمة التي ألقت بك في القمامة ، وعن هذا النجس الذي ارتكب الخطيئة مع أمك الأصلية لعل الله أن يرحمكم أجمعين.
حينئذ شعر الفتي باليأس والضياع وقال للشيخ : هل تري ياسيدي أنني لم آت للحياة بإرادة الله؟ ، رد الشيخ علي الفور : نعم ، أنت نبتة زرعها الشيطان في رحم أمك ، قال له الشاب : إذن فلتذهب حياتي الآن بإرادة الشيطان ياشيخي ، ثم أشعل النار في نفسه.



#محمد_أبو_قمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هكذا يُولد الحُب
- قميصي الأزرق
- البهجة
- لكمة واحدة نكفي
- الدوران حول السلطة
- في التنوير
- الامتحان الصعب
- أكذوبة التخصص
- من يبكي معي؟
- أول مرة أحب
- متخلفون أم مختلفون؟!
- شقة في مدينة نور
- أصل الحكاية
- امتحان
- ليس ممكنا
- شيه دولة
- شكل تاني
- الخط الساخن
- القانون والفتوي
- أيوه أنا حبتها


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أبو قمر - كورونا