علمه الرماية / قصة قصيرة

محمد الطيب بدور

الحوار المتمدن-العدد: 7103 - 2021 / 12 / 11 - 00:16
المحور: الادب والفن
    

ظل واقفا على الرصيف و ريح القطار المار بسرعة تلفح وجهه ...تستقر عيناه في اتجاه واحد ...أمامه فرصة النجاة تمر بجانب أنفه ...
مر القطار و بقي ساهما ...لا يحرك ساكنا ...اقترب منه رجل كان يراقبه ...لم يحاول حتى ثنيه عن مشروعه ...قال بصوت متهكم ...أيها الأبله فوت على نفسك الفرصة ...أتنتظر القطار الموالي ؟ و انصرف ليخرج من المحطة ...لحق به و قال ...أبله ؟
انطلقا يتحدثان حتى وصلا الى المقهى ...كان التعب بارزا على ملامح رجل في حالة نفسية سيئة ...تشرد عيناه و تتحرك بطيئة في فضاء يعج بصخب الحياة ...قال مرافقه...
ـ هل هناك ما يستحق دفن الحياة من أجله ؟
ـ و هل هناك ما يستحق العيش من أجله ؟ أحببتها و تركتني ...و لما علمت أن في أحشائها حياة أخرى توسلت اليها لكنها أصرت على فراقي ..و.غيرت اقامتها ...
ـ ايها التافه ...هل تريد البحث عنها في قبرك ؟
تواصل حديثهما و رافقه الى شقته ...عرف الكثير عن حياته ....عن بطالته و شهادته ...متخصص في تسيير المؤسسات ... تركه و خرج دون أن يعرف نواياه ....و قبل أن يغادر العمارة ....تراجع و وجد نفسه يرشحه لمنصب في مؤسسته ...
استقبله في يومه الأول لتلقي الدرس الأول...أن يتخلص من عبء أحاسيسه...لقنه كيف يتخلص من ماض كاد يودي بحياته ...و وعده بالبحث عن فتاته ...
رافقه بعد أيام الى شقة أين وقف كاستاذ يراقب كيف سينجح تلميذه في أول امتحان له.. و نجح ...قالها بكل بساطة ...انتهى كل شيء ...تعلم أول الدروس...برودة ...لا احساس ...لا انفعال ...
نصيحة تمسك بها حتى تسلق بسرعة مراتب أهلته بأن يكون الذراع الأيمن لصاحب المؤسسة ....كان معجبا به ...يكلفه بمهمات صعبة فيرفع التحدي و يتفوق أحيانا على مؤجره ... فأشعره بخوف بدا يتسرب اليه شيئا فشيئا ...و غاب عنه أنه بدأ يتنازل له عن
صلاحيات ادارية و مالية ...حتى أصبحا متساويين في المسؤولية ...بل ان سن المؤجر
جعلته غير مواكب لكل تطور يمس المؤسسة ...حتى أصبح موضوع تندر العارفين بتحول
سلطة القرار لذاك الأبله الى حسم الأمر في يوم ما ...
دخل مكتب الأبله متثاقلا ...و جلس متهالكا و قد عرف ما حل به ...
قال الأبله....برودة...لا احساس ...لا انفعال ...أصبحت شريكا لك بفضل نصيحتك ...و لكني لن الحق بك اذا عزمت على أن تقف على رصيف القطار .....

#محمد_الطيب_بدور (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل