أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الكائن المفكر الأوحد














المزيد.....

الكائن المفكر الأوحد


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7098 - 2021 / 12 / 6 - 13:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المقدم:
قبل الفاصل تحدثت، كما فهمت، عن ثلاثة أنوع من الوجود:
1- الوجود المادي، وهو ذلك التجسيد المحسوس الذي تشترك فيه كل الكائنات الحية وغير الحية مع مادة الكون ذاتها. فكل الأشياء في هذا الوجود الواسع متحدة في أصل منشأها من مجموعة معلومة من العناصر والمكونات. ثم فيما بعد تمايزت فيما بينها في مسارات تطورية مختلفة عبر رحلتها الوجودية الممتدة منذ ملايين السنين. والإنسان جزء من هذا الوجود.
2- الوجود الإدراكي، وهو ذلك الذي لا يتحقق سوى بعد تكون الإدراك لدى مدركه. هذا الوجود يقتصر على الكائنات الحية القادرة ذاتياً على إدراك وجودها المادي ومن ثم السعي للمحافظة عليه. كل الحيوانات والكائنات الحية تشاطر الإنسان هذا الوجود لأنها أتت إلى الحياة مسلحة بحزمة من الأدوات الوجودية التلقائية (الغرائز الفطرية) التي تدفعها حتى من دون قصد أو إرادة منها للمحافظة على وجودها وتحسين فرص النجاة.
3- الوجود الإدراكي التطوري، وهو ذلك الوجود المتفرد بقدرة ذهنية خاصة قادرة ليس فقط على إدراك الوجود المادي، لكن تحسينه وتطويره أيضاً عبر عملية بناء إبداعية أسميتها الفكر. هذا الوجود حكر على الإنسان، لأنه وحده القادر على التفكير، أو هو الكائن المفكر الأوحد في الكون. وقد وعدت سيد إبليس أن توضح معنى التفكير بالنسبة لك.
إبليس:
حسناً، التفكير ينطلق من قدرة مادية (دماغية) خاصة تكونت لدى صاحبها عبر رحلة وجوده الإدراكي. وهي متوفرة لدى الإنسان فقط. الإنسان، كما ذكرت للتو، هو مفكر الكون الأوحد. لكن، ماذا يعني التفكير في الممارسة؟

التفكير هو القدرة على البناء من مفردات قديمة ومألوفة لتخليق أشياء جديدة ومبتكرة لم تكن موجودة من قبل. إليك مثالاً. من بين كل الكائنات الحية، سواء التي تبني أو لا تبني بيوتاً لأنفسها، كان الإنسان ولا يزال وحده هو القادر على استخدام مواد كونية قديمة موجودة بالفعل ليخلق منها عمارة رائعة ليس لها من وجود طبيعي أو مسبق. إذ بينما ظلت بيوت النحل والنمل وأعشاش الطيور على حالتها القائمة منذ ملايين السنين، شهدت العمارة البشرية ولا تزال من كافة النواحي تطوراً لا ينتهي. وهذا بفضل التفكير.
المقدم:
لكن مثالك لم يوضح كيف يحدث التفكير، كيف تعلم الإنسان البناء.
إبليس:
حسناً. تخيل نفسك في مكان مهجور. ثم فجأة أحاطت بك مجموعة من كلاب الشوارع الشرسة تنبح عليك وتهم بمطاردتك. سأطلب منك أن تحصي عددها. 3، 4، 5 أو غير ذلك. سأخبرك هنا أنك نفسك في هذا الموقف أنجزت عملية تفكير ناجحة، لأنك أبدعت شيئاً جديداً عبر بناء أو تركيب مفردات موجودة وقديمة. سنفترض أن عدد الكلاب 3 فعلاً: (كلب أسود)+(كلب أبيض)+(كلب ملون)= 3. لكن في الواقع، الموجودة حقيقة هي الكلاب فقط، ولا وجود مادي على الإطلاق لهذا المدعو "3". هذا الأخير لا يوجد سوى في ذهن صاحبه، وهو ناتج عملية تفكير لا يمارسها ولا يقدر عليها سوى الإنسان فقط.

أي حيوان آخر يستطيع أن يرى الكلاب الثلاثة ويستجيب نحوها بالفعل المناسب له ويخزن صورتها في دماغه تماماً مثلما يفعل الإنسان، لكنه لن يستطيع أبداً أن يخلق منها الرقم "3" لأنه غير موجود (مادياً) من الأصل- وجوده افتراضي، أو ذهني.

هكذا نحن أمام وجود آخر من نوع جديد- الوجود الافتراضي أو الذهني، وهو ذلك الذي ليس له من وجود حقيقي في الكون المادي المحسوس لكنه بالقطع يمثل امتداداً وانعكاساً لهذا الكون بصورة أو بأخرى. بل كون هذا الوجود هو دماغ الإنسان ذاته، والإنسان خالقه. فإذا كنا نجهل خالق الوجود المادي المحسوس ونعدم وسائل الاتصال به، نحن بالتأكيد نعلم خالق الوجود الافتراضي الذهني وكائناته، كما نعلم الغايات والمقاصد من وراء كائناته الافتراضية.
المقدم:
حسناً، يكفي. دعنا نكمل حديثنا عن هذا الوجود الافتراضي المزعوم بعد الفاصل.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع إبليس- الوجود الإدراكي التطوري
- لقاء مع إبليس- المساواة في الوجود
- لقاء مع إبليس
- كيف أصبحت الكلاب من أعز أصدقائنا: رحلة ممتدة منذ القدم حتى ا ...
- الاحتكار وابن عمه الشرير
- جنرال الكتريك والإيمان بسحر الإدارة
- سفاح الحمير
- أحياة بلا خطة هي؟
- عذاب الوعي
- دين وثلاث دول
- مدينة لكن بعقل قرية
- قرويون على أرصفة المدن
- إنصافاً للتجربة الديمقراطية في العراق
- نحن البشر لن ننعم أبداً بالحياة على كوكب المريخ، أو أي مكان ...
- لا غنى عن حقوق الإنسان حتى في أوقات المحن
- شرعية حقوق الإنسان
- إلى أين أنت ذاهب يا سعيد؟
- إسلام الطالبان
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- الصين
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- المملكة المتحدة


المزيد.....




- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - الكائن المفكر الأوحد