أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - إلى أين أنت ذاهب يا سعيد؟














المزيد.....

إلى أين أنت ذاهب يا سعيد؟


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7032 - 2021 / 9 / 28 - 17:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


هو ماض في نفس السكة التي قد سبقه إليها كل الحكام العرب، وقبل العرب، الماضين والحاضرين، وإلى نفس النتيجة- الحكم المستبد المطلق. لماذا، خاصة وهو يتفرد بين جميع سابقيه ومعاصريه بكونه المثقف المستنير وأستاذ القانون الدستوري؟! رحمك الله يا أفلاطون بموتك قبل أن ترى فيلسوفك الحاكم يتحول في أتون الحكم لمستبد عادي مثل كل مستبد آخر! لكن، لماذا تحول بن سعيد واستبد، أو على الأقل يسعى إلى الاستبداد عبر تركيز كل سلطات الحكم بيده؟

غاية نبيلة. بن سعيد يتصور نفسه شخص نزيه ومستقيم وعادل إلى آخره بين كثر من غير الأسوياء والمرتشين والفاسدين والأغبياء إلى آخره. الأهم من ذلك، والمعضد له، بن سعيد يتمتع بتفويض شعبي يفوق تفويضاتهم جميعاً. هو متأكد وواثق من ذلك. والأهم أكثر لا يزال، بن سعيد يمتلك من العلم والمعرفة، أكثر بكثير من كل ما يمتلكه خصومه مجتمعون، سواء بفضل دراسته وأستاذيته الأكاديمية أو بفضل تقلده منصب رئاسة الجمهورية، مصب كل المعلومات والتحريات والاستخبارات الهامة والحساسة والسرية. باختصار، إذا ما كان في الدولة من خلل أو عطب، ما من رجل آخر في تونس كلها هو أقدر أو أجدر من بن سعيد على ترميمه وإصلاحه لكي تعاود الماكينة دورانها من جديد. وهو أعطى الضمانات: سأصلح الماكينة وأجعلها تعمل ثم أرجعها لأصاحبها فوراً. لا حاجة لي بها حتى استحوذ عليها لنفسي. أليست غاية نبيلة حقاً؟!

ربما معضلة بن سعيد تعكس معضلة الحكم في منطقتنا منذ فجر التاريخ حتى الساعة. وربما قضيته تعطي مثالاً دامغاً على أن "الطبع" يغلب "التطبع"، في الثقافة العربية على الأقل. علم بن سعيد ومعرفته الحقوقية والدستورية، أو تطبعه بأحدث المعارف والثقافات الغربية والعالمية، لم يحولا بينه وبين طابع الحاكم العربي الأصيل- الرغبة والجنوح إلى الانفراد بالحكم والسلطة بأي ثمن، وبمبررات كثيرة. ثمة عطب ثقافي وحضاري يمنع البلدان العربية من توسيع دائرة المشاركة في الحكم وتخفيف مركزيته الخانقة والتحول التدريجي نحو الديمقراطية.

"أنا أكثر منك..... ". نظرية متغلغلة في الثقافة العربية وتقف سداً منيعاً أمام أي حراك أو تغيير حقيقي في الواقع العربي. وهي تنسف لحمة المجتمعات العربية وتجعلها مهترئة ونفاذة تتسل عبر ثقوبها ومسامها كل أشكال الانحراف البشري وليس السياسي منها فقط. في كل بيت وشارع ومكان عربي، ستجد من هو أكثر منك مالاً أو علماً أو نفوذاً أو جاهاً أو أي شيء آخر- لكن أكثر بكثير- إلى درجة تجاوز المعقول ويتنافى معها الائتلاف والاجتماع التلقائي والطبيعي السوي. الفروق الشاسعة تمنع التلاقي الحر، وتحول المجتمعات العربية إلى كانتونات وجيوب صغيرة مبعثرة ومعزولة ومتنافرة لا تلتئم معاً وعاجزة عن الحركة الجماعية المنسجمة والإنتاج.

في الحقيقة، نحن لا نزال أفراد في عائلات وأسر وقبائل وعصبيات وقرويات وجهويات إلى آخره، ناهيك عن عالمين منفصلين متباعدين ما بين رجال ونساء، ولم نحقق بعد درجة المساواة الضرورية فيما بيننا لكي نرتقي إلى مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات بموجب قانون دولة واحدة. هذه هي في الحقيقة ثقافتنا العربية التي قد نشأنا وتربينا عليها جميعنا، ومنا بن سعيد وكافة معاصريه وسابقيه- ولا نزال نحملها في دمائنا ومورثاتنا، ونورثها في كتبنا وعاداتنا وتقاليدنا إلى أجيالنا القادمة. ثقافة لا تقر المساواة. هذا هو طبعنا الأصيل الحق، إلى أن نعيد النظر في ثقافتنا وتقاليدنا.

بن سعيد، حين انقلب على دستوره، لم يأت ببدعة. في الحقيقة، هو صوَّب استثناء وعاد سالماً إلى القاعدة، إلى الطريق المطروق والممهد والمؤمن جيداً منذ آلاف السنين. أن تكتب تاريخاً جديداً مشرقاً ومشرفاً لمنطقة عمرها آلاف السنين ومساحتها آلاف الأميال ويسكنها ملايين البشر، ربما يفوق طاقة رجل واحد ولو كان بقامة قيس بن سعيد، وبلد صغير بحجم تونس الغالية.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسلام الطالبان
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- الصين
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- المملكة المتحدة
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- الهند
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- إسرائيل
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها
- مصادر الثروة بجزيرة العرب
- هل الفتور الجنسي خطر على سلامة العلاقة الزوجية؟
- كوفيد 19 يفرق بين دول الشرق الأوسط
- بايدن يريد تقليد معجزة البنية التحتية الصينية لكنه لن يستطيع ...
- الإجهاد المائي: مشكلة عالمية تزداد سوءاً
- كورونا يغير العالم بحلول 2030
- هل الإنسان مهم حقاً؟
- حتى لا يجف النهر
- رآيت مناماً
- ذات صباح أسود حالك
- فليبقى القضيب منتصباً
- آل البيت السامي
- شرعية يوليو
- عراق في مهب الريح


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - إلى أين أنت ذاهب يا سعيد؟