أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - لقاء مع إبليس- المساواة في الوجود














المزيد.....

لقاء مع إبليس- المساواة في الوجود


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7091 - 2021 / 11 / 29 - 12:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


المقدم:
سألتك قبل الفاصل إن كنت لا تمانع من أن تسجد لي الآن تدليلاً لنفيك الكبر عن نفسك كما تصورناك ولا نزال، وتعويضاً عن رفضك السجود لأبانا آدم.
إبليس:
نعم، سيدي، أتذكر. لكن أمهلني بعض الوقت كي أوضح لك بعض الأمور أولاً.
المقدم:
تفضل، خذ ما يكفيك.
إبليس:
حسناً. بداية، أجدد التأكيد ثانية على أن قصة الاجتماع الذي جمعني برفقة أبيك آدم مع الإله الخالق، وعصيت فيه أمر السجود لآدم متحججاً بكوني أطهر منه لأني خلقت من نار بينما هو من الطين، هي قصة وهمية لم تحدث ولا يمكن أن تحدث من الأصل. لماذا؟ كما أوضحت من قبل، لأننا، بحسب هذه الرواية ذاتها، أنا وآدم، مخلوقات من صنع خالقنا المفترض، ذات الكيان الذي أصدر لي الأمر وعصيته. وقد ذكرت أن هناك استحالة منطقية وعملية أن يحدث التقاء أو اتصال من أي نوع، عبر أي وسيلة، ما بين خالق من جهة ومخلوقاته في المقابل. وذلك بسبب اختلاف الأجناس. فالخالق، بحسب قصتكم المزعومة، جنس فريد لا مثيل له ولا شبيه، بينما المخلوقات من جنس مغاير تماماً. سننحي هذه النقطة جانباً الآن وننتقل إلى أخرى أكثر أهمية.

نحن، أنا وأنت، أو بالأحرى أبيك آدم، لم نحضر عملية الخلق ولم نعيها، ولم يكن لنا أي دور فيها. كذلك، نحن لا نعرف، ولا يمكن أن نعرف، من هو خالقنا، أو إذا كان هناك خالق أو لم يكن. كل ذلك يقع خارج نطاق إدراكنا الفعلي وبشكل مطلق. لكن من حيث الخيال والتصور، يمكنك أن تتخيل وتتصور كيفما شئت، مثل قصة الخلق المضحكة تلك. لكننا حتى وإن كنا لم ندرك عملية الخلق والخالق، إلا إننا بالتأكيد لا نزال قادرين على أن ندرك نتائجها وآثارها، مثل المخلوقات التي نحن من ضمنها. لا شك في أننا ندرك وجودنا، كما ندرك وجود كائنات كثيرة أخرى غيرنا وندرك وجود الكثير من مفردات الكون المادي وظواهره وقوانينه. كل ذلك يأتي ضمن نطاق إدراكنا. هكذا، إدراكنا يبدأ فعلاً منذ أن ندرك وجودنا في الكون، ليس قبل ذلك. ومن تلك اللحظة سوف تدرك أنك، شأنك شأن سائر مفردات الكون الأخرى، مجرد ذرة صغيرة في كون لا محدود، أو مخلوق ضعيف يبحث عن خالق قوي يحتمي به.

في قول آخر، أنت لا "تعرف" أنك موجود سوى بعدما "تدرك" وجودك فعلاً، وساعتها فقط- بعد الإقرار بوجودك- تستطيع أن تدعي أو تنكر وجود أي شيء آخر، بما في ذلك خالق أو عوالم كاملة متخيلة. قبل هذا الإدراك لا يوجد شيء على الإطلاق بالنسبة إليك، حتى لو كان الوجود قائماً كما هو قبل تكون إدراكك له.
المقدم:
نعم، أنا مدرك لوجودي أنا نفسي معك الآن مثلما أدرك وجودك معي. تفضل أكمل.
إبليس:
إذا كنت تدرك وجودك معي الآن، وأنا كذلك أدرك وجودي معك أيضاً، إذن نحن، أنا وأنت، كائنات مدركة- تستطيع أن تدرك وجودها أنفسها فضلاً عن وجود أشياء كثيرة في الكون الواسع. هذا أمر جيد. إذن نحن، أنا وأنت، كيانان متساويان.
المقدم:
ماذا تقصد بمتساويين؟ أنا إنسان بينما أنت شيطان. وأنا خلقت من طين بينما أنت خلقت من النار؟ فما وجه المساواة بيننا إذن؟
إبليس:
حتى لو سلمت جدلاً بصحة كلامك هذا. نحن الاثنان لا نزال متساويان في كوننا مدركين لوجودنا. هل تنفي ذلك؟
المقدم:
لا، مطلقاً؟ لكن بعد التسليم بشيطانتك العاصية، وآدميتي المطيعة.
إبليس:
حسناً، وهو كذلك. أسلم لك بما تقول. نحن موجودان، وندرك وجودنا، أنا كشيطان ملعون مصيره إلى النار، وأنت كإنسان مطيع مثواه إلى الجنة. هل يرضيك؟
المقدم: نعم، أكمل.
إبليس:
بصرف النظر عن التوصيف ما بين شيطان وإنسان، والمآل إلى الجنة أو النار، نحن موجودان لأننا ندرك وجودنا في الحقيقة، كما ندرك وجود أشياء أخرى كثيرة، محسوسة وغير محسوسة. هل نتفق على هذه النقطة.
المقدم: نعم، نتفق.
إبليس:
وهذا هو ما أقصده على وجه التحديد. أننا موجودان لأننا "ندرك" وجودنا، وليس لأي شيء آخر، حتى لو كان هناك شيء ما آخر حقيقة مثل الخالق الذي تدعيه. فحتى لو كان هذا الخالق موجود فعلياً في مكان وزمان ما، وكان هو من أنجز عملية الخلق لنا والكون كله، فنحن لا نزال لن نستطيع أن "ندرك" عملية الخلق تلك بأي وسيلة مهما كانت. الإدراك لا يأتينا سوى بعد الوجود الفعلي. وعملية الخلق تمت وانتهت قبل هذا الوجود. الطريق مقطوعة، وربما ما من طريق أصلاً.
المقدم:
فعلاً نحن متساويان في الوجود الفعلي في هذا المكان والزمان. لا شك في أننا جالسان الآن وجهاً لوجه، وكلانا مدرك لوجود الآخر. هب أنني سلمت لك بهذه المساواة الجزئية في الوجود. إلى ماذا ترمي من وراء ذلك. لكن بعد الفاصل.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لقاء مع إبليس
- كيف أصبحت الكلاب من أعز أصدقائنا: رحلة ممتدة منذ القدم حتى ا ...
- الاحتكار وابن عمه الشرير
- جنرال الكتريك والإيمان بسحر الإدارة
- سفاح الحمير
- أحياة بلا خطة هي؟
- عذاب الوعي
- دين وثلاث دول
- مدينة لكن بعقل قرية
- قرويون على أرصفة المدن
- إنصافاً للتجربة الديمقراطية في العراق
- نحن البشر لن ننعم أبداً بالحياة على كوكب المريخ، أو أي مكان ...
- لا غنى عن حقوق الإنسان حتى في أوقات المحن
- شرعية حقوق الإنسان
- إلى أين أنت ذاهب يا سعيد؟
- إسلام الطالبان
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- الصين
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- المملكة المتحدة
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- الهند
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- إسرائيل


المزيد.....




- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال قيادي كبير في -الجماعة الإسلامي ...
- صابرين الروح جودة.. وفاة الطفلة المعجزة بعد 4 أيام من ولادته ...
- سفير إيران بأنقرة يلتقي مدير عام مركز أبحاث اقتصاد واجتماع ا ...
- بالفصح اليهودي.. المستوطنون يستبيحون الينابيع والمواقع الأثر ...
- صابرين الروح.. وفاة الرضيعة التي خطفت أنظار العالم بإخراجها ...
- مشاهد مستفزة من اقتحام مئات المستوطنين اليهود للمسجد الأقصى ...
- تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - لقاء مع إبليس- المساواة في الوجود