أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - صورة اليهود في رواية -قلوب لمدن قلقة- دينا سليم حنحن















المزيد.....


صورة اليهود في رواية -قلوب لمدن قلقة- دينا سليم حنحن


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 7089 - 2021 / 11 / 27 - 10:35
المحور: الادب والفن
    


رواية
"قلوب لمدن قلقة"

إعداد :أسامة وجيه منصور
2010
جامعة النجاح الوطنية
كلية الدراسات العليا
قسم اللغة العربية

بـــين يـــــدي الــــرواية
تدور أحداث الرواية حول قصة حب عبر الانترنت بين شاب فلسطيني اسمه محمد يبلغ من العمر ثلاثين عاما يعمل مدرسا ويعيش وسط مجتمع قروي محافظ، و امرأة يهودية، عربية الأصل تبلغ من العمر 50 عاما، واسمها داليا.
يتعرف الشاب على المرأة من خلال الماسنجر"غرف الدردشة"، يتعرفان على بعضهما جيدا، فيقع حب المرأة في قلب الشاب وكذلك الأمر المرأة ، ويُولع كل منهما بالآخر، حتى تصبح المراسلة صوتا وصورة فيما بينهما، جزءا لا يتجزأ من حياتهما، وتدور بينهم محادثات كثيرة في الحب وغيره كالحديث عن هموم الحياة والأوضاع التي تسود البلاد، والمشاكل التي تعتريهما، ومن هنا بدأت المرأة، تسرد لنا فصول حياتها، تبدأ بالحديث عن مآسيها منذ صغرها حتى عمرها الخمسين. فهي بنت لوالد عربي مسلم متزوج من أمها اليهودية،كانت تعيش في مدينة عكا، حتى حدث تغير مفاجئ في حياتها، وذلك بعد إقدام أبيها على عمل فدائي ضد اليهود، مما أدى إلى اعتقاله، واعتقال أمها لبعض الوقت ومن ثم الإفراج عنها لتعيش مع أهلها اليهود تحت المراقبة، وبالتالي انتقلت العائلة المكونة من داليا ونوئيل أخيها الأصغر والأم إلى العيش في وسط يهودي تشوبه العنصرية والنظرة القاصرة تجاه هذه العائلة ذات الأب العربي الإرهابي المسلم!، وتستمر الأحداث حتى تدخل داليا المدرسة الدينية، وبسبب ضجرها منها تعمد إلى أول متقدم لها للزواج، وهو رجل دين يهودي متزمت همه الأول والأخير التمسك بدينه والتشدد فيه وإلزام أهله به والتقيد به نصا وحرفا ، وتنجب داليا منه الأطفال ومنهم ديفيد .
تسأم داليا من زوجها ومن تصرفاته ومن عاداته الدينية وتتواصل في هذه الأثناء مع محمد والذي أطلقت عليه لقب "مودي" –هربا من اسم محمد-الذي ترى فيه أملا تعيش عليه، تزداد المشاحنات بينها وزوجها فيعمد إلى تطليقها فتطير فرحا، وترى في نفسها امرأة جديدة حرة، وتزداد العلاقة مع مودي، مع معرفتها عوائق هذه العلاقة المتمثلة بالبعد والدين والعمر ولكن مودي يصر على هذه العلاقة، فيما بينهما راميا بعرض الحائط كل ما سبق ذكره.من هنا تنتقل داليا إلى العيش في كندا مع أمها التي تزوجت من رجل مسيحي اسمه "جورج"، وهو لبناني الأصل، وقد احتضن أمها بكل ألوان العطف والحنان، وتبقى داليا في كندا، تعيش في حرية كاملة في الذهاب والإياب وما إلى ذلك، وتزيد من حبها لهذا المكان المليء بالحركة والناس، وتبقى في كندا على تواصل مع مودي، مع ظهور شخص آخر عراقي الأصل اسمه (حبيب) يبقى الآخر على تواصل مع داليا يخفف عنها آلامها بعباراته الرزينة المليئة بالتشبيهات والصور، وتجد فيه داليا مثال الصديق الوفي.
يأتي أخوها (نوئيل) من فلسطين بعد غياب طويل، يلتقي بأمه وداليا ويكون متزوجا "بثائرة" فلسطينية الأصل، وتظهر علامات الحزن على (نوئيل) فتعرف داليا السبب وهو الشوق إلى أبيه حيث جاء طالبا بعض صوره فلا يجدها وهو هنا يواسي أخته الكبرى بغياب أبيهما ويحمل لها في نفس الوقت خبرا عنه، هو انه خرج من السجن مؤخرا وانتقل إلى العيش في غزة. تهرب(نوئيل) من المدرسة الدينية والتحق بالجيش الإسرائيلي مجبرا. يتقاسم مع أخته الأحزان ويستذكران الماضي ويعيشان فترة إجازة سعيدة ما تلبث حتى تنتهي بسرعة ويعود نوئيل إلى الوطن.
تتفقد داليا بريدها الالكتروني باستمرار لتبحث عن مودي بين الفينة والأخرى، ولكنه أصبح منشغلا عنها وكأنه يريد الانسحاب، وفي تلك الأثناء تتفاجأ داليا بموت أمها فتحزن عليها حزنا شديدا وكذلك جورج الذي قرر السفر إلى لبنان لعدم احتماله فراق زوجته، فيحضر صندوقا لداليا من أمها المتوفاة فيه وصيتها وبعض الأوراق القديمة وحسابات في أموالها، تتفقد داليا الأوراق القديمة فإذا بها رسائل بين أمها وأبيها وهو في السجن ذكر في إحداها إن أباها يطلب من أمها أن تتزوج، وهي كذلك تطلب منه الزواج ، فتختلط أحاسيس داليا بين البكاء والاستغراب من حب والديها ومن إخلاصهما وتفانيهما فيه.
تبقى داليا وحيدة في كندا فتقرر العودة إلى الوطن، وبالفعل تسافر إلى فلسطين وتحط طائرتها في تل أبيب ومنها تذهب إلى القدس حيث تستغرق في وصفها وفي وصف التغييرات التي اعتمرت الأماكن بشكل عام، فالمستوطنات كثرت ووجود الجدار زاد من دهشتها، تذهب داليا إلى حي قديم في القدس تعرف أن عمتها أم وائل كانت تسكن فيه، فتقصده فتجده فارغا بعد مغادرة عمتها إلى العيش في جنين، ومفتاح البيت يكون بحوزة جارتها"أم أنوار" التي خافت عليه من استيلاء المستوطنين، فتسكن فيه داليا وتتعرف على جاراتها العربيات وتنسجم معهن طيلة إقامتها في بيت عمتها، وتذهب مع أم أنوار وتتعرف على القدس، أسواقها وأحيائها وسكانها ومناطقها وحاراتها، وتشعر بسعادة لا تضاهى وتستغرق في وصف هذه المدينة، حتى إنها تنسى مودي الذي غابت عه فترة طويلة، حتى تذكرها هو وعاد إليها وفسر سبب غيابه بأن بريده الالكتروني قد سرق، ومودي عاد إليها بشوق وحب شديد، حيث إنه حاول نسيان داليا فلم يستطع وصارحها بذلك، وذلل العقبات أمام حبهما، وهي شعرت بالسعادة لذلك.
وفي خضم هذه الأحداث يخطر لداليا الذهاب إلى غزة لرؤية أبيها، لكنها منعت من ذلك، وهي ترى في ذلك تحطيما لها حتى إنه أغمي عليها ولم تستفق إلا على أيدي الجارات.
وبعد الاستفاقة من فجعتها، تذهب إلى المدرسة اليهودية لرؤية ابنها ديفيد الذي تركته صغيرا، فتفاجأ بزوجها السابق، ويستغرب وجودها في المدرسة وعند معرفته السبب يخبرها انه منع ابنها من رؤيتها ، فتعود خائبة، فما تلبث وتذهب إلى مكان مدرسته الجديد في تل أبيب فترى ابنها، ولكن جرحها كان أعمق حيث إنه رفض التعاطي معها كونها عربية، واستاء من وجودها ودعاها إلى الخروج من المدرسة، واكتفى بعدم استدعاء رجال الأمن لوجود امرأة عربية في المنطقة!
تعود أدراجها إلى القدس حاملة أعظم معاني الحزن والأسى، لكن رؤية القدس تريحها فهي رائعة المدن.
وفي هذه الأثناء يدخل مودي الدردشة ليعلن موقفه من علاقته بداليا ، ليبين لها صعوبة التعايش مع هذا الحب ويطلب رخصة الانسحاب منها، تُجرح داليا أكثر وتصدر الأحكام الكثيرة على الشباب، أنانيون، مزاجيون نخاسون ....
وهي بدورها تفصل حاسوبها من الكهرباء لتقطع التواصل معه.
وبعد مرور أيام يصلها مرسال من أبيها يطمئن عليها، تطير فرحا وبكاء لسماع أخباره وبأنه ما يزال يتذكرها.
بعد ذلك تعرف جارتها بطريقة ما أنها يهودية فتستاء لذلك وتطلب منها الرحيل وتهجر داليا لأيام معتقدة إنها اتخذت الجارات أضحوكة وما شابه، لكن داليا ترفض، وتتمسك ببيت عمتها وبعد نقاش طويل تهجر أم أنوار داليا لأيام، ثم تعود الجارة نادمة معتذرة ومحتضنة لداليا مرة أخرى.
تعيش داليا حالة من الصدمات المتتالية وشعورا من الضياع، مع قليل من الأمل، تخرج ليلا لتسرح في معالم القدس تتغنى بها وتعود إلى ذكرياتها، يصيبها نوع من الشرود الذهني لتلقى نفسها بين ذراعي حارس ليلي شفق عليها فيكون صديقا جديدا لها تسهر معه على الطرق وتعد القهوة له.
مرة أخرى يعود مودي إلى داليا ولكن هذه المرة تطلب منه داليا أن لا يتورط في حب مستحيل، وتخبره أنها تود القدوم إلى نابلس فيخبرها باستحالة ذلك لصعوبة الطرق، وبنفس الوقت لم يبد سروره من الفكرة، ومن ثم يصارحها بأنه وقع في حب ابنة عمه، ويطلب من داليا الدعاء له بالتوفيق، صعقت داليا بدورها من الخبر وتركت نافذة الدردشة مسرعة إلى السرير.
تتوالى الأحداث لتصل رسالة أخرى من غزة فيها خبر وفاة والدها، وهي من زوجة أبيها ولتعتذر لها عن عدم إيصال أي رسالة لأبيها منها كي لا تعيد له ذكرياته القديمة. وهنا تقع داليا مصدومة من موقف زوجة أبيها. وتعود حاملة أحزانها باكية مرة أخرى وأخرى على ما يصيبها من مصائب.
بعد ذلك تقرر داليا الذهاب إلى نابلس لرؤية مودي، وتركب إحدى سيارات الأجرة متوجهة إلى رام الله.
في الطريق تفاجأ بأخيها (نوئيل) على إحدى الحواجز وتسمع مدح السائق له بأنه متعاون مع الفلسطينيين وتعمل على إخفاء نفسها منه كي لا يراها وتنجح في ذلك .
في خضم هذه الأحداث تتفاجأ داليا من أمور كثيرة وأكثرها الجدار العازل الذي جعلها مستاءة جدا من وجوده، ثم الحواجز المزروعة في كل مكان، وكيفية ارتباط مصير الركاب بجندي واحد يكفي غضبه أن يمنعك الانتقال من مكان إلى آخر!
تصل داليا إلى رام الله وتسعد بالمكوث بها وهنا تتفاجأ بأن أخاها نوئيل يعثر عليها ويعاتبها على تسللها ويبين خوفه عليها من القتل على يد المقاومين، فيطلب منها مغادرة البلاد إلى كندا، تشعر داليا بالاستياء وبأنها ملفوظة من أهالي المدن وتعد العدة للعودة إلى كندا، وبالفعل تسافر إلى كندا وفي طريق العودة وهي في الطائرة تسمع وشاوش تخبرها بان هناك من ينوي أن يدمر مدينة القدس القديمة ويستبدل بها غيرها، مدينة أخرى وسكان غرباء عمالقة، جشعون وبشعون في نفس الوقت، فتصرخ بأعلى صوتها قائلة: "ال ق د س س س س" .

الراوية :
كما فإن الراوية امرأة في عقدها الخامس، عربية الأصل ، يهودية الديانة، والدها عربي من عكا، رجل مقاوم، وأمها امرأة يهودية، ترعرعت في صغرها مع اليهود أهل أمها بعد سجن أبيها، وتزوجت من رجل دين يهودي، ثم طلقت منه.
الراوية امرأة واقعية متحررة تعشق الرجال، وتلبس الثياب، وتشرب الخمر، وهي مع ذلك شخصية طيبة ذات إحساس وشعور، لا تكره دون سبب، تحب الخير، ويحبها من حولها، وهي تحب الحياة وتجد في الديانات عائقا أمام تواصل الناس وسعادتهم، وهي ترى في رجال الدين اليهود نموذجا للتخلف والتكلف، ويظهر كذلك من خلال بعض الألفاظ التي قد تبين طبيعة الشخصية الحقيقية للكاتب، ويُستبعد أن تكون شخصية إسلامية، لأن بعض الألفاظ في الرواية يأبى التلفظ بها أو كتابتها كاتب ذو منهج إسلامي مع العلم أنها لم تعرض للدين الإسلامي بسوء، بل إن جم تعبيراتها السلبية عن الدين كانت في سياق ذكر رجال الدين اليهود وزوجها المتدين، وهذه الألفاظ مثل:" مسكين أنت يا الله" ، " الله يتأخر" ، " وبما أني إحدى بنات الرب" ،"لكني لا أريد أن أكون امرأة تحت قيود التسميات الدينية"،" الدين أرقنا الوحيد في عصر الواحد والعشرين"
ويبدو من خلال الراوية أن هذه النظرة إلى الأديان ناجمة عن كرهها لزوجها اليهودي المتدين الذي لا تلبث أن تسخر منه ومن جنته وناره ، ومن لباسه ، وتسخر من مدرسته الدينية، وأن الدين عنده مجرد شكل دون محتوى، فهي وإن صح التعبير حاقدة على رجال الدين اليهود لأنها لم تظهرهم بصورة إيجابية واحدة.
ومن خلال الرواية فإن الراوية فاقدة للهوية، تجد نفسها بلا كيان، تلفظها المدن، بل هي نفسها تحتار في انتمائها، فلا تستطيع المعرفة، فهي تقول:"فإن سئلت من أكون؟ فماذا سأقول؟ هل سأقول أنا فلسطينية، أم فلسطينية من الضفة الغربية، أو أقول فلسطينية من الـ48، هذا إن لم يسألوني إن كنت من حماس أو الجهاد! وربما هناك من يحب أن يدعوني الإسرائيلية، ثم وإن سئلت عن ديني، هل أقول أنا يهودية، أم مسلمة، أم مسيحية، وإن قلت أنا كندية، هل سأرتاح من كل هذا؟..(من أكون)؟" . " أنا بلا كيان" ، لكنها في نفس الوقت تجد في فلسطين وطنا عزيزا غاليا عليها.
وهناك إشارة من قبل الراوية توافق مذهب اليساريين من حيث النظرة إلى أصحاب السلطة واستغلالهم غيرهم، في المجتمع فهي تقول:" محكوم علينا أن نكون كما يريد السلطويون وأصحاب السيادة، لا نملك سيادة أنفسنا، نحن لا شيء".
والراوية لم تكن وحيدة في التعبير عن شخصياتها، بل تركت المجال أمام شخصياتها أيضا لتعبر عن نفسها ، وكانت أحيانا تعمل على التعبير عن شخصياتها بعبارات قصيرة ثم تترك المجال أمام الشخصيات عينها تتحدث عن طريق الحوار الجاري بين طرفين أو أكثر.أي أنها لم تعبر عن نفسها فقط بل عبرت عن غيرها وتركت غيرها يعبر عن نفسه، وأنا أعني بالشخصيات هنا العربية واليهودية أيضا.
الشخصيات اليهودية في الرواية :
تحفل الرواية بالعديد من الشخصيات اليهودية، وتبين نماذج مختلفة لليهود وذلك على النحو الآتي:
1- (نوئيل): وهو اخو داليا تهرّب من المدرسة الدينية لاستيائه منها والتحق بالجيش الإسرائيلي عن غير قناعة، علماني تزوج من عربية، يشتاق إلى أبيه المسلم المقاوم، يرفض فكرة قتل العرب، ويعامل العرب معاملة جيدة على الحواجز التي يقف عليها، ويرى فيه العرب مثال الجندي المتسامح نادر الوجود.
من هنا نلاحظ أن الرواية أظهرت نوئيل بشخصية جيدة ايجابية يعمل مع الجيش، لان الأمر إجباري، ويفكر في التهرب منه أيضا، لكن لا مناص من ذلك .لأن عنوانه معروف، وهو يفكر في الانتقال إلى المدينة ليخلص من نظرة اليهود الآخرين إليه كونه متزوجا من امرأة عربية.
2- زوج داليا: يهودي متدين يقدس الدين ويرى فيه مخلّصا من الفتن وطريقا إلى الجنة، ولا يقصر نفسه على الالتزام بالدين اليهودي، بل إنه يريد إجبار كل من حوله على الالتزام بشعائر دينه ومعتقداته، وهو لا ينفك بجمع المال للمؤسسات اليهودية.تبرزه الرواية على أنه نموذج اليهودي المتعصب سلبي التعامل أناني التفكير يحاول إجبار زوجته داليا على الالتزام الديني، ويرى فيها نموذجا للكافرة ويحاول إشعارها بوصمة العار التي تحيق بها، وهي أن أباها عربي. وبسبب التكلف الديني ينفصل ويطلق زوجته داليا .
3- (ديفيد) : ابن داليا وهو الذي عاش مع أبيه الذي ألحقه بالمدرسة الدينية في القدس.
تصوره الرواية على أنه النموذج الحاقد على العرب نتيجة للتعبئة الدينية داخل المدرسة الدينية، ويرفض التعرف على أمه لأنها عربية ، ويرى فيها أمام أصحابه اليهود وصمة عار.
4- أم داليا: زوجة محمد العربي المسلم، تظهرها الرواية على أنها نموذج الحب المتفاني والإخلاص إلى زوجها العربي المسلم المقاوم، حتى بعد زواجها الثاني من جورج المسيحي، وهذه المرأة تلقى ظلما كبيرا من أهلها اليهود الذين أجبروها على التزام بيتها بعد سجن زوجها، وأجبروها على ممارسة شعائر اليهود الدينية، فلا تجد مناصا إلا في الخروج من البلاد والعيش في المنفى.
5-أم (يحزقيل): جارة عربية الأصل يهودية الديانة، جارة داليا في القدس، هي نموذج لليهود العرب المتقبلين لغير اليهود، التي كانت تجلس إلى الفلسطينيات الأخريات وتتناقش معهن دون أي ضغينة.
6- الجارة اليهودية: نموذج لليهود الغربيين ، لا تتفاعل مع جاراتها، ولا تطرح السلام عليهن، منطوية على نفسها، تنزعج الجارات لوجودها بينهن.

صورة اليهود في الرواية
لم تكن صورة اليهود واحدة في الرواية، ولم تضعهم جميعهم في قالب واحد بناء على أوصاف سابقة تقليدية لليهود، بل إن صورة اليهود تنوعت، حيث إننا رأينا النماذج الإيجابية، والنماذج السلبية، وتتجلى الصورة السلبية بصورة اليهودي المتدين الذي يرى نفسه أعلى مقاما من غيره، و يمارس تزمته الديني على أهل بيته ويحاول إجبارهم بتلك التقاليد، تظهر الرواية رجال الدين على أنهم رمز للعصبية والتخلف ونموذجا مثيرا للسخرية من حيث العادات والطقوس الدينية وحتى من حيث المظهر الخارجي.
وقد ورد اليهود بصفات عديدة، منها السلبية ومنها الإيجابية، ولكن السلبية لم تكن نمطية، أي أنها تفرق بين يهودي وآخر، أو بين فئة وأخرى إن صح التعبير. ولم تظهر فيها الصورة القديمة لليهود أو الصورة السلبية التقليدية، بل كانت صفات واقعية مستوحاة من الواقع ومن خلال تجربة.
وقد ظهرت الصور على النحو الآتي:
1- اليهود المتدينون متعصبون وحاقدون على العرب، يتنكرون لأقرب المقربين نتيجة الارتباط بالعرب.
2- يسودهم الحذر والخوف، ويشعرون بتهديد بقائهم من أي شيء يربكهم.
3- المتدينون يظهرون التدين والانغلاق، لكنهم داخل أسوار مدارسهم مجتمع غاية في الانفتاح (الدين شكلي لديهم).
4- هناك العلمانيون من اليهود وهم من يدفعون ضريبة البقاء والذهاب لمقاتلة العرب، أما المتدينون فهم للصلاة فقط!
5- المتدينون غير عادلين، عمي القلوب والعقول.
6- بقاء اليهود ككل مرهون بالقوة والسلاح، وكذلك بيد المصالح الشخصية والدينية.
7- اليهود يخافون على أمنهم أكثر من أي شيء .
8- المستوطنون اليهود انتهازيون، يسرقون بيوت العرب عند غيابهم.
9- اليهود قاتلوا الإنسانية من خلال بناء الجدار العازل، والحواجز المنتشرة.
10-الصهيونية وما تنويه من إقامة الوطن القومي من خلال اليهود الغرباء برزت بصورة بشعة، فالصهيونيون مخلوقات بشعة جائعة عملاقة جاءت تسرق الوطن وتستبدل به وطنا آخر.

والصور الإيجابية لليهود تتمثل فيما يأتي:
1- اليهود منظمون ومرتبون ودقيقون في معاملاتهم.
2- منهم المتسامح والمتعاون مع العرب مثل نوئيل، ومثل أم يحزقيل المتجاوبة مع جاراتها العربيات والسامعة لآراء العرب أثناء النقاشات الدائرة بينهم.
3- داليا وأمها وأخوها نماذج لليهود العرب وكذلك أم يحزقيل، لم تتعرض الرواية لأي منهم بشيء من النقد، أي صورة اليهود العرب كانت إيجابية في الرواية، فداليا متعاطفة مع أهل غزة في أثناء الحرب، وهي متعاطفة مع أهل الضفة وما يصيبهم من مضايقات من اليهود كوضع الحواجز وإقامة الجدار وما إلى ذلك..وأم داليا مخلصة لزوجها العربي المقاوم، وأم يحزقيل تجلس إلى العربيات الأخريات وتتناقش معهم وتتقبل وجهات النظر الأخرى.

تصور العرب لليهود كما يظهر في الرواية:
لم يكن تصور العرب لليهود واحدا،كما يظهر في الحوار الجاري بين الشخصيات العربية حول اليهود أو من خلال تصرفات العرب تجاه اليهود، ويظهر ذلك على النحو الآتي:
-والد داليا: لا ينظر إلى اليهود نظرة واحدة فهو مقاوم فلسطيني مسلم، ومع ذلك تزوج من يهودية عربية، لكنه قاوم اليهود الأجانب الذين سكنوا فلسطين.
-محمد "مودي" :لا ينظر إلى اليهود ككل في الرواية ويظهر أن اليهودي كغيره، أي أن داليا كونها يهودية فإنه لا يعني أنها لا تحب ولا تعشق ولا ترتبط به هو المسلم القروي ، مع أنه لم يتزوجها إلا أنه أبدى هذه النظرة لها .
-أم أنوار: جارة داليا في القدس تنظر إلى المستوطنين على أنهم انتهازيون سارقو بيوت العرب يستغلون فرصة غياب العرب فيستحوذون على البيت، وتخاف من علاقتها مع اليهود ككل هي وجاراتها، ويظهر ذلك من خلال تعاملهم مع الجارة اليهودية المنطوية على نفسها،حيث يقلن عنها:" هذه امرأة يهودية ،(برية يعني)" ، " غير مرغوب بها في جلستنا" هذا ما دار بين الجارات عن الجارة اليهودية، لكن ما يدل على أن النظرة ليست واحدة عندها هي رجوعها إلى داليا اليهودية العربية بعد معرفتها أنها يهودية، وإبقاء العلاقة كما هي.بالإضافة إلى التعامل والجلوس مع الجارة اليهودية العربية "أم يحزقيل".
-عمة داليا: رافضة لكل اليهود حتى العرب منهم، لأنها كانت شديدة الرفض من زواج أخيها (والد داليا) من يهودية لذلك لم يكن أبوها يصطحب أمها إلى عمتها.
-وقد ظهر في الرواية أيضا أن من العرب من ينظر إلى اليهود ككل على أنهم سلبيون، حتى إن(نوئيل) المتعاون مع العرب يتعرض لعبارات معادية بصيغة الجمع مثل" الله يخلصنا منهم"، "الله ينصرنا عليهم "، الله يخرب بيتهم زي ما خربوا بيتنا" هذا ما ورد على ألسن الجالسين في السيارة على الحاجز.
يعرف العرب أن وجود اليهود-وإن كانوا عربا- بين العرب تهديدٌ لحياتهم كتحذير السائق لداليا من العرب عند توجهها إلى رام الله.
صورة إيجابية أخرى لليهود من قبل سائق السيارة عندما وصفهم بالترتيب والنظام وأنهم ليسوا كالعرب في تعاطفهم في الأوراق الرسمية.
تصور اليهود للعرب كما يظهر في الرواية:
تظهر الرواية تصورات مختلفة لليهود عن العرب، فهم يكرهون العرب وينظرون إليهم نظرة دونية، تبرز من خلال معاملة أهل أم داليا معها لزواجها من عربي مسلم ، وكيفية معاقبتهم بعد العملية التي نفذها والدها، وكيفية معاملة زوج داليا لها جراء عروبة والدها ودينه، ومنها أيضا رفض ديفيد ابن داليا التعاطي مع أمها العربية بعد غياب طويل بسبب عروبتها.
وينظر اليهود أنفسهم إلى المسلمين على أنهم قاتلون ويظهر ذلك من خلال الشخصية المتعاطفة مع العرب وهو نوئيل حين عاتب داليا المتسللة إلى رام الله خوفا عليها من القتل.
وفي القدس أيضا تتجلى علاقة اليهود بالعرب من خلال الشتائم المتبادلة فهم يصفون العرب بالقذرين" عربيم ملوخلاخيم" والعرب ينعتونهم بالكلاب.
ومنها أيضا استياء اليهود من نوئيل لزواجه من عربية اسمها ثائرة ومضايقته بنظرتهم إليه.
وهناك نظرة لليهود إلى أنفسهم تظهر من خلال مخاطبة زوج داليا لها عند التحدث عن المتدينين بني جنسه فهو يقول:" نحن الأوفى لله، ويجب أن نتكاثر ونثبت أكثر بآرائنا كي لا نخسر الآخرة".
أما داليا الراوية اليهودية العربية فنظرتها للعرب – كما أسلفت القول- تشفق على العرب وترى فيهم نموذجا للبشر المحرومين جراء أحلام قيام الدولة اليهودية.
إذن من خلال ما سبق يتضح أن الرواية تبرز صورا مختلفة لليهود، وهي تميز بين اليهود العرب وغيرهم الأجانب وبين المتدينين وغيرهم، أي أنها لم تضعهم جميعا في سلة واحدة، وقد تعرضت الرواية للعرب وبينت نظرة العرب تجاه اليهود، ولم تكن أيضا واحدة، بل اختلفت باختلاف الأشخاص، وهي تعطي الصور السلبية لليهود المتدينين وللساسة اليهود الذين يفرقون سكان البلاد ولعبتهم الحرب والقتل والسجن وأن هذه الأمور رهن بقائهم في فلسطين، ويظهر في آخر الرواية بكل وضوح أن الصهيونية وإقامة الدولة اليهودية هي مؤرقة الراوية وسبب من أسباب دمار القدس القديمة وبعثرة أشلائها وذلك بتغيير معالمها وسكانها.



#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليتنفس القلم
- جواز سفري غراب
- أواجه حروبًا شرسة مع -طائر الجزار الرمادي-.
- دينا سليم حنحن - رواية -ما دوّنه الغبار-. محمد معتصم - ناقد ...
- قطار منتصف الليل
- جنوب غرب كوينزلاند QILPIE
- لليل سعة وساعات
- مشهد اليوم - المسنة
- نهر الأردن
- النقطة الخطيرة
- ماذا يوجد داخل حقيبتكِ؟
- تغطية عن اصدار رواية - ما دونه الغبار-
- إبريق جدتي
- نوبة هلع
- الرجل المجهول
- جزيرة كريت
- عادات الشعوب - سورينتو إيطاليا
- شبشب أمي
- فانتازيا
- الهدية: مشهد حقيقي.


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - صورة اليهود في رواية -قلوب لمدن قلقة- دينا سليم حنحن