أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - منير المجيد - النمل















المزيد.....

النمل


منير المجيد
(Monir Almajid)


الحوار المتمدن-العدد: 7083 - 2021 / 11 / 21 - 18:19
المحور: الطب , والعلوم
    


يُضرب به المثل في دقّة التنظيم والعمل الدؤوب.
ذُكر في الكتب الدينية، حتى أن القرآن خصّص له سورة مستقلة تحمل إسمه: «النمل».
«وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ، وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ، حَتَّىٰ إِذَا أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ، فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِّن قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ».

وتُفسّر الأدبيات الإسلامية قصة سليمان على أنه جمع يومًا «جنوده من الإنس والجن والطير والدواب وأمرهم بالسير في صفوف منتظمة، وأثناء سيرهم مروا على وادٍ يسكنه النمل، وكان النمل منهمك في مهامه إلا نملة وقفت تراقب مشهد سير نبي الله سليمان عليه السلام وجنوده، وعندما اقتربوا من بيوت النمل صاحت النملة بأخواتها النمل أن أسرعوا وادخلوا إلى مساكنكم حتى لا يدوس عليكم نبي الله سليمان وجنوده دون أن يشعروا فهم قد اقتربوا منا.
وهنا تجلت قدرة الله وعلمه الذي علمه لنبيه، فقد سمع سيدنا سليمان عليه السلام ما دار من حديث بين النملة وأخواتها، وفهم ما قصدته النملة فتبسَّم ضاحكاً من قولها، ثم أمر جنوده بالمسير ببطء، حتى يدخل النمل إلى بيوته ولا تصاب بأذى».
ويبدو الخلاف واضحاً بين القرآن والتوراة فيما يخصّ الأنماط المعيشية للنمل.
في سفر «الأمثال» يتوّضح أن الملك سليمان لم يعترف بنظام النمل الإجتماعي حسب التسلسل الرتبي، بل أن كلّ نملة تعمل على نحو غريزي دون تواصل أو توجيهات من المستعمرة: «اذهب إلى النملة أيها الكسلان، تأمل طرقها وكن حكيماً، التي ليس لها قائد أو عريف أو متسلط، وتعد في الصيف طعامها، وتجمع في الحصاد أكلها».

في العصور الحديثة قمنا بإنتاج وتصوير آلاف الأفلام لنوّثق حياتها وطريقة عملها. حتى السينما الروائية جعلتها حشرات مفترسة مُرعبة تنمو بحجم عدّة أمتار (فيلم الرعب الردئ إمبراطورية النمل، من العام ١٩٧٧)، لحقتها سلسلة أفلام الأنيمي «Antz»، ومن ثمّة سلسلة «Ant-man»، إقتباساً من السلسلة الاخرى «سپايدرمان»، رجل العنكبوت.

النمل (Formicidae) هو عائلة من الحشرات المجنحة بأكثر من ١٤,٠٠٠ نوع موصوف. يُعدّ من أنجح مستعمرات الحشرات. ويعيش في مجتمعات متطوّرة. وهو في ترتيب Hymenoptera يرتبط ارتباطا وثيقاً، وعلى نحو خاص بالدبابير. تم العثور على أقدمه في طبقات تنتمي إلى الجزء الأخير من العصر الطباشيري، بعضه نزق عضّه موجع، وآخر سام.
يمكن التعرف عليه من خلال الخصائص الفيزيولوجية التالية: قرون إستشعاريّة مع عقدة حادة تشبه الكوع، ومفصل جسم كروي، وعنق يتكون من مفاصل أطرافه الخلفية، ووسط نحيل قد يُثير حسد معظم النساء.
أنواعه تُغطّي كل زاوية من زوايا المعمورة ماعدا القطب الجنوبي. بيد أنّه يُفضّل، على وجه الخصوص، المناطق الحارة، لكن هذا لم يمنعه من التأقلم في مناطق باردة ورطبة أيضاً.

في الدانمارك هناك أكثر من عشرين نوع، غير سام، من النمومل (القواميس العربية تجمعها كنملات، مما يعني تحديد جنسها كأنثى، أنا أفضّل صيغة الجمع الثانية نمومل) في حديقتي سبرتُ نوعين منها، الأسود الرشيق السريع (Stenamma Debile) يتراوح طوله بين ٣,٥ إلى ٤,٠ ملم، والذي يُفضّل العيش في الشقوق الضيّقة تحت البلاط المحيط من ثلاثة جهات في منزلي، حيث يتنزّه بصفاقة طيلة الليل والنهار بحثاً عن فريسة قد تكون حشرة ميتة أو اخرى قابلة للهجوم الذي يشنّه هذا النوع على شكل غارات منظمّة مُخطط لها تحتاج إلى دقّة ومهارة استراتيجية، والأشقر النزق الذي يشبه الإسكنديناڤيين (Lasius Flavus) يتراوح طوله بين ٢,٢ إلى ٤,٨ ملم، الذي يبقى تحت الأرض ولا يخرج إلّا في حالات الضرورة ويبني مستعمراته تحت مرج الحشيش، وخاصّة قرب جذور بعض النباتات أو الأشجار إن وُجدت.
يُقدّم بعض أنواعها في مطاعم الميشيلين الدانماركية. وهذا لقنتهم إيّاه مطاعم الشوارع المنتشرة في جنوب شرق آسيا، لأنها، مع عدد كبير آخر من الحشرات، تُشكّل غذاءً بروتينياً هاماً جداً، قد ينقذ البشرية من المجاعة في الأحقاب القادمة.
بين الأسود وبيني عداوة خاصة، فهو، وبقدرة قادر، مولع بزهور الخضار التي تغري النحل والفراشات في نقل طلعه كي يتسنّى لها التزواج.
في الموسم الماضي قضى، تقريباً، على موسم الكوسا، بنوعيه الأخضر والأصفر، مُنجذباً إلى الزهرة الصفراء الكبيرة المُبهرجة، لتتحوّل بعد ساعات قليلة إلى وُريقات مُترهّلة حزينة مليئة بالثقوب والكدمات البنيّة.
ولا يقتصر الأمر عند هذا فحسب، بل قد يدخل منزلك دون إستئذان .
في الصيف الماضي وضعت وجبة من الخبز الطازج الساخن، الخارج لتوّه من الفرن، في ساعة متأخرة من الليل على منصة المطبخ وذهبت للنوم، لأنني لم أشأ أن أنتظره ليبرد، في تصرّف ظهر أنه غبي للغاية.
صباح اليوم التالي كانت أرتال تعدّ بالآلاف منها يذهب ويجيء في رتلين عسكريين: من باب الشرفة المُغلق جيداً، الأول يدخل ويأخذ مشوار خمسة أمتار يتسلّق خلالها الأدراج وبقية العقبات، والثاني العائد أدراجه بعد أن اقتطع قضمة ميكروسكوبية لا تتناسب مع كل هذا العناء.
لا خلاف على المسار، والكل منهمك بالعودة أو يحثّ خطاه لنقل أجزاء من رغيف الخبز إلى ملكته النهمة.

هو أيضاً أحد أسباب إنتشار حشرة المنّ على مزروعاتنا. في الخريف ينقل بيوضها إلى موطنه تحت الأرضي، وفي الربيع، بعد أن تفقس، ينشرها بصبر معروف على أوراق النباتات والخُضار.
مُكافأة النمل، بعد كل المعاناة، أنّه يأتي لزيارة المنّ الذي ساعده من قبل، فيضرب بنعومة على مؤخرة الحشرة، مُستعملاً قرن إستشعاره، فتقوم الحشرة بفرز مادة لزجة دبقة شديدة الحلاوة، يتغذّى عليها النمل، لا بل يعشقها.



#منير_المجيد (هاشتاغ)       Monir_Almajid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العتائق ونشأة الحياة
- فوتبول
- لونا وروبيرت
- الحمار
- ورد جوري دمشق
- المتّة
- صابون
- الخنزير
- سپاگيتي
- ليس «هاپي اندينغ»
- ثقافة التواليت اليابانية
- ماكس، الكلب
- نهر التمساح
- صفصاف مازدا
- جلد عميرة
- النبيذ
- الشاي
- الترفل والكمأة
- إشكالية أسمهان
- الدجاج


المزيد.....




- ارتفاع ضغط الدم.. كيفية قياسه والتحكم بمستوياته
- روبوتات تشبه الأسماك -تسبح- في الممرات المائية بالشرق الأوسط ...
- أوقفه ترامب.. الولايات المتحدة تعيد تطبيق مبدأ المساواة في ا ...
- نظام غذائي مثالي للتقليل من أدوية ضغط الدم
- -بمساعدة روسية-.. المحطة الفضائية الدولية تعدل مدارها
- عمو جه يا ماما!!.. نزل تردد قناة وناسة أطفال الجديد 2024 بجو ...
- قيامة عثمان على تلفزيونك.. استقبل تردد قناة الفجر على القمر ...
- سامسونغ تكشف عن هاتفها الجديد وتقنياته الممتازة
- واتساب أعمال بميزة جديدة!.. تنزيل وتساب أعمال whatsapp busin ...
- اكتشاف مذهل: السرطان قد ينشأ دون حدوث طفرات جينية


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - منير المجيد - النمل