أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - خالد محمد جوشن - ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة االخامسة والعشرون















المزيد.....

ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة االخامسة والعشرون


خالد محمد جوشن
محامى= سياسى = كاتب

(Khalid Goshan)


الحوار المتمدن-العدد: 7074 - 2021 / 11 / 11 - 03:12
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
    


استخد الحوار كشكل من اشكال الفعل

الحوار يدفع السرد ، والاقتباس يبطئه

ينصح الروائى إلمور ليونارد الكتاب، بأن يحذفوا من نصوصهم الأجزاء التى يرون أن القارىء سيكون ميالا الى تجاهلها عند القراءة ، وأن يركزوا على ما يعتقدون أن القارىء سيهتم بقراءته بالفعل .


لكن ما هذه الأجزاء بالضبط ؟ إنه يلخص لنا مقصده :

" الفقرات النثرية الثقيلة التى تعج بكلمات أكثر من اللازم . تلك الفقرات التى يكتب فيها الكاتب لمجرد الكتابة وحسب ، فتارة يتحدث عن الطقس ، أو يصور لنا ما يجرى داخل رأس البطل ، بينما ربما كان القارىء يعرف بالفعل ما يجرى داخل رأس البطل ، أو أنه لا يهتم .


أراهن أنكم لا تتجاهلون الحوار " . ( من جريدة نيويورك تايمز ) .
ربما كانت عادتى فى القراءة فى ذهن ليونارد ، فلقد كنت دائما اتجاهل تلك الأعمدة الرمادية من النصوص لأجد مساحة بيضاء فيها تهوية للحوار .


إن الخطاب البشرى معبر عنه كحوار على الصفحة يجذب عينى القارىء ، كما أنه يسهم فى المضى بالاحداث قدما إذا ما كان مكتوبا جيدا .


تأمل هذا المشهد من رواية مايكل تشابون " مغامرات كافالير وكلاى العجيبة ":

" ثم التفتت إلى ابن عمتها وقالت : هل تريد أن ترسم قصصا مصورة ؟
وقف " جو " فى مكانه وقد أحنى رأسه واستند بإحدى كتفيه إلى إطار الباب ، وبينما كان " سامى " و " إيثيل " يتحدثان ويتناقشان ، كان هو يتأمل فى حرج مهذب ، يتأمل البساط الرقيق بلونه الأصفر الضارب إلى البنى ، لكنه رفع رأسه فى تلك اللحظة ، وعندئذ كان سامى هو من شعر بالحرج ، ورمقه ابن عمه من أعلى الى أسفل وقد علا وجهه تعبير من يحاول سبر أغوار الشخص الذى أمامه ويحاول ايضا أن ينذره .


ثم قال : نعم يا عمتى . أريد ذلك ، لكن لدى سؤال : ما معنى قصص مصورة .

عندئذ مد سامى يده نحو الملف الذى يحفظ فيه أشياءه فأخرج عددا من مجلة المغامرات المصورة .

كان العدد مهترئا من كثرة ما قرأه سامى ، الذى قدمه الى ابن عمه ".
إن الحوار يرسم ملامح القصص بطرق عديدة ، لان قوته تشدنا إلى المشهد وتنبه اذاننا إلى الحدث .

يلتقط كتاب التقارير حديث الناس الى هدف يختلف عن هدف الروائيين .
فهم لا يستخدمون الحوار على الصفحة ، ليس كحدث ، بل كمانع للحدث ، أى كمساحة فى النص تعلق فيها الشخصيات على ما حدث .


ولهذا التكنيك أسماء مختلفة فى وسائل الاعلام .
ففى الطباعة يسمى النص المجتزأ من أحاديث الناس " اقتباسا " ومراسلوا التلفاز يسمونه " مقطعا صوتيا " ، أما مذيعوا الراديو فيستخدمون تعبيرا ثقيلا هو تعبير " الوقائع " ، ببساطة لأن شخصا ما قد قال هذا الكلام فعلا .


غطت صحيفة " سانت بول بايونير " القصة المحزنة عن سنثيا شوت ، مذيعة النشرة الاخبارية التلفزيونية التى تبلغ الحادى والثلاثين ، نتيجة واحد من اضطرابات التغذية :


" لقد كانت هناك . وأعرف ما حدث . قالتها كاثى بيسن ، صديقة سنثيا شوت وزميلتها فى المحطة التلفزيونية التى تعمل بها ، وأردفت : الجميع فعلوا ما اعتتقد كل منهم أنه أفضل ما يمكن فعله ، وحاولنا معا أن نبحث فى كل السبل الممكنة للتعامل مع شخص مريض تعرفه .


بيد أن كل جهودنا قد ذهبت سدى ، وليس فى الوسع إلا أن يتسائل المرء : كيف لشيىء مثل هذا أن يحدث ؟ .


اتبع كاتب هذا الخبر النصيحة التى توجه دائما للصحافيين الجدد ، إذ يقال لهم دائما ابدأوا الخبر دائما باقتباس لافت للنظر ، فللاقتباس الجيد فوائد عدة ، هى انه :

يقد صوتا بشريا .

يفسر شيئا مهما عن الخبر .

يحدد المشكلة أو المعضلة .

يضيف معلومات .

يكشف لنا سمات أو شخصية المتحدث .

يمهد الطريق لما سوف يلى .

بيد أن الاقتباسات تشوبها أيضا نقطة ضعف مهمة .على سبيل المثال ، انظر فى هذا الاقتباس الذى يطالعنا من بين سطور الصفحة الاولى من صحيفة نيويورك تايمز : " يمكننا توفير أقل من اثنين من مائة فى المائة ،إذا قللنا من مرات تناول طعامنا فى المطاعم " .

يأتى هذا الكلام على لسان سيدة تدعى جويس ديفندرفر ، فى معرض حديثها عن طريقة تعامل أسرتها مع الديون المتزايدة نتيجة استخدام بطاقات الائتمان .

لكن أين هى جويس وهى تقول هذه الكلمات ؟ فى المطبخ ؟ أم فى البنك حيث تسدد ديونها ؟ أم فى مكان عملها ؟ .

إن أغلب الاقتباسات – بعكس الحوار القصصى – تفتقر إلى التحديد المكانى ، إذ تبدو كلماتها وكأنها خارج حدود الحدث .

إنها تعليق على الحدث ، لا جزء من الحدث نفسه ، لذا نجد أن مثل تلك الاقتباسات تعترض تيار السرد .

ويعيدنا هذا الى قوة الحوار ، فبينما تعطينا الاقتباسات الصحافية معلومات أو تفسيرات ، فإن الحوار يزيد الحبكة الروائية عمقا وثقلا .

إن الاقتباس كلمات سمعها شخص ما قاصدا ويعلم المتحدث . أما الحوار القصصى ، فهى كلمات يسمعها القارىء عفوا من دون علم الشخصيات .

إن الكاتب الذى يعمد
إلى استخدام الحوار يحملنا الى مكان وزمان يمكننا من خلالهما أن نكون جزءا من الاحداث التى تصفها الرواية .

وقد يستخدم الصحافيون الحوار ، بيد ان هذا نادرا ما يحدث ، حتى إذا ما حدث بدا غريبا لافتا جدا ، تأمل هذه الفقرة التى كتبها صحفى حاز جائزة بوليتزر ، وهى ففرة تتناول محاكمة اطفائى متهم بارتكاب جريمة بشعة ضد جيرانه :

" نادى محامية اسمه ، فاستوى واقفا ثم وضع يده على الكتاب المقدس واقسم ألا يقول سوى الحقيقة ولا شيىء سوى الحقيقة . ثم جلس داخل القفص ونظر الى المحلفين كى يتسنى لهم رؤية وجهه وتفحصه جيدا ومعرفة طبيعته .

ثم قال له المحامى :

هل اغتصبت كارين جريجورى ؟

لا يا سيدى . لم أغتصبها .

هل قتلت كارين جريجورى ؟

لا يا سيدى ( من صحيفة سانت بترسبورغ )

إن ما يقال عن استحالة توظيف الحوار فى الكتابة غير الأدبية لا اساس له من الصحة ، فعلى الرغم من أنه من الممكن الحصول على الحوار أو إعادة بنائه بواسطة البحث المتأنى وباستخدام مصادر متعددة وتوثيقها على نحو ملائم ، فإنه من الممكن ايضا سماعه بشكل غير متعمد .


اذ يحدث مثلا أن يتمكن أحدهم من سماع مشادة بين العمدة وأحد أعضاء مجلس المدينة فتسجل وتنشر .

والكاتب الذى لم يحضر إفادة الشاهد من محاكمة ما ، فى وسعه الحصول على نصها من سجلات المحكمة ، التى عادة ما تكون متاحة للعامة .
وهكذا ، فإن الكاتب الماهر يمكنه توظيف الحوار الى جانب الاقتباسات المشار اليها سلفا ، وذلك لإحداث تأثيرات مختلفة داخل الخبر الواحد ، كما هى الحال فى الخبر التالى ، والذى نقتطفه من صحيفة " فيلادلفيا إنكوايرر " :


لقد بدا وكأن هناك طائرتين تتقاتلان يا أمى .

قالها مارك كرسلر ، الطفل ذو العوام الستة ، والذى يقطن مدينة وينود ، ؟لأمه جيل بعد أن هرعت إلى المدرسة .

كان الطفل قد شهد لتوه تصادم طائرة ومروحية ، ما نتج عنه تساقط الحطام فوق ملعب مدرسة الطفل الابتدائية .

وهاك مقتطف اخر من نفس الخبر ، لقد كان منظرا فظيعا . قالتها هيلين أماديو ، التى كانت تسيير بالقرب من منزلها فى شارع هامدين ، حين وقع التصادم المذكور .

وأردفت هيلين قائلة : انفجرت الطائرتان وكأنهما قنبلة ، وانتشر الدخان الأسود فى صفحة السماء وكأنه يتدفق منهما من دون توقف .
تقدم هيلين أماديو هنا كلاما مباشرا تقوله للصحافى كاتب الخبر من دون وسيط .

لاحظ الفرق بين هذا الاقتباس وبين الحوار الضمنى بين الصبى مارك ووالدته جيل .

ان الصبى ذا السنوات الست يصف المشهد لأمه التى استولى عليها الفزع والهلع . بعبارة أخرى ، يضعنا هذا الحوار فى المشهد حيث نستطيع استراق السمع الى الشخصيتين – الصبى وأمه – وهما يتحدثان .

وفى بعض الأحيان النادرة ، يمزج الصحافى المعلومات التى يتضمنها الاقتباس بالقوة العاطفية للحوار ، لكن هذا يحدث فقط حين يتحدث المصدر فى أعقاب وقوع الحدث مباشرة ، وفقط حين يركز المراسل على كل من الكلمات والافعال معا .

يطبق ريك براجز هذا فى خبره عن التفجير الذى وقع فى مدينة أوكلاهوما :

" لقد شاركت لتوى فى جراحة أجريت لطفل كان جزء من مخه يتدلى خارج رأسه " .
قالها تيرى جونز ، وهو فنى يعمل فى المجال الطبى ، وهو يبحث فى جيبه عن سيجاره ، وقد بدا خلفه رجال الاطفاء الذين كانوا يبحثون بعناية شديد بين أنقاض المبنى المنفجر ، والذى تحول الى هيكل وحسب .

كان الإطفائيون يبحثون عن الأحياء وعن الموتى ايضا .

ثم أكمل تيرى حديثه قائلا : " قل لى أنت ، كيف يمكن لانسان الا يحترم حياة النسان بهذا القدر " .
( من نيويورك تايمز ) .

تخلى عن الأجزاء التى يميل القارىء الى تجاوزها ، وأفسح المجال للاجزاء التى لا يستطاع مقاومتها .

والى الأداة السادسة والعشرين فى مقال قادم



#خالد_محمد_جوشن (هاشتاغ)       Khalid_Goshan#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بنت عسولة
- أخلاق الضباع
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الرابعة والعشرون
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الثالثة والعشرون
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة الثانية والعشرون
- # أشجار _ مصر من ينقذها
- أدوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الواحد والعشرون
- أدوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة العشرون
- أدوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة التاسعة عشرة
- أدوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة الثامنة عشرة
- كتابة وجنس
- أدوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الأداة السابعة عشرة
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الأداة السادسة عشرة
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الأداة الخامسة عشرة
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الأداة الرابعة عشرة
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الأداة الثالثة عشرة
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الأداة الثانية عشرة
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك -الأداة الحادية عشرة
- وعكة صحية
- ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة العاشرة


المزيد.....




- الأزهر يعلق على إعلان مصر دعمها دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل ...
- تشيجوف: قبل الحديث عن استئناف المفاوضات مع كييف علينا تحديد ...
- خبير: فرنسا تزود كييف بصواريخ SCALP لتوفير المال
- طريقة بسيطة وآمنة لتحسين الرؤية
- في تغيير كبير للقيادة العسكرية.. بوتين يقيل وزير الدفاع الرو ...
- عبد اللهيان: النظرة الإيرانية الاستراتيجية للحوار الإقليمي ت ...
- ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الأوكراني لمدينة بيلغورود إلى 19 شخ ...
- تفاعل كبير مع فيديو لـ-ملك الدنمارك وهو يلوح بالعلم الفلسطين ...
- قتلى وجرحى باستهداف إسرائيلي لمنزلين في غزة (فيديو)
- -في طريقه للمشاركة بمؤتمر طبي-.. تفاعل كبير مع خبر وفاة طبيب ...


المزيد.....

- فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا ... / زهير الخويلدي
- الكونية والعدالة وسياسة الهوية / زهير الخويلدي
- فصل من كتاب حرية التعبير... / عبدالرزاق دحنون
- الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية ... / محمود الصباغ
- تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد / غازي الصوراني
- قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل / كاظم حبيب
- قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن / محمد الأزرقي
- آليات توجيه الرأي العام / زهير الخويلدي
- قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج ... / محمد الأزرقي
- فريديريك لوردون مع ثوماس بيكيتي وكتابه -رأس المال والآيديولو ... / طلال الربيعي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قراءات في عالم الكتب و المطبوعات - خالد محمد جوشن - ادوات الكتابة - روى بيتر كلارك - الاداة االخامسة والعشرون