أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - سعيد هادف - المدينة في يومها العالمي: متى تصبح الأيام العالمية من صميم الثقافات المحلية؟‎‎















المزيد.....


المدينة في يومها العالمي: متى تصبح الأيام العالمية من صميم الثقافات المحلية؟‎‎


سعيد هادف
(Said Hadef)


الحوار المتمدن-العدد: 7074 - 2021 / 11 / 11 - 02:40
المحور: الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
    


منذ نشأتها بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت منظمة الأمم المتحدة بهيئاتها الفرعية، ورشة للتفكير وصياغة المشاريع والمقترحات في بعدها الكوني الإنساني، وعلى مدى قرن إلا ربع، وضعت عدة مشاريع وبرامج في قضايا التنمية والسلام والبيئة والعيش المشترك والهجرة والأمن....، وهي قضايا تهمُّ كل المجتمعات والأمم، تقف بعض مقاصدها على الطريف النقيض من مقاصد قومية شوفينية في عدد من دول العالم. وقد أقرّت الأمم المتحدة عشرات من الأيام العالمية لم تندمج بعد في ثقافة عدد من المجتمعات بسبب تجاهل سياسات عدد من الدول لقيمة هذه الأيام وعدم إدراجها في مقرراتها التربوية وسياستها الإعلامية، وهو أمر يعيق سيرورة التطور في تلك الدول المنغلقة في وجه العالم والمتقوقعة حول ذاكرتها.
ويبدو الاختلاف واضحا بين البلدان التي تعاملت بجدية مع قضايا التطور والتنمية وتلك التي تعاملت معها باستخفاف وبنوع من الغطرسة والتعالي. الاختلاف كبير بين البلدان العربية نفسها، حيث هناك بلدان قطعت أشواطا في التنمية بمعاييرها الأيكولوجية والتكنولوجية، بينما بقيت بلدان أخرى ترزح تحت مشاكل الفقر والبطالة والانفلات الأمني والهجرة غير النظامية.
وتبقى المدينة بمواصفاتها الحديثة مؤشرا على تطور الوعي لدى المواطنين كما لدى الحكومات، وهذا ما نسعى إلى فتح النقاش حوله في حدود الإمكانات المتوفرة لدينا.
منذ سبعة أعوام، في 27ديسمبر 2013، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها 239/68 ، الذي أقرت بموجبه تعيين يوم 31 أكتوبر من كل عام بوصفه اليوم العالمي للمدن. ويراد من هذا اليوم تعزيز رغبة المجتمع الأممي في نشر الحضرية على مستوى العالم، والدفع قدما نحو التعاون بين البلدان لاستغلال الفرص المتاحة والتصدي للتحديات الحضرية، والمساهمة في التنمية الحضرية في كل أنحاء العالم.
في العام الماضي حيث تزامنت المناسبة مع انتشار جائحة كوفيد – 19، خصصت الأسبوع المغاربي ملفا حول الموضوع (انظر الأعداد 31- 32 و33)، بهدف إثارة الانتباه إلى ضرورة الانشغال السياسي بالمخاطر المترتبة عن غياب الوعي المدني والبيئي وإلى ضرورة الاشتغال العلمي على المدينة. وكانت الأمم المتحدة أولت هذا اليوم اهتماما في سياق التغيرات التي عرفها العالم تحت تأثير جائحة كوفيد 19.
كانت كل تقارير العام الماضي عن مدن العالم، الصادرة عن موئل الأمم المتحدة ركزت على أهمية المبادرة المحلية وعلى فوائد المدن التي تشرك جميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك المجتعمات المحلية لتعزيز المدن المستدامة للجميع، واعتبر الأمين العام المدن والمجتمعات المحلية على أنها في الخطوط الأمامية للاستجابة لكوفيد - 19.

ــــــــــــــــــــــــــــــ موضوع احتفالية 2021: تكيف المدن من أجل المرونة المناخية ــــــــــــــــــــــــــــــ
تعاني المدن في جميع أنحاء العالم بشكل متزايد من آثار التحديات والمخاطر المرتبطة بالمناخ وغيرها مثل الفيضانات والجفاف وارتفاع مستوى مدينة مينائية يزيد عدد سكان كل منها عن 130سطح البحر وموجات الحر والانهيارات الأرضية والعواصف. من المتوقع أن تتأثر ما لا يقل عن مليون نسمة بالفيضانات الساحلية. في عالم يزداد احترارًا، يجب معالجة الآثار المباشرة وغير المباشرة لتكرار حالات الجفاف وموجات الحر.
إن المليار شخص من سكان العالم الذين يعيشون في مستوطنات حضرية غير رسمية معرضون للخطر بشكل خاص. فهم محرومون، بدرجات متفاوتة، من السكن اللائق والحصول على الخدمات الأساسية مثل الصرف الصحي المناسب، والمياه العذبة والصالحة للشرب، وأنظمة تصريف مياه الأمطار، وإمدادات كهربائية موثوقة وفعالة، والتنقل بأسعار معقولة. وهم عرضة بشكل خاص للعديد من المخاطر، بما في ذلك تغير المناخ، حيث أن المستوطنات العشوائية تقع في أماكن مكشوفة وغير مستقرة.
وبالرغم من التحديات الجسيمة التي تواجهها المدن، إلا أنها كذلك أماكن للفرص والابتكار في تطوير حلول مستدامة للارتقاء إلى الأمام بعد حدوث اضطراب. يمكن أن يؤدي بناء القدرة على التكيف والاستفادة من رأس المال الاجتماعي في المدن إلى الحد من مخاطر الكوارث وتعزيز المرونة الحضرية في مواجهة التحديات المستقبلية التي لا يمكن التنبؤ بها في كثير من الأحيان، ونقاط الضعف التي يمكن التنبؤ بها. يساعد تكييف المدن من أجل المرونة المناخية المدن والسكان على الاستعداد للمخاطر التي تشكلها الصدمات والضغوط التي يمكن التنبؤ بها والتي لا يمكن التنبؤ بها والتخفيف من حدتها والاستجابة لها. لذلك، يُعد التكيف مع المناخ أحد الأولويات الرئيسية للمرونة الحضرية المستقبلية ولصحة ورفاه الناس والبيئة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ المدينة والتنمية في التقرير العربي الأخير ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
في التقرير العربي للتنمية المستدامة 2020، وفي الهدف 11 (جعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة)، نص التقرير أن المدن العربية هي مراكز حيوية للنشاط الاقتصادي والثقافي والاجتماعي. غير أن التوسع العمراني المتزايد على غير تخطيط في جميع أنحاء المنطقة، بفعل الفقر وتغير المناخ والصراعات، يثقل المدن والمستوطنات البشرية والموارد الطبيعية الشحيحة بضغوط هائلة، تزيد من الإقصاء الاجتماعي والمخاطر.
والمدن، يقول التقرير، التي طالما احتضنت جماعات متنوّعة من المهاجرين الأمميين والنازحين الداخليين، تنتشر فيها وفي ما بينها أوجه عدم المساواة. وتستمر الفوارق في إمكانية حيازة أرض أو سكن، والحصول على خدمة، والاستفادة من بنية تحتية جيدة النوعية، والخروج إلى مساحات عامة وبيئة نظيفة. ولتسريع التقدم في تحقيق الهدف 11 من أهداف التنمية المستدامة، على الدول العربية مواجهة تحديات التوسّع العمراني بالتخطيط الذي يركز على الإنسان والسياسات المتكاملة لتصميم المساحات. فتحسين الحوكمة في المدن والمستوطنات البشرية هو ضرورة لا تقل عن الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، بما في ذلك الأراضي.
ووفق التقرير، ازداد عـدد سـكان المـدن فـي المنطقـة العربيـة أكثـر من أربع مرات بيـن عامـي 1970 و2010 ، وسـيزيد أكثـر مـن مرتيـن بين عامي 2010 و2050.
فـي منتصـف عـام 2018، بلـغ عـدد اللاجئين فـي المنطقـة7.3 مليـون بحسـب مفوضيـة الأمم المتحـدة لشـؤون اللاجئين، بالإضافة إلـى 4.5 مليـون فلسـطيني مسـجلينً 9.14 مليون فـي الأونروا. وقـد ناهـز عـدد النازحيـن داخليـا فـي عام 2017.
المدينة المغاربية بشكل عام ولا سيما في الجزائر وتونس والمغرب أنتجتها الفترة الكولونيالية، تم تصميم تلك المدن وفق الثقافة الأوروبية، ولم يكن المغاربيون يشكّلون سوى نسبة مئوية صغيرة قد لا تتعدى 10 بالمئة من ساكنة تلك المدن، وما إن رحل المستعمر وشرع الأوربيون في الرحيل حتى حدث نزوح عشوائي في اتجاه تلك المدن من البوادي والأرياف، ووجد الوافد المغاربي على تلك المدن نفسه في فضاء غريب عنه ودخل في صراع سيكولوجي مع فضائه الجديد سرعان ما تحول إلى صراع أيديولوجي انعكس سلبا على أجيال الاستقلال التي لاذت بالثقافة الأصولية بعد أن عاشت حالة الاغتراب. ولأن النازحين من البوادي والأرياف كانوا يشكلون أكثر من تسعين بالمئة من ساكنة المدن المستقلة، ولأسباب ذات صلة بالفشل السياسي وغياب ثقافة العيش المشترك وثقافة المدينة واتساع رقعة البطالة ورقعة الفساد، أصبحت المدن أرضا منتجة للعنف والتطرف، ومسرحا للصراع السياسوي المناهض لكل مظاهر التمدن.
بعد أن راكم دعاة الأيكولوجيا العميقة تجربة في البحث العلمي والنضال الأيكولوجي بدأت البرامج السياسية في الغرب تتبنى الأطروحات الأيكولوجية، ومع الثورة التكنولوجية أصبحت السياسات أكثر انشغالا بتصميم مدن بمعايير حديثة، فأصبحنا نسمع بالمدينة الأيكولوجية، والمدينة الذكية ومدينة المعرفة، وشبكات المدينة (City networks) و الشبكة المدينية “MAN” وما شابه.
ومنذ النصف الأخير من القرن الماضي، وبعد أن دخلت البلدان العربية غمار الاستقلال، اختلفت السياسات في تدبير شؤونها الداخلية على خلفيات متخمة بالأيديولوجيا، وفي الوقت الذي تورطت بعض الدول في انشغال غير متبصر بما هو خارجي على حساب مصالح شعوبها، ركزت دول أخرى اهتمامها على البناء الداخلي، وأبلت حسنا، فأسست مدنا أصبحت ذات صيت عالمي، وهي اليوم تضاعف جهودها وفق رؤية استباقية لتشييد مدن وفق مواصفات حديثة، ولعل ما يحدث في بلدان الخليج يستدعي منا نحن المغاربيين إعادة النظر في طريقة تفكيرنا التي حرمت شعوبنا من بلدان يطيب فيها العيش.
مؤخرا فقط، نظمت السعودية "قمة مبادرة الشرق الأوسط الأخضر"، حيث كان النقاش بين رؤساء الدول والحكومات حول تحديد الحلول والسياسات الخضراء للأصول البيئية المشتركة، وكيفية التعاون على المساهمة بأفكار في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (كوب 26). كوب 26 أو قمة غلاسكو التي تجري أشغالها هذه الأيام وتدوم أسبوعين باسكتلندا، تشارك حوالي 200 دولة فيها، لبحث سبل التقليل من الانبعاثات الحرارية بحلول عام 2030 والمساعدة في تحسين الحياة على كوكب الأرض الذي أفسدته السياسات الجاهلة.
الجزء من الملف سيصدر بالأسبوع المغاربي غدا الثلاثاء 2 نوفمبر. وإذ تشكر بوابة أفريقيا الإخبارية، والأسبوع المغاربي السيدات والسادة اللواتي/الذين ساهموا بجهدهم ووقتهم في إثراء هذا الملف، يطيب لنا أن نعبر عن ترحيبنا بكل الصديقات والأصدقاء في مجال الثقافة بمساهماتهم في هذا الملف الذي يكتسي، من وجهة نظرنا، أهمية قصوى، ويحتاج إلى عمل نسقي ومنتظم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ المدينة في سياق اليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‎‎
في العدد الماضي (الأسبوع المغاربي-عدد 82)، حول ملف المدينة، تناول المفكر الجزائري محمد شوقي الزين موضوع المدينة من حيث بُعديْها الجمالي والوظيفي، من منطلق أن فكرة المدينة تواقتت مع فكرة الحضارة والتمدُّن، ورأى أنه "منذ النصوص العريقة، كانت المدينة استعارةً لظاهرتين: إحداهما «كونية» هي الكوسموس (...) والثانية «عضوية». في الحالة الأولى، نحن أمام «قيمة جمالية»، من حيث أن الكوني (cosmique) يشير إلى الجمالي (cosmétique)، وفي الحالة الثانية أمام «قيمة استعمالية». ويخلص إلى أهمية السلوك المدني لدى الفرد ودوره في الارتقاء به إلى مصاف المواطن الذي يعي أنه يعيش داخل شبكة من العلاقات ومعها، ومن هذا الوعي "يُكمِّل ما نقُص فيه بالاحتكاك بغيره ويُكمِّل غيره بما نقُص فيهم"، حيث "توفِّر المدينة أساسيات هذا التصحيح المتبادل بما يجعل ممكنًا العيش المشترك".

كما تناول الباحث المغربي وديع بكيطة نشأة المدن في سياق تاريخ الفكر البشري وتطلع البشر إلى الاستقرار الذي تولدت منه أنماط مختلفة من العمران، كانت تجليا لأنساق التفكير السائد آنذاك بخلفياته البدائية السحرية. ويرى أن زمننا المعاصر يشهد "سيادة نمطين للمدينة؛ الأول نمط على الطريقة الرومانية وسلفها اليوناني، ويتجلى في العالَم الأمريكي بدوله وولاياته... وهو نمط يقوم على فكرة التوازن بين من يحكم والطبقة المتوسطة، حيث الفضاء العام هو مجال لكل التجاذبات والتوترات والتحويلات والتغييرات... والثاني هو نمط تقليداني مشرقي يقوم على أساس التماثل بين البنية الدينية والسياسية والإديولوجية، التي هي أصلا سواء". ويخلص إلى "أن أفق ما يسمى بسؤال المدينة/الدولة؟ بشمال إفريقيا وحتى غرب آسيا رهين بإعادة بناء الجغرافيا الذهنية لهذه المجتمعات وبناء هندسة معمارية تُراعي إنسانية الإنسان وليس عبوديته، إن مدننا المغاربية تتناسب وبحق مع جهلنا المركب، لأن البناء الذهني هو نفسه البناء العمراني".

ليندا زديرا، الناشطة الجزائرية في مجال اللجوء والمقيمة بفينيسيا، كتبت عن هذه المدينة التي شاءت الأقدار أن تقيم فيها بعد أن غادرت مدينتها خنشلة. تقول ليندا: "أن تحيا، وتحتك الماء ومن فوقك السماء، وحولك الجدران المُذهّبة والمنحوتات العجيبة، تلك هي مدينة البندقية، فينيسيا الآسرة والعصية على فكرة النسيان والتجاوز". وتستعيد ليندا مدينتها خنشلة "التي تفتقر إلى الترتيب وترقيم المنازل، فهي مجرد أحياء سكنية أو تجمعات عشوائية، الصوت الأعلى فيها للإسمنت المسلح".

عبد المجيد طعام، الباحث والإعلامي المغربي، كتب عن وجدة، وكيف كانت فضاء للبساتين، وكيف زحف عليها الإسمنت منذ الثمانينيات، ففقدت المدينة توازنها البيئي تحت جشع سماسرة العقار. يقول الكاتب: "شهدت مدينة وجدة توسعا أفقيا عشوائيا، لا ينسجم مع الخصوصية العمرانية التاريخية للمدينة، لقد فقدت وجدة هويتها، اختفت مجموعة من الآثار"، يمكن القول أن المدينة بمسؤوليها وساكنتها أمام رهان كبير يتمثل في البحث عن بدائل جديدة تحقق مبدأ التغيير واستدامته"، وبعد سرد للتحولات التي طرأت على المدينة اقترح جملة من المقترحات في ضوء ما تعيشه من حراك جمعوي وثقافي وفي سياق مشروع الجهوية الموسعة، داعيا إلى تضافر الجهود بين ممثلي المجتمع المجتمع المدني والنخب السياسية ودور المجالس المنتخبة في توفير التأطير العلمي كيفيات التدبير الحديث للمدن "من أجل مدينة رائدة قادرة على أن تحقق الأتوتونوميا التي بإمكانها أن توفر للسكان فرص العيش الكريم، تحت ظل ممارسة يومية لقيم المواطنة".

واستضاف الملف الدكتور الباحث الصحبي بن منصور أستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة الزيتونة، حيث أجرت معه السيدة نجاة فقيري حوارا استعرض فيه مفاهيم المدينة التونسية تاريخا وحاضرا.

ولأننا دأبنا في الأسبوع المغاربي، منذ نشأته، على مواكبة الأيام العالمية بوصفها معالم وإحداثيات تضبط خطواتنا في اتجاه مستقبل آمن، معالم تضافرت على تصميمها كل التجارب البشرية بما انطوت عليه من عبقرية وإنسانية وبعد نظر. يطيب لنا أن نذكر قرّاء الأسبوع وبوابة أفريقيا الإخبارية أن العالم يحتفل بين السادس نوفمر والعاشر منه كل عام بـ “اليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية”، ويأتي تخصيص هذه الفترة لتسليط الضوء على الدور الهام الذي يؤديه العلم في المجتمع والحاجة إلى إشراك جمهور أوسع في المناقشات المتعلقة بالقضايا العلمية الجديدة كما إن هذا اليوم يؤكد على أهمية العلم في حياتنا اليومية.

يأتي اليوم العالمي للعلم من أجل السلام والتنمية في العاشر من نوفمبر من كل سنة، وذلك ضمن احتفالية بالأسبوع الأممي للعلم والسلام، والتي انطلقت للمرة الأولى في عام 1986 بوصفه جزءا من الاحتفال بالسنة الأممية للسلام. ونظمت فعاليات ذلك الأسبوع بوصفها مبادرة غير حكومية، وأُعلمت أمانة السنة الأممية للسلام بأنشطة تحضيرية وملخص نهائي للفعاليات التي أقيمت في أثناء الأسبوع. وسعى المنظمون إلى تشجيع أكبر مشاركة أممية ممكنة في تلك المناسبة.

إن السؤال الذي يظل مطروحا هو متى تدرك النخب المغاربية وكيف تدمج مجتمعاتها في أبعاد هذه الأيام العالمية؟ ومتى وكيف تدمج هذه الأيام في ثقافة مجتمعاتها وتجعلها من صميم برامجها التربوية والإعلامية والسياسية؟

السياسة، لدى الإغريق، هي علوم تدبير شؤون المدينة، ونستفيد من التاريخ أن هناك مدنا بادت وأصبحت مجرد أطلال، بعد أن تعرضت إلى التدمير بسبب الغزو ولم تنجح في الدفاع عن نفسها لا بقوة القتال ولا بقوة التفاوض، أو بعد أن تعرضت إلى كارثة أيكولوجية فانعدمت فيها شروط الحياة فهجرها أهلها إلى غير رجعة، أو بسبب وباء أجهز على أهلها، أو بسبب نضوب موارد العيش.

وفي عصرنا الراهن نجد بعض البلدان مازالت مدنها تصارع مشاكل الاختناق في المرور، مثلما هو حال الجزائر العاصمة التي عقد من أجلها، مؤخرا، وزير النقل عيسى بكاي رفقة وزير الأشغال العمومية كمال ناصري لقاء من أجل دراسة الحلول والتدابير الإستعجالية لإنقاذها من الإختناق المروري. بينما تعمل إسكتلندا على إنشاء شبكة تدفئة للشوارع بهدف إذابة الثلوج حفاظا على سلامة المواطنين، أما في السعودية فقد وضعت خطة لتثمين الطاقة النظيفة للسيارات، وستحظى العاصمة الرياض بما لا يقل عن 30% من سيارات كهربائية بحلول عام 2030، وذلك في إطار خطة خفض الانبعاثات الكربونية، والوصول بها إلى مستويات صفرية بحلول عام 2060.

في هذا العدد (انظر الأسبوع المغاربي - عدد 83) في الجزء الثاني من ملف المدينة، كتب الأستاذ الجزائري مخلوف عامر عن مدينة سعيدة، والأستاذ عبد الرحمان غندور المغربي عن مدينة صفرو والأستاذ الليبي محمد قصيبات عن مدينة بنغازي والأستاذ محمد داود عن مدينة وهران، وكتب الباحث مصطفى قطبي عن المغرب وأزمة الهوية العمرانية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ اليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يحدث أحيانا أن أجد صعوبة في كتابة هذا المقال الأسبوعي، ليس بسبب ندرة المواضيع ولكن بسبب وفرتها، فتتزاحم في ذهني وتتنافس بشكل صبياني أحيانا.
كنت فكّرت أن أكتب هذا الأسبوع عن الفاتح نوفمبر الجزائري وشقيقه السادس نوفمبر المغربي، وفجأة تذكّرت أن العالم منشغل في غلاسكو بمشاكل المناخ، وبمستقبل هذا الكوكب الأحمق والمثقل بالكوارث، وتذكّرت أننا سنحتفل غدا بيوم في غاية الأهمية، فتراجعت، على أمل أن أكتب عن نوفمبر في الشهر القادم أو في العام القادم.
اليوم، قادة العالم منشغلون في قمة المناخ بغلاسكو حول كيفية تحرير مصير البشرية من الكربون وانبعاثاته التي أحدثت أضرارا بالغة في محيطنا البيئي وكادت تخنق بعض المدن، ومن بين حوالي 200 بلدا في هذه القمة، نجد هناك من يعمل بصدق ودراية بحثا عن الحلول، وفئة أخرى رغم توفرها على الدراية والمعرفة نجدها تماطل وتعيق كل مسعى نبيل لا لشيء سوى لتلبية أطماع الشركات المتوحشة، وفئة ثالثة "ما تهش ما تنش"، وهي أكثر الفئات خطرا على هذا الكوكب سيء الحظ. ومع ذلك فهناك دائما فسحة من الأمل.
قمة غلاسكو لم تأت من فراغ، فهي سليلة سيرورة من المبادرات منذ بروتوكول كيوتو، وهو خطوة تنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن التغير المناخي (UNFCCC´-or-FCCC)، ومعاهدة بيئية أممية خرجت للضوء في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية (UNCED)، ويعرف باسم قمة الأرض الذي عقد في ريو دي جانيرو في البرازيل، في الفترة من 5-14 يونيه 1992.
فبروتوكول "كيوتو" نص بشكل واضح على أن المسؤولية الرئيسية لخفض انبعاث الغازات ملقاة على عاتق أغنى 38 بلدا في العالم وقد يكون محقا في ذلك وقف المختصين: ففي نهاية المطاف، كانت ومازالت هذه البلدان الصناعية هي المسؤول الأكبر عن تغيير المناخ في العالم. ومن منطلق كيوتو ولدت مشاريع واعدة كما هو الحال في رواندا: فالدول الغنية تقدم الأموال وتمول مشاريع ذات مغزى في الجنوب الفقير"، وفي المقابل يحصلون على سمعة طيبة في المساعدة ويكفرون بذلك عن خطاياهم في تلويث البيئة.
وفي اتفاقية باريس للمناخ في عام 2015 التزم بها حوالي 190 بلدا، وهذا يعد التزاما منها لتحقيق الأهداف المناخية الوطنية الخاصة لكل بلد، حيث عملت الاتفاقية على حث البلدان المشاركة على تقليل انبعاثات الغاز لديها بقدر أكبر مما أقرته بمعاهدة المناخ القديمة، بروتوكول "كيوتو"، والتي ظلت سارية حتى عام 2020.
قمة غلاسكو أو (كوب 26)، غاب عنها بَلَدان من الوزن الثقيل حتى في تلويث البيئة بالانبعاثات الكربونية، روسيا والصين العضوان بمجلس الأمن. بعض المثقفين العرب ومن ضمنهم مغاربيون، رأوا أنه الصين وروسيا على حق في تجاهلهما لهذه القمة، من منطلق أن الصين هي المتهمة رقم واحد وكذا روسيا في تسبب ظاهرة الاحتباس الحراري كونهما أكثر استخداما للطاقة الأحفورية، وأن اقتصادهما يقوم على هذه الطاقة. هذه الأطروحة للأسف، ابتهج صاحبها بغياب روسيا والصين لا لشيء سوى نكاية في الغرب، وترى هذه الأطروحة الدعوة إلى التخلي عن الصناعات الملوثة مؤامرة تستهدف تعطيل سياسة التصنيع في الدول النامية. وقد نعود إلى فكرة المؤامرة في ثقافة نخبنا في ملف من ملفات الأعداد القادمة.
في السياق، دأب العالم المتحضر على الاحتفال بين السادس والعاشر نوفمبر من كل عام بـ “اليوم العالمي للعلوم من أجل السلام والتنمية”، ويأتي تخصيص هذه الفترة لتسليط الضوء على الدور الهام الذي يؤديه العلم في المجتمع والحاجة إلى إشراك جمهور أوسع في المناقشات المتعلقة بالقضايا العلمية الجديدة كما إن هذا اليوم يؤكد على أهمية العلم في حياتنا اليومية.
يأتي اليوم العالمي للعلم من أجل السلام والتنمية في العاشر من نوفمبر من كل سنة، وذلك ضمن احتفالية بالأسبوع الأممي للعلم والسلام تبدأ في السادس من نوفمبر، والتي انطلقت للمرة الأولى في عام 1986 بوصفه جزءا من الاحتفال بالسنة الدولية للسلام. ونظمت فعاليات ذلك الأسبوع بوصفها مبادرة غير حكومية، وأُعلمت أمانة السنة الأممية للسلام بأنشطة تحضيرية وملخص نهائي للفعاليات التي أقيمت في أثناء الأسبوع. وسعى المنظمون إلى تشجيع أكبر مشاركة أممية ممكنة في تلك المناسبة.
ولعل أكثر المثقفين المغاربيين لا يسمعون بهذا اليوم، أما المؤسسات التربوية والإعلامية فحدّث ولا حرج. ويبدو أن نسقنا الثقافي بشقيه الاجتماعي والسياسي لم يتسع بعد لمثل هذه التقاليد، ويحتاج إلى سلسلة من التمرينات حتى يتمرس ويتعود على مدارسة مثل هذه القضايا ومن ضمنها البيئة والسلام والتنمية، وهي قضايا لصيقة بحياة كل البشر، جماعات وأفرادا.



#سعيد_هادف (هاشتاغ)       Said_Hadef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على بعد شهرين من عام 2022
- قمة مونبيلييه: هل العلاقة الأفريقية الفرنسية نحو التطور أم ن ...
- الفساد في -الكون- المغاربي
- الأمم المتحدة: «الأمة المغاربية» ودولها
- اليوم العالمي للسلام
- أيام سبتمبر لو يتداولها الناس. .!
- لغز حالة الجفاء في العلاقة الجزائرية المغربية
- المغرب والجزائر: إلى أين سيتجه البلدان بعد القطيعة؟
- البلدان المغاربية في مفترق الطرق
- خطاب الكراهية: العنف والعدوانية
- التواصل حق وإبداع إنساني
- المغرب والجزائر: أسبوع على الخطاب الملكي
- تونس: أسبوع على قرارات 25 يوليو
- العقل المغاربي
- جدارية من أجل المستقبل
- المستقبل المغاربي في ضوء نظرية حدوة الحصان
- حول الموقف الجزائري من قرار البرلمان العربي في تضامنه مع الم ...
- الجزائر: حرب ذاكرات أم أزمة مشاعر؟
- تركيا والمغرب الكبير في أفق 2024
- على هامش ذكرى النكبة: في الحاجة إلى تغيير البراديغما


المزيد.....




- مطاردة بسرعات عالية ورضيع بالسيارة.. شاهد مصير المشتبه به وك ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: الولايات المتحدة اختارت الحرب ووضع ...
- الشرطة الأسترالية تعتقل 7 مراهقين متطرفين على صلة بطعن أسقف ...
- انتقادات لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بسبب تصريحات -مع ...
- انهيار سقف مدرسة جزائرية يخلف 6 ضحايا وتساؤلات حول الأسباب
- محملا بـ 60 كغ من الشاورما.. الرئيس الألماني يزور تركيا
- هل أججت نعمت شفيق رئيسة جامعة كولومبيا مظاهرات الجامعات في أ ...
- مصدر في حماس: السنوار ليس معزولًا في الأنفاق ويمارس عمله كقا ...
- الكشف عن تطوير سلاح جديد.. تعاون ألماني بريطاني في مجالي الأ ...
- ماذا وراء الاحتجاجات الطلابية ضد حرب غزة في جامعات أمريكية؟ ...


المزيد.....

- ‫-;-وقود الهيدروجين: لا تساعدك مجموعة تعزيز وقود الهيدر ... / هيثم الفقى
- la cigogne blanche de la ville des marguerites / جدو جبريل
- قبل فوات الأوان - النداء الأخير قبل دخول الكارثة البيئية الك ... / مصعب قاسم عزاوي
- نحن والطاقة النووية - 1 / محمد منير مجاهد
- ظاهرةالاحتباس الحراري و-الحق في الماء / حسن العمراوي
- التغيرات المناخية العالمية وتأثيراتها على السكان في مصر / خالد السيد حسن
- انذار بالكارثة ما العمل في مواجهة التدمير الارادي لوحدة الان ... / عبد السلام أديب
- الجغرافية العامة لمصر / محمد عادل زكى
- تقييم عقود التراخيص ومدى تأثيرها على المجتمعات المحلية / حمزة الجواهري
- الملامح المميزة لمشاكل البيئة في عالمنا المعاصر مع نظرة على ... / هاشم نعمة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر - سعيد هادف - المدينة في يومها العالمي: متى تصبح الأيام العالمية من صميم الثقافات المحلية؟‎‎