أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - سفاح الحمير














المزيد.....

سفاح الحمير


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 7071 - 2021 / 11 / 8 - 14:55
المحور: كتابات ساخرة
    


هو مظلم ظلام ليل حالك، عيناه تقذفان شرر برق حارق. عظمه مكشوف، وجثته ضئيلة، لكن عصبه قوي وهائج. صوته رعد لا يهدأ، غير مفهوم لكن مخيف. يكابد حنقه وغضبه أعلى الحمار، من رقبته، في ترعة ممتلئة عن آخرها ماءً. يسقط ويختفي تحت الماء وسط الحوافر، ثم يطفو مجدداً ويزيد هياجاً، يرعد ويزبد. يعتلي الرأس من الجبهة، يحكم قبضتيه على الأذنين ويشد لأسفل، يغرقهما. ينشب أظافره برأس الحمار كحيوان مفترس، ويعض بأسنانه، تارة من فوق وأخرى من تحت، يدفع بقوة نحو القاع. ثم بعد معركة مضنية، تمتلئ أذنا الحمار ماءً، وتتمدد جثته فوق صفحة الماء البيضاء. حينئذ، تهدأ ثورة صاحبنا ويخرج من الماء ظافراً، ثيابه ملطخ بالوحل، والماء يسيل من جسده النحيل سيل الدم من شرايين ذبيحة لتوها. يرمي بجثته النكراء فوق الجسر يلتقط أنفاسه، منفوخاً بمشاعر العزة والظفر على الحمار المسجى بلا حراك. لن تمضي ساعات قليلة حتى يأتي رفيقه، سلاخ الحمير، لإتمام المهمة قبل أن تنثر الرياح نكهة جيفة شهية تستجمع حولها أنياب الكلاب.

نحن نقتل الحمير لأننا لا نذبحها. لحوم الحمير ليست من العناصر الغذائية المفضلة على مائدة الإنسان. إذا كانت الحمير مثل أغلب الحيوانات المستأنسة الأخرى صالحة لطعام الإنسان وضمن نظامه الغذائي، كانت بالقطع ستذبح بالسكين بالطريقة الشرعية الكريمة- الحلال- وما كانت ستقتل بمثل هذه الطريقة الوحشية. لكن، في كل الأحوال، هل ثمة فرق كبير بين الموت غرقاً والموت ذبحاً بالسكين، إذا كانت النتيجة هي نفسها واحدة- إنهاء الحياة!

ونحن نقتل الحمير أيضاً لأنها شديدة الوفاء لنا والارتباط بنا. الحمير وفية للإنسان ومتعلقة به لدرجة تجعل من القتل الطريقة الوحيدة لوضع حد لهذه العلاقة، متى أصبحت عبئاً على عاتق الإنسان. ليس من السهل أبداً على أي رجل أن يتخلص من حماره. إذا كان الأمر كذلك، ما كان استأجر قاتلاً محترفاً مثل صاحبنا أعلاه ولكان ترك رفيق دربه يمضي في حال سبيله بسلام بعد انتفاء المصلحة. لكن هيهات، إذا ترك الرجل حماره وأدار ظهره للعشرة الطويلة التي جمعت بينهما، لن يفعل الحمار أبداً. سيعود لبيت صاحبه مهما بعد المكان الذي يرميه فيه. الحمار يملك ذاكرة فولاذية للطرق والأماكن، يحفظها عن ظهر قلب، ولا ينسى أبداً الطريق إلى حظيرته. هو سيرجع، سيرجع وسيضع صاحبه في موقف وجداني صعب: إما أن يطعمه ويأويه من دون أن يجني من ورائه منفعة، أو أن يقتله. وهو ليس خائن للعشرة لدرجة أن يقتله بنفسه، لذا سيستأجر من ينوب عنه في تنفيذ العملية.

كذلك الحمار، إلى حد كبير شبه الإنسان، هو من الحيوانات ذات الشبق الجنسي غير المرتوي طوال الوقت، ذكوراً وإناثاً. معظم الحيوانات والكائنات الحية لها دورة جنسية محددة، تبدأ وتنتهي بمواسم الحيض والتبويض والتخصيب. بخلاف ذلك، تتحول الحيوانات إلى ما يشبه الإخوة الجنسية، حيث يصبحون كأنهم جميعاً ذكوراً فقط أو إناثاً فقط، إلى أن يحين موسم الإخصاب القادم. لكن الإنسان، والحمار كذلك، دائم الشبق الجنسي طوال الوقت، حتى أثناء الحمل والرضاعة. بيد أن الإنسان قادر على أن يحتشم ويتوارى بعيداً عن الأنظار، لكن الحمار لسوء حظه لا يملك نفسه، ما يشكل إحراجاً وضغطاً أخلاقياً على الإنسان. لذلك، تكون علاقة الإنسان بالحمار ذات طبيعة اضطرارية، يتحين فيها أول فرصة للتخلص منه وفضها.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحياة بلا خطة هي؟
- عذاب الوعي
- دين وثلاث دول
- مدينة لكن بعقل قرية
- قرويون على أرصفة المدن
- إنصافاً للتجربة الديمقراطية في العراق
- نحن البشر لن ننعم أبداً بالحياة على كوكب المريخ، أو أي مكان ...
- لا غنى عن حقوق الإنسان حتى في أوقات المحن
- شرعية حقوق الإنسان
- إلى أين أنت ذاهب يا سعيد؟
- إسلام الطالبان
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- الصين
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- المملكة المتحدة
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- الهند
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها- إسرائيل
- دول ثلاث جربت الاشتراكية ثم نبذتها
- مصادر الثروة بجزيرة العرب
- هل الفتور الجنسي خطر على سلامة العلاقة الزوجية؟
- كوفيد 19 يفرق بين دول الشرق الأوسط
- بايدن يريد تقليد معجزة البنية التحتية الصينية لكنه لن يستطيع ...


المزيد.....




- الفنانة شيرين عبد الوهاب تنهار باكية خلال حفل بالكويت (فيديو ...
- تفاعل كبير مع آخر تغريدة نشرها الشاعر السعودي الراحل الأمير ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 158 مترجمة على قناة الفجر الجزائري ...
- وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبدالمحسن عن عمر يناهز 75 عاماً ب ...
- “أفلام تحبس الأنفاس” الرعب والاكشن مع تردد قناة أم بي سي 2 m ...
- فنان يحول خيمة النزوح إلى مرسم
- الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 159 على قصة عش ...
- أكشاك بيع الصحف زيّنت الشوارع لعقود وقد تختفي أمام الصحافة ا ...
- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - سفاح الحمير