أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - قوة ضاربة للفاشية















المزيد.....

قوة ضاربة للفاشية


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 7061 - 2021 / 10 / 29 - 12:31
المحور: القضية الفلسطينية
    


درجت الصهيونية على مسرح السياسيات الدولية متزامنة مع الامبريالية ؛ كانت الغطاء السياسي لتدافع الاحتكارات اليهودية في الزحام المحتدم في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر بين ضواري الاحتكارات الامبريالية.أدرك هيرتزل هذه العلاقة فتوجه الى اليهود الأثرياء واستجابوا لدعوته وقرر المؤتمر الأول للحركة الصهيونية ، 1897، التحالف مع القوى العظمى صاحبة القرار في السياسات الدولية ؛ دشنت الحركة الصهيونية قوة امبريالية ، وقوة ضاربة .
يتتبع جوناثان كوك صحفي التقصي المقيم بالناصرة، هذا التواصل في مجاله العملي المعاصر فيقدم وقائع التآمر المعلن بين لوبي الصهيونيية وبين الرأسمالية الإ نجليزية ؛ حيث يخوض لوبي الصهيونية مستنقعا يتعذرعلى السياسات الليبرالية أن تخوض فيه. فقد اطاحت بكوربين والجناح اليساري لحزب العمال بسبب موقف سياسي؛ في ذلك الحين شكلت قيادة كوربينلحزب العمال تهديدا لأرباح الرأسمالية الاحتكارية الإنجليزية. كتب جواناثان كوك بهذا الصدد:" بعد كوربين يحول اللوبي الإسرائيلي بنادقة باتجاه الأكاديميا" في إنجلترا. ، نشر البحث في 18 أكتوبر 2021 على موقع كاونتر بانش الإليكتروني، ونشره أيضا موقع كونسورتيوم نيوز . اما البنادق فهي صحيفة "جيويش كرونيكل"وعدد آخر من المنابر الإعلامية .
فقد وجهت الصحيفة إنذارا بأن طرد البروفيسور ديفيد ميلّر مجرد بداية . ميلر عالم اجتماع في طليعة الباحثين في منابع الإسلاموفوبيا بالمملكة المتحدة. واشتمل بحثه على تقصي مفصّل لدور اللوبي الإسرائيلي في تصعيد العنصرية ضد المسلمين والعرب والفلسطينيين. وقبل ازيد من قرن قرر هيرتزل بلغة عصره ان الدولة اليهودية بالشرق الأوسط ستكون" جدار الدفاع عن أوروبا في آسيا ، مركز حضاري متقدم بوجه البربرية". يبدو أن اللوبي الإسرائيلي يحضّر لحملة يستأصل بها الأكاديميين اليساريين ممن يوجهون النقد لإسرائيل بسبب استمرار اضطهاد الشعب الفلسطيني- أصداء للجهود التي بذلت ضد القائد السابق لحزب العمال، جيمي كوربين. في هذين الهجومين لم تحفل بالأمر الممثليات العربية والفلسطينية بلندن، ولم تحرك الديبلوماسية الفلسطينية أو العربية ساكنا للوقوف بجانب الضحيتين وهما يمتثلان لوازع الضمير الإنساني ، متضامنين مع حقوق شعب فلسطين ومع معتنقي الديانة الإسلامية.
هجمات إعلامية أطاحت في السابق بكوربين ، ونفس الأداة والأسلوب يستخدم ضد الأكاديميين اليساريين. كلا الهجومين قادتهما صحيفة"جيويش كرونيكل" الأسبوعية ، الناطقة بلسان أشد الموالين لإسرائيل بين اليهود البريطانيين. ينطلق الهجوم الجديد إثر نجاح الضغط الذي مورس هذا الشهر على جامعة بريستول لطرد عالم الاجتماع ديفيد ميلر ، احد اساتذتها، وذلك على الرغم من ان تحقيقا أجرته الجامعة برأ الأستاذ من تهمة اللاسامية. لكن تم طرده استنادا الى أسس مبهمة ، " لم يرْقَ الى مستويات السلوك المتوقعة من هيئتنا وجامعتنا". خضعت الجامعة لحملة ادعاءات غير واضحة تزعم ان ميلر " ضايق الطلبة اليهود".
الهجوم على المسلمين مباح وانتقاد إسرائيل محظور!
بعد طرد ميلر نشرت صحيفة جيويش كرونيكل مقالة افتتاحية عنوانها " طرد ميلر يجب ان يكون البداية وليس النهاية"، خلص المقال الى أن"ميلر ليس صوتا منفردا ، إنما هو ممثل مدرسة فكرية متغلغلة في جميع زوايا الأكاديميا" . تقصد بذلك أساتذة الجامعات ممن وقعوا على رسالة تضامن مع ميلر في بداية العام؛ كشفت الرسالة ، كما تزعم الصحيفة" مدى اتساع شبكة الدعم التي يحظى بها بجامعات بريطانيا". لا يفترض أن بعض الموقعين على رسالة التضامن مع ميلر يشاركونه آراءه، فالرسالة تدافع بصورة رئيسة عن مبدأ الحرية الأكاديمية وعن حق ميلر في متابعة ابحاثه أينما اوصلته. ومعروف أن التحقيق الذي أجرته الجامعة برّأ ميلر من تهمة اللاسامية. تجاهلت الصحيفة الحقيقة وادعت ان الكثيرين ممن وقعوا على رسالة التضامن هم لاساميون أيضا. اما إزعاج الطلبة اليهود فمردها انتقادات للصهيونية واللوبي الإسرائيلي وجهها ميلر من على منابر خارج قاعة التعليم. لاحظت الصحيفة أن هؤلاء الموقعين " عدد لا باس به يمثل مؤسسات مجموعة رسل ، بعض المؤسسات التعليمية الأوسع نفوذا بالمملكة المتحدة". وألقت الصحيفة الضوء على ان 13 من بين الموقعين يتبعون جامعة بريستول وذكرت أسماء عدد آخر من الموقعين.
تكرار تجربة ناجحة
نفس الأسلوب الذي اتبع سابقا مع كوربين، الزعم بانه مع الحلقة الضيقة المحيطة منهمكون في إشاعة اللاسامية داخل الحزب. وعبرالسنوات الثلاث السابقة سجلت " منظمة المستويات الصحافية المستقلة" (إيبسو) نقاطا عدة لتجاوزات صحيفة جيويش كرونيكل، ومعظمها تتعلق بالهجوم ضد كوربين – المدافع الجسور عن حقوق الشعب الفلسطيني. في الحقيقة نفس المزاعم التي وجهت ضد كوربين تسوقها الصحيفة وغيرها من الصحف الموالية للوبي الإسرائيلي.
أبرز ما كتب ان الصحيفة واثنتان غيرها شاركت في نشر مقالة افتتاحية على الصفحة الأولى في صيف 2018 تزعم أن كوربين يشسكل "خطرا وجوديا " على حياة اليهود بالمملكة المتحدة .
نُشِرت المقالة الافتتاحية في اعقاب الانتخابات التي جرت قبل عام، وكان كوربين سيتسلم رئاسة الحكومة لو كسب حزبه بضعة آلاف ازيد من الأصوات؛ بينما غرق حزب المحافظين الحاكم في لجة ازمة مستعصية ، بدا حيالها أن إعادة الانتخابات احتمال وشيك. ولو فاز كوربين حينذاك فسيكون اول زعيم في عموم اوروبا يعترف بدولة فلسطينية ويفرض عقوبات ضد إسرائيل _ بما في ذلك حظر بيع الأسلحة كما جرى مع نظام الأبارتهايد في جنوب إفريقيا. في تلك الأثناء كان كير ستارمر ، خلف كوربين في زعامة حزب العمال، يشن هجوما ضد الجناح اليساري بالحزب، مستخدما تهمة اللاسامية في سياق الحملة بدعم من جيويش كرونيكل ومثيلاتها.
يجدر الإشارة أن أبحاث ميلر بينت ادوارا مركزية لعبتها حركات محافظة مثل الحزب الحاكم، روجت للإسلاموفوبيا ، وهو ما حذر منه مرارا شخصيات بارزة في حزب المحافظين مثل البارونة ساييدا وارسي. لم تتخذ إجراءات ولم تنبر منابر إعلامية تشن حملات.
.الصهاينة باتوا حيال تحد أعظم من ذلك الذي واجهه قائد سياسي او أستاذ جامعي. فخلال العقدين الأخيرين بات أصعب بكثير على الصهاينة الدفاع صراحة عن إسرائيل. ومن التطورات الطارئة:
-نجاح دعوات المجتمع المدني الفلسطيني منذ منتصف عام الألفين في شن حملة مقاطعة ضد إسرائيل من اجل وضع حد لاضطهاد الشعب الفلسطيني.
- الصور المرعبة للهجمات العسكرية المتكررة للجيش الإسرائيلي على الجماهير الفلسطينية في قطاع غزة طوال خمسة عشر عاما،
- افشلت إسرائيل حل الدولتين المقترح من القيادة الفلسطينية، وذلك بمواصلة البناء غير الشرعي للمستوطنات على الأراضي الفلسطينية؛ بينما ترفض في نفس الوقت الحل البديل ، دولة واحدة يُضمن فيها نفس الحقوق لليهود والفلسطينيين بالمنطقة.
وبذا فإسرائيل تبدو دولة أبارتهايد
والآن ينتابهم الخوف ، ما لم تتخذ إجراءات مشددة ، من أن يعمد علماء امثال ميلر لإدراج نقاش صريح في الأكاديميا بصدد إسرائيل، يكشف حقيقة لوبي العنصريين المعادين لشعب فلسطين.
يحتمل ان تكون الأهداف الأولى لحملة اللوبي الجديدة اتحاد الجامعة والكلية ، وهو اتحاد تعليم عالي يمثل حوالي 120 الف اكاديمي وكادر مساعد ما زالت صامدة بوجه حملات اللوبي . تبدو مقاومته قد صلبت مواقف هيئات اكاديمية . يجدر ذكر المجلس الأكاديمي لكلية لندن الجامعية تمردت في شباط على تعريف التحالف الدولي لذكرى الهولوكوست ووسمته ب" التسييس والتفرقة". وحذر تقرير صدر في ديسمبر الماضي عن إدارة الكلية الجامعية من أن تعريف التحالف يخلط بين التحيز ضد اليهود والنقاش الجاري حول إسرائيل والفلسطينيين، وهذا من شانه ان يترك تأثيرات ضارة على حرية التعبير ، مثل ثقافة الخوف او الصمت الطوعي لدى التعليم او البحث او النقاشات في الصف حول المواضيع الخلافية . إن هذا بالضبط ما يخشاه اللوبي ونشطاؤه في اتحاد الطلبة اليهود الذي وجه سهامه ضد ميلر . وبالحرب الجديدة ضد الأكاديميا – يساعده في ذلك حكومة اليمين –قد يكون بمقدورهم إيقاع أعظم الضرر بالنشاط الأكاديمي.

وفاشية صريحة في الولايات المتحدة

اعتمد ترامب والحزب الجمهوري عقيدة الأصولية المسيحية، في تنصلهم من مبادئ الديمقراطية والقانون الدولي. الأصولية المسيحية، القاعدة الفكرية للمحافظين الجدد ، تيار ديني محدود لدى طائفة كانت معزولة من البروتستنت الإنجيليين. عاشت على هامش التاريخ تردد بين الفينة والأخرى الطقس الديني بعودة اليهود إلى "وطن الآباء" وإقامة دولة اليهود كشرط لعودة المسيح وبدء الألفية السعيدة التي تختم الحياة على الأرض. ولذا أطلق على عقيدتهم الدينية "لاهوت ما قبل الألفية". ولم يشاركهم العقيدة الشرائح الواسعة من المسيحيية الأرثوذكسية والكنائس االبروتستنتية والكاثوليكية.
حققت المسيحية الأصولية ولاهوتها اندفاعة قوية في أوائل عقد السبعينات، مع انتصار إسرائيل في عدوان حزيران 1967، وتحولت إلى ما يشبه الدين الرسمي، حيث الدستور الأمريكي لا يقر بتدخل الدين في السياسة. غير أن الرئيس الأمريكي ريغان ثم الرئيس جورج بوش الابن ، دأبا على تمويه المواقف السياسية بالدين. واستندا إلى مقولات لاهوت ما قبل الألفية في رؤية الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، وذلك لتبرير التحالف الاستراتيجي مع التوسع الإسرائيلي، و الانفراد في السياسات الدولية والعسكرة الطاغية، في ظروف بروز الأزمة البنيوية للرأسمالية. وطبقا لنظام التغذية الإرتجاعية. شكل انتصار حزيران عاملاً مرجحاً في توظيف إيديولوجيا المسيحية الأصولية أو المسيحية الصهيونية ، كما باتت تسمى، كسلاح سياسي وفكري.، يتبناه الحزب الجمهوري الأميركي برئاسة ترامب. وبه يزحف نحو الفاشية.

بعدوان حزيران 1967 ، والذي أعدت إسرائيل عدده منذ 1963 ، امكنها حصار شعب فلسطين داخل أكبر سجن على الأرض ، حسب توصيف إيلان بابه. بشر بلا حقوق ، محرومون من حق تقرير المصير مقيمون مؤقتا فوق آرض وطنهم. حتى لو عادت التنقيبات الأثرية في فلسطين بما يثبت لهم "وطن آباء" او "أرض ميعاد" فإن القانون الدولي يفظ للمقيمين على الأرض حقهم في البقاء. بدون ما يثبت لليهود أي حق فقد منح العدوان إسرائيل حق الغزو، وتعزز اعتماد إسرائيل حليفا استراتيجيًا لدول الامبريالية وازدادت المعونات المقدمة لها، وبدا يتجسد تنظيم إيباك واكتسب نشاطه دينامية مولدة. نتيجة الاستيطان والشحن العنصري صعد الليكود إلى السلطة لتكتسب حركة الاستيطان دفعة قوية وتغدو نهجا سياسيا وثقافة كراهية عنصرية موجهة ضد شعب فلسطين. بات المشروع الصهيوني بفلسطين جزءًا عضويا من نهج السياسة الدولية الذي خطه المحافظون الجدد باسم "القرن الأميركي". جرى ترويج ثقافة الليبرالية الجديدة تسخر من ثقافة الانتماء القومي او الإقليمي.

التدليس الصهيوني يثير الغثيان

ممن عبروا عن الاستياء الفيلسوف الأمريكي بول كيرتز كتب يقول: "أن الولايات المتحدة سائرة اليوم في طريق التحول نحو الأصولية، يرافقها مصادرة حقوق الإنسان لتحل محلها الشوفينية الحربية.". لفت الكاتب الانتباه إلى تفوق الميزانية العسكرية للولايات المتحدة على مثيلاتها في العالم كله مجتمعة. وعدّد من بين عوامل التحول السلبي " اتساع الحيز في وسائل الإعلام للتنجيم والشعوذة وكذلك للمعتقدات الخرافية والماورائية واللاعلمية والخوارق والعلوم الكاذبة، وتحدي الحرية الفكرية وانحسار الماركسية ونمو ما بعد الحداثة والانتصار الأمريكي كنوع من الاستعمار ، حيث يجري ترويج فكرة الجيش الأمريكي شرطي العالم بالتحالف مع الأصولية المسيحية والمحافظة السياسية الأمريكية . ولاحظ كيرتز أن " العالم الثالث الذي كان متأثراً بالماركسية قبل عشرين أو ثلاثين عاما بات ساحة صراع الأصوليات المسيحية والإسلامية ". واعتبر الفيلسوف كيرتز أن التحدي الأكبر يتمثل في الحفاظ على الديمقراطية والعلمانية من خلال فصل الدين عن الدولة.
ولدى دانييل بيومونت ، المحاضر بجامعة روتشيستر، تولد اليقين حيال فاشية الصهيونية "سوف يحين الوقت حين يقول بقية العالم لإسرائيل كفى!". ومضى الأكاديمي الأميركي الى القول: هناك تغير في الموقف تجاه إسرائيل حتى داخل الولايات المتحدة ، والتغيير ملحوظ . الرسالة التاريخية لإسرائيل كما تزعم أن يكونوا "النور يضوي على الأمم"- تتجسيد سرقة أراضي الفلسطينيين وانتهاك حقوهم. إسرائيل تسرع الخطى إذا تفكر ، شان اللصوص، ان لا احد يراقب . وحاليا دخل عامل جديد يسرع خطى إسرائيل ؛ إذ يتنامى قلقها بسبب الغضب والازدراء المتعاظمين في العالم ضد سلوكها ؛ بينما يتداعى نفوذ وقوة الصديقة الحقيقية، الولايات المتحدة.
وأضاف الأكاديمي الأميركي : يصعب تجاهل المظاهرات في أيار الماضي عمت العالم ضد عدوان سرائيل على غزة ؛ تأكد التغير بالمواقف تجاه إسرائيل في أنحاء العالم، خاصة بين الشباب . بدأت تبرز وتتكرر في مظاهرات الاستنكار مفاهيم مثل " جرائم الحرب" و "أبارتهايد"، ودولة "مارقة".
الصهيونية مرادفة لليهودية ، حسب زعمهافكيف تجيب على سؤال من هو اليهودي؟ هيرتزل أجاب ان اليهودية مفهوم عرقي؛ غير ان الرابي أبراهام كوك ، الذي نشرت له مقالات عديدة مؤثرة وصار الرابي الأعظم في فلسطين الانتدابية اعتبر الكلمة مفهودما دينيا.
والمشكلة الثانية التي تواجه الصهيونية افتقارها الى إحدى الخواص الأساس للقومية التي هي تعبير عن جمهور يتجمع في منطقة واحدة . الصهيونية برزت شكلا لقومية بدون أرض. وعليهم إيجاد قطعة أرض ، إما بالشراء أو بالسرقة. فضل هيرتزل مقاطعة معزولة بالأرجنتين ؛ غير أن اعتبارات الديانة اليهودية تغلبت .
أخيرا يحكم على الصهيونية مفكران هما ماركس وفرويد. لم تكن الصهيونية قد ظهرت في حياة ماركس ؛ لكنه بحث في المسألة اليهودية في حوار مع زميله الهيغلي الشاب برونو باور، الذي قال أن حل المشكلة اليهودية يتحقق في دولة علمانية. رد ماركس أن الدولة العلمانية لا تعارض الدين ؛ إلا أنه ما من علاقة للمسألة اليهودية بعدم وجود عقيدة دينية مسوّمة بالولايات المتحدة؛ فالناس ليسوا أحرارا بالولايات المتحدة نظرا لخضوعهم جميعا لأحكام المال والسوق. والذي لا يملك حريته لايستطيع منح الحرية للآخرين. بهذا القول ، الذي طلع به ماركس قبل أن تتبلور لديه فكرة الصراع الطبقي ، دحض مقدما ليس القاعدة التي ستقف عليها الصهيونية ، بل وكذلك الفكرة الراهنة المتعلقة بسياسات الهوية . ما تتضمنه مقالة ماركس بوضوح أن أي حركة سياسية تستهدف تحرير مجموعة بشرية لوحدها يكون مآلها الفشل. من وجهة نظر ماركس فإن الشكل الوحيد للتحرر الإنساني يتم بتحرر الإنسانية جمعاء. في نظر ماركس فإن تحرر اليهود يجب أن يشكل جزءًا من تحرر جميع الشعوب الخاضعة لحكومات لا تخدم سوى مصالح الأُثرياء.
انقضى ثمانون عاما على مقالة ماركس بزغت الصهيونية وكسبت الأتباع ودخلت في صراع مع سكان البلاد الأصليين. المواجهة العنيفة تمت في آب 1929حول الجدار الغربي لحرم الأقصى ، المعروف بحائط البراق. سارت مظاهرة لمتطرفين يهود تردد الهتاف "الحائط لنا" واستفزوا المسلمين وحدثت اشتباكات في مدن فلسطينية ومنها الخليل . في اوائل العام 1930 وجه حاييم كوفلر ، رئيس الصندوق اليهودي ، كيرن هاياسود في فيينا، رسالة الى فرويد يطلب منه التبرع . رد فرويد برسالة بقيت مغفلة حتى العام 1990. وردت ضمن مقال نُشِر ذلك العام ، وفيها يقول : لا أستطيع تلبية رغبتك . كل من يود التأثير بالجماهير عليه ان يقدم لهم شيئا يوقظهم ويثير حماسهم، وفي رأيي ان الصهيوينة لا تسمح بذلك. لا أعتقد أن فلسطين يمكن ان تكون دولة لليهود ، وكان أكثر عقلانية في اعتقادي لو أنشئت دولة لليهود في بلد غير مشحونة تاريخيا؛ لكني اعرف أن وجهة نظر عقلانية لم تكسب حماس الجماهير والدعم المالي من الأثرياء" . وما آلم كوفلر بصورة أشد قول فرويد ان " التعصب الذي لا مبرر له من جانب ناسنا يتحمل اللوم في إيقاظ شكوك العرب. ولا أستطيع التعاطف مطلقا مع عمل خيري يحيل جزءا من جدار هيروديان الى تراث قومي، يسيء بالنتيجة الى مشاعر اهل البلاد." بعد قراءة رد فرويد امر كوفلر بإخفاء الرسالة وكتب على طرفها العلوي "لا يراها الغرباء".
ان الخلل الجوهري بالمشروع الصهيوني والصدامات والمشاكل التي تتالت قد رآها مسبقا ماركس وفرويد ، وبات حاليا يراها أعداد تتعاظم من البشر في أنحاء المعمورة.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في غياب الحاضنة العربية للمقاومة الفلسطينية
- هل بالإمكان تفكيك السلسة الشيطانية ؟-6
- اليس بالإمكان أبدع مما كان ؟-5
- أليس بالإمكان أبدع مما كان ؟-4
- اليس بالإمكان أبدع مما كان؟_3
- أليس بالإمكان أبدع مما كان ؟-2
- أليس بالإمكان أبدع مما كان ؟-!
- كيف الخروج من المتاهة
- ما نطلع من بلدنا وفينا روح ..قال الشيخ للضابط
- تفجيرات الحادي عشر من أيلول / سبتمبر-4
- تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر / أيلول بعد عشرين عاما(3من4)
- تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر بعد عشرين عاما(2من4)
- تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر / أيلول (1من 4)
- بناء الثقة في زمن التقويض
- الثورة والثورة المضادة في أفغانستان
- ثماني نقاط مفصلية حول هزيمة الولايات المتحدة في افغانستان
- الجذور الاجتماعية التاريخية لأزمة اليسار
- الثقافة والهوية( 3من3)
- الثقافة والهوية(2من3)
- الثقافة والهوية في تطور وتبدل دائميين (1من3)


المزيد.....




- اغتيال بلوغر عراقية شهيرة وسط بغداد والداخلية تصدر بيانا توض ...
- غالبية الإسرائيليين تطالب بمزيد من الاستقالات العسكرية
- السعودية.. فيديو لشخص تنكر بزي نسائي يثير جدلا والأمن يتحرك ...
- صحيفة: بلينكن سيزور إسرائيل الأسبوع المقبل لمناقشة صفقة الره ...
- الديوان الملكي يعلن وفاة أمير سعودي
- الحوثيون حول مغادرة حاملة الطائرات -أيزنهاور-: لن نخفض وتيرة ...
- وزارة الخارجية البولندية تنتقد الرئيس دودا بسبب تصريحه بشأن ...
- أردوغان يقول إن تركيا ستفرض مزيدا من القيود التجارية ضد إسرا ...
- وزير الدفاع الأمريكي يشكك في قدرة الغرب على تزويد كييف بمنظو ...
- مشاهد للوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير قبل لحظات من ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - قوة ضاربة للفاشية