أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - في غياب الحاضنة العربية للمقاومة الفلسطينية















المزيد.....

في غياب الحاضنة العربية للمقاومة الفلسطينية


سعيد مضيه

الحوار المتمدن-العدد: 7058 - 2021 / 10 / 26 - 12:05
المحور: القضية الفلسطينية
    


مع الدكتور إياد برغوتي في كتابه "تحرير الشرق"
د. إياد برغوثي : تحرير الشرق نحو امبراطورية شرقية ثقافية
المؤسسة العربية للدراسات والنشر ، الطبعة الأولى 2020 - 153 صفحة
وبه ملحق " الوثيقة التأسيسية لمبادرة ‘مثقفون من أجل التغيير’ ".
يقصد المؤلف بمفهوم "الامبراطورية" تجمع طوعي لشعوب أقطار متجاورة، منطوياته الوعي بضرورة التحرر من التبعية وترسباتها في مجتمعات المنطقة. يقارب الدكتور إياد في موضوعات كتابه حقلين: مشاريع امبريالية –صهيونية لتفتيت المنطقة والحفاظ على تخلفها ؛ ثم كيفية التصدي ثقافيا لتلك المشاريع. [7] لغرض التركيز على هدف الكتاب يختزل الحقل الأول في بضعة بنود معبرة، حيث يكمن تميز الكتاب، حسب اعتقادي، في الحقل الثاني:
* وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو مشروعان امبرياليان تزامنا وتداخلت أهدافهما ضد شعب فلسطين والشعوب العربية كافة؛ الأمر الموجب اجتثاث تداعياتهما الكارثية معا في آن واحد. هذا ما غفلت عنه القيادات الفلسطينية المتعاقبة طوال القرن الماضي. القضية الفلسطينية هي قضية القضايا في نظر الكاتب، وهي مركز اهتمام شعوب "الامبراطورية" المنشودة.
*الصهيونية والامبريالية نبتتان من جذر واحد ، ومتفقتان على اقتلاع الشعب الفلسطيني من وطنه، والسيطرة على العالم العربي كافة ، تجمعهما العنصرية ونجحتا في تجنيد الأتباع من بين المجتمعات العربية "..بعض السياسيين والفاعلين العرب والمسلمين من هو صهيوني، بمعنى انه يقبل بوجود دولة لليهود بفلسطين، ليس من باب انها باتت امرا واقعا ، بل لأسباب‘إيديولوجية’ تجعله يؤمن بحق اليهود في ذلك".[26] وهذا أمر بارز منذ بدايات النشاط الصهيوني.
* ان استعراض التصدي الفلسطيني لمخاطر الصهيونية "يشير بشكل او بآخرالى وجود قدر كبير من ‘السذاجة’ في المواجهة".[36] وأخطر النتائج في اتفاق أوسلو حيث "بدا ان تمثيل الناس او ‘السيطرة’ عليهم أكثر أهمية من تحرير الأرض او ‘السيطرة’ عليها".... تبنت القيادة الفلسطينية -الى حد بعيد- فصل الكيان الفلسطيني عن القضية الفلسطينية، في حين ان تلك الاتفاقية وما نتج عنها ، عززت دور اسرائيل الكيان في المشروع الصهيوني، وعززت دور المشروع الصهيوني في المنطقة.[9] تمت المفاوضات من موقف ضعف وعدم تكافؤ.
* "وضعت اوسلو الفلسطينيين في حلف اعدائهم وأعداء قضيتهم".[41]. ضمن شروط اوسلو تشكلت " لجنة رسمية معنية بالاتصال مع الإسرائيليين برئاسة عضو في مركزية فتح يدعمها الرئيس الفلسطيني؛ بينما تعمل بنجاح على الصعيد الدولي "حركة شعبية مدنية فلسطينية عالمية لمقاطعة اسرائيل كدولة احتلال.....".
* اورد إيلان بابه في كتابه "اكبرسجن على الأرض" ان عرفات لم يفشل مؤتمر كامب ديفيد [أيلول 2000]، بل قدم اقتراحا شديد العقلانية ، بحسب حسين آغا وروبرت مالي ، من وزارة الخارجية: بدل الاستعجال لوضع حد نهائي للصراع خلال أسبوعين- على إسرائيل اتخاذ بعض الإجراءات التي تعيد ثقة الفلسطينيين بفوائد ومنافع عملية السلام"[325]. وحسب شهادة المسئوليْن الأميركييْن رفض باراك تغيير سياسة اسرائيل تجاه المستوطنات اليهودية او وقف الإساءات اليومية بحق الفلسطينيين . موقف باراك المتشددد لم يترك اي خيار امام عرفات"[316]. ومع ذلك كذب مدعيا أنه قدم تنازلات. والأغرب أن عرفات صمت حيال الأكاذيب الإسرائيلية المتلاحقة !
كانت " الانتفاضة الثانية تعبيرا جماعيا عن الاستياء من الخيانة في أوسلو ، فاقمه استفزاز شارون. ففي سبتمبر 2000، وكان زعيم المعارضة ، جال في الحرم الشريف ( المسجد الأقصى) بمواكبة امنية وإعلامية ضخمة ما ولد انفجارا للتظاهرات الغاضبة " [316 ] واجهته إسرائيل بعنف لا مبرر له.
* بعد التطبيع في اوسلو بات الأخطر "يجلس المطبّع الفلسطيني مع الإسرائيلي فتطير رسائل باتجاهات عدة. مع العرب حافز تطبيع؛ و مع " الإسرائيلي اليميني الفاشي الجالس في المستوطنة غالبا ما ستصله الرسالة بان الفلسطينيين يستسلمون، وانهم لا يفهمون غير لغة القوة. هذه المقولة التي طالما رددها الإسرائيليون.[52]
* أما المتضامنون مع الفلسطينيين على الساحة الدولية فقد وضعهم اتفاق أوسلو "في حيرة.. علاقة طبيعية مع المحتل كيف سيتصرف المتضامنون؟[44]. والحقيقة ان الحيرة لم تدم طويلا فالمتضامنون الحقيقيون واصلوا التنديد بالإجراءات الإسرائيلية واستهجان التنسيق الأمني مع الاحتلال. وقرار مؤتمر حزب العمال في مؤتمره الأخير احد الأمثلة .
* على الضد من اوسلو "حرب 2006 كانت مثالا حيا يثبت ان فهما حقيقيا لذلك المشروع واستعدادا جديا لمواجهته كفيلة بتغيير الأوضاع"[30].
* عوقبت سوريا بعدوان مسلح مولته ودعمته بالسلاح دول سايكس بيكو وجبهة بلفور. كان مطلب السوريين للحرية والكرامة حقيقيا، ولكن ... يجب ان يسجل لسوريا انها رفضت عقد معاهدة سلام مع إسرائيل في الوقت الذي تسارع حكومات عربية للتطبيع معها"[84] وحدت دول الغرب الامبريالية مع إسرائيل لمعاقبة سوريا بتسليح وتمويل عشرات آلاف الإرهابيين يدمرون سوريا.
*برايمر مهد لغزو داعش بتفكيك الجيش العراقي :"مليون شخص بلا عمل وبلا حقوق وبلا أمل، وأصبح الذهاب الى المنظمة الإرهابية ‘المتاح’ الوحيد للعيش ولمقارعة الحكم الجديد"[94].
* تفجرت الانتفاضات حركات شعبية من أجل العدالة والتقدم: كابدت الجماهير الفقر والحرمان: الدولة "ليست اكثر من كيان سياسي بقي اسير ظروف نشأته، يفتقرالى الحامل الطبقي الموجد للدولة الوطنية ...[60] ليست اوطانا تصان فيها الكرامة. فساد وتبذير بطالة واسعة تتعاظم باضطراد بدفعات من خريجي الجامعات، استلاب الكرامة، ركود، علاقات سيئة بينية انعكست على العلاقات بين الدول.."تآكلت الأحزاب- خاصة اليسارية – وتراجع اداؤها".[64]،"لم تظهر قيادات ، مما أفقد المطالبين هويتهم.[69]. الثورات المضادة تصدت بسرعة بهجوم مضاد نفذته عناصر الدولة العميقة والليبرالية الجديدة القابعة في أحشائها وعملاء الاستخبارات الأجنبية المحتشدين في الأجهزة. الاستبداد العربي يفضل الولاء على الأداء؛ تسرب العملاء بين المتسلقين والمنافقين والوصوليين . كانت هجمة الثورة المضادة قوية وكاسحة؛ اختلطت الثورة مع الثورة المضادة ؛ وللتغطية على الثورة المضادة اختلقت الدعاية الأميركية مفهوم " الربيع العربي"، وشاع استعماله .
# # #

المثقف والامباطورية الثقافية
اظهرت هزيمة حزيران معاناة المثقفين وبؤس الثقافة أيضا. كشفت الهزيمة التخلف الشامل في جميع زوايا المجتمعات العربية. الهزيمة، والطفرة البترولية الخليجية، وضعتا المثقفين في" حالة فقدان التوازن، فتأثروا بثقافة الاستهلاك التي نشرتها النيو ليبرالية والبترو دولار"[105].
حزيران والنظام الأبوي والليبرالية الجديدة
تلك هي الإشارة الوحيدة الى الليبرالية الجديدة في الكتاب كله! اقتصاد وثقافة الاستهلاك يعودان الى بدايات الستينات مع إدارة جون كندي تزامنت مع ما عرف بالاس . مؤامرة امبريالية أجهضت نهج التنمية والتصنيع في البلدان النامية وعمقت تبعيتها الاقتصادية ، تعمار الجديد، ونشرت الفساد الإداري ، حيث شرعت الشركات الكبرى تقدم رشوات للمسئولين في الدول الأجنبية على شكل عمولات من أثمان الأجهزة المباعة. وقد تفجرت فضيحة لوكهيد في هذا السياق؛ واستمرت العمولات ترافق الصفقات؛ اثْرت شريحة بيروقراطية وتشكلت من مثقفي النظام برجوازية بيروقراطية ، هي الأشد ارتباطا بالتبعية وعداءأ للديمقراطية والتقدم.
يسرت الشريحة ارتباط الدول العربية بالليبرالية الجديدة في عقد السبعينات، بالتزامن مع حرب حزيران؛ فتدفقت ثقافتها الموجهة لتحطيم إنسانية البشر. استثمرت على أقبح وجه الارتباك الناجم عن الهزيمة. يجدر الاهتمام بتجربة الدكتور هشام شرابي. أبرز معطيات فكر شرابي ، كما ورد في عنوان كتابه "البنية الأبوية إشكاليات تخلف المجتمع العربي"؛ مقاربة العالم العربي وحدة اجتماعية تشترك في عوامل التخلف وتتشارك بالضرورة في عملية التحرر. يوجب على المثقف تناول القضايا برؤية قومية تتطلع الى وحدة النضال وتطوير حركة عربية تحررية واحدة. يفيدنا شرابي ان المرء لا يغدو ماركسيا بمجرد إعلان تبنيه للماركسية؛ ذلك ان أفكارا مسمومة من ترسبات الإيديولوجيا البرجوازية تسيطر على ذهنه وتوجه تفكيره يتوجب تعريضها للنقد الحازم للتطهر منها. يظهر شرابي بالملموس "أثر الإيديولوجيا البرجوازية في تشويه القناعات الفكرية ، وضرورة ممارسة النقد للتطهر منها ، فهي مرتكزات لإيديولوجيا محافظة ورجعية". وكذلك فإن مؤلفات شرابي بعد العام 1967 تطبيق عملي للفكر الماركسي باستناده الى المادية الجدلية.
الابوية تهدر المؤسسات والثروات لإشباع نزواتها؛. يستمد السيد الأبوي شرعيته ليس من مصدر قانوني (دستوري أو حتى تقليدي) ولكن من موقع القوة والتفرد بها، في هذا الواقع يصبح الفرد العادي فاقدا لفعاليته ـ يتحول الى ذات بلا مواطنة، ويتجرد حتى من حقوقه الإنسانية والمدنية. ويفقد القدرة على التأثير في القرارات ذات العلاقة بمجتمعه الأوسع[المرجع37].السيد الأبوي يجحد إنسانية القاعدة الاجتماعية المقهورة؛ يفقد التعاطف مع المعذبين في الأرض والإحساس بمعاناتهم وآلامهم، ومخاوفهم وحاجاتهم. حيال هذه الحالة يصبح الكيان الوطني مجرد كيان شكلي هزيل مهدد بالانفجار في أي لحظة يتغير فيها نظام القوى . هنا يتدخل علم النفس الاجتماعي فيحذر "إذا هدر الوطن فإن مؤسساته ستهدر بدورها، وكذلك طاقات أبنائه وفرصهم، ما عدا القلة المحظية منهم. غدت الأنظمة الاستبدادية قلاعا حصينة بفضل ما توفر لها من وسائل الهيمنة ، خاصة نظم الاتصال الجماهيري". [حجازي:الإنسان مهدور158]. في هذا السياق أحدثت الليبرالية الجديدة وعولمتها ردة في العالم عن الديمقراطية الليبرالية، شجعت البلدان النامية، ومنها البلدان العربية على التشبث بنظم الاستبداد.
الليبرالية الجديدة عززت مواقع الأبوية وانغلاقها القطري،وثقافتها، ورفدتها بثقافة القسوة والعنصرية والكراهية سخِرت من التضامن والتكافل الاجتماعي. قصرت المناهج التعليمية على تلبية حاجات الا قتصاد الرأسمالي؛ فتحول المثقفون الى مجرد "خبراء في مهنهم وابتعدوا عن الهم العام للمثقف والأمة[106]. الليبرالية الجديدة حرضت على غزو العراق ، ودعمت الفتن الطائفية وحركات التكفيريين –داعش والقاعدة وغيرهما . نظمت غزو ليبيا والحرب ضد سوريا .
رغم هجمات الليبرالية الجديدة ، اقتصادا وثقافة فإنها " لا تلغي وجود الحامل التاريخي لهذه النهضة المتمثلة بالمثقفين الحقيقيين ‘الكليين’ الذين بقيت مصلحتهم متمثلة بالمصلحة العامة، وبقي الهم العم على راس همومهم واهتماماتهم".[106]
حداثة ثقافية
يرمي الكاتب خلق انعطافة عن التصحر الثقافي والتصحر الوجداني المصاحب ؛ يتوجه الى مثقفي دول عربية وأخرى مجاورة، يحدوه إنجاز هدف" الامبراطورية الشرقية الثقافية". ذكر أفغانستان وتركيا وإيران الى جانب الأقطار العربية؛ فهذه الشعوب، حسب وجهة نظر المؤلف، تعاني" حالة الفرقة والتبعية ، هي أساسا - وليس بالمطلق- نتاج لمشروع امبريالي غربي ، وما نتج عنه من مشروع صهيوني، وأن التخلص من هذه الحالة لا يمكن ان يكون إلا بمشروع مضاد تتبناه شعوب الشرق، وتتولى نخبها المثقفة إرساء الوعي به، ولا تعارضه - بالحد الأدنى- دولها."[147]. يضيف الباحث: " الحامل لهذا المشروع هو المثقف ، على اعتبار انه- على الأقل في البداية -مشروع وعي، ووعي باهمية الوعي. هنا نتحدث عن المثقف ‘الكلي’ الوطني المعني والخلاق والواعي بقضية الهوية الجامعة، وبقدرته على صناعة تلك الهوية ‘الواعية’ المبنية على المستقبل الذي تطمح اليه شعوب المنطقة. هذا المثقف لا يرتبط عادة بالسلطة ، او بالأحزاب التقليدية، وليس خاضعا للتصنيفات النمطية " لفئات المثقفين". [148]
رغم الغموض في مفردات الجملة الأخيرة يتضح ان هدف الباحث ثقافة وعي بالواقع البائس؛ لكنه يوقعنا في حيرة أخرى ؛ فهو يدعو " لوعي " الحالة التي تعيشها شعوب المنطقة ، دعوة لإدراك خطر عدم الوحدة وعدم التحرر" ؛ يدرس الحاضر ويستشرف المستقبل بالمنهجية العلمية.[126]
"نعتقد ان السير باتجاه الرؤية المشتركة لشعوب المنطقة المتمثلة في المصالح الواحدة واللمستقبل المشترك( الامبراطورية) هو الحل ، او هو الذي يمكن ان يكون حلا لمأزق الدولة ‘الوطنية’ في العالم العربي، وفي الشرق عموما.[128]جولة على ماضي الامبراطوريات ومآلاتها، ليخلص "فكل ما يراد هو ان تعود الوحدة والتقارب بين شعوب الشرق لتكون شيئا مرغوبا فيه" [147]، اي الانتقال من الوعي الى الرغبة والحافزللممارسة والفعل؛ فما قيمة الوعي إن لم يحفزالى الفعل؟
المتقف الذي يناشده المؤلف نقدي بامتياز، " يفكر باستمرار في إعادة صياغة مجتمعه ودولته ومحيطه وعالمه، بما في ذلك السلطات إذا اقتضى الأمر..هنا يكون التعارض بين مهمته الكامنة في ضرورة التغيير الدائم ، ومهمة السلطة الملخصة بالثبات. .. المثقف معارض بالضرورة"[114]. الواقعية السياسية تؤكد ان النظام الأبوي العتيق اخذ من الامبريالية جرعة مناعة على التطور الرأسمالي، تدخّل لمنع وتحريم الأفكار التنويرية. سلطوية الأبوية منعت تجذر العقلية العلمية في الشخصية العربية؛ لا عقلانية تنظم النشاطات الاجتماعية والسياسية، والعواقبتكرار الفشل. تقف السلطة غالبا الى جانب الدين رغم ادعائها العلمانية.ان كل القضايا التي اثيرت ضد المثقفين الذين اتخذوا موقفا نقديا من الفكر الديني السائد، من ابن رشد مرورا بطه حسين الى نصر حامد ابو زيد، كانت قيها السلطة عمليا ضد المثقف ومع الديني" [117]
الدولة ذات النظام الأبوي المحدث ليست سوى سلطنات قديمة محدثة، حدّثت أجهزتها القمعية ومراقبة الجمهور وفق أرقى مستويات العلوم والتكنولوجيا. الأبوية تهدر البشر ، وتهدرالمؤسسات والثروات لإشباع نزواتها.ضمن التباسات الواقع يطلب الدكتور إياد من "المثقف الكلي- الممثل الحقيقي لضمير شعوب الشرق وعقلها ....مواجهة السلطة"، وان يكون"الساعي الى التغيير الدائم والتطوير الدائم يدرك مشاكل الحاضر وإحباطاته...". مهمة المثقفين شاملة ملتزمة بجميع قضايا التقدم، وثقافتهم حداثية: "التوطئة والتنظير للتفكير الوحدوي التحرري الامبراطوري ببعده الإنساني، والعمل على إنشاء الامبراطورية الثقافية الشرقية، كممر إجباري لبلورة الوعي الشرقي و ‘الهوية’ الشرقية، التي قد ينتج عنها فيما لو توفرت الظروف، سياسة شرقية واجتماعا شرقيا و ‘امبراطورية’ شرقية".[106] يدعو الى إعلاء دور العقل "أن لا ‘يتنازل’ العقل عن مجاله لأي دور آخر وتحت اي ظرف، واحترام حرية الإنسان. ..."المثقف الحقيقي هو من تكون الحرية هاجسه الدائم، حرية الفرد وحرية الوطن، فلا يوجد إنسان حر في وطن محتل أو تابع.".[107]. "يدرك المثقف اهمية الدين لدى المؤمن ومدى تأثير الدين على جماهير المؤمنين ويؤمن بحرية التدين والمعتقد".[108] ، يمارس النقد الذاتي: " لسنا بريئين من عوامل تراجعنا، وفي الوقت نفسه يعرف المثقف دور القوى الخارجية المؤثرة على المنطقة"[108].
المثقف الكلي يؤمن بحق المواطنة " ينبه الى مخاطر الهويات الفرعية والانقسامات الدينية والمذهبية والطائفية... فلا يمكن على سبيل المثال ان يقال هناك اقلية مسيحية ،أو من أصول افريقية في ضوء مفهوم الأقلية والأكثرية.. فهو مناف لحقوق الإنسان والديمقراطية[110]. ومن مهمات "المثقفين ‘الكليين’ تبقى المهمة الأكبر لهم هي بعث الأمل لدى الناس بإمكانية تحقيق مطالبهم وأحلامهم ، ورفع المعنويات"[110].
يسقط الباحث ضرورة تنشيط التضامن الأممي الجاري حاليا ، دمج القضية الفلسطينية مع مجموع إفرازات الرأسمالية المعاصرة- العنصرية واضطهاد الأقليات والمهاجرين، وعنصرية العرق الأبيض وتلويث البيئة واختلال المناخات والفقر الواسع وفاشية الليبرالية الجديدة وغير ذلك من مشاكل تؤرق البشرية. إن إدراج الموضوع الفلسطيني، قضية أبارتهايد، ضمن المشاكل المؤرقة للبشرية ، وعرض الصهيونية حركة امبريالية صميمة إنما يتكفل بحشد قوى أشد فاعلية لعزل إسرائيل والضغط عليها . الحقيقة الموضوعية أن الباحث يمم صوب الشرق.
لإطلاق فكرة " الامبراطورية " وترويجها تكتسب "الدعوة للحوار بين مثقفي الشرق من كافة بلدانهم وأفكارهم وقناعاتهم وانتماءاتهم هي مسالة في غاية الأهمية "[113]. لا ينبغي ان يفهم انها دعوة لإلغاء الدولة الوطنية، وإنشاء دولة مترامية الأطراف بقيادة مركزية واحدة[144]؛ "لا تناقض في الوضع السليم بين الهوية الامبراطورية الجامعة والهوية الوطنية... اهم ما ينبغي ان تدركه شعوب المنطقة من خلال نخبها الثقافية هو وعي العصر الذي تعيشه، عصر الوحدة والتجمع والتعاون والتكامل، وامتلاك كافة عناصر القوة، وفي مقدمتها القوة الأخلاقية والمعرفية.[122]
رسالة المثقف ‘ الكلي" هي الوعي بضرورة الوحدة ؛ لكن الباحث ينتقل الى مركز الدعوة ، يجري مفاضلات بين دول تركيا ومصر(أعفت نفسها- 140)؛اما إيران فاتخذت " موقفا جذريا من القضية الفلسطينية ومن المشروع الامبريالي- الصهيوني" [140]. لذلك يودع القضية الفلسطينية امانة لدى الإيرانيين... "هذا يفترض ان المصلحة الحقيقية للعرب ولكافة شعوب الشرق تكمن في الاصطفاف مع إيران من أجل تطوير مشروع ‘امبراطوري’ مشترك ..."[143].
النظام الإيراني اقترفجرائم إبادة بحق قوىشاركته الانتفاضة ضد نظام الشاه، وهي مناهضةبلا هوادة للصهيونية والامبريالية. ل يسمح المجال لتفتيح الجروح في هذا الوقت، فالتناقض الرئيس مع التحالف الامبريالي –الصهيوني، ويجب أن يستمر كذلك.
لماذا لا تكون فلسطين ، مهد القضية، هي المركز طالما ان القضية مجرد تنمية وترويج وعي ؟ وفلسطين موقع المواجهة الصدامية على مدار الساعة وعليها تتركز اهتمامات المتضامنين في أرجاع المعمورة. ولعلهم في الولايات المتحدة ، حيث حركة "حياة السود مهمة"، وفي اميركا اللاتينية أشد تعاطفا من أي مكان آخر.



#سعيد_مضيه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل بالإمكان تفكيك السلسة الشيطانية ؟-6
- اليس بالإمكان أبدع مما كان ؟-5
- أليس بالإمكان أبدع مما كان ؟-4
- اليس بالإمكان أبدع مما كان؟_3
- أليس بالإمكان أبدع مما كان ؟-2
- أليس بالإمكان أبدع مما كان ؟-!
- كيف الخروج من المتاهة
- ما نطلع من بلدنا وفينا روح ..قال الشيخ للضابط
- تفجيرات الحادي عشر من أيلول / سبتمبر-4
- تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر / أيلول بعد عشرين عاما(3من4)
- تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر بعد عشرين عاما(2من4)
- تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر / أيلول (1من 4)
- بناء الثقة في زمن التقويض
- الثورة والثورة المضادة في أفغانستان
- ثماني نقاط مفصلية حول هزيمة الولايات المتحدة في افغانستان
- الجذور الاجتماعية التاريخية لأزمة اليسار
- الثقافة والهوية( 3من3)
- الثقافة والهوية(2من3)
- الثقافة والهوية في تطور وتبدل دائميين (1من3)
- حاضر يستحضر الماضي .. وأخيرا


المزيد.....




- شاهد.. رجل يشعل النار في نفسه خارج قاعة محاكمة ترامب في نيوي ...
- العراق يُعلق على الهجوم الإسرائيلي على أصفهان في إيران: لا ي ...
- مظاهرة شبابية من أجل المناخ في روما تدعو لوقف إطلاق النار في ...
- استهداف أصفهان - ما دلالة المكان وما الرسائل الموجهة لإيران؟ ...
- سياسي فرنسي: سرقة الأصول الروسية ستكلف الاتحاد الأوروبي غالي ...
- بعد تعليقاته على الهجوم على إيران.. انتقادات واسعة لبن غفير ...
- ليبرمان: نتنياهو مهتم بدولة فلسطينية وبرنامج نووي سعودي للته ...
- لماذا تجنبت إسرائيل تبني الهجوم على مواقع عسكرية إيرانية؟
- خبير بريطاني: الجيش الروسي يقترب من تطويق لواء نخبة أوكراني ...
- لافروف: تسليح النازيين بكييف يهدد أمننا


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سعيد مضيه - في غياب الحاضنة العربية للمقاومة الفلسطينية