أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد فُتوح - الجماعات الاسلامية والصيد فى الماء العكر















المزيد.....

الجماعات الاسلامية والصيد فى الماء العكر


محمد فُتوح

الحوار المتمدن-العدد: 7059 - 2021 / 10 / 27 - 11:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الجماعات الإسلامية والصيد فى الماء العكر
---------------------------------------------
كلما قرأت تصريحاً جديدا للجماعات الإسلامية ، أو تكشف لى نشاط مستحدث لأعضائها ، أو جاء إلى علمى زحف جديد لقواتها المتأسلمة فى أى مكان ، كلما شعرت بالأسى والمرارة . وأجدنى أتساءل السؤال الصعب ، الذى إما نهرب منه أو نتجاهله أو نقلل من أهميته وجدواه فى التشخيص ، وبالتالى فى إيجاد العلاج ، والسؤال : كيف تسلل هذا الزحف ؟.
ولكننى أعتقد أنه قد آن الأوان ، لمواجهة ذاتية بشجاعة ، نبتغى بها " وجه الوطن " دون منافع ، ونعترف أننا كلنا متورطون ، بشكل أو بآخر ، بدرجة أو بأخرى ، فى فتح حدود الوطن لهذا الزحف الاستعمارى المتأسلم .
كلنا " متورطون " بشكل أو بآخر ، بدرجة أو بأخرى ، حسب مواقعنا ، فى فتح عقولنا لهذا الفكر الفاشى الذى يرتدى لنا – حتى نرتدع ونخاف – كلام الله وحدود الله وأحكام القرآن ، وحتى الصمت والسلبية وعدم التدخل ، هى من أخطر أنواع التورط .
كنت أقول أننى كلما علمت باختراقات جديدة ، للجماعات الإسلامية ، كلما شعرت بالأسى والمرارة . فى الوقت نفسه أشعر بالإشفاق الشديد عليهم ، رغم كل الأرواح التى ذهبت ضحايا الذبح والقتل والتنكيل والتعذيب ، ورغم إشاعة مناخ الإرهاب والتهديد والتكفير والتطرف ، وإرجاعنا إلى الوراء مئات السنوات.
إشفاقى على الجماعات الإسلامية ، ينبع من ثلاثة أسباب ليست منفصلة عن بعضها البعض.
أولاً : هذه الجماعات الإسلامية لا تدرك أن نجاحها فى اختراق العقول وبث الفكر المتزمت ، المتعصب ، المتطرف ، واستجابة الناس لخطتهم فى " أسلمة " كل شىء فى الحياة ، لا يعنى اقتناع الناس بهم اقتناعاً راسخاً سوف يدوم.
ولكنه يعنى شيئاً واحداً ، أن هؤلاء الناس الضحايا الذين تم استقطابهم يعانون من حالة "حادة " من " الخواء الداخلى " ، وحالى مذرية من الفراغ الفكرى ، وحالات مرضية متباينة فى الدرجة من فقدان الذات وفقدان الهدف من الحياة ، وكذلك جميع أشكال السأم والإحباط ، والإكتئاب ، والعجز النفسى ، والعجز الجنسي ، والإنسانى والعاطفى ، وغياب الماء النقى ، الصحى ، الذى يروى ويملأ الإناء الفارغ للشخصية المهزوزة المنهزمة أمام ذاتها ، وبالتالى أمام الآخرين.
كان إذن المناخ مواتياً لتلك الجماعات الإسلامية المنظمة ، ذات الهدف الواضح ، والممولة من كل القوى السياسية الديكتاتورية ، الرجعية ، التى تعرف أنها تسيطر ولن تحكم ولن تزدهر ، إلا بقيام الدولة الدينية وإحياء النعرات الدينية المتطرفة ، التى تغرق الناس إلى حد القتل ، سواء كانت إسلامية أو مسيحية أو يهودية أو هندوسية أو بوذية أو كونفوشيوسية . فالأصولية الدينية هى " مافيا " عالمية ، و " شبكة بيزنس واستثمار " دولية ، وعلى أيدى هذه الجماعات ، تحولت الأديان كلها ، إلى سلعة أو بضاعة رائجة ، الطلب عليها مضمون ، والربح أيضاً مضمون.
وهى كما أوضحنا ، ليست مقتصرة على الإسلام ، أوعلى الديانات السماوية الثلاث ، ولكنها " وباء " أصاب جميع العقائد والديانات والمذاهب والطوائف والملل ، جماعات تلعب دائماً على أزمات الشعوب ، ولا تتجرأ على الظهور ، إلا فى مناخ يوصف أنه " الصيد فى الماء العكر".
وقد يشبه هذا الوضع ، عندما استجاب الشعب الألمانى فى ثلاثينيات القرن الماضى ، لأستاذ التدمير العالمى وزعيم مجرمى الحروب ، هتلر ، الذى أزكى فى الشعب روح العنصرية بشعاره الجنس الألمانى الآرى المتفوق على كل الأجناس ، وبالتالى لابد من تطهير ألمانيا من الأعراق والأجناس الأخرى الدخيلة . فقد كانت استجابة الشعب الألمانى لهذه الدعوة العنصرية العدائية ، حلاً موائماً للفراغ والخواء وفقدان الهدف الذى كان يعانى منه ، الا هدف استعادة حلم الامبراطورية القديمة ، تفكير سلفى من الدرجة الأولى , وهكذا أطلق هتلر أكذوبة الفاشية السياسية ، الجنس المتفوق ، واختاره الشعب
الألمانى بارادته فى انتخابات حرة . تغيرت الظروف ، ومعها الشعب الألمانى ،
وكان أول منْ رفض نازية هتلر المنهزمة المفضوحة ، والتى كانت " دينا " راسخا ، وصمم على بناء ألمانيا جديدة ، وتأسيس علاقات مع دول العالم ، تنبذ الكراهية ، والغطرسة ، والتعصب ، وأوهام السيطرة ، التى اشتغل عليها النظام الفاشى .
إذن معنى هذا، أن بتغير ظروف الناس الذين استقطبتهم الجماعات الإسلامية ، والتى جعلتهم ينساقون لها ، سوف يزول تأثير هذه الجماعات ، لأن نجاحها ليس مرتبطاً بعوامل أصلية ثابتة ، ولكن بظروف وقتية متغيرة ، واستغلالاً لأزمات يعانى منها الشعب ، نفسية أو اقتصادية . فإذا عولجت أزمات الناس بشكل سليم ، أدركوا الحقيقة واستطاعوا التمييز بين حب الله والتجارة بأسم الله . ولن تعد هناك حاجة لأن يخفوا أزماتهم فى التعصب الدينى والتطرف والتزمت ، وسوف تزول الحساسية الشديدة التى تغلف الكلام فى الدين ، واختلاف الرؤى حول تفسيراته وغايته.
ثانياً : أشفق على الجماعات الإسلامية أنها لا تدرك أنها ، قصر عمرها أو طال ، فإنها تعمل ضد قوانين الحياة وحكمة الوجود ومنطق الكون ، وهذا هو السبب الأقوى الذى يحفر قبرها ، فهى لا تهدد مجرد كاتب ، ولا تغتال صحفيا ، ولا تقتل مجرد حاكم . إنها تهدد الحياة نفسها ، تقتل الوجود نفسه ، وتغتال الكون نفسه. وإذا كانت المعركة ضد الحياة ، فإن الحياة فى النهاية تنتصر ، مهما طال الوقت ومهما دفع الثمن أُناس أبرياء.
ثالثاً : أشفق على الجماعات الإسلامية ، لأن أعضاءها معقدون من النساء ، حيث تنصب كل محظوراتها وتزمتها وتعصبها وتطرفها ، لحماية الأخلاق والفضيلة والشرف ، وهى مرهونة فقط بسجن وقهر المرأة خاصة جسدها. لا كلام عن الاقتصاد أو الفلسفة أو حل الفقر . ، كل الفتاوى الإرهابية المتزمتة ، وكل الانشغال بأجساد النساء . والحجة هى الدفاع عن الأخلاق والفضيلة والشرف .
وهنا لا يسعنى الا أن أتذكر ، تشرشل حينما قابل الكاتب الساخر الأيرلندى برنادرشو ، فقال له فى تكبر يستهدف إعلاء الشعب الإنجليزى وتحقير الشعب الأيرلندى : " نحن الإنجليز نحارب من أجل الشرف ، أما أنتم أيها الأيرلنديون فتحاربون من أجل الفلوس ".
ورد عليه برناردشو بسخريته الهادئة المعهودة ، قليلة الكلام ، بليغة الدلالة :
" كل قوم يحارب من أجل ما ينقصه ".
من كتاب " الشيوخ المودرن وصناعة التطرف الدينى " 2002
-----------------------------------------------------------------------



#محمد_فُتوح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة الحجاب والوعى الزائف للمرأة
- - ثقافة القبح - تفسد حقوق المواطنة
- متى ندفع الثمن لنستحق الديمقراطية أو العدالة أو الحرية ؟؟
- مروجو الفتاوى واحتلال الاسلام الشكلى الخليجى والأفغانى لمسلم ...
- مجهولو النسب .. ضحايا غياب العدالة
- للزوجات فقط .. نصائح للسعادة الزوجية منتهية الصلاحية
- تطبيق الشريعة الاسلامية فى بلاد الأمريكان
- الشرط الأوسط .. الشرع الأوسط .. الشرخ الأوسط الجديد ؟؟!!
- النقاب أهو معركتنا الجديدة ؟؟؟؟.
- اختلاف الفقهاء ليس رحمة ولكن تخبط
- تنويعات على لحن الصمت العربى
- الفكر الوهًابى الارهابى يجتاح مدارسنا
- - أمى - وأنا فى مجتمع ذكورى
- لهذه الأسباب يكرهون ويقهرون
- الكبت الجنسى وفشل مؤسسة الزواج
- الزى الاسلامى وخطر السرطان
- الزواج السياحى ....... نساء للبيع
- ارهاب التيارات الاسلامية يخدر العقول
- كيف تصنع ارهابيا ناجحا ؟
- اطعام فقراء مصر من فضلات القمامة


المزيد.....




- بابا الفاتيكان يحث قادة العالم على السعي لتحقيق السلام بـ-أي ...
- مرجعية العراق الدينية تدعو لوقف الحرب
- ترفض -السماح ببقائه-...هل تريد إسرائيل رأس المرشد الأعلى الإ ...
- استقبل قناة الأطفال المحبوبة على شاشتك الآن.. التردد الجديد ...
- إيهود باراك: لا مبرر منطقيا للحرب مع إيران الآن
- مادورو يدعو يهود العالم لوقف جنون نتنياهو
- الاحتلال يفرض سياسة جديدة بعد 6 أيام من إغلاق المسجد الأقصى ...
- أفغانستان تغير تسمية -الجامعة الأمريكية- إلى -الجامعة الإسلا ...
- حرس الثورة الإسلامية يعتقل 5 جواسيس للموساد في لرستان
- آية الله مكارم شيرازي: الشعب الايراني يقف خلف سماحة قائد الث ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد فُتوح - الجماعات الاسلامية والصيد فى الماء العكر