أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الظاهرة السارترية ح2














المزيد.....

الظاهرة السارترية ح2


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 7052 - 2021 / 10 / 19 - 02:42
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


شكل مفهوم الحرية محور أساسي في فكر سارتر وعلامة مميزة في رؤيته لعلاقة الوجود بالحرية، الكثير يخطئون بقراءة سارتر للحرية من جهة ودور الميتافيزيقا بها، فهولا يرى في الأخيرة قامع للحرية كونها لا تؤمن بها ولكن لا يرى في الميتافيزيقيا دور في صنع الحرية لأنها أساسا لا تطرح الإشكالية من خارج الواقع الإنساني، فالإنسان هو الذي قسم المعرفة على أنها أما معرفة وجودية محضة أو ميتا وجود، وبالتالي صنف المعرفة على أساس ما يجيب أو لا يجيب، فالحرية واحدة من السؤلات التي طرحها منذ البد مع الوجود لذاته لأنه شرطها إذا كنا نريد السمو، ومتى ما قيدت فيقل ويضعف وربما يتلاشى نشاط السمو، أما نتيجة الإستغلال أو الأستعباد، وكلاهما موقف من الحرية وكلاهما أيضا يصنعان نسخه من الوجود لذاته لكنهما نسخ مزيفة لا تعبر عن الجوهر الحقيقي اللازم، لأنهما خضعا بالقهرية للواقع وقيدا حركة الوجود خلافا للأصل الطبيعي.
كانت فكرته الذي ناضل من أجلها كثيرا وضمنها في ما كتب وفي أعمال مختلفة أشار سارتر إلى بكاء المستغلين والمضطهدين، رفع فيها شعار “نحن أيضا بشر” كمثال على نضالهم من أجل حريتهم، لقد قامت وجودية سارتر الإنسانية على نقد “أنظمة” الرأسماليين والمستعمرين. المستغلة والمضطهدة للإنسان وخاصة أولئك المناضلين والرازحين تحت نير الأستعمار أو الذين تحكمهم أنظمة قاهرة لشعوبها، وقد كتب في ذلك “الدناءة في النظام” الذي كان له صداه مع حركات التحرير سابقا وحاضرا، لكن فهمه الوجودي المناسب لهذه العبارة واحترام الأولوية الأخلاقية للممارسات الحرة، فحينما يتحدث عن أي نظام يتكئ على نجاح الأفراد المسؤولين وحدهم أو ربما في مجتمعنا الكلي، ممن يمكن أو يجب أن تسند لهم المهمة الأخلاقية، يمكن توظيف ذلك ليكون درسه للأنطولوجيا وأخلاقيات العلاقات العرقية في القرن الواحد والعشرين، و وصلت دعوته للعنف التحرري كشكل مضاد للعنف المتأصل في الاستعمار في الجزائر مثلا إلى حد المغالاة في مقاله التمهيدي لفرانس فانون “بائس من الأرض” (1961).
هذه الأخلاقية التي سببت له بعض النفور وأحيانا هجمة من اليمين وحتى من بعض القوميون المتأصلون الذين يرون في الأستعمار الفرنسي وغيره ضرورة لوجود فرنسا دولة قوية، لم تمنعه بسبب ميوله اليسارية الأشتراكية بشكل ما أن تكون موضوعا رئيسا للعديد من أعماله حول الاستعمار والاستعمار الجديد لاحقا، بالإضافة إلى أنها شكلت موضوع مسرحيته “عاهرة محترمة” (1946) التي فضح فيها الواقع النفسي للمستعمر عندما انفجر سارتر ضد عنف المستعمر و”المبرر” الضمني لذلك، موجّها نداء ضد انعدام السياسة الإنسانية ضد السكان الأصليين، فكان حديثه المثمر مع الأخلاق الحديثة، الجماليات، والسياسة، دون التمحور حول الأخلاقية، الجمالية، والتعصب للوجود المزيف وجود المستعمر الذي يمارس الأضطهاد والأستغلال بمبرر غير أخلاقي ذاتي ينبع من شعور بالقوة.
فالهوية الإنسانية عند سارتر ومعظم الوجوديون لا تتشكل من كون الإنسان إنسان فقط بالتكوين، ولكنها تتجلى من خلال الفعل السامي الذي يرتكز على الحرية الفردية بمعنى حرية الإنسان كفرد وليس فرد متعالي على الأخر، لذا رفض الأستعمار والأضطهاد والأستغلال لأن هذه العناوين تصادر الحرية الفردية وتصادر الطريق الضروري لبلوغ الجوهر الحقيقي، هذا الموقف كان سلاح سارتر في مواجهة من ينسبون العدمية له، فهو يرى أنها أي موقفه من الحياة الإنسانية موقف تفاؤلي لأنها في صميمها فلسفة تضع الإنسان مواجها لذاته، أي في حرية خياراته السامية التي تنبع من كونه حرًا يختار لنفسه ما يشاء، وهذا أمر مزعج لا يعجب الناس، فهو يرى أن للبشر هوية أولية ولكنهم يتجاوزونها لمجرد أنهم بلوروا وعيهم بأنفسهم وأنطلقوا في تجربة هذا الوعي، فنحن نُعرّف بأفكارنا ومشاعرنا وقيمنا، ونُعرّف بظروفنا و مجمل تجربتنا من خلال معرفتنا أننا ذوات واعية ومع ذلك.
وبالتالي سنكون على مسافة عنها، لدينا أسئلة ومعضلات ولحظات من القلق الوجودي والأخلاقي التي تجعلنا ندرك نقصنا وقصورنا وهذا ما يدفعنا دوما لتجديد الوعي ولتجديد خط السمو عندنا، نعم هناك نقص جوهري داخل الحاضر يشل أفكارنا وأفعالنا نتيجة تمسكنا بالمبررات الزائفة وخضوعنا لمؤثرات كابحة تتمثل في ضرورة أن نبحث عنها في الميتافيزيقيا، لا شيء يمكن أن يحدد لنا تمامًا معنى العالم أو اتجاه حياتنا ومع ذلك، نحن قادرون على تجاوز كل ما نحن عليه وتصور المستقبل الذي سيمنح معنى للحاضر إذا هو الجانب المشرق الذي يجب أن نتمسك به "أننا ومع ذلك قادرون لأننا نملك الوعي ونجدده" من خلال الفعل الحر، من أجل غاية غير موجودة بعد لكننا نعمل لنصل إليها في لحظة ما لحظة أنتصار حقيقتنا الجوهرية، نوجه أنفسنا إلى هذا الهدف ونجعله حقيقيًا بالنسبة لنا بشرط أن نعي في كل مرحلة أن وعينا مساير لوجودنا لذاته. بهذه الطريقة نفهم العالم ونعطي معنى لحياتنا من خلال التزاماتنا النشطة.
فالإنسان عند سارتر ليس هوية حاضرة تتخذ من الوجود بذاته مصدر ولا هو هدف مستقبلي غير ملموس فهو بالأول والأخر مفهوم مختلط ومتفاعل ومتشابك بين هوية فطرية وبين سمو مستقبلي يدخل الوعي هنا عامل رابط وعامل موجه نحو غايات وجودية تبدأ وتنتهي بالحرية، هنا تتضمن الشخصية بالضرورة كل الحقائق التي تحددنا وتحدد الحركة وراء هذه الحقائق إلى ما نسعى إلى أن نصبح عليه، فهي تنطوي على مزدوج حقيقي ثنائية الجوهر والوجود وحيازة الذات والتجرّد منها، والإستبطان والنشوة، الحاضر والمستقبل، الحقيقي والمثالي، الدلالي والشرطي، أنها تنطوي فقط على ما هو حقيقي، وما يمكن أن يكون حقيقيا في الفهم والواقع المجرد، نحن نشكل هويتنا الشخصية من خلال قبول من نحن وحرية التحرك وراء هذا الـ "نحن".



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الظاهرة السارترية ح1
- مسك الختام
- وجودية أم طبيعية
- عبد الله
- خريف وربيع... الله والإنسان
- نظرية الشيطان ج2
- نظرية الشيطان
- أصطناع العدو .... نظريات وتأريخ
- العنف والإيمان
- في نظريات الكوسمولوجيا
- من الدين إلى الألحاد
- كيف نتعامل مع الموروث الديني؟ ولماذا الدين أصلا؟
- مفهم الديمقراطية بين حاجة السلطة وحق الشعب
- تكوين وتأسيس الحضارة ج2
- تكوين وتاسيس الحضارة ج1
- العقل الجمعي...ظاهرة وتكوين
- تأخرنا بماضينا وتقدم الأخرون بالمستقبل
- التاريخ والحضارة
- علاقة التاريخ بالأقتصاد
- علاقة التاريخ بعلم النفس


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الظاهرة السارترية ح2