أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - التماهي في قصيدة -مدراج النور- بكر زواهرة















المزيد.....

التماهي في قصيدة -مدراج النور- بكر زواهرة


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7051 - 2021 / 10 / 18 - 22:50
المحور: الادب والفن
    


التماهي في قصيدة
"مدراج النور"
بكر زواهرة
"غَسَلْتُ روحي وماءُ الحبّ مَا نَضَبَا
مُذْ شفَّ عنها حَبيبٌ مَزَّقَ الحُجُبَا"
أن تبدأ القصيدة بفعل "غسلت" فهذه مقدمة لتحول أيجابي، على صعيد الشكل والمضمون/الفكر، وبما أن الغسيل متعلق بالروح فإذا يشير إلى التركيز على ما هو روحي/أخلاقي/فكري، وبما أن هناك ذكر للماء، مصدر الحياة، بأكثر من لفظ "غسلت، ماء، نضب" فهذا يدل على رغبة في الحياة (الجديدة)، كل هذا التحولات حدثت بعد أن "مد الحبيب" إذن هناك (فاعل) يوجد الجمال الروحي سماه الشاعر ب "حبيب"، وهذا ال"حبيب" قام بفعل إزالة/"مزق" الظلام/"الحجبا"، فهو يبث الخير/الجمال من جهة، ويزيل/يمحو الظلام/الشر من جهة أخرى، ففعله ثنائي، بناء الجديد المتعمد على الجمال والخير، وهدم ما هو شر/قبيح.
"مُذ كان للشمس أنهارٌ تُضيءُ هَوًى
والعشقُ يشعلُ في أمْوَاهِها لَهَبَا"
في البيت الثاني يعطي الشاعر ال"حبيب" صفات أنوار كونية: "للشمس، أنهار، تضيء" وهذا تأكيد على أن أثره/أفكار تتجاوز الأرض، لتمتد إل السماء/الفضاء، وبما أنه أقرنه ب"الشمس" فهذا تأكيد على الأثر/المساحة التي تركتها ال"حبيب"، واللافت أن عجز البيت جاءت بألفاظ (نارية): "يشتعل، لهبا" لكن هذه الاشتعال متعلق بحالة روحية/أخلاقية "العشق" وكأن هناك حالة تماهي/تداخل بين الشمس/العشق/يشعل"، وهذا التماهي لا يقتصر على المعنى/الفكر فحسب، بل نجده بحرف الشين الحاضر في الألفاظ أيضا، وهذه أشارة إلى أن الشاعر لا يكتب القصيدة من (الخارج)، بطريقة الآلة، بل متوحد معها ومنسجم، لهذا نجد الفاظه تتماهي مع المعنى/الحالة التي يصفها.
" الكونُ يَنْمُو بإصغاءٍ لِسيرتِهِ
والأرضُ حائِرَةٌ في حُبِّهِ حِقَبَا"
نلاحظ ان الشاعر يستخدم ألفاظ تتجاوز الأرض/"الكون" ويقرنه بحالة "ينمو" المستمرة، بينما جعلت الأرض تتعجب/"حائرة" في استمرار/"حبه حقبا"، فالزمن/"حقبا" يأخذنا إلى فعل "ينمو" المستمر والدائم، وبهذا يكون الشعر قد أعطى فعل "ينمو" المتعلق بالأثر الذي أوجده/تركه "الحيب" صفة الديمومة/السرمدية، عندما أقرنه ب"الكون، الأرض".
" يَمْضي وَيَعْرُجُ في أنواره وَلِهًا
مُذْ قاب قوسين من نور الهدى اقْتَرَبَا"َ
يأخذنا الشاعر إلى حادثة الأسراء، مكررا لفظ "أنواره/نور" وكأن فعل "يمضي، يعرج" مرتبطين بالنور، وهذه الثنائية نجدها في "قوسين"، وفي التكامل بين "نور الهدى"ن وهذا ما يجعل البيت موحدة ومتكامل، ومتداخل/متشابك كلبنيان المرصوص.
وبما أن هناك تناص مع القرآن الكريم، وتحديد مع سورة النجم، فهذا يأخذنا إلى (الدعوة غير المباشرة) للتقرب من جمالية القرآن الكريم.
" هَلْ مِنْ هُدًى يُنْقِذُ الأرضَ التي بَلَغَتْ
فوضى الدّماء على أقْدَامِها الرُّكَبَا"
"ذكر الشاعر في بداية القصيدة، أن فعل ال"حبيب" يتمثل في بناء الخير/الجمال، وهدم الشر/القبيح، وبما أن الشاعر يكتب من الواقع، من واقعه الذي ينتمي إليه، فكان لا بد له أن (يستعين) بأفكار/بنهج ال"حبيب"، والجميل في تقديم الواقع، أنه جاء بصيغة سؤال، بطريقة تدعو لاستخدام العقل والتفكير، ولم يقدم الواقع بصورة (فتوغرافية) جامدة.
وهذا ما توقفنا عند الألفاظ المتعلقة بالواقع نجدها غارقة في السواد: "فوضى، الدماء" وهذا يخدم ـ بطريقة غير مباشرة ـ إلى أن الأرض/الحياة دون ال"حبيب" وأفكاره ونهجه تُوصل/تؤدي إلى الخراب/فوضى، وإلى القتل/الدماء.
" تَفَرَّعَتْ في سماء اللهِ دَوْحَتُهُ
وَأَيْنَعَ الخَيْرُ مِنْ أَغْصَانِهَا رُطَبَا
فَمَنْ تُراهُ سَيَجْني من حقول جنانه
ويروي بِيَنْبُوعِ الرؤى السَّغَبا"
يأخذنا الشاعر إلى الخير/الخصب/الثمار التي زرعها "الحبيب"، فيصفها بفائدة متعددة الأوجه، فادة جمالية" تفرعت، دوحته، وأينع، أغصانها، جنائه، يروي، بينبوع، الرؤى، السبغا" وهي الأهم، والأكثر حضورا من الخير المادي: "رطبا، سيجني، حقول" وهذا متعلق بمقدمة القصيدة التي قال فيها الشاعر "غسلت روحي" بمعنى أن اهتمامته روحية/جمالية أكثر منها مادية، وهذا يؤكد على أن القصيدة منسجمة ومتكاملة.
وإذا ما توقفنا عند هذا الحديث عن الخير والجمال، سنجده يزيل/يمحو السواد/الشر الذي تحدث عنه الشاعر، فبمجرد أن يقرأ المتلقي أثر "الجبيب" وما فيه من جمال سيتجه إلى تعاليمه/أفكاره، ليتخلص من قسوة الواقع: الدماء/الفوضى".
الغذاء/الطاقة الروحية التي لمسها الشاعر من "الحبيب، نجدها حاضرة فيه، في كيانه كشاعر، فهو الذي يستخدم الكلمة/"حروف" كأداة لإيصال شعره للآخرين، يحدثنا عن هذه الأداة بقوله:
" قالتْ حروفٌ من الماءِ ارْتَوَى جَسَدِي
فِي حُبِّهِ وَامْتَحَى من صَمْتِهِ رَهَبَا
للعشقِ أَجْنِحَةٌ جَذْلَى تُرَفْرِفُ بِي
نَحْوَ النَّبِيّ الذي في حُبِنَا تَعِبَا"
الجميل في طريقة تقديمه لأداته/"حروف" أنه يمزجها بأكثر من عنصر، بأكثر من حالة، الماء، جسدي، وكأن الحروف/القصيدة أصبحت هي الشاعر، لهذا نجدها اكتملت/ارتوت/ى، فحالة لحلول/التماهي تمددت وتسعت لتصل لى البيت الثاني: "أجنحة، ترفرف" فتكامل بين اللفظين السابقين، وإقارانها "بي" أنا الشاعر، يؤكد على الشاعر يتوحد مع الفكرة/الحبيب، ومن ثم مع القصيدة التي كانت/وجدت/تكونت بسبب حضور الحبيب، وهذا ما يجعل الحلول/التماهي ثلاثي الأوجه، الشاعر مع الفكرة/الحبيب، الشاعر مع القصيدة/حروف، الحبيب والقصيدة من جهة والشاعر من جهة أخرى، بحيث لا نستطيع أن نفصل بينهم، بعد أن توحدوا/وذابوا في كيان واحد.
بعد أن يستفيق الشاعر من حالة التماهي التي أصابته، يستعيد وعيه، ويعرف أنه ذهب إلى عالم غير عالمه:
" فَاقْبَلْ فُؤادِي رَسُولَ اللهِ إنَّ قَصِيدَتي
هَدِيَّةُ روحٍ تَبْتَغِي نَسَبَا
وَاعْذُرْ.. فَشَاعِرُكَ اخْتَارَ المُقَامَ هُنَا
بِحَرْفِ مَدْحِكَ تَعْلُو الدَّوْحَةُ النُّجَبَا"
لكنه يدرك أن ذهابه في فضاء الحبيب لم يكن مصطنعا، بل جاء بغير أرادته، فحبه قادة إلى ما سبق، لهذا يحاول في خاتمة القصيدة، ان يبرر/يعلل ما جارى له عندما (غاب) مع حبه وحبيبه وأداته/حروفه/قصيدته، وكأنه يقول: أن الواقع يرفض أن يبقيه مستمتعا بالحديث عن "الحبيب" ومتغنيا به بهذه القصيدة.
القصيدة منشورة على صفحة الشاعر



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديوان حجر الوحش يوسف المحمود
- همية النقد في كتاب صالح حمدوني -على قيد الضحكة الأبدية - محم ...
- الفانتازيا في مجموعة خمسون ليلة وليلى يسري الغول
- الأدبي والسياسي في كتاب -لا تعجب.... زعترنا أخضر-
- رواية الإنجيل المنحول لزانية المعبد أسامة العيسة
- أسلوب التقديم في كتاب -قلق العبور- أبو علاء منصور
- سمير الشريف وفينية قصة الومضة
- الحلول والتماهي في -ثلاثة نقوش محجوبة- فايز محمود
- الطين في ديوان -يدور الكلام تعالى- صلاح أبو لاوي
- تقديم الألم في -رواية بيضة العقرب، رواية السيرة السرطانية- ل ...
- التجربة الإعتقالية في -سنة واحدة تكفي- هاشم غرايبة
- رواية قصة الخلق ماهية الخالق والغاية من الخلق! محمود شاهين
- كتاب راشد حسين ويسكنه المكان دراسات وقصائد مختارة نبيل طنوس
- رواية سيدة الخبز للكاتبة نور السبوع
- التقنية الروائية في -جسر بنات يعقوب- حسن حميد
- رواية مرآة واحدة لا تكفي حسن أبو دية
- الواقع والخيال في قصيدة -الصعود إلى الشمس- جمال طرايرة
- الظاهر والباطن في -خذ قلبي ورحل- روز سليمان
- قدسية الحدث في إلى ظريف الطول ..حيثما كان- عبد السلام عطاري
- العدد والتعداد في قصيدة -ستة هم- صلاح أبو لاوي


المزيد.....




- أفلام كرتون على مدار اليوم …. تردد قناة توم وجيري الجديد 202 ...
- الفيديو الإعلاني لجهاز -آي باد برو- اللوحي الجديد يثير سخط ا ...
- متحف -مسرح الدمى- في إسبانيا.. رحلة بطعم خاص عبر ثقافات العا ...
- فرنسا: مهرجان كان السينمائي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في تد ...
- رئيس الحكومة المغربية يفتتح المعرض الدولي للنشر والكتاب بالر ...
- تقرير يبرز هيمنة -الورقي-و-العربية-وتراجع -الفرنسية- في المغ ...
- مصر.. الفنانة إسعاد يونس تعيد -الزعيم- عادل إمام للشاشات من ...
- فيلم -بين الرمال- يفوز بالنخلة الذهبية لمهرجان أفلام السعودي ...
- “ثبتها للأولاد” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد لمشاهدة أفلام ...
- محامية ترامب تستجوب الممثلة الإباحية وتتهمها بالتربح من قصة ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - التماهي في قصيدة -مدراج النور- بكر زواهرة