أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الطين في ديوان -يدور الكلام تعالى- صلاح أبو لاوي















المزيد.....

الطين في ديوان -يدور الكلام تعالى- صلاح أبو لاوي


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 7035 - 2021 / 10 / 2 - 21:16
المحور: الادب والفن
    


هل يمكن أن نأخذ جزء من اسم ليكون دالا على المعنى؟، اعتقد ان هذا الأمر ممكن إذا امتلك الكاتب/الشاعر الطريقة التي تشير إلى مدلول، وإذا احسن التعاطي مع الجزء المستخدم، جاء ذكر "الطين" في خمسة مواضع، ثلاثة في قصائد منفصلة، ومرتين في قصيدة واحدة، وجاءت هذه الاستخدامات ضمن صور متباينة، وظروف/حالت مختلفة، أول استخدام جاء في قصيدة "قالت المراة العاشقة (إلى صفاؤ سرور)":
كم احبك
لكن قلبي تعلق غيرك
أكثر مما تظن
قالت المرأة العاشقة
ثم حين مضى كاملا
وجدت في قميص حكايته قصة
عالقة
عن فتى
لم يمت، إنما غاص في طينه
كي يعود لها غيمة من شجن
ويحط على قلبها مطرا
أبدي الهوى
كالوطن" ص14،
الفاتحة البياض والمثيرة "كم احبك" تحفز القارئ على التقدم اكثر من القصيدة، وبما انها متعلقة بالعنوان: "قالت المرأة العاشقة" فهذا يجعلها مرتبطة به، ونلاحظ الترابط العضوي بين العنوان والفاتحة من خلال جعل فاتحة القصيدة صادرة عن المرأة القائلة/المتكلمة، بعدها يدخل الشاعر على الخط موضحا التفاصيل أكثر.
وهنا نطرح سؤال: لماذا جعل المرأة تنسحب، ودخل هو الخط؟، أما كان أجمل لو تركها تتحدث مكملة القصيدة؟، اعتقد أن طبيعة الحدث "انسحاب/مضى كاملا" لا يجعل المراة تتحدث بنفس الروح التي افتتحت بها القصيدة، فهذا الانسحاب يجعلها لا تحسن الكلام الجميل الذي بدات به القصيدة، فهي تعاني من غياب/رحيل الحبيب، لهذا كان تدخل الشاعر متحدثا نيابه عنها مكملا بقية (الحدث)، وهذا أسهم في (الحفاظ) على انسيابة الألفاظ المستخدمة.
بعد انسحابها يدخل الشاعر (مبررا) تدخله، فهو يستخدم صور شعرية، ويموه/يخفي شيئا مما يريد طرحه، بحيث يجعل المتلقي يتوقف متأملا فيما طرحه، فهو يأخذنا إلى "البعل"، إن كان في غيابه، أم في انتظار عودته، فالغياب/الموت/الرحيل نجده من خلال:
"لم يمت، إنما غاص في طينه" هنا "لم يمت" لا يعني النهاية المطلقة، بل الرحيل المؤقت، وهذا يتوافق تماما مع غياب "البعل"، الذي سرعان ما يعود مع مطريروي الأرض الضمأى والناس:
"كي يعود لها غيمة من شجن
ويحط على قلبها مطرا" وبما أن غياب البعل وعودته تمثل حالة مستمرة ودائمة، فكان لا بد من الاشارة إلى هذه الديمومة من خلال: "أبدي الهوى
كالوطن" والجميل في الخاتمة أنها ربطت الإنسان ومعتقداته القديمة بالارض/بالوطن، وبهذا يكون الشاعر قد أوصل لنا فكرة الحياة والموت التي حملها الفينيقي/الفلسطيني منذ أن وجد على الارض وحتى الآن، ففكرة العودة، عودة الحياة الخصب تعد احدى أهم معالم الفكر الفينيقي القديم والحديث.
وذا أخذنا معنى "طينه"، الذي يتشكل من التراب والماء، أي مما هو أرضي وسماوي، وإذا ما أضفنا له هاء الإنسان، نكون أمام تكوين يجمع الأرض والسماء والإنسان، وهذا التكوين مستمر وأبدي حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
وهذا يقدمنا رمزية "طينه" الموجودة في حدث القصيدة، والتي تشير إلى الجزء الثاني من كلمة (فلس/طين)، فالشاعر عندما استخدم كلمة "غاص" التي تحمل معنى البحث في العمق، أكد على هذا العمق عندما أعادنا إلى فكرة عودة مطر البعل: "غيمة/مطرا".
أما عن علاقة المرأة بالغائب/الراحل، فهذا ايضا يتوافق تماما مع ما جاء في ملحمة "البعل" عندما حثت اخته "عناة" الآلهة على ضرورة عودته لكي تعمر الارض من جديد ويعم الخصب فيها.
في القصبدة "يد" والتي تتكون من ستة مقاطع قصيرة، جاء في إحداها:
"يد
لا تفتش في الرمل عن لونها
أو تعد من الطين حناءها
لا ترى في اليمامة ـ حارسة الانبياء
وموقظة الفجر من سكره ـ
ذاتها
فهي ليست يد طاهرة" ص30.
اللافت أن الشاعر يركز على اللون: "لونها، حناءها" لون الطين، بمعنى على جمالية، لهذا يستخدم لفظ "ترى"، لكن لا يقصد الشاعر المشاهدة العادية، بل التأمل والتوقف والتفكير، من هنا جاءت: "حارسة الأنبياء/وموقظة الفجر"، الجميل في هذا الاستخدام أنه يحمل جمالية متعددة الأوجه، حيث هناك تلاقى مع حدث الهجرة النبوية، والتي كانت فيها الحمامة حارسة للنبي، وأيضا رمزية هديل الحمام الصباحي الذي يحث الفلاح على النهوض والعمل في الارض.
وهنا يكون الشاعر قد وحد/جمع بين ما هو أرضي: "تفتش في الرمل"، وما هو سماوي: "اليمامة حارسة الأنبياء، وبين الإنسان: "موقظة من سكره" ليتكون شيء جديد لا يوجد إلا على أرض "فلسط/لطين".
في قصيدة "لو كان لي" يستخدم الطين مرتين، الأولى جاء ضمن هذا السياق:
"أمشي ويمشي الماء
آيات ثلاث:
نجمة منها يسيل الضوء في لغتي
وطين منه أقتبس المجاز
ورحلة لا تنتهي مني إلي
وما تناثر من آناي
وما فقدت
وما سأفقد
إن بلغت أخيرا" ص93و94.
الشاعر يركز في بحثه/"أمشي" على ثلاثة مسائل، الأولى متعلقة بالأنثى/نجمة، والتي تحفزه على التقدم من تكوينه كشاعر/"لغتي"، فهي من تمنحه الطاقة على التألق كشاعر، والمسألة الثانية ارتباطه ب"فلس/طين"، حيث يوضح أنها منارته ، فكانت "فلسطين" واضحة من خلال قوله: "وطين منه أقتبس المجاز"، والمسألة الأخيرة متعلقة به كإنسان، حالة صوفية وحلول: "مني إلي"، وهذا يأخذنا إلى الثلاثية الكامنة في العقل الباطن للشاعر، فلا يمكن أن يكون هناك تلاقي بين السماء/"نجمة، ضوء" وبين الأرض/"طين" والإنسان: "مني إلي" في ثلاث مواضع في الديون بطريقة مقصودة، إلا أن كان هذا التكوين حاضرا في اللاوعي الشاعر، لهذا نجد تلاقي بين السماء، الأرض، الإنسان، في ثلاثة قصائد.
"
أمشي
وتمشي الارض بي
وما بين أقواس الدخان
وبين ذاكرتي
أحول
والمحاول نصف من يصل النهاية
أن أفتت طين صحرائي
وأخلع منه سرج الخيل
أو قدمي
فلست أسيرة" ص96.
في المقطع الثاني يركز الشاعر على ما هو أرضي أكثر مما هو سماوي: "تمشي، الارض، طين، صحرائي، الخيل، قدمي، أسير" ونجد ما هو سماوي ضعيف وخارج/صادر من الأرض: "أقواس الدخان"، لكن حضور الإنسان/أنا المتكلم حاضرة بقوة: "أمشي، ذاكرتي، أحول، أفتت، صحرائي، وأخلع، قدمي، أسيرة" وكأنه بهذا يؤكد على علاقته بالأرض/"فلس/الطين"، وعلى الواقع الذي يعيشه وتمر به "فلس/طين" لهذا نجد الالفاظ القاسية والصعبة حاضرة في المقطع: "أمشي، افتت، صحرائي"، فالصورة الخريفية جاءت بعد أن فقد/ابتعد الشاعر بريق السماء، التي تمنحه الطاقة على تأمل جمال السماء، وكأنه يقول أن الإنسان إذا ما فتقد/ابتعد عن السماء/الإيمان/الله تكون حياته صعبه وقاسية، من هنا يمكننا فهم هذه الخريفية في هذا المقطع.
في قصيدة: "لو كنت مثل سواك" يقدم الشاعر الفكرة/المضمون الأبيض من خلال (الصراع) البعل والموت، ويؤكد على وحدة العناصر الثلاث، السماء، الأرض الإنسان:
"...فأطلق جناحك
أو فشد على المحال بمخلبيك
وأزرع لنا
من حنطة الكلمات بستانا
لنخلد تعبت رواحنا إليك
وأرفع لنا قمرا ليعلو ماؤنا
من راحتيك
لا روح في جسد الثرى
فانفخ بأنف الطين جرحك
يستوي المنفى على أرواحنا
ما أثقل المنفى عليك" ص106، نلاحظ وجود ألفاظ متعلقة بالسماء: "فأطلق، جناحك، وأرفع، روحنا(مكررة)/روح، قمرا، ليعلو" وأخرى بالارض: "وأزرع، بستانا، جسد، الطين" والإنسان: "فأطلق، جناحك، بمخلبك، وأزرع لنا، أرواحنا (مكررة)، جرحك، عليك" فرغم قسوة الألفاظ: مخلبيك، تعب، المنفى (مكرر)، أثقل" ـ وهذا ناتج عن حالة الصراع ـ إلا أن فكرة/مضمون المقطع ابيض، وكأن الشاعر يؤكد على أن النصر/الخاتمة ستكون لنا، لهذا كرر "روحنا/روح" ثلاثة مرات.
وإذا تقدمنا من ملحمة البعل نجدها تتلاقي مع المقطع، في الألفاظ وفي المضمون/الفكرة، وهنا يؤكد الشاعر على استمرار الثقافة الفلسطينية/الفينيقية من خلال القصيدة والديوان، وكأنه يقول اننا موجودون على أرض "الفلس/طين" منذ آلاف السنين، لهذا تجدنا نحمل ذات الأفكار/المعتقدات التي تؤكد على عودة الحياة/الخصب/الخير على الأرض وللناس معا.
الديوان من منشورات بيت الشعر وزارة الثقافة الفلسطينية، الطبعة الأولى 2013.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تقديم الألم في -رواية بيضة العقرب، رواية السيرة السرطانية- ل ...
- التجربة الإعتقالية في -سنة واحدة تكفي- هاشم غرايبة
- رواية قصة الخلق ماهية الخالق والغاية من الخلق! محمود شاهين
- كتاب راشد حسين ويسكنه المكان دراسات وقصائد مختارة نبيل طنوس
- رواية سيدة الخبز للكاتبة نور السبوع
- التقنية الروائية في -جسر بنات يعقوب- حسن حميد
- رواية مرآة واحدة لا تكفي حسن أبو دية
- الواقع والخيال في قصيدة -الصعود إلى الشمس- جمال طرايرة
- الظاهر والباطن في -خذ قلبي ورحل- روز سليمان
- قدسية الحدث في إلى ظريف الطول ..حيثما كان- عبد السلام عطاري
- العدد والتعداد في قصيدة -ستة هم- صلاح أبو لاوي
- رواية الراعي وفاكهة النساء ميسون أسدي
- محمود شاهين وحزنه على فراق ميلينا في -رسائل حب إلى ميلينا -
- الألم وعبث الإنتظار في قصة -جسدي بين صبرا وبسمة- مجموعة رسائ ...
- الشكل والمضمون في قصيدة --أردنُّ يشفي بالهوى الأسقاما- عصام ...
- التنوع الأدبي في -الكراز- قصص قصيرة. حكايات ونصوص سعيد نفاع
- رواية الشمبر محمود عيسى موسى
- صوت الأنثى في -ذات صباح- آمال القاسم التميمي
- التعبئة الفكرية في رواية -الطريق إلى شارع يافا- عمار الزبن
- حضور المرأة في قصيدة -أيام كان الحب- كميل أبو حنيش


المزيد.....




- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الطين في ديوان -يدور الكلام تعالى- صلاح أبو لاوي