أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الكريم يوسف - الثقافة روح للمستقبل














المزيد.....

الثقافة روح للمستقبل


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 7040 - 2021 / 10 / 7 - 00:34
المحور: الادب والفن
    


يقول الأديب : أنا أبدع دنياي ، جنون الأقمار ملعبي والرؤى غنائي الأبدي. أنا للجمال للحرف المزغرد أرهن ذاتي وثيابي . أنا حرية العصفور وعطر الزهور أرقص في ظلال الغابات وعلى خدود الصبايا دمعة فرح . أجمع الأقمار وألهو بما خلف النهود . شخوصي ينتمون إلى ما وراء الخيال ، أصوغها ، أجمّلها ، أحييها ، أمحوها ، ألهو بها كيف أشاء ، وأسامرها متى أشعر بالملل.
رجال الأدب و العلماء والباحثون يستفيضون في شرح مزايا وأفكار ورؤى عصر النهضة الأوروبية بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر ويروون لنا الحكايات عن تدهور السلطات الروحية ورجال الدين والكنيسة وجمود السلطة الفكرية وتصاعد القلق الديني وظهور الروايات والقصائد والقصص التي تنتقد الوضع القائم كما تروي لنا القصص عن الحروب والجمال والدوقات وعمليات الإصلاح في الكنيسة والمعتقدات وانتشار الطباعة وشيوع الاكتشافات الجغرافية .
ومن بين دنيا واسعة من الأسماء يذكر الباحثون عددا من الأسماء اللامعة في الفلسفة والعلوم والأدب والفن وعلى رأسهم بيكون وغاليلو وكوبرنيكوس ومايكل أنجلو ودافنتشي وسرفانتس وبوكاشيو الايطالي . يمثل كل علم من هؤلاء الأعلام جانبا من روح عصر النهضة الأوروبية لكن ربما كان أقلهم شهرة ولمعانا على مسرح الأدب العالمي الأديب الرائع بوكاشيو فأنت إذا راجعت هذا الاسم وما يحيط به من معلومات وحكايات ستجد نفسك وسط حديقة جميلة غناء فيها ألف نوع من الزهور والرياحين وستجد نفسك وسط حديقة ايطالية لفحت زهورها أشعة الشمس فأضفت عليه جمالا ورونقا خالية من التكلف والصنعة الأدبية والبهرجة الفنية . وربما كانت أجمل القصص التي كتبها مجموعة " الليالي العشر " حيث يعبر فيها عن الروح الإنسانية بأجمل صورها وحالاتها
تبدأ قصص " الليالي العشر " بحكاية وباء الطاعون الذي انتشر في فلورنسا وعموم المدن الايطالية عام 1348 م حيث انتشر الموت في الشوارع وشاعت الأنانية والتحلل من كل فضيلة وبدأ الناس يسيئون لبعضهم البعض ويهربون من المدينة إلى الريف وقد صور بوكاشيو المشهد من خلال سبع سيدات وثلاثة فرسان يهربون مثل كل الناس إلى الريف الايطالي تجنبا للموت فيقيمون حفلة تنكرية يتسلون بها لتمضية الوقت الثقيل . لم يفكر هؤلاء الفتية في مساعدة الناس . كان شعارهم الساخر ليكن ما يكون المهم أنا ومن بعدي الطوفان . لقد كان الطاعون رمزا للأوضاع السياسية والاقتصادية المسيطرة على فلورنسا وعموم ايطاليا في ذلك الوقت . رأت أكثرهن جمالا أن يروي كل واحد من الفتية حكايته كل ليلة وكان عدد الحكايات مئة حكاية في ليال عشر . كان شعار الشخصيات العامة في هذه الحكايات :عش ودع غيرك يعيش .
لقد أراد بوكاشيو من خلال هذه الحكايات إماطة اللثام عن عيوب المجتمع المادي وإزاحة الأقنعة وأن يعري حقيقة الناس أمام أنفسهم . أراد أن ينتقد القلوب السوداء والتعصب الأعمى الذي كان سائدا في عموم ايطاليا . أراد بوكاشيو أن يخلص الناس من هاجس الخوف من الخطيئة الأولى والسقطة الأولى التي امتدت تبعاتها لتغطي الأديان والمعتقدات وتصادر حرية الناس وطوحاتهم في العيش بسلام جسدي وروحي . يريد أيضا أن يخلص الناس من الماضي الذي يحتل مستقبلهم وأن يتسلوا فقط بذكريات الأمس . حكايات يمكن روايتها للناس وتسليتهم بها .
تروي إحدى الحكايات أنه في يوم من الأيام أراد الاسكندر المقدوني أن يحتل العالم وفي أحد الأيام التقى الفيلسوف ديوجين فسأله عن رأيه في حكم العالم . هز ديوجين رأسه ولامه على طموحه الأحمق ثم سأله :
ماذا ستفعل بعد أن تحتل أثينا ؟
قال : سأحتل فارس .
سأله : وماذا بعد فارس ؟
قال : مصر .
سأله : وماذا بعد مصر؟
قال : قال باقي العالم ؟
سأله : وماذا بعد أن تحتل العالم ؟
قال : أجلس وأستريح
هز الفيلسوف رأسه وقال ساخرا : ولم لا تجلس وتستريح مستمتعا بالحياة الجميلة الآن ؟
سأله الاسكندر قائلا : هل من خدمة أقدمها لك يا صديقي ؟
أجاب الفيلسوف : نعم . أريد أن تبتعد عن طريقي لأنك تحجب نور الشمس عني .
كتاب " الليالي العشر " لا يُنسى لأنه سلسلة من الابتسامات الجميلة التي لا تنتهي وأنت تقرأ حكاياته الضاحكة والحزينة على حد سواء .
يقولون في كتب الأدب : يكتب فولتير ليضحك الناس ويخفي دموعه .
أما بيكاشيو : فيكتب ليذرف الدموع ويمتعك بالابتسامات وأنت تقرأ سطوره الجميلة .
يريد بوكاشيو في كتابه أن يقدم فكرة الحب والتسامح بحلة جديدة التسامح الواسع الذي يشمل كل مناحي الحياة من خلال حكاية لها رمزيتها فقد أتاه دوق مونت كارلو الجشع وقال له اقترح لي نقشا لمنزلي الجديد ....فأجابه بدون تردد انقش على منزلك رسم التسامح لأنه أثمن ما في الوجود .
اليوم سورية وطني الجميل الذي تعرض لكل صنوف الاهانات من أبناء شعبه ذاتهم ما أحوجه للنسيان والتسامح والمحبة. وعلينا جميعا أن نقف أمام أنفسنا بخشوع أن نسأل أنفسنا السؤال الأوحد : ألا يكفي كل هذا النزيف من الدماء ألا يجب أن يعود الوعي للسوريين ويدركوا أن سورية هي أغنى بلد في العالم وأجمل بقعة في هذه الدنيا وعلينا أن نحافظ عليها وعلى تعدديتها الثقافية والدينية ؟



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- محكومون بالأمل
- هل ينجو الادب من السياسة؟
- المرأة المتواضعة
- المرأة الفاضلة
- إذا كان هذا كل شيء
- ذاكرة
- الآخرة
- التائب
- صلاة الملحد
- المرأة الواثقة من نفسها
- كيف نوقف التغير المناخي
- الأزمة السورية في الاعلام المعاصر
- عباقرة من الشرق والغرب
- الماضي الذي أمامنا
- دمشق عام 1070م
- المجد الحقيقي مثل الحب الحقيقي يرضى بالقليل
- الديمقراطية: تعني موتنا
- أخر لماذا
- الأمن الاقتصادي أثناء الحروب
- أليست سفرة الألف ميل تبدأ بخطوة ؟


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد الكريم يوسف - الثقافة روح للمستقبل