أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسان الجودي - أقنعة مبسوط














المزيد.....

أقنعة مبسوط


حسان الجودي
(Hassan Al Joudi)


الحوار المتمدن-العدد: 7037 - 2021 / 10 / 4 - 14:29
المحور: الادب والفن
    


حصل مبسوط على منحة تخصص علمي في لندن من المؤسسة التي يعمل بها . عاد بعد سنوات، فاستقبله مدير المؤسسة في أول يوم عمل له. رحب به بسرعة، وقدم له فنجان قهوة باردة، ثم وضع أمامه قناع وجه يحمل ملامح صارمة غاضبة. وطلب منه بحزم ارتداء ذلك القناع في أثناء الدوام ، فالموظفون بحاجة إلى الجلد على ظهورهم ، كما عبّر المدير.
اضطر إلى وضع القناع من فوره ، وغادر إلى عمله.
اكتشف بعد انتهاء الدوام، سرقة سيارته الجديدة الأنيقة . فذهب إلى مخفر الشرطة لتقديم شكوى ، فطلب منه الشرطي ارتداء قناع آخر، وقام بوضعه أمامه.
كان القناع الجديد بملامحه المنكسرة الذليلة مثيراً للغثيان. لكنه لم يتردد حيال ذلك أيضاً ، تحت وطأة نظرات الشرطي المرعبة.
بدأ بالتعود على طلبات وضع الأقنعة. وخاصة بعد أن طلبت منه زوجته، ابنة خالته، التي تزوجها بعد العودة من الإيفاد، وضع قناع يشبه قناع المهرج. قالت له بلهجة آمرة:
- أنت تخيف بويضاتي التي ستنجب أطفالك، بهذا الوجه الأصفر المكتئب!
لم يناقشها كثيراً، خاصة بعد تأييد والدته لرأي الزوجة. أسرع إلى وضع القناع الذي أحضرتاه من أحد أكياس التسوق.
وحين ذهب في أحد أيام الجمعة للصلاة ، استوقفه الخطيب، وطلب منه بحزم وضع قناع جديد. كان القناع يحمل ملامح الطمأنينة والرضا وآثار دموع الخشوع على الخدود.
خصص حقيبة إضافية لحمل تلك الأقنعة ، وصار يضيف لها كل يوم المزيد من الأقنعة الجديدة.
عاتب مبسوط جاره الذي يسكن في فيلا فخمة قريبة، بسبب إطلاق كلاب الحراسة الشرسة ليلا ً خارج الفيلا. غضب الجار من طلبه المهذب، وأجبره على ارتداء قناع كلب هزيل مريض.
تطاول بائع المدافئ عليه أيضاً. فحين بدأ بمناقشته عن الأسعار والمواصفات ، نهره البائع ، وأخرج له قناعاً دون فم لكي يرتديه.
وحين تعرض للطعن بالسكين بعد شجاره مع سائق صهريج الوقود الذي خلطه بالماء ، زاره مدير محطة المحروقات في المدينة، وأمره بوضع قناع الخجل والعار، لأنه لم يلجأ إلى الحوار المهذب لحل المشكلة..
اضطر أخيراً إلى استبدل حقيبة كبيرة بحقيبة الأقنعة الصغيرة . وبات ماهراً في ارتداء القناع المناسب.
دفعه الفضول ذات يوم إلى خلع قناع الوجه ذي النظارات السود السميكة الذي كان يرتديه غالباً. لم يستمع إلى تحذيرات زوجته الشديدة. ولا إلى توسلات والدته المريضة. أزاح القناع بعنف، فلم ير شيئاً بعدها ، فقد سطعت أشعة الشمس القوية أمام عينيه شبه المغمضتين منذ سنوات فأصيب بالعمى.
شعر بالرعب أولاً. ثم بعد تفكير قصير ، رأى أن هذا العمى المباغت هو نعمة سماوية هبطت عليه. فهي ستريحه بالتأكيد من تغيير الأقنعة الدائم. .
لم يحدث ذلك أبداً، فقد حضر إلى منزله ذات ليلة كرنافيل غاضب. سمع صراخه الهادر قادماً من طبقات السماء العالية، ثم أحس به وهو يحطم باب المنزل ببلطة ضخمة، ثم شعر به في غرفة نومه.
أمره كرنافيل بحزم أن يستعد لارتداء قناع خاص أحضره له. . لم ينفع الحوار التالي الذي جرى بينهما في تغيير شيء:
-مبسوط (دون تصديق) :
لكنني أعمى، وجهي جامد الملامح يريح الجميع.
-الملاك:
لا يعجب رئيسي ذلك.
لديه عقوبة خاصة لك. فأنت رجل ساذج جداً . صحيح أنك استطعت خلال حياتك التلاؤم مع جميع الأقنعة. لكنك لم تضف ابتكارك الخاص من الأقنعة إلى مجموعة رئيسي العالمية. ثم أن خطيئة نزع القناع لا تغتفر! لذلك فقد أصدر حكمه النافذ عليك .
لم يتمهل الملاك بعدها، رفع بلطته عالياً وشقّ بها صدر مبسوط.
استلقى مبسوط على سريره بهدوء. أسرع الملاك إلى حقيبة الأقنعة الكبيرة. ثم أحضر مقصاً وخيوطاً ، وصنع منها جميعها قناعاً شمعياً جامد الملامح، وضعه على وجه مبسوط . سببت انقباضات عضلات فك مبسوط أثناء موته ظهور ابتسامة على ملامح القناع الميتة.
وبدا بذلك قناع مبسوط فريداً. مما دفع كرنافيل إلى الإقرار بتسرع رئيسه في إصدار حكم الموت.
شعر كرنافيل بالخوف، لقد ظهرت فكرته عن تسرع الرئيس كأنها سخرية مبطنة منه. فبادر إلى صناعة قناع خاص له من مخلفات أقنعة مبسوط. وضمن بذلك رضى الرئيس إلى الأبد.



#حسان_الجودي (هاشتاغ)       Hassan_Al_Joudi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بدون
- الشكل والمعنى
- PKKA
- كيمياء الروح
- ترجمة قصيدة احتمالات لفيسوافا شيمبورسكا
- المدينة والحب والموت
- حوار عن الوطن
- تواضع الثقافة الهولندية
- ليلى والذئب-ذات الرداء الأحمر
- نيوتن آخر السحرة!
- عفريت ماكسويل
- روحانية المعرفة
- ترميد جثة الحنين
- عم داروين والشعراء
- في حديقة كنيسة السلام في Bussum
- جوليا روبرتس وشهرذاد
- البلاسيبو والدين
- هاشيمتو
- عربة الوصف
- لا تقرأ ذاتك


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسان الجودي - أقنعة مبسوط