أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - لليل سعة وساعات














المزيد.....

لليل سعة وساعات


دينا سليم حنحن

الحوار المتمدن-العدد: 7028 - 2021 / 9 / 23 - 16:11
المحور: الادب والفن
    


للّيل سعة وساعات
دينا سليم حَنحن

يبسط النور أذياله في الحجرة الصّغيرة عندما يُفتح بابها، وفيها يتفشّى باعثًا هيبته، وناشرًا ضوءه على سرير الجدّة التي جيء لها بطعام الغداء.
الواحدة ظهرا، موعد الوجبات أكثر دقة، وانتظاما من عقارب السّاعات، ما أن تنتهي من تناول وجبتها المعتادة حتى يوصد عليها بابها ليُفتح ثانية في المساء، عندما تأتيها كنّتها بالعشاء.
منذ سنوات يهيمن صمت مهيب على المكان، الجدة تمضي ساعاتها انتظارا لا ينتهي، انتظار للا شيء، يخترق الصّمت وقع أقدام تعرفها الجدة كلما اشتمت رائحة الطعام، لكنها كانت قد اعتادت أيضا على سماع وقع أقدام أخرى، خطوات حقيقية تجهل صاحبها، لم تعق الصّمت أبدًا.
- لقد عاد الشاب المجهول إلى مخدعه، يؤنس سعاله وحدتي! قالت الجدة، وعادت إلى صمتها.
يغيب سعاله العميق عندما يغلق عليه باب حجرته، يقف أمام النافذة الوحيدة ويأخذ في تأمل صفحة سماء مضطربة.. هناك حيث سروة عالية ما تزال تقف بحزم.
تمايلت السّروة العتيدة غاضبة عندما جنحت الريح، عارضتها بحزم ولكنها حاولت الصّمود، حدّق في البعيد، أبت الغيوم أن تتوارى، تمسّكت قطراتها الثقيلة بقمة السروة، ثم انسحبت إلى السّاق ببطء، قطرة ما نكصت على أعقابها زاحفة على الأغصان الخضر، وعندما سكنت الريح وانتشت للحظات، احتلت السروة حمامتان أخذتا تداعبان قمتها، وتغازلانها، كانتا كلما حطتا بجسديهما معا عليها تنحني قليلا، فتضطر إحداهما إلى التراجع، وتطير مخلية لرفيقتها المكان، تتلقط من الهواء ارتشافات، ثم تعود لتحلق بجناحيها حول وليفتها في محاولات تناوب تتكرر.
- أي منهما ستمكث على الشجرة يا ترى؟ سألت الجدة.
- أي منهما ستلازم القمة يا ترى؟ سأل الشاب. وتوحّدَ السؤال.
وحيد آنسته الحركات المتموّجة في أعلى السروة، ملاح تائه، اتخذ الأمل ملاذا لهُ، أمضى سنواته باحثا عن خليلة يتيمُ بها وتتيم به، تنعش حياته وتعينه على اجتياز حدود نهاره وتعيق ليلهُ الوئيد. هي وحيدة أيضا، واستها حركة زوج اليمام وراقبتها من على سريرها، وخشيت حدوث ما لا يحمد عقباه، متمنية ألا يهوي أحدهما! توقفت يمامة على حافة نافذته ودقت زجاجها، ثم عادت سريعا إلى السروة، لازمت وليفتها فاهتزت القمة بأكملها!.
خرج من حجرته، سمعت الجدة خطواته في البهو الذي فصل ما بين الحجرتين، تعمد إصدار الصوت، سعل مرة أخرى، فهزّ الصمت محرضا.
يعود مساء ويمضي الليل الطويل وحيدا، كما في كل ليلة، كم يكره الليل!
- أما يزال مستيقظا مثلي؟ تسأل الجدة نفسها.
- هل هي مستيقظة؟ يسأل نفسه.
- هل هو عجوز مثلي؟
- أكيد هي مسنّة تنتظر الموت بهدوء؟
- إن قضي أجلي ومتُّ، هل سيشعر بذلك؟ لا أسمع سعالَهُ!
- لا أسمعها، ربما توقّف نبضها!
- أيكون قد نامَ؟
- هل تكون قد فارقت الحياة؟
كم أرقتها فكرة الفقد، بحثت عن الحمامتين عبر النافذة، غابتا عن ناظريها، هما حاضرها الزاهي، ارتعشت رعشة الموت، غادرت، وعيناها معلقتان بأعلى الشجرة!
عادت اليمامتان بعد أن ذابت الثلوج، تتحاوران وتملأان الكون هديلا.
انقطعت أصوات الأقدام التي كانت تتعاقب على المكان، الكنّة لم تعد تأتي بالطعام، أقدام أخرى تبلبل صمت المكان، ومعها يتعالى عزف جميل، كعب لطيف يبعث الحياة في دفين الحجرة يتقدمه ظل امرأة يسري متهاديا في مرايا البلاط المصقول!
نقرة، نقرتان على الباب، معهما ليل وئيد الخطى يستيقظ من إغفاءة عميقة..



#دينا_سليم_حنحن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مشهد اليوم - المسنة
- نهر الأردن
- النقطة الخطيرة
- ماذا يوجد داخل حقيبتكِ؟
- تغطية عن اصدار رواية - ما دونه الغبار-
- إبريق جدتي
- نوبة هلع
- الرجل المجهول
- جزيرة كريت
- عادات الشعوب - سورينتو إيطاليا
- شبشب أمي
- فانتازيا
- الهدية: مشهد حقيقي.
- مضيق موسيمان - كوينزلاند أستراليا
- الجمال بعيون عذراء
- إلى الرجال بمناسبة عيد الأم
- مشهد من سيرة حياة. مدينة اللد
- روما سوسنة الحب
- من نيويورك إلى واشنطن العاصمة
- قراءة تكوينية في قصة-الضباب- لدينا سليم حنحن


المزيد.....




- “باقة من البرامج والمسلسلات وأفلام السينما”عبر تردد قناة CBC ...
- “ابنك هيدمنها” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 لمشاهدة ج ...
- مايكل دوغلاس يزور مستوطنة إسرائيلية ويصف المتضامنين الأمريكي ...
- بتهمة -الفعل الفاضح-.. إحالة سائق -أوبر- بواقعة التحرش بفنان ...
- عز وفهمي وإمام نجوم الشباك في موسم أفلام عيد الأضحى 2024
- فرويد ولندن.. أتاها نجماً هارباً فجعلته أسطورة خالدة
- الروسي بيفول يهزم الليبي مالك الزناد بالضربة الفنية القاضية ...
- وزير الثقافة اللبناني يزور منزل الشهيد عبد اللهيان
- إدارة أعمال الفنان جورج وسوف تكشف عن حالته الصحيه بعد أنباء ...
- كيم كي دوك... المخرج السينمائي الكوري الذي رحل مبكراً


المزيد.....

- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دينا سليم حنحن - لليل سعة وساعات