أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ازهر عبدالله طوالبه - الحياة الشخصيّة في المُجتمعات الحشريّة














المزيد.....

الحياة الشخصيّة في المُجتمعات الحشريّة


ازهر عبدالله طوالبه

الحوار المتمدن-العدد: 7024 - 2021 / 9 / 19 - 20:18
المحور: المجتمع المدني
    


يسعى كُلّ فردٍ منّا، نحنُ أبناء المُجتمعات التي تحشُر أنفها في كُلّ ما يتعلَّق بحياتنا الفرديّة، إلى أن يكونَ لهُ عالمُه الخاص به، عالمه الذي يكون حيثمَا تكون راحته ؛ حتى لو كانَت هذه الرّاحة مُتوافِر في أوديةٍ بعيدة، أو على سفوحِ جبالٍ لا تُرى إلّا بالمنظار . كما أنَّهُ يُحاول جاهِدًا لأن يكونَ إنسانًا يعيش في حياةٍ تليق بالإنسان، وتليق بإنسانيَّته، مُتجاهِلا كُلّ المصاعِب التي ستُواجههُ، راميًّا إيّاها في بحرِ حياتهِ الواسِع، مُستسّهِلًا حجمَ كُل التحدِّيات الجمّة، التي عليهِ أن يخوضها مِن أجلِ الوصولِ إلى ما يصبو إليه.

يُدرِك كٌل مَن يُريد أن يكونَ مِن ضمنَ قائمة مَن "يعيشونَ" لا مِن ضمِنَ قائمَة مَن يُريدونَ أن يكونوا "أحياءً" فقَط، بأَّن مشاق الحياة أصبَحت كثيرة، وأنَّها تهطل عليهِ بغزارةٍ أشبَه بغزارةِ مطرٍ ينهَمر مِن سحابةٍ تتجوَّل في السّماء . لكن، الفرقُ بينهُ وبينَ السّماء، هو أنَّ السماء تشعُر بثقلِ هذه السّحابة وهي تتجوَّل في أرجائها، أمّا هو، فتراهُ ما عادَ يشعُر بثقلِ أيِّ شيءٍ في داخلِه، وإن شعَر، فيكون شعورَه هذا، بسببِ ما يُلقى عليهِ، ويُوجَّه لهُ مِن الخارِج، أي مِن مُجتَمعهِ، وعدَم كفّ المُجتمَع عن إطلاق رصاصات الأحكام عليه .

فعلى الرُّغمِ مِن أنَّهُ يواجِه ما هو أثقَل مِن نظرات المُجتمَع له، ويرتطِم بجُدرانٍ أكثر قساوةً مِن جُدرانِ المُجتمَع، إلّا أنَّهُ ما زالَ لا يجِد الطريقة المُناسبة، التي تجّعلهُ يتخلَّص مِن مُلاحقَة المُجتمَع لهُ، والتي تُمكِّنهُ مِن وضع حدٍّ لقيامِ المُجتمَع بتقفّي أثَره في كُلّ شيء، وإصدارِ الأحكام المُسبَقة عليه .

لذا، أقول دائمًا، بأنَّ كُلّ فردٍ منّا، لا يطمَح إلّا لأن يُفهِم المُجتمَع الذي نعيش فيه، بأنَّهُ لا يُريد أكثَر مِن يُتركَ لوحدِه، ليتسنّى لهُ نسجَ خُيوطِ حياتهِ بالطريقةِ التي يُحِب، وبالطريقةِ التي يرى فيها أكثر راحةً لهُ .

نعَم، قَد قلتُ في بدايةِ المقال، بأنَّ الفردَ مِنّا، ولشدَّة مَا مرَّ ويَمُر بهِ مِن ضيقٍ مُجتمَعي، يستَسهِل التحدّيات كُلّها، إلّا أنّ هُناكَ تحدِّيًا واحِدًا، ليسَ مِن السّهولة أن يتمَّ التّساهُل معهُ، ولا أن يتمَّ التّعاطي معهُ دونما أيّ اكتِراث لما سيترتَّب عليه بسببهِ . فهذا التحدّي، هو التحدّي الوحيد الذي على الإنسانِ ألّا يخوضهُ إلّا حينما يُدرِك بإنَّهُ قَد أعدَّ نفسهُ لهُ، جيّدًا، وألّا يُقدِم عليهِ، دونما أن يُدرِك بأنَّ ما سيترتَّب عليهِ جراء تحدّيهِ لهذا التحدّي، سيكون ثمنهُ قاسٍ في حياتِه.

وهذا التحدّي هو ما يتمثَّل بمخاوفِ الإنسان مِن عدمِ قُدرتهِ على النّجاة مِن أنيابِ الخوف الحادّة، البارِزة، والتي تسّكُن في أعمقِ عُمقٍ مِن نفسهِ المُتخوِّفة مِن كُلّ ما يُحيط به، ومِن كُلّ ما يلتفّ حولَ عُنقِ حياتهِ، ومِن كُلّ ما يتضخَّم أمامهُ، مُستغلًّا ضُعفِه، أو لنقُل عدَم قُدرَته على فهمِ مُحريات الحياة بعِد، وللحقيقة، لا أعتَقد بأنَّ هناكَ عقِل بشريّ، إلى الآن، تمكَّنَ مِن فهمِ الحياة، واستطاعَ أن يفهمَ آليّة سير الحياة.

إنَّ هذا التحدّي المتمثِّل بأنيابِ الخَوف السّاكِن في قلبِ كُلّ فَرد، يصّعُب على المُجتمَع أن يُدرِكَه، كما يَصّعُب عليهِ أن يتمكَّن مِن أن يُمرِّرَ عليهِ مُقدِمَة أفكارِه المنطقيّة، العقلانيّة، التي ما تلبُث إلّا وقَد أعانَت مَن تسكنهُ هذه الأنياب، وأخرجتهُ مِن نفقِ مخاوفهِ، المُظلِم، الذي لا يكون النّور في نهايته، وبكُلّ أسف وحُرقة أقول بأنَّهُ لَن يكونَ في نهايتهِ نور ؛ وذلكَ لأنَّ المُجتَمع يُبدِع في عقابِ أبنائه، لمُجرَّد أنَّهم يخشونَ مخاوِفهُم، وينظرونَ لها بعقلانيّة واتّزان . فتراهُ -أي المُجتمَع- يقذِف التُهمة تلوَ التُّهمةِ على مثلِ هؤلاء، فتارةً يقول عنهُم "عجَزة عن تحمُّل الحياة" وتارةً يقول عنهُم " أصغَر مِن أن يواجهوا تحدّياتِ الحياة" وثالِثة يقولون عنهُم " ليسوا جديرينَ بأن يعيشوا الحياة لا بالعرضِ ولا بالطّول " .لكن، نسيَ هذا المُجتَمع، المُنغلِق على ذاته، القابِع على العرشِ، دونما أيّ رقيبٍ ولا حسيب، أنَّ ما دخول أحَد أفراده في حالَة الخوف مِن الأنياب الحياة، التي لا تُرى، والتي لا يشعُر بها إلّا الفَرد نفسه، ما هي إلّا حالَة تمخَّضَت عن حالتهِ النفسيّة، وعن أوضاعِه المعيشيّة التي يعيش فيها، والتي رفضَ أن يبوحَ/يُصرِّح بها لأحَد ؛ لأنّهُ يعلَم بأنَّ هذا المُجتمَع قاسٍ في أحكامِه، ولا يُجيد فهم النفسِ البشريّة، بالشكلِ الصّحيح .


الخُلاصة: المُجتمَع ليسَ مسؤلًا عن كيفَ يعيش الفَرد حياته، وأنا هُنا لا أنكِر دور المُجتَمع بالمُطلَق، وإنّما أقصُد بأنّهُ ليسَ مِن حقّ المُجتَمَع أن ينتَقدَ حياة الأفراد، الخاصّة، وعليهِ أن يضعَ حدًّا لتدخُلهِ في تأسيسِ العقلِ الفرديّ، وعليهِ أن يستوعِب بأنَّهُ ثمّة أفرادَ يعيشونَ بكبتٍ نفسي، بسببِ المُجتمَع ونظرته القاصِرة، التي تُريد أن يكونَ الكُلّ قالِبًا واحدًا، ولا تقبلَ الإختلاف في المُجتمِع الواحِد، وعليه أن يَعي أيضًا، بأنَّهُ ثمةَ فجوات في نفسِ كُلّ فردٍ من أفراده، لم ولن يراها النّاس، وعلى الرّغمِ مِن مُحاولة هؤلاء الأفراد بالبحثِ عمَّن يُعينهُم لردمِ هذه الفجوات، إلّا أنَّهُم بقوا كالمُشرّدينَ على أرصفةِ المُجتًمع، ولا يلقونَ أيّ اهتمام .

وعليه، فيجب علينا عدم التدخُّل في شؤونِ الآخرين، ولنفهَم أنَّهُ ليس علينا تقيّيم بعضنا، فيما إذا كُنّا صالحينَ للحياةِ أو غير صالحين . وإذا لم يكُ بوسعنا أن نُقدِّم المُساعدة، فمِن الواجب علينا أن نكُفّ عن الأذى ؛ لأنَّ الأذى النفسيّ، فيهِ مِن التأثيرِ النفسيّ على الشخص، الكثير .
لنُسانِد ببعضنا، ولنتوقَّف عن التصيُّد لبعضنا، ولنتوقَّف عن إلتهامِ بعضنا البَعض، ولنضَع حدًّا لإطلاق الأحكام الجاهِزة على مَن يُحيطونَ بنا، ولنُكسِّر بنادِقنا التي توجِّه رصصات اللّوم والنّقص لمَن خذلتّهُم الحياة، ونحنُ لا نعلَم عن ظروفهم أيّ شيء .



#ازهر_عبدالله_طوالبه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيّ عبثٍ تعيشهُ هذه البلاد..!!
- سوريا والخارطة الإقليمية الجديدة
- العرَب، والقيمة المعنويّة لهُم
- مِن خلالِ نحتهِ بالصّخر، يسعى كُلّ فلسطينيٍّ حُر إلى التحرُّ ...
- -الفساد والإفساد الدّيني -
- -لنَنجوا معًا ممّا نحنُ فيه مِن التّديّن الظّاهري-
- :اللجنة الملكيّة، وتقبُّل الإختلاف في البلاد-
- النظام السوري وتشظّي الوحدة العربية
- -حول ملابسات الفهم الدّيني فيما يتعلَّق بحُريّة التعبير -
- صراع الثانوية العامة ما بين الشّعب و وزارة التربية
- البلاد تضيع واللجان تُشكَّل..
- لقَد هزمَنا تظاهرنا بالقوّة
- تحرّكات حماس .. إلى أين ستقودها ؟!
- أزمة الثقة في بعض أعضاء لجنة الإصلاح
- في فيينا ثمة مطابخ سياسيّة في بدايةِ تجّهيزها. فولوّا وجوهكم ...
- القضية الفلسطينية واستغلالها من قبل البعض
- وهم الوساطة العربية في الصراع مع إسرائيل
- عليكُم بقتلِ التشكيكِ والتخوين ..
- معركة الإعلام وتأثيرها الذي يفوق تأثير أي معركة أُخرى
- حقائق كُشفت بعد الأزمة التي مرّ بها - وما زالَ يمُرّ بها- ال ...


المزيد.....




- فيديو.. سمير فرج يُشكك في عدد الأسرى الإسرائيليين: حماس تخفي ...
- برنامج الأغذية العالمي: أجزاء من غزة تعيش -مجاعة شاملة-
- مديرة برنامج الأغذية العالمي: شمال غزة يواجه بالفعل مجاعة كا ...
- -جيروزاليم بوست-: صحفيون إسرائيليون قرروا فضح نتنياهو ولعبته ...
- فعلها بحادثة مشابهة.. اعتقال مشتبه به دهس طفلة وهرب من مكان ...
- المياه ارتفعت لأسطح المنازل.. قتلى ومفقودون وآلاف النازحين ج ...
- طلاب نيويورك يواصلون تحدي السلطات ويتظاهرون رفضا لحرب غزة
- خبير عسكري: المواصي لن تستوعب النازحين من رفح والاحتلال فشل ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بصفقة تبادل للأسرى
- الآلاف يتظاهرون في تل أبيب مطالبين بالإفراج عن الأسرى ورحيل ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ازهر عبدالله طوالبه - الحياة الشخصيّة في المُجتمعات الحشريّة