أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - محمد عبد الكريم يوسف - للتشاؤم أهله














المزيد.....

للتشاؤم أهله


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 7012 - 2021 / 9 / 7 - 10:03
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


لست من المتشائمين رغم كل ما يحيط بي من تخلف ورجعية وأجواء سلبية ولست ممن يضعون النظارة السوداء فوق أنوفهم رغم أناقتها أحيانا . أحيانا أقطب حاجبي أحيانا من التعب لا من العبوس وقلبي حافل بأغاني الربيع في أعماقي رغم الصدمات التي أتلقاها كل يوم من الرفاق والزملاء والقادة في العمل إذ أشعر أنني بين المطرقة والسندان لا هذا راض ولا ذاك قانع بما قسم له . لا نستطيع أن ننكر الشوك وليس البؤس خرافة ولكن الألم مدرسة تعلمنا أشياء لم نكن نتعلمها من دونه. وإذا أردت أن تعرف مقدار الدروس التي يعلمنا إياها الألم عليك أن تسأل أما فقدت ضناها فلذة كبدها أو أرملة فقدت زوجها أو طفلا فقد أباه أو ذاك الذي شرده ظلم الإنسان لأخيه الإنسان في مخيمات اللجوء يستفيق كل صباح على أنين زوجة أو أب أو أم أو أخت والألم مراتب ودرجات فمنه ما يحرق كبرد أول الشتاء ومنه ما يورق كلفحة برد آخر الشتاء.
وقد يكون ألم الأم التي ابتلع القبر ولدها هو أكبر الهموم وأحيانا كثيرة يقودها إلى التشاؤم والحزن والاضطراب . وفي كل يوم نصادف ألف سبب يدعونا للتشاؤم والتجهم بدءا من زميل العمل النرجسي إلى المدير غير المسؤول والنكدي إلى الوصولي إلى الفضولي . هناك ألف اصبع تدل على اليأس وشبح التشاؤم كالجزار المحترف العتيق ما رأى فرحا إلا وتلمظت سكينه لذبحه.
وعندما ترى مثلي كأسا مليئة إلى نصفها بالماء أتميل للقول بأن نصفها فارغ أم نصفها مليء ؟ وهكذا الحياة فمنهم من يصف حياته بالفارغة في نصفها الأول والسوداء في نصفها الثاني ولا يرى النهار رغم وضوح الشمس .
يحكى أن الله ضاق ذرعا بالبشر بسبب شكواهم الدائمة فقرر أن يستجيب لما يشتهون وتجلى لها في ساحة اجتمعوا فيها . اشتكى الغني من غناه والحسناء من جمالها والدميمة من قبحها وألقى الشباب أمامه بطيشهم وطموحاتهم والعلماء طلبوا النجاة وجاء الجاهل بشكواه والغانية بمشكلتها . كان الناس كلهم يشتكون . فأمر الله قائلا : كونوا كما تشتهون . فكانوا . ولم تمض لحظات حتى بدأ الناس بالضجيج من جديد حتى وصلت شكواهم للسماء . لا أحد يرضى بواقعه لا الغني ولا الفقير ولا الشباب ولا الشيوخ . تسيطر حالة التمرد وعدم الرضى على كل الناس وربما كان هنا مربط الفرس ومصدر التشاؤم .
ويحكى أن زيوس رأى جميلة الجميلات أيام الإغريق فوجدها حزينة فسألها ماذا تريدين يا سيبل؟ نظرت الأميرة الجميلة في عيني رب الأرباب وقالت : أريد الخلود يا مولاي . قال: لك الخلود . مضت سنوات والأميرة كلما كبرت في العمر صغر حجمها . ربما نسيت أن تطلب الجمال الدائم مع الخلود . ومع تغير الأجيال صار الناس ينظرون لها بشفقة كبيرة حتى أن أحد الأشخاص اصطدم بها قدمه في الطريق فاعتذر منها وأشفق على ضعفها ودمامتها فوضعها في زجاجة ثم ركنها بجانب الطريق. وفي يوم من الأيام مر زيوس بجانبها فسألها إن كانت تريد شيئا من رب الأرباب . فأجابته : نعم . أريد أن أموت .
ويحكى أنه من بين عتاة المتشائمين الشاعر العربي ابن الرومي فقد كان يسير في الطريق وشاهد خيّاطاً وبجانبه مقص مفتوح ونظر للأرض فرأى تمرة فرجع فسألوه عن السبب فأجاب: أن المقص يرمز لكلمة لا والتمرة في ذلك المكان يعني لا تمر لأن الملك كان مستعر غضباً ولو رآه لقتله.
ويحكى عنه أنه بلغ بتشاؤمه ذروته فكان يرى القبح شراً أو نذيراً بالشر فلا يرى الأعور إلا انقبضت نفسه واكتوت قامعة حزناً بلغ من تشاؤمه أن عزف عن الناس جميعاً وساء ظنه بهم وآثر العزلة عنهم والبعد عن أخيارهم وأشرارهم لأن الأخيار والأشرار أصبحوا سواء عنده في قلة الإنصاف يقول في شعر له:
ذقت الطعوم فما التفت براحة
من صحبة الأخيار والأشرار

أما الصديق فلا أحب لقاءه
حذرا لعلي وكراهة الأعوار

أأحب قوماً لم يحبوا ربهم
إلا لفردوس لديـه ونار


ليس التشاؤم مذهبي في الحياة والطاقة الإيجابية هي ما أوزعه للناس كل الناس مجانا بلا مقابل رغم كل الظروف التي تحيط بنا في سورية من الشمال والجنوب والغرب والشرق . لن يدوم الليل للأبد ولا بد للنور أن يعم الأرض في يوم قادم والإنسان الرائع هو من يلتقط اللحظة الهاربة ويحولها إلى نقاء وصفاء رغم لهب الصيف وصقيع الشتاء وعتمة الليل . وبكل تأكيد عندما يعود المحراث ليحفر الأرض من جديد يعلن مقاومته للخنوع والموت ، يعلن نمو زهرة وولادة طفل وابداع فكر وقلب يهفو للقلب .
هكذا تنتصر الحياة على التشاؤم وألوانه الكامدة



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يقطفون زهور الصحراء ... بلا وجل
- الشرق الأوسط بعد مئة عام
- الشعور بالكمال موت حقيقي
- رعشة الحب بلذة الحرية
- هل من الأخلاق أن نترك القبائل المنعزلة لوحدها؟
- الفساد في العلم والمعرفة
- معايير خدمة الزبائن ؟
- لقد أطلقنا الموت ، فمن يمسك عقاله؟
- أمنيات
- أسْمَع أرَى لا أتكلمْ
- المرأة في وسائل الإعلام
- الأيتام يقودون العالم
- الطاووسية و أُحاديَّةُ القرار
- المرأة قبل التاريخ كانت أقوى
- اغمريني بقوة الليلة، مايكل بي ماكبارلاند
- الاقتصاد الأزرق BLE ECONOMY
- أما آن لهذا الفارس أن يترجل ؟
- مهارات إدارة الغضب
- الاقتصاد الأزرق مرة أخرى BLE ECONOMY ONCE MORE
- عظة النار ، ت س إليوت


المزيد.....




- أفعى تتدلى من سيارة مسرعة على طريق سريع وكارثة وشيكة.. مشاهد ...
- تحول لمعلم جاذب للسياح بشيكاغو.. إزالة -حفرة الفأر- الشهيرة ...
- كتائب عز الدين القسام تعلن مقتل 3 من عناصرها بمعركة مع الجيش ...
- سوليفان: واشنطن تشترط تطبيع السعودية مع إسرائيل مقابل توقيع ...
- بايدن ساخرا من ترامب: -لا تعبث مع نساء أمريكا-!
- محلل سياسي مصري: لهذه الأسباب هزيمة أوكرانيا مؤكدة
- تفاعل كبير مع فيديو للشاعر الراحل الأمير بدر بن عبد المحسن ن ...
- السودان .. ماذا يحدث داخل سجون الحرب؟
- مظاهرة في برلين تنديدا بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة
- مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية للمطالبة بوقف الحرب على غزة


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - محمد عبد الكريم يوسف - للتشاؤم أهله