أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - من تخاريف صحيح مسلم















المزيد.....

من تخاريف صحيح مسلم


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 7011 - 2021 / 9 / 6 - 12:04
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في مهزلة جديدة للسلفية التكفيرية ودفاعا عن نصوصهم المقدسة التي قدموها على القرآن لدرجة إنكار العلم والعقل بالكلية ظهر أحدهم ويسمي نفسه (أبو عمر الباحث) وهو شخص تكفيري سئ الخُلق وفظ القلب واللسان ليعقد حلقة للرد عليّ في موقع يوتيوب..ولأنني شخص فضولي وددت الاطلاع على رؤيته بشكل موضوعي عسى أن أجد لدى هذه الطائفة فكرا يُحتَرم..لكن التجربة انتهت بحظر هذا الأخ وكل جمهوره لتطاوله على شخصي وتكفيرهم للمخالفين بشكل فج..

القصة بدأت من تغريدة كتبتها على تويتر لنقد أحد روايات صحيح مسلم ونصها كالتالي "في صحيح مسلم تصل الشمس للأرض حتى مسافة "ميل واحد" فيعرق الناس، ويبدو أن مؤلف هذا الحديث لم يدرك أن المسافة بين كوكب عطارد والشمس ٥٧ مليون كم ودرجة حرارته ٤٠٠ درجة، وهي أربعة أضعاف درجة غليان الماء، وقلت :أن مؤلف هذا الحديث لم يحسن تقدير المسافة بين الكواكب ولم تكن له دراية بالعلوم..

وأصل الحديث في مسلم كالتالي : "عن سليم بن عامر حدثني المقداد بن الأسود، قال: سمعت رسول الله يقول: «تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق، حتى تكون منهم كمقدار ميل» - قال سليم بن عامر: فوالله ما أدري ما يعني بالميل؟ أمسافة الأرض، أم الميل الذي تكتحل به العين - قال: «فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما" (صحيح مسلم حديث رقم 2864)

وكما يبدو من ردي للحديث أنه مخالف للعلم الطبيعي والبدهي الذي تعلمناه في المدارس، أن مجرد اقتراب الشمس من الأرض من مسافته الحالية 147 -152 مليون كم يكفي لإنهاء الحياة على كوكب الأرض، وليس كما يزعم راوي الحديث الذي قال بأن الشمس ستقترب على بعد ميل من البشر حتى يعرقوا كلُ حسب عمله، والظاهر أن الراوي ساق هذا المشهد للتدليل بأن عذاب الناس يوم القيامة سيُخفف وفقا للعمل الصالح، وبالتالي فالشمس هنا أداة عذاب وإن لم يقصد معنى الميل تحديدا ، فكما عهدنا من العرب ورواة الحديث استخدامهم للمجاز بكثرة وبالتالي يُحتمل أن معنى الميل عنده هو (الاقتراب لحد الرؤية الحسية) أي تقترب الشمس على رؤوس الخلائق لدرجة رؤية خطرها العظيم وتأثيرها المميت..

حتى وبهذا المجاز فالراوي لم يكن يفقه علوم الفيزياء والكونيات التي تقول بأن مجرد اقتراب الشمس من الأرض لمسافة أقل من الموجودة حاليا يكفي لإحراق الغلاف الجوي فورا والذي يشغل مسافة من 20 إلى 700 كم من كوكب الأرض، وتأثير ذلك ما يلي:

1- تدمير طبقة الأوزون وفناء كل الكائنات على الأرض بفعل الأشعة الكونية الضارة المسببة للسرطانات وخلافه..

2- تبخر ونهاية كل المياة على سطح الكوكب مما يعني استحالة وجود حياة في ظل نهاية ذلك الغلاف

3- ذوبان الجليد في القطبين وحدوث فيضانات قاتلة لمليارات الناس

4- عدم وجود عرق للإنسان أساسا لأنه سيتبخر بفعل الغليان والحرارة

ومما سبق فقول الراوي أن الأرض ستكون على مسافة ميل من الشمس يعرق على إثرها الناس مخالف للعلم والمنطق والحس البدهي السليم، وعليه فالحديث ساقط بمعايير العقل والعلم وسنبحث أيضا في سقوطه شرعيا

هذا السلفي التكفيري "أبو عمر الباحث" لكي يهرب من هذا المأزق ولكي لا يسقط صنم صحيح مسلم ورواته في مذهبه ادعى مقولة سخيفة وهي (أن أحوال الدنيا مختلفة عن أحوال الآخرة) وظل يشرحها طيلة 8 دقائق، وبالتالي فالحديث صحيح علميا وشرعيا كونه يناقش أحوال الآخرة المختلفة عن أحوال الدنيا، وما فعله هذا التكفيري يُعرف بميزان الاستدلال ب (التبرير الأحمق) كونه يقوم في جوهره على حُكم مسبق يريد تصديقه دون النظر لتفاصيل وكليات القضية المطروحة، فمن السهل الادعاء بطيران البشر وقت قيام الساعة أو يمشون على الماء ما دامت تلك القوانين مختلفة، وهذا يلزمنا توجيه عدة أسئلة لذلك الباحث المزيف وأنصاره:

أولا: ما الدليل على تغير فيزياء الدنيا عن فيزياء الآخرة في ظل قوله تعالى "إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب " [النساء : 56] فالآية تقول بوضوح أن قانون الحس البشري والعذاب الدنيوي هو نفس القانون الأخروي ..

ثانيا: لو كانت فيزياء الدنيا مختلفة عن فيزياء الآخرة فما الذي يردع الكافر ويخيفه من معصية الله؟ إن أبسط مقولة هنا أنه ما دام الوعيد الأخروي مرتبط بالعذاب الدنيوي وقوانينهم واحدة فسوف يُردَع الكافر وإلا سقطت عشرات الآيات القرآنية التي تحذر من ذلك العذاب وتشرحه بقوانين الدنيا..

ثالثا : هذا التبرير الأحمق لم يقل به سلف المسلمين ومحدثيهم الذين حملوا الحديث على معناه الظاهري، فيقول ابن حجر العسقلاني في وصف ذلك المشهد "العرق يلجم أحدهم إلى أنصاف أذنيه" (فتح الباري 8/ 696) ويقول المباركفوري " يصل العرق إلى فمه فيمنعه من الكلام كاللجام كذا في المجمع، قال بن الملك إن قلت إذا كان العرق كالبحر يلجم البعض فكيف يصل إلى كعب الآخر قلنا يجوز أن يخلق الله تعالى ارتفاعا في الأرض تحت أقدام البعض أو يقال يمسك الله تعالى عرق كل إنسان بحسب عمله فلا يصل إلى غيره منه شيء " (تحفة الأحوذي 7/ 89)

ويظهر من كلام الأئمة أنهم لم يعرفوا هذا التبرير الأحمق الذي هو وليد فكر السلفية المعاصرة للرد على الحداثيين وعلماء الطبيعة، فمن السهل لإنكار أي علم تجريبي الادعاء بأن فيزياء الدنيا تختلف عن فيزياء الساعة كباب واسع للرد لمجرد الرد..لا لمجرد الإقناع..

رابعا: الحديث يخص أشراط الساعة أي هو مرتبط شرعيا وقرآنيا بمشاهد دمار العالم في القرآن ، ولو كانت الفيزياء مختلفة فما الذي حمل هذه الاجرام جميعها على التحوّل (شمس – قمر – أرض – سماء..إلخ) كلُ يفنى ويتحول من طبيعته الدنيوية إلى (العدم) فلا مجال هنا للقول بفيزياء مختلفة لكون هذا التحول ضروري من (الطبيعة المادية إلى العدم) ويلزم هذا التكفيري إثبات عدم اتصال مادة الدنيا بمادة الشمس والأرض وقت قيام الساعة..ولا إمكانية لذلك مطلقا ..ولولا تعطيل هؤلاء للعقل وإنكارهم للعلوم ما وقعوا في هذا المأزق..

خامسا: الحديث له رواية أخرى متفق عليها في الصحيحين "يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعا، ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم" وتلك الرواية أوضح في عدم اختلاف الفيزياء حيث أن ذهاب العرق في الأرض سبعين ذراعا يعني وصف لكمية العرق بمقاييس أرضية دنيوية يعرفها الناس، ولو كانت الفيزياء مختلفة كما يدعي هذا التكفيري أو أن أحوال الدنيا مختلفة عن أحوال الآخرة في هذا الحديث سيعني ذلك اختلاف معنى الذراع ومعنى العرق ومعنى الأرض ومعنى الإلجام ومعنى الأذن..وما دامت هذه المفاهيم ثاتبة فلا يمكن القول باختلاف فيزيائي..وأستغرب مرور هذه الجزئية على أنصار هذا الشيخ لدرجة التهليل له بالرد عليّ كأنه اكتشف النسبية، وفي تقديري لولا التعصب والجهل الذي بلغ مبلغه من تلك الطائفة لخرج البعض منهم معترضين على هذا الرد السخيف..

سادسا: في المذهب السني جواز رؤية وسماع الله في الآخرة ، حتى أنهم رووا في حديث متفق عليه" ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان" والمعنى أن قوانين الدنيا المادية في رؤية الله وسماع كلامه تتحقق في الجنة، وتلك الجملة حملت بعض فقهاء السنة على إنكار ذلك الأمر لأن تحققه بالمعنى الدنيوي يعني (التشبيه والتجسيم) قولا واحدا، فلا رؤية بدون كيف وحَدّ ومكان ولا سماع بدون صوت وحرف..!!

وغياب تلك النقطة على هذا الشيخ التكفيري وعدم مناقشتها هو نوع من التضليل والتجهيل الذي مارسه شيوخ الوهابية على تلاميذهم مما ساهم أكثر في تسطيح عقولهم والعجز عن مجاراة العلماء والباحثين في مناقشات جادة هادئة..

أشير إلى أنني لا أحظر في صفحتي أي صاحب رأي، فكثير من أنصار هذا الشيخ لم أتعرض لهم وتعليقاتهم موجودة لحُسن عرضها لكن الأغلبية تم حظره مع كبيرهم الذي علمهم السحر، لسبب واحد هو أنهم غير محترمين ويعانون من سوء الأدب وفظاظة اللسان والتكفير السهل ، وهذا المقال هو شارح للتغريدة أعلاه التي استفزت نفوس التكفيريين نحوي وإثبات بأن لكل تغريدة أكتبها شروحا منها مكتوب ومنها ما دون ذلك، وما يحملني على عدم الرد والانسياق وراء تلك الهجمات هو إيماني بأن تلك الطائفية تعاني من (الإعاقة العقلية) فلا يمكنهم التفكير ويتعصبون لأئمتهم كما يتعصب الجنود لقادتهم في المعارك، وبالتالي لا إمكانية لمناقشات جادة مثمرة مع زعمائهم ، ويقيني لو وجدت الظروف والأجواء لتلك المناقشات فمرحبا بها على كل حال..



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليد القابضة في نسف (حديث الرويبضة)
- طالبان من المدرسة الدينية للحُكم
- أصول ما يسمى علوم القرآن
- التقية الوهابية..محمد حسان نموذج
- في البحث عن المتعة ومذاهب اللذة
- في العنف الزوجي ومصادره
- في فهم الشخصية الإنسانية
- في فلسفة الجمال
- في فلسفة الصراع
- في البحث عن الله
- أمريكا والحرب بالقرن الأفريقي
- البُعد الطبقي في الاغتصاب الجنسي
- الحب والمرأة عند الفلاسفة القدماء
- رحلة في الفكر الإسلامي وخطايا التاريخ
- بذاءة المثقفين..أشرف الخمايسي نموذج
- شكرا لك..تلك الكلمة الساحرة
- ثورات المحمول الفنية..تيك توك نموذج
- الاغتصاب الزوجي..جريمة إنسانية
- صورة أخرى للشخصية الانطوائية
- أضواء على المسيحية الصهيونية


المزيد.....




- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامح عسكر - من تخاريف صحيح مسلم