|
عقليات وأخلاق بعض أصحاب التعليقات على الكُتاب والكاتبات
منى نوال حلمى
الحوار المتمدن-العدد: 7007 - 2021 / 9 / 2 - 03:53
المحور:
كتابات ساخرة
عقليات وأخلاق بعض أصحاب التعليقات على الكُتاب والكاتبات ------------------------------------------- منذ بدأت الوعى بذاتى ، لا أصنفها ضمن النساء " المتشائمات " ، على اعتبار أن " التشاؤم " ، ليس توقع الخير . ولست أصنف نفسى أيضا ، ضمن النساء " المتفائلات " ، اذا كان التفاؤل يعنى الايمان الراسخ الذى لا يتزعزع بأن " الغد بالضرورة أفضل من اليوم " . أنا فى الحقيقة ، لا يشغلنى ، الغد ، سواء جاء بالخير ، أو عدم الخير . أنا فقط أشتغل " الآن " فى " الحاضر " الشئ الوحيد الذى أملكه ، وفى الزمان الذى يحيط بجسدى ، أؤدى واجبى ، كما هو " منحوت " بداخلى ، وكما ينادينى لأؤديه ، بأقصى شغف ، واستغراق وطاقة ممكنة . هذا يكفينى ، وهذا ما أريده من الحياة ، وما يجعلنى راضية عن نفسى ، وأنا ذاهبة كل مساء الى سريرى ، لأنام فى هدوء ، وليحدث غدا ما يحدث ، هذه هى مشكلة " الغد " ، وليست مشكلتى . أنا اذن ، لست متفائلة ، أتوقع الخير ، ولست متشائمة ، أتوقع عدم الخير . عدم الخير . لا أشغل نفسى بالتوقعات ، خيرة ، أو غير خيرة . لكننى بعد قراءة ، وتأمل تعليقات تأتى من " بعض " القراء والقارئات ، على ما نكتبه نحن الكُتاب والكاتبات عن قضايا مختلفة ، أجدنى " مضطرة الى عدم توقع الخير " ، ولو قليلا ، ولبعض الوقت . وسوف أسرد تأملاتى فى تعليقات " البعض " من القراء والقارئات ، فى هذه النقاط المحددة . أولا : ------- هؤلاء " البعض " من القارئات والقراء ، يبدأون تعليقاتهم بجمل نفهم منها ، أنهم من أنصار الحرية ، والغاء الوصاية الفكرية العقلية على البشر ، وأنهم جدا " مهمومون " بالنهار ، " ومؤرقون " ، بالليل ، لا ينامون جيدا ، من شدة الانشعال بالغاء " منظومات القهر " ، المختلفة . لكن تجئ تعليقاتهم ، نوعا واضحا ، مباشرا ، من " الوصاية " ، على الكُتاب والكاتبات ، وبذلك يرسخون انعدام الحريات ، وسيادة القهر . وسوف أعطى أمثلة واقعية للتوضيح . نجد قارئة تعلق بأن الموضوع المكتوب ، كان لابد ألا يأخذ كل الاهتمام المثار ، وأن يتم يتناول قضية أخرى ، هى الأكثر الحاحا وأهمية ، والأشد ضررا ، والأعم حدوثا . أليست هذه " وصاية " من الدرجة الأولى ، الفاخرة ، الممتازة ؟. المفروض أن الانسان يقرأ موضوعا معينا ، ويقول رأيه فى النص المكتوب فعلا . لكن أن يلغى الموضوع من أصله ، ويتخيل موضوعا آخر ،من تصوره ، وسلم أولوياته ، بحجة أن هناك موضوعات أكثر وأشد أهمية ، فعليه البحث عنه ، عند كاتبة ، أو كاتب آخر ، ربما يحالفه الحظ ، ويعثر عليه . المفروض أن التعليق ، يجئ على شئ " مكتوب " ، وليس على شئ " لم يُكتب ". فهذا شئ غريب ، ولا أجد وصفا مناسبا له ، الا " الوصاية " الفجة ، ونوع بائس من " الاقصاء " ذى الغطرسة ، والاستعلاء . واذا كانت هناك موضوعات أهم ، كما علقت تلك الكاتبة ، فلماذا لا تكتبها هى ، من من وجهة نظرها الأكثر عمقا ، وشمولية ، وواقعية ، وبصياغتها المتفردة ، المبدعة المفيدة للبشرية ، والتى ستعجل من مجتمع الحرية ، والغاء الوصاية والقهر ، الذى تحلم به ، مع ال" البعض " ، الذى يفكر مثلها ؟؟؟. ثانيا : ---------------- نجد قارئا يعلق على الموضوع المكتوب ، بمخاطبة الكاتبة أو الكاتب ، الذى يكسر الخطوط الحمراء فى كتاباته ، متسائلا : " لماذا تكرر نفسك ، لماذا لا تقول الحقيقة دون خوف ، دون تجزئة ، اكتفينا من اللف والدوران ، ونريد الشجاعة ، والتشخيص الجذرى للمشكلات والأزمات " . طبعا ، غير فرض الوصاية ، والاقصاء ، والغطرسة ، والاستعلاء ، كما أوضحنا سلفا ، فان هذا القارئ لم يجد الا كاتبة ، أو كاتبا ، تدعو كل كتاباته ، الى التمرد الجسور ، وتحطيم الاستبداد السياسى ، والدينى ، والذكورى ، وربما سبب له ذلك العديد من المشاكل والاضطهاد ، لكى " يحكم " عليه ، بأنه يلعب لعبة " اللف والدوران " ، بمعنى أصح " جبان " ، ثم ينصحه بالشجاعة . شئ غريب جدا ، أن " ينصب " هذا القارئ ، نفسه ، قاضيا . وبعد أن ينصب نفسه " قاضيا " ، لا يقرأ أوراق القضية التى سيحكم عليها . وان قرأ لا يفهم ، وان فهم لا يدقق ، وان دقق لا يستحى من لى عنق الحقيقة ، ونشرها على الملأ ، فى تفاخر ، وغرور لا يستحق الا الشفقة . وهذا القارئ ، لو تتبعنا حياته ، أغلب الظن ، أننا سنجده لا يتمتع ، بربع الشجاعة ، وجذرية التفكير ، التى تصف الكاتبة ، أو الكاتب المحكوم عليه ، بالجبن ، والخوف . هذا ما تؤكده تجاربى الواقعية ، مع بشر ، يطلبون من الآخرين أن يكونوا " ثوريين " من الجذور ، " جسورين " فى تشخيص المشكلات ، وهم خائفون طوال حياتهم وحتى الموت ، من ابداء رأيهم الشجاع ، حتى فى طقس اليوم . ويقفون موقف المتفرج من ارضاع الكبير ، ونكاح النملة المشركة ، والزوجة الميتة ، وشفاء الأمراض الجسدية والنفسية ، بشرب بول البعير ، وقراءة القرآن ، والابقاء على خانة الديانة ، وتعدد الزوجات ، ووقف الحال والأرزاق ، بسبب السحر أو الحسد أو مس الشيطان ، وتعدد الزوجات ، ومجازر داعش لتطبيق الشريعة الاسلامية ، والحجاب ، والنقاب ، وارتداء الرجال للذهب ، وشرعية تزويج الطفلة متى خرجت من بطن أمها ، واجازة الُدخلة الشرعية متى احتملت " الوطئ " ، والاهانات والتحرشات المعنوية ، والجسدية الذكورية اليومية ، للنساء والفتيات والأمهات . ثالثا : ------------- هناك قارئات وقراء ، لا يعرفون الفروق الجوهرية ، بين المقال ، والقصة ، والقصيدة . يقرأون القصة ، أو القصيدة ، التى هى بالأساس ، عمل أدبى خيالى ، على أنها مقال يطرح قضية سياسية ، أو اجتماعية ، أو دينية . وهنا يخلطون بشكل يدعو الى الرثاء ، بين الواقع ، والمتخيل ، بين الصياغة الأدبية الفنية والصياغة التى يتطلبها المقال . لا يفهمون الفروق بين " طرح " رأى ،أو " عرض " مشكلة ، كما هو المقال ، وبين مخزون الذكريات ، والمشاعر ، والعواطف ، وآفاق التخيل اللامحدودة بالزمان والمكان ، وجماليات اللغة الابداعية ، والثمرة وليدة تداخل الوعى ، باللاوعى . وبالتالى ، تجئ تعليقاتهم على القصص ، والقصائد ، بلا معنى ، بلا قوام ، ممسوخة شكلا ، وموضوعا ، مضحكة ، ولا تعبر الا عن الجهل بأساسيات الفروق بين أشكال الكتابة المتنوعة . الأمر الثانى ، ويمكن اعتباره نتيجة من نتائج هذا الخلط ، والجهل ، أن يعتبر قارئة ، أو قارئ ، بطلة القصة ، أو الضمير المتكلم فى القصيدة ، هو الكاتب نفسه ، أو الكاتبة نفسها . هذا التماهى ، نتيجة الجهل المشار اليه سابقا ، بالاضافة الى أننا فى مجتمع ذكورى ، يحدث أكثر للكاتبات النساء . مرة سألت احدى الكاتبات : لماذا تكتبين فى قصصك وقصائدك ، دائما بضمير الغائب " هى " ؟ . قالت : حتى أتجنب اتهامى بقلة الأدب ، وانعدام الحياء .. كتبت مرة قصيدة تبدأ ب " أنتظر قبلاتك المنهمرة كالمطر على جسدى الهارب من كل الأوصياء " . وجدت تعليقات تصفنى بالفجور ، وتحريض النساء على الفسق والانحلال والعلاقات الجنسية دون زواج شرعى ، وطالبت باهدار دمى ، وقصائدى الاباحية ". ومنذ ذلك الوقت ، تعلمت الدرس ، , وأصبحت أعبر بالضمير " هى " ، وليس بضمير المتكلم . هذا التطاول الجاهل ، الذكورى ، المكبوت عاطفيا ، وجنسيا ، فى بلادنا ،لا يقابله الرجل الذى يكتب قصيدة عن الجسد ، والقبلات ، والجنس . لو كتبت كاتبة قصة ، تتكلم البطلة بضمير المتكلم " أنا " ، وتكون مهنتها مغنية فى ملهى ليلى ، أو بائعة الهوى من بنات الليل ، أو بائعة مخدرات ، تأتيها تعليقات تنسى كل شئ فى القصة ، وتصب الغضب ، والاستنكار ، والاحتقار ، كيف لكاتبة تمسك بالقلم ، أن تشتغل مغنية فى ملهى ليلى ، أو واحدة من بائعات الهوى ، أو واحدة من بائعات المخدرات ؟؟. طبعا ، شئ فى منتهى البؤس ، ومأساة تدعو الى الضحك ، ودلالة صارخة على افتقاد كيفية تلقى الأعمال الخيالية ، وانعدام أى طريقة للتذوق الأدبى ، وعمل ترادف فى منتهى السذاجة ، بين الكاتبة أو الكاتب كشخص ، وبين سرده لحكاية من تخيلاته . مع الرجل الكاتب ، لو سرد قصة مثلا ، عن مجرم ، قاتل ، لص ، قوًاد ،صائد للنساء ، بضمير المتكلم " أنا " ، لن يأتيه تعليق يقول : " كيف وأنت كاتب تمسك بالقلم ، ترتكب الجريمة ، وتسرق وتقتل وتصطاد النساء لك ، ولغيرك ؟؟؟. رابعا : ----------- " بعض " أصحاب التعليقات ، يحتاجون الى اعادة تربية أخلاقية . لا يكتفون بأن تعليقاتهم ، فارغة المعنى ، تناقش ما لم يكتب ، وتفرض الوصاية ، وتتهم الكُتاب والكاتبات ، نجدهم أيضا يستخدمون ألفاظا تدخل فى باب " السب والقذف " ، الُمجرم قانونا ، وليس فى باب النقد المباح . وكلما جاءت الكتابة ، بما لا تشتهيه سفنهم ، كلما أمعنوا ، وتفننوا ،فى " السب والقذف ". هذا بالطبع معناه ، أنهم قد تمت اصابتهم فى مقتل ، وأنهم لا يستطيعون الرد بحجج منطقية ، تقنع العقل ، وتفتح أفاقا جديدة للتفكير . وأنهم لا يملكون شيئا ، الا " السب والقذف ". يعتقدون أن الكاتبة ، أو الكاتب ،سوف يتمكن منه الغضب الشديد ، ويجرى للرد بطريقتهم " السب والقذف " . منذ متى كان " السب والقذف " ، نجاحا ، وانتصارا ، وتمكنا ؟؟. على العكس تماما ، هو فشل ، وهزيمة ، وعجز . حقا " الأدب فضلوه عن العلم ". والآن ، أعود الى ما كتبته فى البداية ، أننى بعد قراءة " بعض " تعليقات القارئات والقراء ، لن أتوقع الخير ، و" لو قليلا " ، و" لبعض الوقت ". هذه التعليقات ، سنة 2021 ، والتى تأتى من رجال ، ونساء ، متعلمين تعليما رفيعا ، ومثقفين ثقافة واسعة ، وأخلاقهم نابعة من أديان ، ومستمدة من الرسل والأنبياء ، دلالة على أن " الخير " بعيد المنال . عقليات ، وأخلاق ، تعطل مسيرة التقدم ، والحرية ، والفن ، والابداع ، والتهذيب ، ورهافة المشاعر . ----------------------------------------------------------
#منى_نوال_حلمى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أربع قصائد
-
كلمات الرئيس السيسى عن اعادة التفكير فى المعتقد الدينى
-
قصة حب ترقص على ايقاعات المستحيل
-
أسلمة أوروبا وخدعة فصل الدين عن الدولة
-
قصيدة ما أحتاج اليه
-
تدوس على الخطوط الحمراء ولا تشرب من كوكتيلات الترقيع
-
السيطرة على - ألم البشر والسيطرة على - حرية - البشر
-
قصيدة نختبئ تحت الغطاء
-
ثلاث قصائد
-
- أسلمة - الموجة الحارة بضاعة فاسدة قاربت على الافلاس
-
أديب يكتب لنا من تحت التراب
-
3 أغسطس ... ميلاد رجل يفرحنى
-
نقد الاجماع المتواتر للفكر العلمانى
-
امرأتان
-
التوأم الفاسد
-
أحوال الفن والأدب بعد 69 عاما من ثورة 23 يوليو 1952
-
الحب الديمقراطى والحب الديكتاتورى
-
عالم يمرضنا بالاكتئاب ثم ينهب فلوسنا بمضادات الاكتئاب
-
لا أحد يستطيع خنق الحرية
-
- أسمهان - ... أصل الغِناء وُلدت وماتت فى الماء - أصل الحياة
...
المزيد.....
-
مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
-
إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر
...
-
مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز
...
-
الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
-
اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|