|
مابعد الأحتلال .. حضارة الرماد
لؤي الشقاقي
كاتب _ صحفي _ مهندس
(Dr Senan Luay)
الحوار المتمدن-العدد: 6975 - 2021 / 8 / 1 - 11:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حب الحاكم .. العراقيون ليسوا منافقين عندما صفق ثلاثة ارباعهم واكثر لصدام حسين وهتفوا له ووقفوا معه أكثر من غيره ، ذلك لأنه كان اكثر فهم الى نفسيتهم ممن سبقه من الحكام ، واكثر قرباً لهم ولـشخصيتهم المتشبعة بالقبلية ، وكان لتصرفه كشيخ عشيرة بصفاته البدوية، المهاب المقتحم للخطر الجسور الذي لا يبالي اذا ما خطب حل بأهله ، الكريم الباذخ الذي ينفق كمن لا يخشى الأملاق الأثر الكبير في كسب الناس . لقد برع في تقمص شخصية القائد العربي الواقف بوجه المد الصهيوني والفارسي ، البطل المسلم الذي يصد الأطماع الأجنبية والصليبية ، معيد أمجاد العرب في حطين واليرموك والقادسية ، محيي سيرة الأسلاف ، ولم يتصرف كـرئيس أو قائد دولة لها نظام وقوانين بل كان شيخاً بحق ، فكثيراً ما خرق انظمة وقوانين الدولة العراقية ، بل كان يعتبر ما يقولهُ قانون وأن عارض ذلك الدستور والقانون "وهذا يناسب طبيعة العراقي الذي وإن تحضر ففي عمق شخصيته شيء من بداوة وقبلية ، يحب كسر القوانين ومخالفة الممنوع ويعشق أن يكون ذو أستثناء" .
اما بعد 1991 فقد كرههُ العراقيون .. لأنه ادخل البلاد في حروب عبثية مجنونة ، وأهدر موارده وخيراته ، ولأن الشعب افتقر وعاش في ضنك بسبب الحصار الاقتصادي ، في حين من الممكن أن يتنازل عن السلطة ، أو على الأقل صالح وابرم معاهدات كما فعل حكام الخليج ومصر والأردن او قلل فقط من غلواءه وتحديه ، وحين خسر لم يلجئ للحيلة كما فعل ناصر عام 1967 ويدغدغ مشاعرهم ويستدر عطفهم بل تحداهم وتعامل معهم بخشونة وصلف ، وحابى شخصيات لا تستحق وابعد اخرى ، ومنح بعض اقربائه مناصب ورتب لاتصح ، وضغط على الناس وفرض عليهم رقابة وحصار فكري وأجتماعي ومنعهم من التعبير عما بداخلهم حتى مع انفسهم ، حتى اصبح قاسِ جداً شديد الشك بالجميع لايرحم أعدائه ولا اصدقائه .. هدم بيده دولة بناها هو ومن سبقه بسياسات خاطئة لا تتناسب مع عقله وذكائه وجسارته .
إن الكثير ممن عارضوا صدام ووقفوا ضده بعد عام 1991 ، لم يعارضوه بسبب افكاره وارائه السياسية ، بل لأنه جعل السلطة حكراً عليه وعلى اقاربه واصدقائه ، فـعندما وصلوا للحكم اتبعوا نفس طريقته واساليبه ونهجه بل كانوا اكثر سوء ، تفردوا بالحكم واحلوا لهم البلاد واستباحوا كل مُحرم ، جعلوا المال سيح لهم فقط ، الغوا القوانين وعطلوا الأنظمة ، وبقيت عقلية العشيرة في الحكم ، واقصاء الآخرين مترسخة في النظام الجديد ايضاً .
وهنا أساس المشكلة فمن المستحيل أن تؤسس حضاره او دولة على الخوف والكراهية والقسوة والأقصاء ، لايجب ان نحزن فـهؤلاء ذاهبون الى الزوال ، فـ قبل بغداد بألاف السنين سقطت بابل ونينوى وأور ثم قامت مرة اخرى .
توريث الظلم واذلال الرعية يسقط القلاع .. عندما دخل الأخمينيون بابل سنة 539ق م استقبل الناس جيوش قوروش الكبير بالورود والأهازيج لأنهم ضاقوا ذرعاً من سياسة نبونائيد وظلمه وصراعه على الحكم مع لاباشي مردوك ، وحينما دخل الأسكندر الأكبر بابل سنة 323 ق م استقبله اهل بابل بنفس الأهازيج والورود بسبب ظلم داريوش الثالث . وحينما دخل العرب العراق بعد نصرهم على الساسانيون سنة 636 م استقبلوهم بالترحاب وقاتلت بعض القرى مع جيوش العرب بسبب ظلم يزدجرد الثالث لهم وتحويلهم الى عبيد . وحينما دخل المغول بغداد بعد حصارها لم تقاتل الجيوش بضراوة لتدحر الغزاة بسبب تسلط حاشية الخليفة المعتصم بالله بالاضافة الى ظلمه وتسلطه وقلة عقله مع تصديقهم بوعود المغول .
حضارة الرماد .. في رقيم سومري قديم قصة تقول "تم تدمير اوروك حرقا للمرة الثالثة، و جلست الملكة الام تبكي، و جاء ابنها الملك وقبل يديها و قال: في المرتين السابقتين، أعدنا بناءها من الرماد، و هذه المرة الرماد موجود ايضا".. لا تاريخ للرماد الا في العراق ، في كركوك قرب تازة خورماتو تل اثري اسمه (تل الرماد، كول تپة) يقال انها كانت مدينة ، دمرتها الحروب سبع مرات و بنيت سبع مرات من الرماد و على الرماد ، و في الحروب التي شهدها العراق، كان العراقي يعود ليبني بيته من رماده ، يبني بيته فور ان يصيبه الأذى ، لا تاريخ للرماد ولا حضارة ألا في هذة الأرض ولا يعرف غير العراقي كيف يبني بالرماد والقير حضارة لا تغيب عنها الشمس
#لؤي_الشقاقي (هاشتاغ)
Dr_Senan_Luay#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مُسير أخاكم لا بطل
-
ماذا لو لم تنجح ثورة تموز 1958 ؟؟
-
فرهود ع اليهود
-
النقمة العربية
-
مُذكرات حِمار يرويها
-
ترجمة كتاب الجيش الامريكي في حرب العراق
-
اعيش عليج
-
لا اموت فيكِ بل اعيش عليكِ
-
حمورابي الملك العظيم
-
حرب 2003 على العراق
-
سعر الصرف وموازنة 2021
-
يسألون عن الجسد
-
لا تسرع يا بابا 2
-
لا تسرع يا بابا
-
ألا تمل ؟؟
-
هَلاَّ رويت الضامرة ؟؟
-
وطناً موغل في القدم عميق حتى في الالم
-
جلالة الحمار
-
ما شرف الانسان سوى وطنه
-
أشتهي الآن
المزيد.....
-
الدفاع الروسية تعلن تطهير 10 بلدات وقرى من قوات كييف في كورس
...
-
سفن روسية تنطلق من طرطوس السورية وتصد هجمات لعدو وهمي في الب
...
-
بوتين: ننتظر زيارة بزشكيان لتوقيع اتفاق جديد للتعاون الاسترا
...
-
-لوفتهانزا-: تم إخطارنا بفرض عقوبات جديدة ضد إيران ونواصل رح
...
-
إسرائيل تسحب بطاقات اعتماد مراسلي -الجزيرة-
-
إيطاليا تدعو وزير الخارجية الأوكراني لحضور لقاء مجموعة -السب
...
-
بعد 30 عامًا من انهياره الأول.. سد ألاو يتسبب في فيضانات هائ
...
-
مشاركة عزاء للرفيق علاء حجه بوفاة والده
-
-حزب الله- يستهدف مستوطنة روش هانيكرا لأول مرة واندلاع حرائق
...
-
إنقاذ زورق اسرائيلي قبالة صور اللبنانية (فيديو)
المزيد.....
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
المزيد.....
|