لؤي الشقاقي
كاتب _ صحفي _ مهندس
(Dr Senan Luay)
الحوار المتمدن-العدد: 6722 - 2020 / 11 / 3 - 11:40
المحور:
الادب والفن
كنتُ اُراقبهُ حتى سقط على الكرسي مغشياً عليه ، فهرعت محاولة ايقاظه ، نثثت الماء على وجهه فاستعاد وعيه وقلت له
- مابك ؟ لما توصل نفسك لهذة الحالة ؟!
فابتسم ابتسامة ساخرة وقال
- اريد ان انسى
- مالذي تريد نسيانه ؟
- اريد ان انسى كل مافات ، واتذكر نفسي في بغداد قبل اربعين سنة
- كم اشتهي الان ان اراك كما كنت قبل اربعين سنة
- تعرفين مايشتهيهِ رَجُلٌ حالِمٌ ، في العقد السادس من العُمْر
- مالذي يشتهيه ؟؟
- أشتهي الآن ان اجول في بغداد ، اتناول سندويتش "فلافل" من "أبو سمير" في شارع سينما الخيام ، اكاد اشم رائحتها ، وأن احضر فِلم هِنديٌّ بالأبيض والأسود في سينما "الوطني" ، او فلم لحسناء النهار "كاترين دينوف" ، في سينما غرناطة ، او فِلم لـ "كريكوري بيك و صوفيا لورين" .
ثم احتسي "بُطُلْ بيرة فريدة" باردٌ جداً في بار "بردايس" .
صحن مقبلات شعبي مكون من خَسّ وفِجْلٌ أبيضٌ وبَصَلٌ أخضَرٌ و رارنج وكاس لبن "روبة" ورغيف خبزٍ ساخن ومُحمص ، واجلس على مفرش وسط حقول "أبو دَلَف والعزران" على شواطيء دجلة .
او كاسَة مخلل "طُرشي حنانش" الشهير وسمَكَة بحجم اليد ، يصطادها "العم حميد " بعد طول الصبر ، ويشويها لنا ، كأنّهُ نسخةٌ عراقيّةٌ من "الشيخُ والبحر" ، مع رگيه بوزن اربعة كيلوغرامات مدفونة في جرف النهر حتى تصير مثلجة ومُسكرة .
أشتهي الآن .. سماع فريد الأطرش يُغني "الربيع" .
او أربعة اسياخ لحم مفروم "إشياش كباب" من "عَرَبانَةٍ" في الباب الشرقي ، بعد منتصف الليل ، تفوحُ منها رائحة "الِليّة" .
أشتهي الآن ..
أن تصومَ الناسُ وتُصَلّي ، حَقّاً ، بينما شارع "أبو نؤاس" لايزال مُكْتَظٌّ بروادِهِ إلى مَطْلَعِ الفَجْرِ .
أشتهي الآن ..
ان تزرع النسوة شارع النهر ذهاب واياب ، وهم يلبسون العباءات والميني جوب ، وان يحجوا الى بارك السعدون
أشتهي ان نعود كما كنا أنقياء
أشتهي ان انسى ماجرى خلال الاربعين عام ، وان يعود الزمن الى تلك الايام ، ويتوقف هناك .
- أ تعرف ما اشتهي الان ؟؟
- لا ، قولي ما تشتهين
- أنْ أراكم كما كُنتم قبلَ أربعينَ عاماً ، و أن أحتضنك و أبكي .
#لؤي_الشقاقي (هاشتاغ)
Dr_Senan_Luay#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟