أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - حزب البعث ودوره في تغيب سلطة 14 تموز من خلال رفعه شعار (الوحدة الفورية الاندماجية): (3-5)















المزيد.....


حزب البعث ودوره في تغيب سلطة 14 تموز من خلال رفعه شعار (الوحدة الفورية الاندماجية): (3-5)


عقيل الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 6975 - 2021 / 7 / 31 - 03:02
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


من هذا يتضح أن ميشل عفلق، هو من أجبر القيادة القطرية لحزب البعث على رفع شعار الوحدة الاندماجية مع العربية المتحدة، ولهذا:
- وما غائيته من رفع هذا الشعار غير المتوائم مع الماهيات الطبقية لثورة 14 تموز؟ ولا مع الظروف الموضوعية والذاتية للمجتمع العراقي المتعدد القوميات والاثنيات؛
- ولِم تم رفعه والثورة لم تكتمل من حيث أمنها والحفاظ على ذاتها من التدخل الخارجي؟؛
- وما هي الدوافع التي وراء رفع الشعار؟؟ فهل كان عفويا أم ذو غاية مبطنة؟؛
- وما هي دوافعه التي لم تأخذ بنظر الإعتبار طبيعة الظروف الموضوعية والذاتية للمجتمع العراقي ؟ وأيضاً لأحزاب جبهة الإتحاد الوطني التي كانت قائمة آنذاك؟ ؛
- وهل الدافع يكمن في أن مشيل عفلق إراد بفرض شعاره الوحدة الفورية على أن يبقي دوامة الصراع فيما بين التوجهات العراقوية وتلك العروبية وعداءه المكشوف للقوى الديمقراطية والشيوعية؟ أم مدفوعاً من قبل المراكز الرأسمالية ؟ أنا اتهم عفلق في تصعيد الموقف السياسي! ؛
- أم أن تناقض ميشيل عفلق مع الافكار التقدمية وبخاصة اليسارية ؟ وهو المعروف بعدائه للأفكار الماركسية منذ ما قبل تأسيس حزب البعث ؟ ولكن أفكار عفلق لم تكن مصاغة بشكل منظم في اي مكان؟ أم انتقائية عفلق ليس لها ضابط .. كما يقول حنا بطاطو ؛
- كما أشار حزب البعث العراقي في أدبياته السياسية إلى أن شعار (الوحدة الفورية) الذي قاتل قاسم به وحاربوا نظامه به، وصفه بكونه يمثل الاتجاه العاطفي السطحي اللا واعي، لأن مضمونه يدعو للوحدة لمجرد الوحدة ؛
- أم أن {العراقيين لم يكونوا دعاة وحدة حقيقيين} كما صرح أمين هويدي .
- أم أن عالمه الفكري المنطلق من الافكار الروحية وليست المادية من الناحية الفلسفية، والمنطلق بأن العالم الروحي والعالم المادي، وهو يعتبر العالم الثاني تابعاً للعالم الأول، كما يحددها مصطفى دندشلي؟ ؛
- أم أن صياغته السياسية وسلوكه متأثرة بالفلسفة الإسلامية والمنطلق من ما تبناه في العبارات التالية: (دين الحياة وظفر الحياة على الموت)، و(العروبة جسم روحه الإسلام) و (الإسلام هو الرعشة التي تحرك الكامنة للأمة العربية )؟ ؛
- أم هو أهواء شخصية بغية أحراج قيادة الثورة العراقية من قبل ميشيل عفلق؟ وبغية الصراع مع عبد الناصر الذي منع الحزبية في الجمهورية العربية المتحدة، حتى يخلو له كرئيس يتمتع بالسلطة المطلقة ؛
- "... في ضوء إنكار واستنكار حكومة حزب البعث كل التاريخ السياسي الوطني السابق في العراق طوال القرن العشرين برمّته. فحسب الاعلام المزيف للبعث فإن العراق الحديث لم يعرف من الساسة اللاوطنيين فعلا و"الوطنيين إعلاما" غير خونة العروبة والعرب ميشيل عفلق والبكر وصدام و كلابهم ممن يعبدون التطبيل والتظليل.. . ".
ومن جانب آخر وبما أن حزب البعث عند بداية التأسيس، حزب البرجوازية الصغيرة، فقد "... نشأ عداء الثوار البرجوازيين الصغار للإمبريالية في البداية تحت تأثير الانفعالات. ومع ذلك تفوقت السياسية وأتخذوا قراراتهم على العموم بعد مقارنة ودراسة عدة خيارات بديلة ممكنة. وسادت أعمالهم في هذه الظروف على الأغلب البراغماتية لا العداء للإمبريالية . فمثلا بعد مجيئهم إلى السلطة في مصر وسوريا والعراق لم يشددوا حالا سياستهم حتى ضد الدول المستعمرة السابقة أو دول أوربا الغربية التي كانت مسيطرة في البلدان العربية المستقلة شكلياً ... ".
في البدء يقول حنا بطاطو بصدد افكار مؤسس حزب البعث: "... ايديولوجيا كان البعث من صنع ميشيل عفلق إلى حد كبير جداً. وكانت القولبة الفكرية للحزب تميل إلى أن تكون حكرً عليه. وكان كل البعثيين يعترفون به يومها معلماً لهم. ولكن (الاحتكار العقائدي) الذي كان لعفلق خرق في سورية في الخمسينيات . وهذا ما كان يعود في بعضه إلى (الاندماج) الذي تحدثنا عنه للتو، وما نجم في بعضه الأخر عن التوسع السريع والمفاجئ لصفوف الحزب. وهذا ما حصل أيضاً لوحدة الحزب الفكرية، وبحلول العام 1957، كما تقول مطبوعة داخلية من تلك الأيام، اصبح البعث السوري بمثابة بابل من التيارات الايديولوجية المتنازعة. اما في العراق فقد بقى المؤنون بالحزب – ولنصف عقد تالٍ- يسعون إلى الارشاد من خلال صفحات عفلق. وكان عفلق والبعثية الأصلية صنوين في أعينهم.
ولكن أفكار عفلق لم تكن مصاغة بشكل منظم في اي مكان، بل بقيت متناثرة عبر خطبه العامة وملاحظاته المرتجلة أمام (مريديه) وموضوعات قصيرة جداً كتب معظمها تحت ضغط الأحداث. وإذا ما جمعت هذه المواد معاً فإنهالا تشكّل وجهة نظر متماسكة ومتكاملة. ولهذا علاقة بميل عفلق إلى الاعتاد على الشعور وعلى (الإيمان) أكثر من اعتماده على التحليل واستقراء الحقائق، وله علاقة أيضاً بلغة عفلق القريبة من لغة الشعراء التي تتميز بالإيحاء أكثر مما تتميز الوضوح المنطقي.
ولكن الصعوبات المنطقية التي تظهر في ايديولوجيته عند تفحصها ليست ناجمة عن أسلوب الرومانسي وحسب، بل أيضاً عن إنتقائية ليس لها ضابط، فأفكاره عبارة عن خليط من قومية إنسانية أساساً ومن مظاهر فردية (التنوير) وديمقراطية اليعاقبة ومثالية شباب ماتزيني والموقف الطبقي لماركس ونخبوية لينين، يضاف إلى هذا كله، وقبل أي شيء آخر، جرعة قوية من الروحية المسيحية والإسلام المفسَّر قومياً. وكثيرا ما يكون هذا الخلط ميكانيكياً. وبكلمات أخرى، فإن عفلق لا يقوم بمحاولة جادة لتركيب الأفكار التي تشرّ بها... ويصر عفلق على أن( الوحدة والحرية والاشتراكية) - وهي الأهداف التي وضعها أمام أتباعه – ليست من صنع ذهنه، بل تنبع من ( روح) العرب و( اعماقهم)... ".
ويكمل بطاطو حديثه إلى افتقار ميشيل عفلق بالتفكير السليم الراديكالية، ويطلق عليه (صاحب أنصاف الحلول أساسا )، ليقول:"... ولم يجد النظام له سنداً يعتمد عليه في أيديولجية الحزب. وكان مفكر البعثيين الأول، ميشيل عفلق، قد توقف عن التفكير والتنظير منذ مدة. وكانت الأحداث قد تجاوزت الأفكار التي كان قد صاغها في الأربعينيات والنصف الأول من الخمسينيات. وعلى العموم، فحتى هذه الأفكار كانت شديدة العمومية وقليلة التحديد، كما كانت تحتوي على الكثير من بقايا منتجات الطواحين الرومانسية الأوربية القديمة، والقليل مما كان نتيجة التفكير المنظم بخصوص الوضع الحياتي العربي. وكان للبعثي أن يبحث بلا طائل في كل أدبيات حزبه – مثلا- عن تحليل موضوعي واحد لأي من مشاكل العراق، ولن يجده. وبدلاً من الفكر، لا يمكنه أن يعثر إلا على شعارات عريضة وغامضة.
وبدا وكأن الكل عاجز عن أنتاج الأفكار المتنامية التي تخدم الشعرات العملية، على الأقل باللغة المفهومة لشخص شبه عامي مثل علي صالح السعدي، الذي أشتكى بعد كارثة البعث قائلاً:...(لقد فتشنا حتى هلكنا عن مفكرين اشتراكيين يمكنهم أن يساندونا ولكننا لم نجد أحداً). ولم يكن عفلق هو الغاية، فقد كان السعدي ومعظم رفاقه ينظرون إليه على أنه رجل من الطراز القديم ولا صلة له بالواقع. ولأن هؤلاء كانوا فقراء جداً من الناحية الفكرية فإنهم وضعوا الكثير من الثقة في قواهم الجسدية. وكان الحكم بهذه الطريقة أسهل بكثير. وكان دستويفسكي قد قال مرة: (الأصعب هو امتلاك الفكرة والأسهل هو قطع الرؤوس)... ". ويعترف ميشيل عفلق بذاته ليقول: "... لقد أصبحتُ جزءاً من الماضي. لم يعد لي أي طموح دنيوي... ".
وعوداً إلى أفكار ميشيل عفلق فقد كتب مصطفى دندشلي بصدد الصدفية والانتقائية والأخذ بنظرية التكوين القومي حسب المقاربة الألمانية، كما حددها السيسيولوجي القدير فالح عبد الجبار، ولقد اطلعنا عليها سابقاً، التي ركز فيها على أن مفهوم الامة على اساس اللغة، وأواصر الدم، بل شبهها بـ" القبيلة"، لجهة قرابة الدم، والجماعة المغلقة بثقافتها ولغتها، وليس المقاربة الفرنسي التي لا تعتبر أواصر الدم، ولا اللغة اساساً لبناء الامة وإنما حددت المصالح المشتركة كأساس لبناء الأمة، وقد ابتلينا في العراق بهذه النظرة.
ويستمر دندشلي بالقول: "... وهل يصح القول أن مؤسس البعث ميشيل عفلق وحزبه أكتشفا (التعايش السعيد بين القومية والاشتراكية) بتأثير من القومية الإشتراكية لألمانيا الهتلرية، كما يدعي وهيب الغانم، أحد مؤسسي الحزب؟؟ في هذا الموضوع ربما يكون الأقرب للحقيقة ... ويميز عفلق بين عالمين: العالم الروحي والعالم المادي، وهو يعتبر العالم الثاني تابعاً للعالم الأول، وهكذا فإن الاشتراكية بالنسبة له، لا ينظر إليها على أنها نظام اجتماعي يتعارض مع النظام الرأسمالي، ويحقق (المساواة بين البشر في توزيع الثروة الاقتصادية) ويلغي إستغلال الأنسان للأنسان، كل ذلك في نظره مظهر مادي للمجتمع، ينبغي ألا يشغل، في أحسن الحالات، إلا حيزا ثانويا... فإن مفهوم عفلق الخاص للإشتراكية لن ينشده إذن في كتب ماركس ولينين كما يقول... "، (التوكيد منا- الناصري).
ويؤكد المصدر المذكور، إلى أن الفعل الدموي للبعثيين وكافة القوى القومانية بمختلف تياراتها "... تجد جذورها البعيدة في أيديولجية حزب البعث المعادي أساساً للشيوعية. كما أنها تجد أسبابها القريبة في المعارك العنيفة التي دارت ما بين الشيوعيين والبعثين منذ عام 1959, إن مسؤولية القيادة القومية وقيادات الحزب في هذا الأمر كبيرة، فهي التي عملت، في نهاية التحليل طيلة فترة زمنية طويلة،على تعبئةأعضاء البعث وأصدقائه وأجوائه ضد الشيوعية من الناحية الآيديولوجية أو السياسية وكذلك النفسية أيضاً... ".
*** وعلى المستوى الذاتي، فيلاحظ ان مطاع الصفدي قد علق بقوله: "... ان انبهار الشباب البعثي بأحديث عفلق وتقديس شخصيته في تلك الفترة التاريخية ، نتيجة الصورة الفكرية الأولى التي أنحدر عنها تنظيم حزب البعث وتفكيره معاً. وهي صورة التجمع المؤقت بين أستاذ وحلقة من التلاميذ البسطاء. يتطور الأول مع التفاعل ومضى الزمن، إلى أنموذج (الشيخ)، ويتطور التلاميذإلى نموذج ( المريدين). وكما إن الشيخيكتفي بما يشبه الآيات المقدسة من الأفكار الأولية ذات الإيحاء الشعري الصوفي، كذلك يكتفي التلاميذ أو المريدين بالنشوة والشطحة. ان مثل هذه العلاقة الصوفية التي ربطت بين ميشيل عفلق ومن يسمون بالصفوف الأولى والثانية من الحزب، اي التلاميذ الأوائل، اعتمدت في روابطها على مدى التأثير الشخصي شبه السحري . وهي في كل الأحوال ممارسة لا تخلو من خديعة استخدمها عفلق للتأثير على محدودي الثقافة من الشباب المنتمين للبعث... ".
*** "... وقد استخدم التبرير العرقي في مقابل التبرير الديني الإسلامي. والعرقية كمقولة فلسفية ليست غريبة على قاموس البعث.سامي الجندي، أحد مؤسسيه يقول: (كنا عرقيين معجبين بالنازية. نقرأ كتبها ومنابع فكرها وخاصة نيتشة هكذا تكلم زرادشت وفيخته خطابات للأمة الألمانية و ه.أتشمبرلين نشوء القرن التاسع عشر والعرق، وكنا أول من فكر بترجمة كفاحي. وغرائب الصدف أني كنت عن أسطورة القرن العشرين لروزنبرغ فلم أجد إلا نسخة موجزة بالفرنسية عند الأستاذ ميشيل عفلق استعرتها من أحد تلاميذه... ".
*** ويصف علي صالح السعدي ميشيل عفلق بأنه "... كان ولا يزال وسيبقى شخصاً معقداً ولغزاً محيراً ضعيفاً ولئيماً، ماكراً وجباناً ولأنه كان حالماً دائماً فكان من الخير له ولحزبناً أن يذهب إلى عالم الشعر والأدب أو كاهناً في أحد الكنائس، ويكفينا شره وشر قيادته الحزبية التي لم تتمخض أبداً سوى عن ولادات إنشقاقية وأزمات حزبية في الاردن ولبنان وسوريا والعراق ... ".
*** ويكمل محسن الشيخ راضي، في تعرية من الناحية الفكرية والفلسفية، ميشل عفلق بقوله: "... لقد استبد بمخاليالنا نحن الشباب البعثي، زهد عفلق للحياة، وشخصيته المتواضعة والهادئة، وسلوكه المتزن، وأسلوب أحاديثه وطروحاته الفكرية، فوضعناه فوق مستوانا البشري. هذا النمط التي اتصفت به شخصية الاستاذ عفلق، جعلتنا نحن الشباب البعثي نشعر بأنه كان أبا روحيا لنا وللحزب، ومن شدة تأثرنا القوي بسلوكيات الاستاذ عفلق الذي حسبناه قديساً ورعا، في تلك الحقبة التاريخية، واعتقدنا الكبير بأنه يحمل فكرا ومنطقا فلسفيا عاليا، وانه ينطق باقوال بليغة، لا بُدَّ لي أن اشيرة إلى ظاهرة خطيرة، دفعت بالبعضمن بسطاء الشباب البعثي ومحدودي الوعي الفكري، إلى الغلو بشخصية الأستاذ عفلق، وباحاديثه التي كنا نصغي إليها ونحن مبهورون بما يقول...ان أذكرها للتاريخ بوصفها تكشف ظاهرة مرض الأبوية التي فرضتها شخصية الأستاذ عفلق على شباب البعث، وعلى الحزب عموما، تبعا للظاهرة المترسخة في الشعور والاشعور الشرقي بخلق صنميات للعبادة الشخصية، قبل أن تكون متأثرة بالنازية والفاشية... ".
ويعترف محسن الشيخ راضي بما اسماه بالأنحراف العاطفي الذي ساد بعد أيام من ثورة 14 تموز، يقول: "... على هذا النحو من المغالاة، الذي يستدعي أن أسميه بالأنحراف العاطفي الخطير الذي اصابنا نحن الشباب البعثي، لعله، حسب تفسيري جاء في سياقين تاريخيين، الأول: اصطدامنا المبكر مع الحزب الشيوعي العراقي ودعوته الأممية وتصورنا الخاطئةعن مفاهيم العقيدة الماركسية، في الوقت الذي كنا في التيار القومي العربي، والحنين إلى احياء مواقفها وإعادة استنساخها في مسيرتنا النضالية. أما السياق الثاني، يمكن أن اقول بأنها ظاهرة عالمية سادت في تلك الفترة، فقد تشعبت الشعوب الرازحة تحت الاستعمار العالمي برومانسية التأثر بالقادة العسكريين والسياسيين المفكرين الملهمين، والأنشداد إليهم بقوة بوصفهم مخلصين مما استدعي الألتفاف حولهم والأيمان المتعامي بكل ما يقولونه ... ".
*** وكان العداء للشيوعية في صلب المواضيع في سياسة حزب البعث، ويقول محمد حديد بهذا الصدد: "... وكانت الحقيقة، حسب المعلومات التي حصلت عليها بعئذ، أن حزب البعث كان غير مرتاح إلى هذا الاتجاه في السياسة الخارجية السورية خشية أن يؤدي إلى تقوية الحزب الشيوعي السوري الذي كان (حزب البعث) في صراع دائم معه، وهذا ما سيتضح في الأشهر القلائل القادمة لتي تلت هذا الحديث مع ميشيل عفلق... ".
*** وتكتب الدكتورة بتول قاسم، احدى من انصار القاسميين، تقول: "... كل هذا يؤكد أن شعار الوحدة الذي رفعه القوميون والبعثيون ضد ثورة تموز وسياسة قادتها كان نفثة من الاستعمار وعبد الناصر في روح المتامرين والخونة أذناب الأستعمار ليجعلوها ذريعة للأطاحة بثورة الرابع عشر من تموز المجيدة وقادتها الأبطال وليوقفوا عجلة التقدم والازدهار ويغرقوا البلاد بطوفان من الدماء الزكية للوطنيين الموالين للثورة وليفتحوا أبواب الخراب والدمار على الشعب والبلاد الذي استمر الى الآن ... ".
*** ويعقب زهير الجزائري على البعد الفلسفي لعفلق بالقول:"... مقابل ذلك كان رد فعل النظام العراقي، كما هو الأمر عند العديد من الأنظمة العربية الأخرى، هو تطمين النفس والتظاهر بأن ما حدث أمر خاص بالأنظمة الشيوعية ولا يصلح للتعميم. وقد تدخلت الإرادوية هنا لتعزيز الثقة المفرطة بالذات, وبدأت جريدة الثورة تنشر سلسلة من الافتتاحيات تستعيد الأصول النظرية لمعادة الشيوعية لتقول إن البعث كان منذ البداية على بينة بالخلل في أصل النظرية الماركسية وتطبيقاتها الشيوعية التي تعلي المادة على الروح والأممية على الخصوصية المحلية... ".
ويكمل زهير الجزائري:"... أخذ ميشيل عفلق من العرقية ( الأمة ذات الرسالة الخالدة)، واعتبر هذه الرسالة ( النهوض الروحي بالعالم) نوعاً من التفويض الإلهي. ليست الأمة في نظره واقعة سياسية تتألف من شعوب أتحدت تاريخياً على أرض بعينها وشكلت وحدة سياسية مفتوحة للجميع وفق مبدأ المواطنة، إنما يعتمد الفهم الطبيعي الإثني الذي يربط وحدة الأمة بالدم واللغة والدين. ووفق التصور الألماني العرقي يربط انحطاط هذه الأمة الإثينية بأختلاط في النقاوة العرقية: ( في هذه الفترة التي أنتقل فيها العربي من الجاهلية إلى الإسلام كانت قصيرة جداً، لم يلبث العرب يعدها أن غرقوا في بحر لا نهاية له من الشعوب الغربية المختلفة. ومنذ أن فقدوا بعد سنوات معدودة شعورهم بوحدتهم القومية وغرقوا في اللجة المتباينة المتماوجة من الشعوب، عادوا إلى عصبيتهم الجاهلية.. ولقد تلت هذا عصور الضعف التي بدأت منذ فقد العرب التجانس القومي )... ". ويستمر زهير الجزائري بالقول :"...وتتجلى النزعة الإرادوية في فكرعفلق بالانقلاب على الزمن من خارجه: (الحركة الانقلابية بتعريفها العام تعني عدم ترك الزمن يسيطر على مقدرات الأمور، فالانقلاب معناه أن الأمة بلغت من السوء اصبح معها تركها للظروف أمراً يعرضها للهلاك وأنه لابد من ظهور الحركة التي تقوم بتبديل الأوضاع قبل أن يفوت الوقت)... ".
*** وقد كتبت د. سعاد خيري تقول: "... رفع حزب البعث منذ اليوم الأول للثورة شعار الوحدة الاندماجية الفورية مع الجمهورية العربية المتحدة لمجرد التعجيز والمزايدة في الشعارات في حين أنه بعد إستيلائه على السلطة لأكثر من مرة قد برهن على ضعف إيمانه بالوحدة العربية فقد رفض ليس الوحدة مع اي قطر عربي آخر فقط، بل أضعف إلى حد بعيد التضامن العربي ووحدة الصف العربي المناهض للإمبريالية، في حين لم تكن الظروف الموضوعية قد نضجت بعد لمثل هذه الوحدة ولا سيما وأن نموذج الجمهورية العربية المتحدة للوحدة الاندماجية كانت سلبياته هي الطاغية في نظر الجماهير الشعب، جراء سيطرة عقلية الوصايا على الشعب في قيادة الجمهورية العربية التحدة، وأسلوب الحكم بيروقراطي المركزي المطلق بواسطة جهاز المباحث وتصفية حريات السياسية المحدودة التي كان يتمتع بها الشعب السوري قبل الوحدة ... ".
*** ويقول زكي خيري: "... أن الحزب الشيوعي العراقي لم يرفع شعار الاتحاد الفيدرالي كشعار مضاد لشعار الوحدة، بل أنه يرى أن الاتحاد الفيدرالي هو الطريق العملي الواقعي الوحيد في المرحلة التاريخية التي بلغتها البلاد العربية، وأن الاتحاد أو الوحدة يجب أن تقررها الشعوب العربية شكلاً ومضموناً على الاسس الديمقراطية. وأن الوحدة الاندماجية بين مصر وسوريا لم تكن نموذجاً يحتذى، لأنها تجاهلت إرادة الجماهير وتحولت إلى حكم بيروقراطي مركزي مطلق، وقد برهنت الحياة على أنعدام عناصر الديمومة في تلك الوحدة الاندماجية بين مصر وسوريا، ولو أخذ بشعار الحزب الاتحاد الفيدرالي بين العراق والجمهورية العربية المتحدة على أساس أحترام إرادة الجماهير الشعبية في هذه الاقطار وعلى أساس الجبهة الموحدة بين قواها التقدمية لتوفرت أهم عناصر بقاء الاتحاد وتطوره المستمر... وبقى الحزب يعتبرالاتحاد الفيدرالي عملاً استراتيجياً لمرحلة كاملة وهي مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية ... ".

الهوامش:
1- يكتب محسن الشيخ الراضي، عن فؤاد الركابي مايلي: "... يُعدٌ أبرز شخصية شيعية سياسية في الحركتين القومية والاشتراكية العربيتين ومن دعاتها البارزين والمنظرين لها... نظرا إليه البعثيون الطائفيون على أنه أشد المناهضين لهم، لا سيما أن الركابي أتهم مؤسس البعث ميشيل عفلق بأرتباطه بالمخابرات البريطانية. وبأسلوب جرائم البعثيين في تصفية خصومهم، أمر نائب مجلس قيادة الثورة صدام حسين التكريتي بالانتقام منه بجريمة قتل بشعة، بعد أن رفض الركابي اطاعته بالكف عن نشاطه السياسي...". مذكرات محسن الشيخ راضي، ص. 78-79، مصدر سابق.(التوكيد منا- الناصري)
2 - للمزيد راجع مصطفى دندشلي، حزب البعث العربي للاشتراكي 1940-1963 الأيديولجيا والتاريخ السياسي، ص. 98، .ط. 1 1979، دار النشر بلا.
3-محمد جمال باروت، حركة القومين العرب، المركزي العربي للدراسات الاستراتيجية،دمشق 1997.
4- أمين هويدي، كنت سفيرا في العراق1963- 1965،ص. 8، دار المستقبل العربي، القاهرة 1983. والشيء بالشيء يذكر، وعلى سبيل المثال، أن فؤاد الركابي في كتابه الحل الأوحد، لم ينفرد بمحاولة الإغتيال ويتهم القيادة القومية بشخص أمينها العام ميشيل عفلق،وكتب المقدمة هارون محمد ويقول: "... في وقت سعى الانقلابيون في بغداد، وبضغط من مرجعيتهم السياسية المتمثلة بقيادة ميشيل عفلق إلى التهرب من مسئوليتهم، والتمويه على أدوراهم، وتبرئة أنفسهم مما حدث. ووصل النفاق السياسي بكثير منهم إلى اعتبار الركابي وحده صاحب القرار في تلك العملية، في محاولة مكشوفة للإساءة إليه بعد أن تغيرت الظروف والأوضاع وتشويه مسيرة البعث ومنطلقاته وقياداته وكوادره وأعضاءه، عندما كان الركابي المسئول الأول فيه ... ". راجع: الشهيد فؤاد الركابي، الاعمال الكاملة، ص. 27، المركز العربي الدولي للإعلام، القاهرة 2005..
5- حنا بطاطو، طبقات الاجتماعية والحركات الثورية من العهد العثماني حتى قيام الجمهورية، الكتاب الثالث، ص. 39، ترجمة عفيف الرزاز، موؤسسة الابحاث والدراسات، بيروت 1990 .
6 - حسين علوان حسين، وداعاً مديري العام فؤاد حسين الوكيل، الحوار المتمدن في 9/9/2020.
7 - يفغيني بريماكوف، الشرق الأوسط، ص.28، مصدر سابق.
8- حنا بطاطو، الكتاب الثالث، ص. 37. مصدر سابق
9- المصدر السابق، ص. 335
10- المصدر السابق، الجزء الثالث، ص.328- 329.
11-المصدر السابق، ص. 335.
12- مصطفى دندشلي، حزب البعث العربي للاشتراكي، ص. 98، .مصدر سابق.
13 - المصدر السابق، ص. 252.
14- مستل من محسن الشيخ راضي،كنت بعثياً، ص. 57، مصدر سابق
15 - مستل من: زهير الجزائري، المستبد، صنعة قائد، صناعة شعب، ص. 130، معهد الدراسات الاستراتيجية، بغداد – بيروت 2006.
16- عبد الستار الدوري، أوراق عتيقة، ج. 1، ص. 309، مصدر سابق.
17 -مذكرات محسن الشيخ راضي، كنت بعثياـ ص57، و58، مصدر سابق.
18- المصدر السابق، ص. 58.
19- محمد حديد، مذكراتي ، ص. 303، مصدر سابق.
20 -د. بتول قاسم، مأساة 8 شباط 1963 والدعوة الى الوحدة الاندامجية الفورية، من مقالة لها في الفيسبوك تاريخ النشر في1/2/2021
21 - زهير الجزائري، المستبد، ص. 207، مصدر سابق.
22 - زهيرالجزائري، المستبد ، ص 130- 131، مصدر سابق.
23- المصدر السابق، ص.106.
24- د. سعاد خيري، ثورة 14 تموز ، ص. 232، مصدر سابق.
25 - رسالة زكي خيري إلى د. قحطان أحمد سليمان الحمداني، السياسة الخارجية ص.60، مصدر سابق.



#عقيل_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حزب البعث ودوره في تغيب سلطة 14 تموز من خلال رفعه شعار (الوح ...
- حزب البعث ودوره في تغيب سلطة 14 تموز من خلال رفعه شعار (الوح ...
- حتى لا تتسربل ثورة 14 تموز 1958 بالنسيان! (3- 3)
- حتى لا تتسربل ثورة 14 تموز 1958 بالنسيان! (2- 3)
- حتى لا تتسربل ثورة 14 تموز 1958 بالنسيان! (1-3) ***
- هياكلية الأمن العامة والاستخبارات العسكرية في الجمهورية الأو ...
- أحمد محمد يحيى/ وزير الداخلية الجمهورية الأولى:(2-2)
- أحمد محمد يحيى/ وزير الداخلية الجمهورية الأولى:(1-2)
- القاعدة الاجتماعية لسلطة 14 تموز مقارنة بالعهد الملكي : (6-6 ...
- القاعدة الاجتماعية لسلطة 14 تموز مقارنة بالعهد الملكي: (5-6)
- - القاعدة الاجتماعية لسلطة 14 تموز مقارنة بالعهد الملكي: (4- ...
- القاعدة الاجتماعية لسلطة 14 تموز مقارنة بالعهد الملكي: (3-6)
- - القاعدة الاجتماعية لسلطة 14 تموز مقارنة بالعهد الملكي: (2- ...
- لقاعدة الاجتماعية لسلطة 14 تموز مقارنة بالعهد الملكي: (2-6)
- القاعدة الاجتماعية لسلطة 14 تموز مقارنة بالعهد الملكي : (1-6 ...
- الصفات الاساسية في إدارة الزعيم قاسم للصراع الطبقي في العراق ...
- من تاريخية صراع الهوية في العراق المعاصر (5- 5):
- من تاريخية صراع الهوية في العراق المعاصر (4- 5):
- من تاريخية صراع الهوية في العراق المعاصر (3- 5):
- من تاريخية صراع الهوية في العراق المعاصر (2- 5):


المزيد.....




- جريمة غامضة والشرطة تبحث عن الجناة.. العثور على سيارة محترقة ...
- صواريخ إيران تتحدى.. قوة جيش إسرائيل تهتز
- الدنمارك تعلن إغلاق سفارتها في العراق
- وكالة الطاقة الذرية تعرب عن قلقها من احتمال استهداف إسرائيل ...
- معلومات سرية وحساسة.. مواقع إسرائيلية رسمية تتعرض للقرصنة
- الفيضانات في تنزانيا تخلف 58 قتيلا وسط تحذيرات من استمرار هط ...
- بطائرة مسيرة.. الجيش الإسرائيلي يزعم اغتيال قيادي في حزب ال ...
- هجمات جديدة متبادلة بين إسرائيل وحزب الله ومقتل قيادي في الح ...
- مؤتمر باريس .. بصيص أمل في دوامة الأزمة السودانية؟
- إعلام: السعودية والإمارات رفضتا فتح مجالهما الجوي للطيران ال ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عقيل الناصري - حزب البعث ودوره في تغيب سلطة 14 تموز من خلال رفعه شعار (الوحدة الفورية الاندماجية): (3-5)