أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله محمد ابو شحاتة - خرافات الحجج الكونية لإثبات الإله.














المزيد.....

خرافات الحجج الكونية لإثبات الإله.


عبدالله محمد ابو شحاتة

الحوار المتمدن-العدد: 6970 - 2021 / 7 / 26 - 02:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قيل عن "كانت" أنه قس في عباءة فيلسوف، وقال نيتشه إنه رضع الإيمان مع حليب أمه. ولكن نزعة كانت الإيمانية لم تمنعه من التصريح بسخافة وتهافت الحجج الكونية والوجودية المبنيان كليهما على مفهوم السببية العتيق، فلم يرى كانت فيهما إلا سفسطة فلسفية لا يعول عليها، ولذلك استعاض عنهما بالحجة الأخلاقية في نقد العقل العملي.
وبالرجوع لكانت وخلال عملية نقد بناء الحجج الكونية يمكننا أن ننطلق مباشرة نحو مفهوم السببية دون التطرق لكافة الصيغ المختلفة للحجة، فهي بجميعها مجرد تلاعب لفظي بتبديل كلمة محل كلمة أو اصطناع مصطلح جديد محل قديم لإيهام المتلقي أن الحجة مختلفة عن سابقتها. ولكن في الواقع يمكننا تلخيص كافة تلك الحجج الكونية في الجملة الشهيرة المتداولة في التراث الإسلامي ( البعرة تدل على البعير )، تلك هي الحجج الكونية وما دون ذلك ليس إلا تزويق وتنميق للكلمات والمصطلحات لصبغ الأهمية و لإيهام المتلقي بالتعقيد والتجديد.
إن الحجج الكونية بعامة تريد أن تخبرك أن الكون يحتاج لسبب، فاحتياج الكون لسبب هو الافتراض المتجاوز الذي يُطلب منك أن تقبله قبل أن يرتقي المتحدث في بناء الحجة فيخبرك أن التسلسل اللانهائي ممتنع عقلاً وبذلك يجب أن يكون هناك مسبب أول خارج الكون، هو أزلي لا يحتاج إلى سبب.
وبالرغم من أن الحجة متهافتة برمتها إلا أن عادة تلك الحجج أن تكون أولى قضاياها ليست إلا مصادرة على المطلوب؛ أي محاولة مستترة لتمرير قضية بدون إثبات. وهذا هو الحال مع افتراض خضوع الكون للسببية. فهو افتراض بحاجة إلى الوقوف عليه وتحليله، وهذا التحليل قد قدمه كانت ونقله شوبينهاور وزاد عليه في مبادئ العلة الكافية والعالم كإرادة وتمثلاً. إن للكون في المفهوم الكانتي والشوبينهاوري ما سماه شوبينهاور مبادئ العلة الكافية. وهي الزمان والمكان العلية والمادة، تلك المقولات عند شوبينهاور هي بمثابة الإطار الذي يتحرك فيه العقل وقضبان عالم التمثل. وإننا نعلم الآن من النسبية أن الزمان والمكان أو " الزمكان" هما أجزاء لا تتجزأ من بناء الكون، وهما غير منفصلان كما كان يظن قديماً. ولقد أضاف لهما شوبينهاور المادة أو التموضع، بمعنى أن الزمان والمكان مرتبطان بالمتموضعات داخلهما من المادة بكافة صورها، وكذلك هي مرتبطة بالسببية، وكذلك فإن السببية كجزء من مبادئ العلة الكافية لا يمكن فصلها بأي شكل عن الثلاث الأخرى وهي الزمان والمكان و المادة، أو دعنا نستعيض تجاوزاً عن المادة بتعبير شيء متموضع في الزمكان. فلا معنى للحديث بأي حال من الأحوال عن السببية بدون الإطار الزماني والمكاني، فالحدث السببي عقلاً يفترض الزمان والمكان، كما أن الزمان والمكان أيضاً يفترضا الحدث، وكل ما سبق يفترض كيانات متموضعه تؤثر وأخرى تتأثر، فالسببية يمكن صياغتها بأن نقول (أ) تؤثر على (ب) داخل إطار زمكاني، فينتج (ج)، فمفهوم السببية يقتضي الزمكان ووجود شيئين يؤثر أحدهما على الآخر، ولا معنى للحديث عن قوة أو شيء يؤثر على العدم فينتج شيء كما هو وارد في تصور الخلق الإبراهيمي.
إن السببية لا يمكن تقديمها إلا كجزء من بناء الكون، ولا معنى للحديث عن سببية متجاوزة للكون إلا عبر سفسطات مثيرة للسخرية.

ومن السفسطات التي تسمعها أحياناً على هكذا طرح، والتي حقاً أخجل من نفسي وأنا أسردها وأرد عليها ولكني للأسف مضطراً لذلك، هي القول بأنه كيف لك أن تستخدم السببية لنقد السببية ؟
والحقيقة أن الطرح لا يوجد به أصلاً أي نقد للسببية، فنقد السببية هو أن تأتي وتقول لا توجد سببية من الأساس، أو أن السببية ليست إلا مقولة عقلية يستوعب بها العقل الوجود دون أن يكون لها تحققاً موضوعياً في الخارج، وهو. رأي قال به بعض الفلاسفة، ودعني أقول أنه حتى مع هذا الرأي لا مجال للقول أنك تنقد السببية بالسببية وهذا تناقض، لأن الطرف الآخر سيحيلك على حجة راسل للمجموعات والتي فندت تلك المغالطة. ولكن بتحليل الطرح الكانتي فإنه لا يوجد أصلا نقد للسببية، بل هو تقرير لحدود السببية، وشتان بين النفي والتحديد.
هناك اعتراض آخر أكثر سخافة من سابقة، هو القول بأن طبيعة السببية الإلهية لا يمكن تحليلها بالعقل، ونقول رداً على هذا الاعتراض ببساطة أن ما لا يصلح للنفي لا يصلح للإثبات، فلو اعترضت بقصور العقل كرداً على نقد الحجة، فأنا يمكنني أن أعترض على الحجة نفسها أيضاً مستنداً لقصور العقل.



#عبدالله_محمد_ابو_شحاتة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتب تنظف عقلك من الهراء
- نقد للاعتراضات الأكثر عمومية وشيوعاً للماركسية
- هل لحرية الإرادة وجود في العلوم الإنسانية ؟
- المرجعية الأخلاقية للاديني.
- هل تتوافق تعاليم يسوع وأفعاله !؟ ( نظرة نقدية )
- ثماني سنوات على مقتل حسن شحاته
- التنميط الثقافي ووسائل التواصل الاجتماعي.
- ازدواجية النسوية في العالم العربي
- معالجة التأثيرات الثقافية بين الميتافيزيقيا والعلم
- النظرة الطوباوية للفتوح الإسلامية ووقائع الصراعات الداخلية ! ...
- الملكية الرأسمالية المقدسة.
- الخلط بين الداء والدواء.
- ضد الجلادين
- ماركوس أوريليوس، مُعالجاً للمجتمعات العربية
- الطفرة العباسية ومغالطات جماعات الأصولية
- التطور السيسيولوجي للإله الابراهيمي
- آفة المجتمعات المنحطة
- الانحطاط والتقدمية كصراع باطني
- ضد نيتشه
- العدمي المنحط


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله محمد ابو شحاتة - خرافات الحجج الكونية لإثبات الإله.