أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله محمد ابو شحاتة - المرجعية الأخلاقية للاديني.














المزيد.....

المرجعية الأخلاقية للاديني.


عبدالله محمد ابو شحاتة

الحوار المتمدن-العدد: 6934 - 2021 / 6 / 20 - 21:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


السؤال عن المرجعية الأخلاقية بالنسبة للمؤمن هو السؤال الذهبي الذي يظن أنه بإمكانه أن يُحرج به اللاديني بأن يجعل مواقفه النقدية غير مبررة. وهو رغم شيوع استخدامه فهو اعتراض سفسطائي ليس له أي معنى من عدة وجوه. الوجه الأول أن المواقف النقدية التي يتبناها اللاديني اتجاه شرائع الأديان هي مبنية في الغالب على التناقض الذاتي بين منظومة الدين الأخلاقية والتشريعية ، أي أنه من منظومتك أدينك وليس من خارجها.
الوجه الثاني أن السائل عن المنظومة الأخلاقية غالباً ما يكون جاهل أصلاً بماهية الأخلاق، فهو يسأل فقط من باب الجدال الفارغ وإحداث تشتيت وتشويش لا أكثر، دون أن يستند سؤاله على أساس علمي أو بحث جاد. ولذلك فالسائل عن المرجعية الأخلاقية يجب أن نطلب منه أولاً أن يعطينا مفهوم واضح عن ماهية الأخلاق، وإذا ما فشل في ضبط المفاهيم فلا يصبح نقاشه وقتها إلا مجرد سفسطة فارغة وجدال طفولي لا يُلتفت إليه.
وفي هذه المقالة سنحاول أن نضبط مفهوم الأخلاق ونخلص من ذلك إلى أقرب إجابة منطقية عن سؤال المرجعية الأخلاقية.

من الأخطاء الشائعة عند الحديث عن الأخلاق هو تقديمها باعتبارها ذات طبيعة ذاتية، أي أنها تنبع أساساً من الفرد، وهذه بالطبع سفسطة ميتافيزيقية قديمة؛ فلا معنى للحديث عن روبنسون كروزو الفاضل و الأخلاقي في جزيرته المعزولة، فالأخلاق في أساسها تفترض الاجتماع، ولا أخلاق بدون اجتماع ولا اجتماع بدون أخلاق. ففي حالة الحرية الأولى لا وجود لما يمكن أن ندعوه منظومات أخلاقية، ففي حالة الحرية الأولى كل شيء مباح.
ثم مع بدأ تحول الإنسانية إلى حالة الاجتماع يضطر الإنسان للتخلي عن حريته الطبيعة وتقديم تنازلات مشاركاً في عقد اجتماعي كما شرح روسو. فلا يمكن أن يصبح الإنسان عضواً في جماعة مع احتفاظه بحريته الطبيعية كاملة؛ بل يجب عليه تقديم تنازلات متساوية هو وكافة أعضاء الجماعة وتلك التنازلات هي ما ندعوها نحن الأخلاق. والجماعة تظل مطالبة دوماً بالحفاظ على الميثاق الأخلاقي المشترك ومنع خرقة بكافة الوسائل المتاحة، من بداية التلقين الأخلاقي للنشأ وحتى إيقاع العقاب والجزاءات على المخالفين لكون وجود الجماعة ذاته لا يقوم إلا على بقاء هذا الميثاق، وزواله يعني زوالها.
ولكون الأخلاق في أساسها لا تبنى إلا على وجود الجماعة ستجد أن الأخلاقيات القديمة والبدائية لم تكن في الواقع إلا محلية الطابع، أي تختص بأفراد الجماعة فقط ولا تحوي أي معنى لتضمين أخلاقي متجاوز للجماعة كما وضح نيتشه في جينيالوجيا الأخلاق، فالإنسان البدائي لم يكن ليجد مانع أخلاقي زي وزن في سلب ممتلكات الجماعات الأخرى أو قتلها أو استعبادها، بل لربما اعتبرت تلك الأمور من أفعال البطولة التي يتفاخر بها الفرد بين جماعته. ولذلك لن تجد حتى عهد قريب منظومة أخلاقية كونية الطابع، أي تشمل بمظلتها كافة البشر وتساوي بينهم في الحكم الأخلاقي. فالأديان الإبراهيمية الثلاثة على سبيل المثال لم تكن إلا منظومات أخلاقية محلية بالرغم من اتساع نطاق تأثيرها، ولا داعي لسرد الكثير من الأمثلة على ذلك فهي أوضح من أن تسرد، فالتشريع الإسلامي على سبيل المثال يقول أن المسلم لا يُقتل بدم الكافر وأن الكافر ديته نصف دية المسلم، وكذلك اليهودية تختص شعبها الذي تسميه المختار بأحكام أخلاقية خاصة ولا تساويه بالأمم الأخرى وهكذا المسيحية. وهو ما جعل من تلك المنظومات الأخلاقية عبأ على العالم الحديث الذي بدأ كنتيجة للعولمة واختلاط الثقافات والمصالح الإنسانية في تبني تصور أخلاقي كوني عابر للثقافات كبديل عن المنظومات المحلية القديمة، فالتحولات الاجتماعية والتكنولوجيا والثقافية التي رافقت الحداثة وما بعد الحداثة اقتضت نشأة منظومة أخلاقية شاملة مع تحييد المنظومات المحلية والدينية وإعطاء ذات الحقوق للجميع دون تمييز تحت ستار دولة علمانية مبنية على مفهوم المواطنة والمصلحة الجمعية. وهذا هو مكمن الصراع بين التقليدية والحداثة وبين العلمانية والدين، فتلك الصراعات في باطنها تعبيرات عن صراع المحلية والموهبة، عن صراع الأخلاق المختصة والأخلاق الشاملة.
وأظن أنه بعد التأصيل السابق أصبحت الاجابة على سؤال المرجعية الأخلاقية واضحة، فالمرجعية الأخلاقية لأي إنسان ما هي إلا العقد الاجتماعي الذي يحفظ كيان جماعته وبقائها وبالتالي يحفظ بقاءه كإنسان. والتناقضات بين أخلاق البشر في أساسها نابعة من السؤال المحوري عن حجم الفئة التي يعتبرها الإنسان جماعته؟ فكلما ضاقت تلك الفئة كان الإنسان أحط أخلاقاً، وكلما اتسعت ارتفع هذا الإنسان في شعوره الأخلاقية. فشتان بين سلوك من تقف حدود جماعته عند العشيرة والدين وبين من يتسع مفهوم الجماعة لديه ليشمل الإنسانية جمعاء.



#عبدالله_محمد_ابو_شحاتة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تتوافق تعاليم يسوع وأفعاله !؟ ( نظرة نقدية )
- ثماني سنوات على مقتل حسن شحاته
- التنميط الثقافي ووسائل التواصل الاجتماعي.
- ازدواجية النسوية في العالم العربي
- معالجة التأثيرات الثقافية بين الميتافيزيقيا والعلم
- النظرة الطوباوية للفتوح الإسلامية ووقائع الصراعات الداخلية ! ...
- الملكية الرأسمالية المقدسة.
- الخلط بين الداء والدواء.
- ضد الجلادين
- ماركوس أوريليوس، مُعالجاً للمجتمعات العربية
- الطفرة العباسية ومغالطات جماعات الأصولية
- التطور السيسيولوجي للإله الابراهيمي
- آفة المجتمعات المنحطة
- الانحطاط والتقدمية كصراع باطني
- ضد نيتشه
- العدمي المنحط
- الإباحية الحلال
- لتتحرر الأخلاق كما تحرر العلم
- انحطاط الأخلاق العربية
- انحطاط الفن


المزيد.....




- فيديو أسلوب استقبال وزير الخارجية الأمريكي في الصين يثير تفا ...
- احتجاجات مستمرة لليوم الثامن.. الحركة المؤيدة للفلسطينيين -ت ...
- -مقابر جماعية-.. مطالب محلية وأممية بتحقيق دولي في جرائم ارت ...
- اقتحامات واشتباكات في الضفة.. مستوطنون يدخلون مقام -قبر يوسف ...
- تركيا .. ثاني أكبر جيش في الناتو ولا يمكن التنبؤ بسلوكها
- اكتشاف إنزيمات تحول فصائل الدم المختلفة إلى الفصيلة الأولى
- غزة.. سرقة أعضاء وتغيير أكفان ودفن طفلة حية في المقابر الجما ...
- -إلبايس-: إسبانيا وافقت على تزويد أوكرانيا بأنظمة -باتريوت- ...
- الجيش الإسرائيلي يقصف بلدتي كفرشوبا وشبعا في جنوب لبنان (صور ...
- القضاء البلغاري يحكم لصالح معارض سعودي مهدد بالترحيل


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالله محمد ابو شحاتة - المرجعية الأخلاقية للاديني.