أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - في دولة الكاراكوز














المزيد.....

في دولة الكاراكوز


جيلاني الهمامي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 6969 - 2021 / 7 / 25 - 22:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عيّدت تونس (بمعنى أحيت العيد) على وقع مهازل لم يسبق لها أن عرفتها لا في عهد نظام البايات المتخلف ولا حتى أيام عاشت مؤسسات الدولة ارتباكا عاما، أيام أصبحت سعيدة ساسي ابنة أخت الرئيس الراحل بورقيبة غي ملكة القصر الرئاسي بقرطاج.
فليلة العيد يتوجه المشيشي، رئيس الحكومة بالصدفة، إلى الشعب التونسي بكلمة في الظاهر "ليعيّد" على التونسيات والتونسيين ولكن في الحقيقة "ليزلق" بعض الرسائل أهمها أن حكومته تعاني من القصف الدائم من كل حدب وصوب وأن الرئيس قيس سعيد الشعبوي الذي يلهث وراء صناعة شعبية مزيفة، كما جاء في خطابه، ما انفك يضع العصا في عدلة الحكومة حتى لا تنجح.
فماذا عسا ان يقول مواطن يشاهد رئيس حكومة بلاده يتهجم – تقريبا – على رئيسها؟ حالة لم يسبق أن عاشها بلد من البلدان بما في ذلك في البلدان التي يسمح نظامها السياسي والانتخابي بوجود رئيس دولة من حزب سياسي مختلف بل ومعادي لحزب يمسك بالحكومة.
فقد عرفت فرنسا في التسعينات مثلا ما يسمى بـ"التعايش" la cohabitation بين الرئيس اليميني من حزب RPR (التجمع من أجل الجمهورية) جاك شيراك ورئيس الحكومة من الحزب "الاشتراكي " ليونيل جوسبان ولم يصل الامر بين الخصمين إلى ربع ما وصل مع أقطاب الحكم في منظومتنا الحالية. شيراك وجوسبان كانا خصمين بل عدوين سياسيين ولكن تشبعهما بالحس السياسي البرجوازي فرض عليهما التعامل بما يقتضي احترام دولتهم البرجوازية. اما عندنا في تونس فإن النهضة التي دعمت قيس سعيد في الانتخابات الرئاسية تحت الطاولة في الدور الأول وجهرا وعلانية وبشكل رسمي في الدور الثاني، وقيس سعيد الذي جاء بالمشيشي ليكون وزيرا ثم ليصبح رئيس حكومة تحت عنوان "متاعنا" لا أحد منهم يضيع ابسط فرصة ليقول في خصمه ما لم يقل مالك في الخمر.
فرئيس الحكومة يطلع على الناس ليقول في وزيره للصحة العمومية ما لا يجوز من الناحية الأخلاقية البسيطة قوله احتراما لأبسط موجبات الاحترام بين زميلين في الفريق الحكومي. والوزير المقال (وزير الصحة) ينشر تدوينة ليعلم الراي العام بأنه تفطن لأمر استقالته في وسائل الاعلام مثله مثل أي مواطن تونسي اخر ولم يتفطن لذلك الا باتصال صديق له.
رئيس الدولة يدلي هو الاخر لوسائل الاعلام ليقول ان الذين دعوا لحملة التلقيح يوم العيد إنما دبروا مؤامرة على الشعب التونسي لأن تلك الحملة لم تكن على حد تعبيره للتلقيح وإنما لنشر العدوى. وقد تعمد أصحاب الدعوة، حسب رأيه، لمزيد انتشار العدوى ولسقوط مزيد من الضحايا (لا الاضحية) وذلك في إطار ترتيب سياسي للمستقبل. وقد تناسى قيس سعيد أن مصدر الدعوة لتنظيم هذه الحملة والمبادر بها هو وزير الصحة الذي سارع باستقباله مباشرة بعد اقالته ليثني على الدور الذي قام به على رأس وزارة الصحة وليقول له أن إزاحته من على رأس الوزارة سببه انه "من جماعة قيس سعيد".
لقد بات مستجازا لدى قيس سعيد والمشيشي والغنوشي وكافة رموز منظومة الحكم في باردو وقرطاج والقصبة الادلاء بتصريحات تنم عن مستوى سياسي واتصالي وعلائقي وضيع ومنحط لا يمت للسياسة بعلاقة. وبات جراء ذلك لدى كل المواطنين أنه يعيش في ظل حكم دولة كبار مسؤوليها، رئيسها ورئيس حكومتها ورئيس برلمانها، ليس لهم من شغل غير تصفيه خصومات "بودورو" في وقت تخشى البلاد من الانهيار الاقتصادي والافلاس المالي ويعاني الشعب ضنك العيش ويتهدد المرض جميع افراد الشعب ويخيم على الحياة شبح الاقتتال والفوضى.
لقد بلغ تعفن الحياة السياسية درجة غير مسبوقة في تاريخ بلادنا ولا شيء ينبئ بإمكانية الخروج من هذه الدوامة المفزعة. بالعكس من ذلك يبدو أن مزيد تعفين الأوضاع هو التكتيك الأنسب في منظور أقطاب الحكم المتخاصمين لتوفير فرصة الانتصار على الاخر.
تعيش تونس اليوم تحت حكم قادة دولة من مستوى تحت الصفر تقريبا مثلما شهدت بذلك منظمة الترقيم الدولي فيتش رايتينغ Fitch Ratings في تقريرها الأخير (8 جويلية الماضي) حول الوضع في تونس حيت أوعزت الانهيار الذي تسير فيه البلاد لجملة من الأسباب منها "عدم الاستقرار الحكومي وانعدام الكفاءة لدى الوزراء" instabilité des gouvernements et incompétences des ministres. ولم يعد الامر يتوقف عند مسألة الكفاءة والاقتدار فقط بل تعداها إلى مظاهر جديدة في أسلوب الحكم وتقنيات إدارة شؤون الحياة والمؤسسات في ابسط مقتضياته بما يسمح بالقول اننا حقا أصبحنا في ظل "دولة كاراكوز".



#جيلاني_الهمامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تونس على خطى لبنان إلى الإفلاس تسير حثيثا
- جدلية السياسي والنقابي في تجربة الحركة النقابية التونسية
- احذروا فالمستعد للشيء تكفيه أضعف أسبابه
- سيناريوهات العنف المحتملة في صراع اقطاب الحكم الحالي
- ردا على ما جاء في -توضيح- يمينة الزغلامي من مغالطات
- سيناريوهات العنف المحتملة في صراع أقطاب الحكم الحالي
- حتى لا تضيع الفرصة القادمة
- النزاع الأذري الأرمني ودور أردوغان حفيد عبد الحميد الثاني
- الثورة : في تدقيق بعض المفاهيم
- شيء من التاريخ : إلى روح المناضل النقابي نجيب الزغلامي
- المحكمة الدستورية من جديد
- حول خارطة الفقر في تونس
- الاقتصاد الاجتماعي أو التضامني، هل يشكل بديلا؟
- حول آخر مستجدات الوضع السياسي في تونس
- منطلقات لنقاش التكتيك السياسي في تونس
- مرة أخرى حول مسألة الرأسمال الوطني
- حتى لا تصطدم البشرية بأسوأ سيناريو
- إلى راشد الغنوشي: إن مع اليوم غدا يا مسعدة
- الحكومة الجديدة: التركيبة والبرنامج
- الإصلاح الزراعي مهمة ثورية عاجلة


المزيد.....




- -نوستراداموس الجديد- يحدد موعد اندلاع حرب عالمية ثالثة!
- بعد تبادل لإطلاق النار مع الأمن.. تصفية مجرم هارب متورط في ق ...
- بينهم جنسيات من 3 دول عربية.. مصرع 11 وفقدان أكثر من 60 بعد ...
- صحفي إسرائيلي يعلق على عدم قيام حزب الله اللبناني بمهاجمة م ...
- الشرطة تضبط سلاحا كل يوم في لندن
- تحذيرات من موجة حر شديدة مع قرب انتهاء موسم الحج
- أكثر من 11 مهاجرا يلقون حتفهم وفقدان العشرات بعد غرق قاربي م ...
- الشاباك يحقق في تسريب معلومات أمنية بعد طوفان الأقصى
- السياحة.. واجهة البلاد المنسية والمهملة
- حقيقة وفاة الداعية المصري الشهير عمر عبد الكافي


المزيد.....

- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جيلاني الهمامي - في دولة الكاراكوز