أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بديع الآلوسي - سعدي يوسف وزمن القتلة














المزيد.....

سعدي يوسف وزمن القتلة


بديع الآلوسي

الحوار المتمدن-العدد: 6934 - 2021 / 6 / 20 - 14:56
المحور: الادب والفن
    


غيابك ، ايها الكبير في ميزان الشعر ، لا يحتاج الى رثاء ملغم بالعطف او النقد . لا اعرف كيف اصف لك حالتنا ، فنحن ضعاف العقول كما يظن خصومنا، افكارنا بربرية كما تصفنا حبيباتنا ، نهوى التجريح وان تطلب الأمر ان نسلخ جلود بعضنا . ربما لأننا ورثنا عن اجدادنا الذم و الهجاء في هذا الزمن الاهوج ، اما عنك فلم نرث إلا نشيدك الكوني ، صحيح انك كنت تثير الزوابع في كل محفل ومناسبة ، لكنك رجل مسالم حد النخاع ،وانك مليء بالفضائل ايها المعلم .

( لا تقلبْ سترتَكَ الأولى حتى لو بَلِيت.
فَلْتبحثْ بين ترابِ الوطنِ الغالبِ عن خاتمكَ المغلوب
لا تسكنْ في كلماتِ المنفى حين يضيقُ البيت.
لا تأكلْ لحمَ عدو.
لا تشربّ ماءَ جبين.
لا تنهشْ رائحةَ مَن يُطعمكَ الأزهار.
للضيفِ الدارُ، ولكنْ ليس له أهلُ الدار.
مَنْ يسأل يُعْطَ. سوى الحب. )

ما يعاب علينا ، إننا لا نحبذ من يرشدنا الى حماقاتنا القاتلة او الى غرورنا الفج ، لا نذكر من سالف الايام الماضية سوى تلك الحروب الغامضة وصمتنا الجارح . كنت وحيدا ً يا سعدي ، جنتك المشتهاة جيكور وابو الخصيب و حمدان ، فلماذا تعجلت وغادرت تلك الجنان ؟، وماذا رأيت في المدن العظيمة من مسرات ومواجع !، في صراع الضرورات (ويا للأسف ) تعكر دمك وفسد مزاجك حد الشعور بالهزيمة ، يالحزنك الطويل وانت تنادم اصحابك ، لتضيء لهم اللحظة الوثنية العجيبة .
تطاردنا اللعنة والخيبة يا سعدي وكذلك تسربلنا الرذيلة . فكل الحالمين والذين امتطوا صهوة الشهرة ، كانوا دونك ، ولم تبال ِ لهم ، وفضلت ان تمجد ملحمتك الخاصة . قالوا تقهقرت ، وبقيت مترفعا ُ ، ولم يصيبك من كلامهم سوى الاشمئزاز ، وما برحت تردد مع نفسك ( اسير مع الناس وخطوتي وحدي ) ، اجل يا سيدي الاخضر بن يوسف اذا ما كانت ( الحكمة ابنة التجربة ) لذا لا غرابة اذا ما تمسكت بقناعاتك حتى وانت في خريف العمر ، وبدل أن تداهن الناس ، صار لك صوتا ً محملا ً بالضجر والغضب والصخب ، من دون ان يجدوا لك العذر ، فناصبوك العداء ، في الوقت الذي كنت فيه تؤثث الواقع على مزاجك اليومي .


( يوم أنتهينا الى السجن الذي ما انتهى
وصيت نفسي وقلت المشتهى ما انتهى
يا واصل الأهل خبرهم وقل ما انتهى
الليل بتنا هنا ، والصبح في بغداد .. )

كنت البوصلة وكنا نقرأ لك يا سعدي كي لا نضيع ، او لنتخلص عبر كتاباتك من ذلك الجو المشحون ، الذي يخنق حياتنا بالمواجع ، ويضعنا في مركز الألم .
انت اعرف مني ، أن الاختلاف في زمن الاحتلال مأساة ، وان ما جاهرت به كان في عقول الدهماء رذيلة .، ربما لهذا تنصل عنك كثير من الناس وتنكروا لوصاياك ، من دون ان يمنعك ذلك من قول كلمتك الحرة ببسالة وعناد .
يوم كنا اطفالا ً ، لم تمنحنا الحياة من مباهجها إلا ذلك العزف النشاز ، اما انت فكنت ترتب القصيدة مثل من يمشي في دروب الحكمة .. ويوم كان الرفاق يبحثون عن مأوى في الجبال ، وكان الوطن منتهكا ً ويُقتل فيه الفرح كل يوم ، كنت أيها النبيل تملأ جيوبك بالحصى لترمي به الشيطان وتشاكسنا .
قالوا عنك : كنت نزقا ً وفضا ً ، في كل ما تورطت به من تحسسات ورؤى فوضوية ، لكنك قاومت ولم تساوم وبقيت تطالب بعراق كامل غير منقوص ، وضاقت بنا الدنيا ، حتى صرنا لا نفهم تحولاتك الدراماتيكية .. اما انت فكنت تصغي الى هدير البحر الذي فيك ، من دون ان تنسى ان تنبهنا الى ما سنواجهه من مصائب لا محال ستوقعنا في الفخاخ ، التي بدورها ستفقدنا جماليات التوازن . لكن وبدل الامتنان منك ، تجرأ عليك من تجرأ ، لينال منك قبل ان يطرق الموت بابك . لذا لا يساورني شك حتى وانت في الفردوس سوف تبقى تتباهى بأنك الشيوعي الأخير ، و لو اختلف معك الرفاق ، الذين لطالما ارادوا ان تكون على مزاجهم الفج المليء بالثقوب والمحسنات البديعية .

( وطني ارهقني حبك ، ابكاني طويلا
انت تدري ، نحن لا نعرف للحب بديلا
غير ان القلق المر عليك
والليالي السود ، والامطار ، والخوف النبيلا
واغاني يوسف الصائغ في القضبان تشكو اليك .. )

يا لحزني العميق .. ان يغرق قلبك الحساس في الغياب المر وتدفن في مقبرة انكليزية ، بلا ان تجد من تنوح عليك او يلقي وردة على قبرك
ياااه يا ليلنا الطويل
وآه يا شاعر العراق
ان تحيا وتموت في زمن المتطفلين والقتلة..
ايها المختلف .



#بديع_الآلوسي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قليل من هارمون السعادة يكفي ..
- حزن يطارد قلوبنا
- 2020202020 ونخبك ِ يا 2021
- الكرسمس
- الأرمني الجميل
- المتطفّل
- لكن ماذا رأى ؟
- العم حسام الالوسي .. اجراس لذكرى رحيله .
- اغنية الكتابة
- مع روحي على انفراد
- الحجيج إلى شكفته خَمري
- قصة قصيرة : الأرغن الذائع الصيت
- ماذا يخبي الله لنا
- 86 نبراسا ً من المقاومة
- هواجس كخبز القربان
- الهبوط الرهيب
- البوهيمي
- عاشقان
- احلم يا ولدي
- نداء وطن وهدير التغيير


المزيد.....




- توم هولاند -متحمس للغاية- لفيلم -Spider-Man 4-.. إليكم السبب ...
- 100 فيلم لا تُنسى.. اختيارات نيويورك تايمز لسينما الألفية ال ...
- الحكم على ثلاثة بالسجن لمساعدتهم في جريمة قتل مغني الراب سي ...
- مقتل المشرفة الموسيقية السابقة في برنامج -American Idol- وزو ...
- أيقونات من رماد الحرب.. فنان أوكراني يحوّل صناديق الذخيرة إل ...
- إطلاق جائزة فلسطين العالمية للشعر في ختام مهرجان ميديين الدو ...
- رئيس الممثلية الألمانية لدى السلطة في مقابلة مع -القدس- قبل ...
- جدل في أوروبا بعد دعوة -فنان بوتين- إلى مهرجان موسيقي في الج ...
- -المدينة ذات الأسوار الغامضة- رحلة موراكامي إلى الحدود الضبا ...
- مسرحية ترامب المذهلة


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بديع الآلوسي - سعدي يوسف وزمن القتلة